عزالدين مبارك
الحوار المتمدن-العدد: 7476 - 2022 / 12 / 28 - 13:27
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السبب في ذلك أن غالبية الذين يدرسون ويتعلمون لا يطبقون ما تعلموه في المعاهد والجامعات في حياتهم وفي عملهم ويذهبون لكتابهم الوحيد فهو الجامع لكل العلوم وإذا لم يجدوا حلا يتوجهون للشيوخ الجهلة بحثا عن فتوى وقد أصبح المجتمع مفتونا بالفقه ويعيش بالخرافة التي تحتل عقله وكيانه وهو الذي يعتمد في كل شيء على القدر وعلى خالق سرمدي يسير النفوس كما يشاء ويتدبر ويوزع الأرزاق كل يوم مع غسق الفجر وليس هناك فائدة في البذل واالعطاء والسعي والتعب مادام كل شيء مقدرا سلفا ومكتوبا في لوح محفوظ منذ الأزل وهو لا يتحمل أي مسؤولية في ما يفعل وقد كان يقتل ويسبي ويغنم بأمر الإله وتأتي الملائكة تقاتل معهم وعندما يستعصي عليهم الأمر ينزل الإله بعظمته ليقاتل ويرمي النبال نيابة عنهم "فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ". فالغالبية من الناس في بلاد العرب تعيش هذا الوهم بحيث لا يرون فائدة في العلم والبحث والكد مادامت هناك قوة غيبية خارقة تتحمل كل المسؤولية وتنظم حياتهم حتى في الحمام وغرفة النوم وتمنحهم الحماية والرزق وتحدد مصيرهم فلماذا التعب والعناء وكل شيء مقدر بالتفصيل حتى الفقر والمرض والجوائح وتلك حكمة من في السماء يجلس على عرشه الوثير منذ الأزل يراقب كل شيء وهو الذي سيحاسب الجميع في يوم ما وبالدعاء والتسبيح والطاعة تمحى الذنوب في رمشة عين ومن قام بالغزو وقتل االأبرياء وسبي النساء فجائزته الجنة الموعودة والمرفهة بالحوريات والغلمان ومحيطات من الخمر االمعتق وقد غدا المحرم حلالا زلالا ومباحا أما الذين لم يعلموا بالأمر لأنهم ولدوا قبل هذا الزمان أو في مكان بعيد أو لهم دين مختلف يوحد ويؤمن فمصيره مظلم وبائس وهم كافرون ومجرمون دون اقتراف أي جرم ولم يسيئوا لأي إنسان أو حتى من أفنوا أعمارهم في سبيل إسعاد البشرية بعلمهم وبحوثهم وقاوموا الأمراض والفقر والجهل والتتخلف وأناروا طريق الحضارة باختراعاتهم مثل باستور وأينشتاين وماري كيري وابن سينا والرازي وابن رشد فهم في عرف دولة الفقه كفرة ومصيرهم النار لأنهم لم يقولوا كلمة السر المؤدية إلى طريق النعيم الذي يعشش في مخيلتهم دون تقديم دليل علمي على كلامهم الخيالي وسيبقون في كهنوتهم محنطين قابعين يجترون تراثا باليا لا ينتج غير التخلف والفقر والمآسي وهم فيه غاطسون وغارقوون فهل في يوم من الأيام يفيقون ويخرجون من النفق المظلم ويتحررون من أوهام الماضي الغابر وينفضون الغبار عن حضارتهم البائدة وينتفضون على الجهل والتخلف والفقر باستعمل العقل والنقد والعلم.
#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟