أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جلبير الأشقر - العراق ولعبة إلهاء الجماهير














المزيد.....

العراق ولعبة إلهاء الجماهير


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7495 - 2023 / 1 / 18 - 10:28
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



من يراقب المنعطفات السياسية المتعاقبة التي اختص بها الزعيم العراقي مقتدى الصدر يُصاب بالدوار والدوخة. فمنذ أن سطع نجمه إثر الاجتياح الأمريكي ـ البريطاني للعراق في عام 2003 وولوجه الميدان السياسي، وزعيم التيار الصدري يتصرّف كأنه يقود لعبة الكراسي مع أنصاره: يصفق فيركضون حول الكراسي (في هذه الحال، قد تكون كراسي برلمانية أو حتى وزارية)، ثم يتوقف فجأة عن التصفيق فيتوقفون عن الركض ويجلس من استطاع منهم على ما توفّر لديه.
وقد بدأت آخر حلقة في هذه اللعبة في شهر نيسان/ أبريل الماضي، عندما أعلن الصدر اعتكافه السياسة بعد إعلانات مماثلة كادت لا تُحصى خلال العقدين المنصرمين. كان ذلك احتجاجاً على رضوخ القوى السياسية الأخرى لضغوطات «الإطار التنسيقي»، أي تحالف القوى الشيعية الموالية لإيران، الذي شكّله خصم الصدر اللدود، نوري المالكي، وقد ضغطوا بقوة من أجل فرض شروطهم في مجلس النواب والحكومة التي كان تشكيلها مزمعاً. ثم أوعز الصدر إلى أنصاره في حزيران/ يونيو بالاستقالة من مجلس النواب، وحرّضهم من خلال صلاة الجمعة على الاحتشاد، الأمر الذي كاد يؤدي إلى انفجار نزاع مسلّح بينهم وأخصامهم من القوى المنضوية في «الإطار التنسيقي». وما لبث أن أعلن الصدر في شهر آب/ أغسطس اعتزاله «النهائي» للسياسة، وكأن اعتكافه السابق كان مؤقتاً، ليس إلا.
وها أن الزعيم العراقي الذي يبدو كأنه أبدي الشباب، خلقياً وإن لم يكن جسدياً تماماً، يبثّ خطبة جمعة مقتضبة بمناسبة صلاة الأسبوع الماضي، خطبة لم يقتصر على حثّ أنصاره فيها على الاستمرار على صلاة الجمعة وحسب، بل أكد على أن هذه المناسبة الأسبوعية تزرع في قلوبهم شتى القيم السياسية الأخلاقية التي يتغنّى بها، بما فيها «بُغض الاحتلال والاستعمار وأفكاره وأتباعه». وقد أضاف «فكذب من قال إن المقاومة ليست من أولويات وثوابت مرجعنا الصدر» في ردّ شبه مباشر على فرقاء «الحشد الشعبي» الموالين لطهران، الذين يبررون كل أفعالهم بادّعائهم احتكار «المقاومة».
والحال أن هذه الأخيرة و«الممانعة» باتتا عنوانين رئيسيين تحاول إيران باسمهما إضفاء شرعية وطنية على سياسات تندرج بالدرجة الأولى في مسعى إمبراطوري توسّعي اتخذ ألواناً مختلفة على مرّ الزمن، لكنّ فحواه ظل مماثلاً. (ويكفي لمن يعتقد بسذاجة أن مسعى «الجمهورية الإسلامية» ديني أو مذهبي أو مقاوم بصورة خالصة أن يتمعّن في احتجاج طهران على تسمية الخليج بالعربي في مباراة «كأس الخليج العربي» الجارية في العراق، وذلك من باب الإصرار على فارسيته!)

وقد رأى المراقبون في خطبة الصدر ودعوته إلى الاحتشاد في صلاة الجمعة دلالة على عودة إشارته الضوئية إلى اللون الأخضر، بعد الأحمر. وخمّنوا أن الصدر ينوي هذه المرة تنظيم احتشاد أنصاره من خلال صلوات الجمعة بإضفاء لون ديني على ولوجه الميدان السياسي من جديد، بعد مرار عديدة. أما سبب عودة الصدر إلى التحرك في هذا الوقت بالذات فيقدّر المراقبون أن يكون سببه ازدياد الامتعاض لدى شركاء «الإطار التنسيقي» في «تحالف إدارة الدولة» الحاكم في العراق (وهو بالأحرى تحالف تقاسم المناصب والمغانم بين معظم التكتلات السياسية الرئيسية)، امتعاض أولئك الشركاء من اغتنام تكتل أنصار إيران لنفوذه على حكومة محمد السوداني من أجل تعزيز هيمنته على الأجهزة الحكومية، الأمنية منها على وجه الخصوص. هذا فضلاً عن انقسامات قيل إنها نشبت في صفوف جماعة المالكي، المسماة «ائتلاف دولة القانون»، من باب المجاز بلا شك.
أما الحقيقة التي لا تُخفى على الجماهير العراقية فهي أن هذه الألاعيب بين أطراف الطبقة الحاكمة إنما هي مسخٌ للسياسة بمعناها السامي، التي يُفترض بها أن تدور حول السهر على شؤون الناس وتلبية حاجاتهم وحاجات إعمار البلاد. بل لا تعدو هذه الألاعيب كونها حلقات في عملية توزيع سبل نهب موارد الدولة بين الأطراف المذكورة، مع إلهاء الشعب بما يبغون أن يوحوا له أنه صراع لا بدّ من أن يتحمّسوا له، كلٌ لفريقه أو فريق مِلّته، على غرار تحمّس الناس لفريق بلادهم في بطولات كرة القدم. ومثلما حدث في لبنان، فإن ثورة 2019-2020 التشرينية جرى اصطحاب قمعها بالسعي وراء احتوائها في متاهات «السياسة» التقليدية وإلهاء الجماهير بالمشاحنات بين أعضاء وجماعات الطبقة الحاكمة. لكنّ العراقيين والعراقيات سئموا تلك الألاعيب، كما تبيّن من انخفاض نسبة التصويت في الانتخابات النيابية لعام 2021 إلى أقل من النصف (41 في المئة)، على الرغم من تنافس بالغ الاحتدام بين مختلف الكتل وعلى الأخص بين الخصمين المذهبيين الشيعيين.
وفي العراق كما في لبنان، تتأكد مع كل يوم يمرّ الحاجة الماسة والصارخة إلى ظهور تيار منظم ذي مصداقية، يمثل مصالح الشعب الحقيقية، نابذاً التفريق المذهبي والمحاصصة الطائفية وداعياً إلى ديمقراطية فعلية قائمة على المواطنة والمساواة في الحقوق وخضوع النواب للناخبين بدل العكس القائم، وإلى رقابة شعبية على تسيير الاقتصاد درءًا للفساد المستشري ولنهب خزينة الدولة بحجة إدارتها، وضبطاً لفلتان السوق التي يتفاقم اختناق الشعب كلما زادت حريتها المزعومة.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سنة جديدة في منطقة على كفّ عفريت!
- حان لذلك «الغضب الساطع» أن يصل!
- حكومة نتنياهو الجديدة وحقيقة الصهيونية
- تونس: «الشعب لا يريد تأييد النظام!»
- عندما يُرفع الرأس بكرة القدم…
- السودان: الطغمة العسكرية تتعلّق بخشبة خلاص
- «هبّات عا مدّ النظر»…
- في التفجيرات والمؤامرات والمناورات
- الفاشية الصهيونية وزملاؤها العرب
- مصر: تغيير المناخ السياسي أولاً!
- إيران ومعضلة إسقاط الأنظمة الاستبدادية
- السودان: الطغمة العسكرية سنة بعد الانقلاب
- من الأشبال إلى الأسود: نحو انتفاضة فلسطينية جديدة
- ما مغزى القرار النفطي السعودي؟
- حلف الناتو: من سيء إلى أسوأ
- قراءة في خطاب فلاديمير بوتين
- السلاح بيد الجاهل يجرح!
- تحية لنساء إيران البواسل!
- انقلاب الموازين بين روسيا وإيران وعواقبه الإقليمية
- الاعتداء على النساء نهج الجبناء


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جلبير الأشقر - العراق ولعبة إلهاء الجماهير