أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - سوريا والكارثة المستمرّة














المزيد.....

سوريا والكارثة المستمرّة


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7516 - 2023 / 2 / 8 - 01:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن صحّ تعبير «النكبة» لوصف ما حلّ بفلسطين منذ إنشاء دولة إسرائيل على أرضها في عام 1948، فإن ما أصاب سوريا، لاسيما منذ بدء اتساع الحرب فيها في عام 2012، إنما يستحق تسمية «الكارثة». وهي إحدى أكبر كارثتين عرفهما التاريخ العربي الحديث والمعاصر، أكبر بكثير من نكبة فلسطين إذا ما قسناها بعدد الضحايا. فإن عدد قتلى المعارك والقمع في سوريا وحدها خلال السنوات الإحدى عشرة المنصرمة يبلغ حوالي عشرة أضعاف عدد الفلسطينيين الذين سقطوا ضحايا الصهيونية منذ بدء غزوها لفلسطين. أما عدد السوريين اللاجئين إلى خارج بلادهم زائد المشرّدين داخل حدودها، فيبلغ ما يعادل مجمل عدد الفلسطينيين القاطنين في الوطن والشتات. فإن الكارثة الوحيدة التي تضاهي حجم الكارثة السورية في منطقتنا، إنما هي تلك التي أصابت العراق منذ أن استأثر صدّام حسين بحكمه وزجّه في حروبه الحمقاء، وصولاً إلى الاحتلال الأمريكي وبعده غزوة داعش وما تبع.
لم نذكر النسب الواردة أعلاه كي نقلل من شأن المأساة الفلسطينية، وهي قضية وطن مسلوب، بل لنشدّد على الحجم المهول للمأساة السورية، الذي يزيد من هوله أن البلاد واقعة تحت خمسة احتلالات: صهيوني في الجولان منذ عام 1967، وإيراني وتركي وروسي وأمريكي قامت خلال العقد الأخير ولا تزال قائمة. وها أن الدهر يضرب شعب سوريا من جديد، فيصدف أن أسوأ زلزال تشهده تركيا منذ عام 1939 وجد مركزه في مدينة غازي عنتاب، وهي بشكل ما عاصمة اللاجئين السوريين في تركيا، كما أن أولى الخضّتين اللتين ضربتا المنطقة قبل فجر يوم الإثنين، وأقواهما، شملت مساحة واسعة من الشمال الغربي السوري، تتوسطها حلب وتطال إدلب إلى غربها.

طبعاً، فإن الداخل التركي بشعبيه، التركي والكُردي، القاطنين في المنطقة التي ضربها الزلزال، هو الذي أصابه القدر الأكبر من مفعول الخضّة. لكنّ الأراضي السورية أضعف بكثير من الأراضي التركية في وجه الكارثة، إذ تقوم في قسم منها دولة باتت قدرتها على القتل والتدمير تفوق بكثير قدرتها على الإسعاف ورفع الأنقاض، في حين أن الأقسام الأخرى بلا دولة، بل تقع خارج دائرة تدخّل معظم منظمات الإغاثة الدولية. كما أن اللاجئين السوريين في جنوب تركيا الشرقي كانوا مكتظين في العديد من الأبنية الهشّة التي جرى بناؤها بدون مراعاة القواعد الخاصة بالمناطق الزلزالية، طمعاً بزيادة الربح، والتي انهارت بصورة رهيبة. فيعني ما سبق أن نسبة السوريين من ضحايا الزلزال، الذين يبلغ مجموعهم عشرات الآلاف بكل تأكيد، ستكون مرتفعة بصورة غير متناسبة مع الحجم السكاني.
مسكينٌ حقاً شعب سوريا، فأي لعنة أصابته مع اعتلاء بشّار الأسد سدة الحكم وارثاً رئاسة «الجملوكية» من أبيه؟ بعد أن فرض حافظ الأسد دكتاتوريته الرئاسية على سوريا لمدة ثلاثين عاماً، بلغ عدد السنين التي قضاها ابنه في المنصب ذاته ما يناهز ثلاثة وعشرين عاماً، أي أن مدة رئاسته ستعادل مدة رئاسة والده بعد سبع سنوات فقط! والحال أن سنوات الابن أسوأ بعد بكثير من سنوات الأب، إذ إن أكثر من نصف مدة رئاسة بشّار هي سنوات خراب سوريا، والحبل على الجرار كما يُقال.
في الحقيقة، فإن كارثة سوريا الكبرى هي هذا النظام الذي ورث فيه شابٌ لم يبلغ بعد سنّ الخامسة والثلاثين وليس لديه أدنى خبرة في الحكم، ورث زعامة أحد أعرق المجتمعات وأعقدها وسَكِر من ممارسة السلطة وغَوِي. ولمّا بلغت سوريا حالة الغليان الاجتماعي والسياسي على غرار سائر بلدان المنطقة العربية في عام 2011، لم يبحث عن حلّ للأزمة يحفظ سلامة البلاد وأهلها، بل كان شغله الشاغل الوحيد، هو والزمرة العائلية التي تشاركه استغلال منافع الحكم المُطلَق في سوريا، كان همّهم الوحيد أن يتشبّثوا بالسلطة حتى ولو كان ثمن ذلك حرق البلد، كما في شعارهم المَقيت: «الأسد أو نحرق البلد». والحقيقة أن الزلزال الهائل الذي أصاب سوريا وشعبها لم يفعل سوى أن زاد الطين بلّة، وقد ترك خراب سوريا في عهد بشّار الأسد، تركها على أسوأ الأحوال في مواجهة الزلزال الطبيعي بعد كل ما أصابها من زلازل ومآسي بشرية الصنع.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصهيونية والفاشية ومستقبل فلسطين
- تحية إجلال ثانية لرئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة
- العراق ولعبة إلهاء الجماهير
- سنة جديدة في منطقة على كفّ عفريت!
- حان لذلك «الغضب الساطع» أن يصل!
- حكومة نتنياهو الجديدة وحقيقة الصهيونية
- تونس: «الشعب لا يريد تأييد النظام!»
- عندما يُرفع الرأس بكرة القدم…
- السودان: الطغمة العسكرية تتعلّق بخشبة خلاص
- «هبّات عا مدّ النظر»…
- في التفجيرات والمؤامرات والمناورات
- الفاشية الصهيونية وزملاؤها العرب
- مصر: تغيير المناخ السياسي أولاً!
- إيران ومعضلة إسقاط الأنظمة الاستبدادية
- السودان: الطغمة العسكرية سنة بعد الانقلاب
- من الأشبال إلى الأسود: نحو انتفاضة فلسطينية جديدة
- ما مغزى القرار النفطي السعودي؟
- حلف الناتو: من سيء إلى أسوأ
- قراءة في خطاب فلاديمير بوتين
- السلاح بيد الجاهل يجرح!


المزيد.....




- مصادر توضح لـCNN تفاصيل مقترح -حماس- بشأن اتفاق وقف إطلاق ال ...
- داخلية الكويت تعتقل مقيما من الجنسية المصرية وتُمهد لإبعاده. ...
- معركة -خليج الخنازير-.. -شكرا على الغزو-!
- الحرب في غزة| قصف متواصل على القطاع واقتحامات في الضفة وترقّ ...
- فيديو فاضح لمغربية وسعودي يثير الغضب في المملكة.. والأمن يتد ...
- -إجا يكحلها عماها-.. بايدن يشيد بدولة غير موجودة لدعمها أوك ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف عدة مناطق في غزة (فيديو+صور) ...
- بقيمة 12 مليون دولار.. كوريا الجنوبية تعتزم تقديم مساعدات إن ...
- اكتشفوا مسار الشعلة الأولمبية لألعاب باريس 2024 عبر ربوع الم ...
- ترامب يواجه محاكمة جنائية للمرة الأولى في التاريخ لرئيس أمير ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - سوريا والكارثة المستمرّة