|
اضاءة على ديوان: على كتفَيْنِ مِن تعب- الشاعر محمد دقّة
ريتا عودة
الحوار المتمدن-العدد: 7490 - 2023 / 1 / 13 - 10:16
المحور:
الادب والفن
على كتفَيْنِ من تعب، قام الشاعر "محمد دقة" من نومه إلى قومه ليكتب الشّعر:
" قمتُ من نومي إلى قومي" ص25.
فالكتابة هي حالة استيقاظ ويقظة تبعها قرار أن يختار من الأنواع الأدبيّة: الشّعر:
" ولكنّي استعرتُ منَ الحديقة شجرة" ص 25.
فالحديقة هي الحقل الأدبي العام والشجرة كناية عن جانر (نوع أدبي) خاص إلاّ وهو الشعر.
ثمَّ استوى على عرش الشعر:
" وصنعتُ عرشًا واستويتُ" ص 25.
وهو بهذه الجملة التّقريريّة يستدعي للذّاكرة عملية الخلق الأولى، خلق الكون، فيزوّد المتلقي بصورة موازية لها إلاّ وهي الخلق عبر المفردات.
لكن، لماذا قرّر أن يكتب؟
" قررتُ أن ألجَ الصّفات جميعها/ وأدور في فلك التساؤل/ كي أرى ما لا يُرى مِن غُربة الأشياء" ص 25.
إذن، قرر الشّاعر أن يطرح أسئلة عن كلّ الأمور الحياتيّة (ألج الصفات جميعها) بحثا عن أجوبة. مع عمليةِ طرح الأسئلة تبدأ عملية الخلق الشّعري:
" أنا جئتُ من رحم التساؤل" ص 27.
"شيطانة مسحت لساني بالكلام/ وعمّدتني بالمجاز/ وعلّمتني الأسئلة. / شيطانة ملأت فؤادي بالصهيل؟ فسالَ شعرًا..." ص29.
اعتدنا أن يُلهم "شيطانُ عبقر" الشّعر للشعراء. نلاحظ هنا أن ذاتًا أنثويّة (شيطانة) هي ملهمته وفي ذلك احترام لمكانة الأنثى في وجدان شاعرنا.
أمّا رؤية ما لا يُرى فلا تجوز إلاّ للأنبياء، لذلك نجد أنّ الشّاعر محمد دقة أدرك أنّه كشاعر أصبح في مرتبة الأنبياء فنسب لنفسه موضوع (الجلالة) التي لا تجوز إلاّ للأنبياء أو الملوك والاستواء على (عرش شعريّ) لا يشبه أيّ عرش آخر:
"حتّى أستعيدّ جلالتي" ص25.
" عرش خيالي/ .. له صفات لا تشابهها صفات في الحياة/ ولا حياة له سواي/ أنا هنا/ عرشي انا..." ص51.
وها هو يُعلن النبّوة الشعريّة:
" صرتُ نبيذ قومي" ص18.
لمن قرّر شاعرنا أن يكتب؟
" قمتُ من نومي إلى قومي" ص25.
الفعل "قام": يستدعي للذاكرة قيامة السيّد المسيح والخلاص.
وشاعرنا قام ليكتب لشعبه ويحررهم من ضعفهم (حالة النوم التي هو نفسه عانى منها) ليخلّصهم عبر الشعر.
"وأرخيتُ الكلامَ على تخومِ الدربِ؟ صدّقني الصّغار"ص18.
عامّة الشّعب هم من آمنوا به لأنّه أصلا أتى إليهم هم.
لكي تبدأ عملية الخلق عبر المفردات، كان على الشّاعر أن يحترق كالعنقاء. ثمَّ، يقوم من رماده ويحلّق مُتوهّجا:
" اشتعلتُ وطرتُ روحًا من رماد" ص 24.
كذلك:
" احتراقي مُلهمٌ" ص 26.
ساعات الليل بالنسبة للشاعر محمد دقة هي ساعات الوحي
" والليل يُسمعني حديثَ البحر" ص 23.
فالليل يُسبّب له انفعالات عاطفيّة تنتهي بدفقات شعريّة:
" وأنا أضمُ الليلَ، يحملني ويأخذني ويرميني إذا أمسيتُ" ص23.
وهو يعلن أنّه لا يُقلّدُ أحدًا من الشعراء، فإيقاع خطواته الشّعريّة ذاتي:
" أمشي على ايقاع ذاتي" ص 20.
وذلك لأنّه جعل عصاه الشّعريّة هي التي تقوده للدّهشة الشّعريّة والتّفرّد:
"وسرتُ تسبقني عصايَ" ص 20.
" أُلقي العصا فتصير.." ص 20.
موتيف البحر:
تتكرّر فكرة البحر على امتداد الديوان كموتيف يحمل دلالة الشّعر. كلّما أراد شاعرنا أن يكتب، ينزل البحر.
" نزلتُ صوب البحر" ص11، ص 12، ص13، ص19، ص22، ص48.
أحيانًا، هو يذهب للقصيدة ليكتبها وأحيانا هي تأخذه إليها لتكتبه:
" البحر يأخذني إليه" ص 21.
هذا النزول يعقبه دائما ارتقاء وسموّ شعري/ عاطفي/ روحي جعله في مرتبة الأنبياء:
عنوان الديوان" صعدتُ محمولا على كتفين من تعب" بعدما نجا من حرب ومن حبّ وصار نبيّ قومه: " صعدتُ نحو بدايتي".
يُشبّه الشّاعر نفسه بالنسر غير المرئي لقدرة هذا الطّائر على التحليق وعلى تجديد نفسه:
"وطرتُ نسرا لا يراهُ أحد" ص18.
حين تراءى له مَلَك الشعر المخلوق من نور:
" أنتَ من نور خُلقت" ص27.
" أنت تعلم إذ ترى ما لا أرى" ص27.
من هنا نرى أنّ الشاعر الفلسطينيّ محمد دقّة، ابن مدينة جنين، أتانا شاعرا متفرّدا تستحقّ تجربته الشّعرية التأمّل والمتابعة.
13.1.2023
#ريتا_عودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اضاءة على رواية: إلى أن يُزهر الصّبّار
-
مِن جوفِ الحُوتِ أكتبُ// ومضات
-
شَغَبُ الأسئلة// قصَّة قصيرة
-
لم أحْلُم بِنُجُومٍ تَسْجُد لِي//ومضات
-
(( أُحبُّكَ الى ما بعد بعد الحُلُم ))
-
أنا لا أكتب لكي أقاتل نيرون/ومضات
-
قلبُكَ حِصَانُ طرْوَادَة/ومضات
-
العاشرة عشقًا// ومضات
-
من أدب الرسائل
-
قطرة مطر // قصّة قصيرة
-
أنا أنتَ...ونبوءة
-
كأنّها سنة زوجيّة/ ومضات
-
((مذود قلبي))
-
أعيشُ فيكَ
-
-محكومون بالأمل-/نصّ قصصيّ
-
لا أحد إلاَّكَ //ومضات
-
نبضُ العشقِ// ومضات
-
رواية -بورتريه قديم- بسام أبو شاويش//قراءة انطباعيّة
-
أنت البسطُ وأنا لكَ المقام/ ومضات عشقيّة
-
أحبُّكَ والبقيّة تأتي...
المزيد.....
-
منسق اتحرك محمد العبسي لـ”صدى الشعب” المقاطعة بدأت تكرس ثقاف
...
-
-بنات ألفة- التونسي.. أفضل فيلم وثائقي في جوائز جوثام للسينم
...
-
لماذا تترسخ القضية والثقافة الفلسطينية في تشيلي؟
-
لماذا يفضل سكان موسكو مشاهدة باليه -كسارة البندق- في غرب سيب
...
-
إيران ودول منظمة معاهدة الأمن الجماعي تؤيد تأسيس -الأوسكار ا
...
-
-منشور قديم- يكشف عن العلاقة بين براد بيت وابنه بالتبني
-
أبوابٌ تُفتحُ لمرّةٍ واحِدة --
-
-الإمارات في معجم العين- معرضٌ للمصور البحريني عبد الله الخا
...
-
الشارقة للفنون تُعلِن المشاريع الفائزة بمنحة النشر 2023
-
-أدب الروبوتات- هل يعد إبداعا حقيقيا أم تكتب الخوارزميات أنم
...
المزيد.....
-
عد إلينا، لترى ما نحن عليه، يا عريس الشهداء...
/ محمد الحنفي
-
ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد
/ الحسين سليم حسن
-
الدكتور ياسر جابر الجمَّال ضمن مؤلف نقدي عن الكتاب الكبير ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال وآخرون
-
رواية للفتيان ايتانا الصعود إلى سماء آنو
...
/ طلال حسن عبد الرحمن
-
زمن التعب المزمن
/ ياسين الغماري
-
الساعاتي "صانع الزمن"
/ ياسين الغماري
-
الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأدباء
...
/ السيد حافظ
-
مسرحية - زوجة الاب -
/ رياض ممدوح جمال
-
الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأ
...
/ مجموعة مؤلفين عن أعمال السيد حافظ
-
أنهارٌ من زنبق: النهر السادس
/ دلور ميقري
المزيد.....
|