أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ديوان -خلل طفيف في السفرجل- أحمد العارضة















المزيد.....

ديوان -خلل طفيف في السفرجل- أحمد العارضة


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7470 - 2022 / 12 / 22 - 10:19
المحور: الادب والفن
    


ديوان "خلل طفيف في السفرجل"
أحمد العارضة
إن يأتي ديوان شعر من أسير محكوم بعدة مؤبدات، فهذا بحد ذاته إنجاز للشاعر، فكيف سيكون عليه الحال إن كان هذه الديوان يضاهي ما يصدره الشعراء الأحرار وحتى يتفوق عليهم؟.
فهناك تماهي بين الشاعر والقصيدة، وبين مضمونها والألفاظ المستخدمة فيها، وهذا يشير إلى أن الشاعر لا يكتب القصيدة، بقدر القصيدة "تُكتب الشاعر، فنجد في قصيدة "تاؤها" هذا ما يشير إلى هذا الأمر:
"وطني علمني
أن الأنثى جزء منه..
وجزء منها،
لا ينفصلان بتاتا
إلا للقاء آخر..

كجناح يخفق في إثر جناح
وكريح تعصف في وسط رياح
وكبيت امرأة طردت واحتفظت بالمفتاح
وكليل يتقوى نهار لا يرتاح

وكثمرة برقوق ناضجة
ترنو أن ترجع يوما زهرة
أخبرني أيضا
أن أنظم شعرا
لا شعرا
أن ألثم سكينا
لا شفة
كي يقبل قربان دمائي..
كي أستملئ بعض الأوجاع المزروعة
في أرض نسائي
علمني أني منذ ولدت
وحلمي يسير ورائي

علمني أن الزيتون الشرقي
بذهن الجدات
ملئ بالزيت

وينمو أسرع
يعطي
يغدق
يمنح.. لا يركع
وبأن إناثا معشوقات
غرسن صغاره..
وبأن الزيتون أنثى
والتاء بها (أصل)

أخبرني أيضا
أن الأرض هي الأنثى
(وهو) كذلك أنثى
وبأني لولا (ها)
ما كنت سوى طين محموء
بالماء الآسن" ص41-43.
نلاحظ أن الشاعر يركز على التلاحم، تكامل بين الأعضاء/الأجزاء، والذين نجد في "وطني الأنثى جزء منه" فهناك تكرار لبعض الألفاظ: "جزء، جناح، ريح، زيتون، أنثى" وهذا يشير إلى العلاقة الحميمة التي تجمع الشاعر بالقصيدة، ونجد التكامل بينهما من خلال وجود ألفاظ تكمل بعضها: "كجناح يخفق، وكريح تعصف، بيت المفتاح، برقوق ناضجة، الزيت الزيتون، الأرض/طين/ماء" وهذا أيضا له علاقة بتركيب القصيدة وكيف أن الشاعر يتعامل معها على أنها كيان متكامل وليس قطع منفصل عن بعضها، فرغم وجود كلمة وحرف منفصلان: "الأصل، ها" إلا أنهما جاء لتأكيد الوحدة.
الشاعر الأسير يحن إلى ماضيه، أيام كان حرا ينعم بالحرية والتنقل والفضاء المفتوح، هذا الحنين نجده في الحركة العكسية التي جاءت في القصيدة: "وكثمرة برقوق ناضجة/ترنو أن ترجع يوما زهرة، علمني أني منذ ولدت وحلمي يسير ورائي" فالحركة بهذا الشكل تشير إلى أن الشاعر أسير يعاني من السجن والسجان، ويريد الحرية التي فقدها في الأسر.
وإذا ما توقفنا عند المشهد الأول نجد فيه الطبيعة: "كثمرة، برقوق، ناضجة، زهرة"، التي تعد أحدى عناصر الفرح/التخفيف التي يلجأ إليها الشاعر وقت الضيق والشدة، والثانية متعلقة بالكتابة: "علمني، حلمي/ شعرا" وهنا يكون الشاعر قد استخدم عنصر فرح أخرى.
الأنثى/المرأة أهم عنصر فرح، فهو المُوجد لبقية العناصر، وهذا الأمر نجده حاضرا في القصيدة من خلال تركيز الشاعر على الأنثى في القصيدة: "الأنثى (مكررة)، امرأة، نسائي، الجدات" لهذا لا نجد ذكر لأي ذكر بشري في القصيدة، فحاجته للمرأة حاجة ملحة، لأنها هي من يقدر على منحه القوة/الطاقة على الاستمرار فيما هو فيه من أسر.
وتأكيدا على حاجته للأنثى/للمرأة يصف حالته دونها: "وبأني لولا (ها) ما كنت سوى طين محموء، بالماء الآسن" نلاحظ أن الشاعر يستخدم ألفاظا مذكرة: "طين/محموء، ماء/آسن" وهذا يأخذنا إلى قسوة عالم الذكور وما فيه من وحشية، فكان "محموء وآسن" تعبيرا عن الواقع دون أنثى.
نأخذ قصيدة "يا كل الأشجار" التي يتحدث فيها عن حاجته للمرأة لنؤكد أن المرأة أهم عنصر تخفيف عند الشاعر:
"يا كل الأشجار
أريد امرأة أسكنها ـ تؤويني،
ما عاد هناك في قلبي متسع للسكنى
ما عاد هناك مكان
إلا لامرأة تخلقني
لا اعصيها
أعطيها أرضي وسفوحي
أعطيها كل مياهي الجوفية
أعطيها مطري، آباري
وأنام قليلا مثل طفل على يدها
أنشئ كل حضاراتي
بين أناملها
وأشيد في وديان الكف عواصم من ثلج
وبلادا من زغب الأعشاب
فلا تهجرنا، أو نهجرها" ص68و69، حاجته للمرأة صريحة وواضحة ولا تحتاج إلى شرح، لكن اللافت فيما جاء به الشاعر تناوله أكثر من جانب للمرأة، فهو يعيدها إلى القدسية القديمة "تخلقني" وأكد مكانتها في التاريخ القديم "حضاراتي" كما أنها تمنحه السكينة "أسكنها، تأويني" وأيضا تمنحه العاطفة "طفل على يدها" فهنا ركز الشاعر على الجوانب الجمالية والعاطفية والروحية في المرأة، لكنه كرجل بحاجة إليها كجسد أيضا، فجاء هذا المقطع: "أعطيها أرضي وسفوحي، أعطيها كل مياهي الجوفية، أعطيها مطري، آباري" الجميل في هذا الاستخدام أن الشاعر ربط الجنس بالطبيعة، "أرضي/ سفوحي/ مياهي/مطري/آباري" وكأنه بهذا يؤكد الفعل الحضاري الذي تناوله سابقا، فهو ما زال يعطي المرأء بعدا حضاريا كما فعل أجداده في الماضي، وها هو يمارس دوره معها جامعا بين الأرض وحاجتها للماء، وما استخدامه لثلاثة ألفاظ متعلقة بالماء: "مياهي/مطري/آباري" إلا تأكيد على حاجته الجسدية لها، وتأكيدا على استمرارية هذه الحاجة وديمومتها، بهذا يكون الشاعر قد وضح دورها في الحياة التي لا تكون حياة إلا بها ومعها.
الشعراء يتماثلون في تقديم المهم/وجعهم رغم ابتعاد الجغرافيا والزمن، في قصيدة "ظلال المدى" نجد تماثل ألم الشاعر "أحمد العارضة" مع ألم "السياب" في قصيدة "غريب على الخليج" التي يقول فيها:
"وشممت روائح كل الحروف من اسمك
على باب داري
وليست بداري
وكم أوجعتني السنابل في حينها
وكم غربتنا الرمال عن البرتقال
وراء الخيام
وبيت غريب الديار، أجاور صوتي
وحزن المدائن في الليل ينعى رحيلي المبكر
رحيل الحجارة ودمع القوافل
وناي مبحوح يصرخ
رجوع رجوع
ولا من ملب لصوت القصب
وذابت بين الروائح والانتظار
وغابت ملامح وشمي بين الملامح
في الانتظار
وظلت حروف المنادي تنادي
تقيح .. تبح
تموت
دموع دموع
...كعمر الذين أتوا من بعيد
بعيد بعيد
وعادت روائح بعض الحروف
تفوح بتبغ طري
وتحمل حزنا رخيا
(مزيجا من البرتقال المريض
وليل التلاشي)
ستروي
ضياع ضياع
أني ارتجاع لصوت القوافل
دموع دموع
وأني رجوع
فليس الغريب غريبا
وليس القريب أخي" ص56-58، تكرار الشاعر لألفاظ: "رجوع رجوع، دموع دموع، بعيد بعيد" متماثل مع صرخة السياب "عراق عراق" وتكراره للفظ العراق، كما أن تعلق الشاعر بالبرتقال، رمز فلسطين التاريخية، يأخذنا إلى تعلق الشاعر بالمكان، كتعلق السياب بالعراق وبالنخيل، أما عن الألم والوجع فنجده عند "أحمد العارضة" من خلال كثرة الألفاظ القاسية: "أوجعتني، غربتنا، غريب (مكررة)، حزن (مكررة)/ ينعى، رحيل، دمع/دموع (مكررة)، مبحوح، غابت، مريض، ضياع (مكررة) كل هذا يشير إلى تماثل الوجعين، وجع العارضة السياب.
وكما اعتمد السياب على "صوت الغريب" في قصيدته، أعتمد العارضة على الصوت الذي نجده في: "الحروف (مكرر)، اسمك، صوتي/لصوت (مكرر)، ينعى، وناي، مبحوح، يصرخ" كل هذه الألفاظ متعلقة بالصوت، فالشاعر من خلال تركيزه على الصوت/الكلام يريد إيصال صوته/وجعه/ألمه لنا نحن المتلقين لديوانيه.
إذن نحن أمام قصيدة تحمل الوجع والألم، وبما أن الشاعر يعي قسوة هذا الأمر على القارئ، فقد ارتأى أن يكون هناك مخفف لهذه القسوة، فكانت الصورة الشعرية التي نجدها في: "وعادت روائح بعض الحروف تفوح بتبغ طري" هي الوسيلة التي اتبعها الشاعر في تخفيف من حدة السواد الكامن في القصيدة، كما أن أنسنت الحروف: "حروف المنادي تنادي، وأنسنت النبات: "البرتقال المريض" له أثر جمالي يخفف شيء من الألم الذي تحمله القصيدة.
الديوان من منشورات دار الفارابي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 2022.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديوان العسل البري نمر سرحان
- المضمون التقدمي والفنية الأدبية في كتاب -ساعات في الجحيم- يو ...
- الواقع والرمز في رواية -زمن دحموس الأغبر- غريب عسقلاني
- رواية أرض السواد 2 عبد الرحمن منيف
- عبد السلام عطاري وومضة الياض
- بكفينا توظيف وإعطاء مراكز حيوية بالواسطة
- مجموعة من شكاوى المبدعين ميسون أسدي
- مناقشة كتاب صورة الشهيد في الشعر الفلسطيني المعاصر
- الأتراك في رواية -ملكوت البسطاء- خيري الذهبي
- الوميض هدية عبد الهادي
- جمالية الأدب في كتاب -جارة القمر- ل كفاية عوجان
- اللهجة المحكية في رواية -في حضرة إبراهيم- عامر طهبوب
- رواية -سر اختفاء فادي- للكاتبة وفاء عمران محامدة
- التماهي في ديوان -على حافة الشعر ثمة عشق وثمة موت-[*] للشاعر ...
- مناقشة كتاب -حرائق البلبل على عتبات الوردة- مازن دويكات وعفا ...
- تقديم القسوة في ديوان -موتى يعدون الجنازة- عبد الله عيسى
- مفلح أسعد التأثر بالاسم والفعل في -عدي التميمي-
- القسوة وطريقة تمريرها في ديوان -موتى يعدون الجنازة- عيسى عبد ...
- مسرحة بدنا ريديو نصري الجوزي
- تمثيلة -ذكاء القاضي- نصري الجوزي


المزيد.....




- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين
- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى
- “أنا سبونج بوب سفنجة وده لوني“ تردد قناة سبونج بوب للاستمتاع ...
- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...
- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن
- فنانون ينعون الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- قبل فيلم -كشف القناع عن سبيسي-.. النجم الأميركي ينفي أي اعتد ...
- بعد ضجة واسعة على خلفية واقعة -الطلاق 11 مرة-.. عالم أزهري ي ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ديوان -خلل طفيف في السفرجل- أحمد العارضة