أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السمّاح عبد الله - فتحي محفوظ يكتب عن قصيدة الزائر للشاعر السمّاح عبد الله














المزيد.....

فتحي محفوظ يكتب عن قصيدة الزائر للشاعر السمّاح عبد الله


السمّاح عبد الله
شاعر

(Alsammah Abdollah)


الحوار المتمدن-العدد: 7504 - 2023 / 1 / 27 - 08:47
المحور: الادب والفن
    


أولا: القصيدة:

اَلزَّائِرْ
شعر: السمّاح عبد الله

لا خُبزتي تكفيه ما طلبَهْ
والليلُ عسعس
طالبا حطبَهْ
وذبالة القنديل قد خفتتْ
والزيتُ طقطق
مطفئا لهبَهْ
وترقَّصَتْ أشباحُه حولي
خبط الجدارةَ
معلنا حَرْبَهْ
عَدَّ الهواءَ علىَّ
في صمتٍ
والكوبُ كسَّره
وما شَرِبَهْ
ماذا تريدُ؟
أريد حاجاتي
حيطان هذي الدار
والرَّحَبَةْ
وأريد عينيك اللتين أرى بهما النهارَ
فأبتدي دَرْبَهْ
وأريد قلبك بالذي فيه
وأريد جرحك
نازفا حُبَّهْ
هذي المنامة لي
وذا وَرَقي
والمقعدُ البالي وقد سحبَهْ
ولقيتُني أنسلُّ مختبئا
بين الحوائجِ
لابسا ثوبَهْ
وكلامُه ينسابُ في صوتي
لكأنه في الجوف قد صبَّهْ
هذا قصِيدي
قاله وَجِلا
وأنا الذي بالأمسِ
قد كتبَهْ.

ثانيا: القراءة:

الاستلاب مكتملا

يحدثنا الشاعر الكبير السماح عبد الله عن رجل جاءه ليلا. إنه حديث الواثق الملم والخبير ..
" لا خُبزتي تكفيه ما طلبَهْ "
علينا أن نتيقن من أن ثمة أحداثا جرت قبل أن يقوم النشيد بالإفاضة، ثم يخبرنا المنشد بأن ما كان يملكه من خبز أقل مما كان يطلبه. تري من هو المنشد؟ إنه رجل يعاني من نقص الخبز الذي يكفيه وغيره. نقص في التدبير يسترعي انتباهنا، ويبقي السؤال التالي، من هو الآخر. يقول عنه إنه زائر جاءه في خفاء الليل ..
" والليلُ عسعس
طالبا حطبَهْ
وذبالة القنديل قد خفتتْ
والزيتُ طقطق
مطفئا لهبَهْ
وترقَّصَتْ أشباحُه حولي "
ثم يرسم النشيد في أناه تلك الحدود الفاصلة بين الليل وظلامه، والضوء وسناه: يطلب منه الليل المظلم أن يسعي إليه بالضوء، فحطب النار قد نفد، ومسرجة الزيت قد طقطقت لنفاد زيت الوقود. ظلت مشتعلة حتي انطفئت ذبالة الضوء الأخيرة، ومن ثم بانت خيالات الأشكال في ثوبها الشبحي .
" خبط الجدارةَ
معلنا حَرْبَهْ "
خبط زائر الليل جدار سكنه ليعلن عن قدومه، وقد ارتبط مجيئه بقدوم الليل. يمنح النشيد ذلك الطابع لفعل الزيارة خلافا لمضمونها. تتناسق خبطات الجدار مع خبطات المسرح قبل بدايات العرض، ودخول ذلك الحشد التمثيلي فرادي. يتناسق الطابع العام للزيارة، مع الصورة النمطية للاقتحام، ويتناسق إعلان الحرب بين الزائر المقتحم لحدود المسكن، وبين المنشد لتطوير فعل مرادف للزيارة, إلي فعل مؤكد للاقتحام، إلي الصيغة الضارية لإعلان الحرب، ومن ثم تتحول الشخصية بترادفاتها من صورة الزائر الي المقتحم ثم المحارب ..
" عَدَّ الهواءَ علىَّ
في صمتٍ
والكوبُ كسَّره
وما شَرِبَهْ "
إن الصورة العامة لأوجه الحرب المعلنة بين زائر الليل المحارب المقتحم الصفيق المدرب المحنك, وبين المنشد، تتوالي في ظل أفعال ترسخ في وجودها حالات العداء. ثم وهذا هو الأهم، لتمنحها ذائقتها الخاصة: قيام المقتحم بكسر كوب الماء دون أن يشربه، وقيامه بإحصاء عدد الأنفاس التي يتنفسها، وقيامه بعد الأنفاس يمنحنا مؤشرات تفصح عن رغبة الزائر في تقصي الارتباطات الحميمة بين المنشد والآخرين ..
" ماذا تريدُ؟
أريد حاجاتي
حيطان هذي الدار
والرَّحَبَةْ "
ويبدو من الحوار المضمن أن هناك حاجات يرغب الزائر في حيازتها، وفي ظل هذا، أعلن الزائر عن حاجته إلي حيازة كل ما كان المنشد يمتلكه، فالزائر يعتبر أن حيطان البيت ورحبته من ممتلكاته، وبذا يقوم النشيد بتطوير صفات الزائر وتحولاتها التاريخية من حالات زيارة نمطية إلي زيارة مقتحمة، إلي زيارة ذات طابع حربي، وانتهاء بترسيم صفات الاستلاب وترسيخ مضمونها ..
" وأريد عينيك اللتين أرى
بهما النهارَ
فأبتدئ دَرْبَهْ
وأريد قلبك بالذي فيه
وأريد جرحك
نازفا حُبَّهْ "
وفي صورة ماتعة، يقوم النشيد بحصر قوائم الأسلاب. انتزاع العينين من كهفيهما البصريين، حتي يمكن للمستلب أن يري بهما ضوء النهار، ويريد القلب الذي ينبض بكل ما يحمله من موهبة وأسرار وعواطف جامحة، وجروح نافذة في سويدائه:
" هذي المنامة لي
وذا وَرَقي
والمقعدُ البالي
وقد سحبَهْ "
تستمر قوائم الأسلاب : المنامة, ورق الكتابة, مقعده البالي ..
" ولقيتُني أنسلُّ مختبئا
بين الحوائجِ
لابسا ثوبَهْ "
لقد فقد أشياءه، واختبأ منزويا بين حوائجه، بعد أن تبادلا الثياب. ملابسه في مقابل الثوب الذي كان السارق يرتديه ..
" وكلامُه ينسابُ في صوتي
لكأنه في الجوف قد صبَّهْ "
ثم يحدثنا النشيد عن وقائع الاستعمار، وكيف انساب صوت المستلب في صوت المنشد، وكأنه قد قام بصبه في قلبه :
" هذا قصِيدي
قاله وَجِلا
وأنا الذي بالأمسِ
قد كتبَهْ. "
يدعي الزائر المقتحم المحارب المستلب المستعمر أن قصيدة الأمس التي قام المنشد بإبداعها هي قصيدته، كما ينبغي أن تكون، ووفقا لمنطق الزيارة المقتحمة، وطمس الحقائق بتبديل وقائعها، هو جزء من مشقات المبدع في عالم يسوده الفوضى والقهر.



#السمّاح_عبد_الله (هاشتاغ)       Alsammah_Abdollah#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في قصيدة إجابة للشاعر السمّاح عبد الله.
- قراءة في قصيدة نذر
- قراءة في قصيدة حواف الحرقة
- افتراض الحديقة
- أحلام الثراء
- صوت الروح .. محمد أبو المجد
- أنا امرأةٌ قديمةٌ 4 – 6
- أنا امرأةٌ قديمةٌ 3 – 6
- أنا امرأةٌ قديمةٌ 2 – 6
- أنا امرأةٌ قديمةٌ 1 – 6
- لتحطمهم مثل الإبريق الخزف
- فِي نَامُوسِ الرَّبُّ مَسَرَّتَهُ
- الرجل ذو الجلباب الأزرق الباهت
- عن ضرورة البطل
- الدكتور جمال التلاوي، بين المبدع الصديق ورئيس مجلس الإدارة
- المثقفون والثورة
- بيان للناس
- أمير الشعراء أحمد شوقي ( 16 أكتوبر 1886 – 13 ديسمبر 1932 م ) ...
- الشاعر ولي الدين بك يكن
- بعد أن تغيب الشمس


المزيد.....




- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السمّاح عبد الله - فتحي محفوظ يكتب عن قصيدة الزائر للشاعر السمّاح عبد الله