أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - والأحداث والحكم في -السيجارة الأخيرة (مدائح الكافور) أحمد يعقوب















المزيد.....

والأحداث والحكم في -السيجارة الأخيرة (مدائح الكافور) أحمد يعقوب


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7474 - 2022 / 12 / 26 - 18:15
المحور: الادب والفن
    


والأحداث والحكم في
"السيجارة الأخيرة (مدائح الكافور)
أحمد يعقوب
الفلسطيني عندما يكتب سيرته الذاتية بالتأكيد هو يتحدث عن فلسطين والفلسطيني، ولا بد أن يتطرق إلى المعاناة التي مر بها، إن كانت بسبب الاحتلال أو بسبب الأنظمة العربية الرسمية، من هنا تكمن أهمية السير الذاتية.
هذا على صعيد المضمون، لكن الأهم هو طريقة تقديم السيرة، واللغة المستخدمة فيها، "أحمد يعقوب" الشاعر أستطاع أن يقدم سيرته المؤلمة والموجعة بقالب أدبي جميل، وبلغة ممتعة، وهذا ما يميز "السيجارة الأخيرة"، التي كانت حاضرة في كافة المواقف الصعبة والقاسية.
النظام الرسمي العربي
الشاعر يحدثنا عن معاناته في بغداد أيام حصارها من الأنظمة العربية والقوات الأمريكية، وكيف أضطر إلى بيع كتبه ليشتري ما يسد به الجوع: "في بغداد أقف أمام مكتبتي مطولا لاختيار وجبة من الكتب التي سأبيعها" ص42، الشاعر بهذا المشهد يدين كل من ساهم في حصار العراق، ويؤكد أن النظام الرسمي العربي شريك لعدوان وفي قتل الأبرياء: "إحدى العائلات الفلسطينية التي كانت تسكن قريبا من ملجأ العامرية، قررت الرحيل إلى عمان، لكنهم لم يتمكوا من عبور الحدود، حكاية وثيقة السفر الفلسطينية.. عادوا إلى الملجأ في الليلة نفسها التي حدثت الكارثة" ص 102، وهذا رد واضح يبين حقيقة الأنظمة العربية الرسمية ودورها التأمري فيما آل إليه العراق والعراقي، وكل من توجد في العراق من العرب، فخراب العراق واستباحته وقتل وتشريد أهله، كان بأيدي عربية قبل الأيدي الأمريكية.
الصهيونية والصهيوني
كلما ابتعد الأديب/الشاعر عن المباشرة كلما كان أدبه أجمل، يحدثنا "أحمد يعقوب" عن طبيعة المحتل الصهيوني من خلال تناوله لشخصية "مارسيل جانكو" التي عانت من النازية لكنه خانة إنسانيته عندما: "...جاء إلى "عين حوض" وبنى على أنقاضها قرية فنية مع الكاتبة والعازفة الأمريكية "نورا بنيامين كوبي" ص55، بهذا المشهد يشير الشاعر إلى صهيونية حتى من عانى من النازية، وبما أنه تناول شخصية (فنان) ومن المفترض أن يكون صاحب مشاعر فنية/إنسانية مرهفة، إلا أنه كان صهيونيا/فاشيا كحال من عذبوه وفعلوا به العجائب.
أما عن ممارسات جنود الاحتلال فقدم لنا مشهدين، مشهد (مفترض) أن يكون العادي/طبيعي: "وفي كل بحر عرفته كانت زوارق خفر السواحل تؤمن الراحة والطمأنينة إلى رواد البحر." ص121، ومشهد واقعي: "لكن زوارق "الدبور" الإسرائيلية تومن الجحيم للفلسطيني! تعتقل حقه بالمتعة في البحر! والبحر حياة" ص121.
وعن حرب غزة وما يفعله جيش الاحتلال فيها: "أنهم يهاجمون عائلات بكاملها، فلقد قتلوا ثمانية أفراد عائلة قصفوا منزلهم وجميع المنازل المحيطة به" 161، فالمواطن في غزة يقتل لأنه من غزة، وليس لأي سبب آخر: "إذا غادرت المنزل أموت، وإذا بقيت في المنزل مثل من يلجأ من الموت إلى الموت" ص172، لهذا كانت عدد ضحايا الفلسطينيين هائل جدا، بينهما لا يوجد قتلى صهاينة:
"10 أغسطس
استشهاد 24 فلسطينيا في غزة، صفر قتلى على الجانب الإسرائيلي" ص190، بهذا الشكل يقدم الشاعر جرائم الاحتلال.
الحروب في المنطقة العربية
من مميزات "السيجارة الأخيرة" أنها تناول كافة الحروب في المنطقة العربية وبطريقة مختزلة، فالشاعر يحدثنا عن مجموعة حروب في أقل من أربع صفحات: "...أحدهم في بيروت عندما أشهر علي مسدسه.. قلت له من يشهر مسدسا عليه أن يطلق ..فأطلق فوق رأسي تماما.. ولما شعرت أن رأسي لم ينفلق قلت له: من يطلق النار يصيب.. فارتبك.. وبعد لحظة انهار باكيا حبيبته التي أكلتها طاحونة الحرب.
في حرب 1967 كنا أطفالا نتقافز على أسوار المدارس والملاجئ في مخيم اليرموك، بينما كانت الطائرات تحدث اختراقا لجدار الصوت ورجال الحي يتحلقون حول خطابات أحمد سعيد." ص126
"مرة قفز طيار بمظلته.. فهرع كل سكان مخيم اليرموك تقريبا، وهم يضحكون ويمزحون.. كان كل واحد وواحدة يعتقدون أن المظلة ستهبط في المكان الذي يقف فيه... وجدنا سكان المناطق المجاورة قد خرجوا لالتقاطه، فالتقفته الشرطة العسكرية" ص127.
"في عام 1988 وقد وصلت بعض الصواريخ لإيرانية إلى بغداد" ص128، وكأنه بهذا التناول يريد القول: أن حياة العربي والفلسطيني في المنطقة العربية حروبا في حروب، وأن يكون هناك شاعر/روائي/قاص في هذه الأجواء الدامية هو فعل استثنائي، وهذا ما يجعل إنتاج الأديب/الكاتب يسيح دما ويدوي ألما.
الشاعر الإنسان
هناك مواقف حاسمة في حياة أي إنسان، فمن خلالها يمكننا الحكم على نبل أو تفاهة الشخص، من المواقف النبيلة "لأحمد يعقوب" عندما ذهبت زوجته لتضع موالدها في غزة: "فرحت لذهاب زوجتي إلى غزة كي تنجب وليدها، الأول بين أهلها، إن كان ذلك طبيعيا، فإن الأمر الأهم بالنسبة لي هو أنها لن تراني إن هم أذوني أو ساقوني كعبد" ص80، خوف الشاعر من جرح مشاعر زوجته هو يتعرض للأسر من قبل جنود الاحتلال موقف نبيل ويشير إلى بعد النظر عنده، وعلى حرصه واهتمامه بزوجته.
وعندما ينظر إلى عائلته وأولاده وما يتعرضون له من أذى مادي ونفسي من الاحتلال، يقول: "غالبا ما يؤسفني أنني تزوجت وأنجبت أطفالا، وأتساءل: "ما ذنب هذه المخلوقات؟" لكنني أعود وأقول: "الشعوب التي تحت الاستعمار، ألا يجب أن يكون لها أطفال؟" ص166، حالة الصراع بين ما هو شخصي وبين ما هو وطني يشير إلى إنسانية الشاعر، وأنه لا يتعامل مع الحياة بطريقة عادية، بل طريقة الفيلسوف المفكر.
الشاعر الحكيم
بما أننا أمام سيرة شاعر فلا بد من تناوله لبعض المفكرين والفلاسفة والأفكار التي تعد حكم أو خلاصة تجربته في حياة، وبما أن هناك علاقة فريدة تجمع الفلسطيني بوطنه، فإن "أحمد يعقوب" يقدم هذه العلاقة بهذه الصيغة: "عرفت أن للبلاد رائحة حقا.. وعرفت أنها لا يشمها إلا الذي يحيا غريبا عنها أو غريبا فيها، فذاكرة البلاد في المنفى وطن" ص108، نلاحظ أن الشاعر يتعامل مع المكان على أنه كائن حي، لهذا له رائحة، يشمها ويتأثر بها كل من ينتمي لهذا الوطن/المكان.
ويحدثنا عما يريده الاحتلال من وراء إيقاع أكبر قدر من القسوة والوحشية على الفلسطيني: "ربما خضر ميري من يقول: العدو إنه يغرس فيك الحياة نزقا ثم يساعدك على أن تصدق بأنها حياتك.. هو من ينهال عليك بالأخلاق والدسائس ثم يفتح لك حجرا في الأرض لتدخل وحدك عاريا" ص122، هذا هو واقع الاحتلال والهدف من تلك الوحشية التي يمارسها بحقنا في فلسطين.
وعن مواجهة العدو والكيفية التي يجب أن تكون المواجهة، يقول: " يجب عدم الذهاب إلى نقاط قوة العدو، إنما إلى نقاط ضعفه من أجل الفوز عليه بالنقاط وليس بالضربة القاضية" ص128، اجزم أن هذه الاستراتيجية لم عملت بها الثورة الفلسطينية لكن النصر قد تحقق منذ عقود.
وعن نظرته للعدو: "البرابرة قادمون في أي وقت وإلا فلن يكونوا برابرة" ص146، فهو بهذا القول يحسم طبيعة الاحتلال العدوانية، بحيث لا يمكن النظر أو التعامل معه إلا على انه الخراب الحاصل والموت القادم.
وبما أن الحرب كانت رفيقة الشاعر في الحياة وعانا منها الأمرين، يقول فيها: "ملعون من يخوض حربا يمكن تفاديها، وملعون من لا يخوض حربا لا يمكن تفاديها" ص129، اللافت في هذه الحكمة أنها صادرة عن شاعر، وليس عن قائد عسكري، فلو جاءت من عسكري لكانت عادية/طبيعية، لكن أن تأتي من شخص مرهف الحس والمشاعر ويتعامل مع الكلمة وليس مع البندقية فهو شيء يتجاوز المنطق.
ويتناول شيء من فلسفة نتشة: "أخلاق العبيد في أساسها أخلاق منفعة" ص103، فهو بهذا يريدنا أن نتصرف حسب أخلاقنا النبيلة، حتى لو كان نتيجة تصرفنا فيه الضرر علينا أو أذية تصيبنا.
الأخلاق تمثل تصرفات شخصية، متعلقة بالفرد، إلا أن الشاعر جعلها سلوك اجتماعي ووطني، من هنا ربط تحرير فلسطين بالأخلاق: "العالم يهلك.. والصداقة هي أقصر الدروب للوصول إلى الوطن" ص116.
وعن تأثره كشاعر بالحرب وما فيها من أهول: "...جعلت قاموسي للغة يجف، لأنه تعرض للقصف أيضا" ص192.
هكذا قدم "أحمد يعقوب" سيرته كشاعر، وكفلسطيني، وكمفكر، وكإنسان.
الكتاب من منشورات وزارة الثقافة الفلسطينية، الطبعة الأولى 2021، فلسطين.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخصب وعودة الحياة في قصيدة -يا أجراس الله- محمد فرطوسي
- المضمون واللغة في -مأدبة الغياب- أسمى وزوز
- الكلاسيكية الجميلة في رواية -أجفان عكا- حنان بكير
- ديوان -خلل طفيف في السفرجل- أحمد العارضة
- ديوان العسل البري نمر سرحان
- المضمون التقدمي والفنية الأدبية في كتاب -ساعات في الجحيم- يو ...
- الواقع والرمز في رواية -زمن دحموس الأغبر- غريب عسقلاني
- رواية أرض السواد 2 عبد الرحمن منيف
- عبد السلام عطاري وومضة الياض
- بكفينا توظيف وإعطاء مراكز حيوية بالواسطة
- مجموعة من شكاوى المبدعين ميسون أسدي
- مناقشة كتاب صورة الشهيد في الشعر الفلسطيني المعاصر
- الأتراك في رواية -ملكوت البسطاء- خيري الذهبي
- الوميض هدية عبد الهادي
- جمالية الأدب في كتاب -جارة القمر- ل كفاية عوجان
- اللهجة المحكية في رواية -في حضرة إبراهيم- عامر طهبوب
- رواية -سر اختفاء فادي- للكاتبة وفاء عمران محامدة
- التماهي في ديوان -على حافة الشعر ثمة عشق وثمة موت-[*] للشاعر ...
- مناقشة كتاب -حرائق البلبل على عتبات الوردة- مازن دويكات وعفا ...
- تقديم القسوة في ديوان -موتى يعدون الجنازة- عبد الله عيسى


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - والأحداث والحكم في -السيجارة الأخيرة (مدائح الكافور) أحمد يعقوب