أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - محمد زهدي شاهين - ذكريات في ساحات سجن النقب














المزيد.....

ذكريات في ساحات سجن النقب


محمد زهدي شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 7474 - 2022 / 12 / 26 - 00:51
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


عند الكتابة عن الاسرى الذين ما يزالون يقبعون في غياهب سجون الاحتلال تعجز اقلامنا عن التعبير، حتى لو كان البحر مدادا فلن نستطيع ايضاً تجسيد معاناتهم وهمومهم. عندما يبدأ القلم بالكتابة نكاد لا نسمع له صريرا في حضرتهم تأدبا، واحتراما وتقديراً لتضحياتهم الجسام.
قال تعالى في سورة يوسف عليه الصلاة والسلام بعد بسم الله الرحمن الرحيم:
(وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ).
أنسينا أسرانا أم تناسينا يا ترى؟
في ساعات الصباح الأولى من يوم الاثنين الموافق ٢٢ اكتوبر من عام ٢٠٠٧م، قام أحد الإخوة بإيقاظي وباقي الأسرى من النوم، كنت في تلك الفترة في سجن النقب الصحراوي قسم ب٤، قمت بسؤاله ما الأمر، وباللهجة المحكية: شو فيه؟ شو الي صار؟ فقال لنا استعدوا لقد تم اقتحام أحد الاقسام من قبل قوات النخشون، فسأله أحد الأخوة أيّ قسم الذي تم اقتحامه؟ فأجابه بأنه قسم الأخوة في حركة حماس.
استعد الجميع وكنا على أهبة الاستعداد داخل خيامنا، فلن نترك أسرى حماس لوحدهم في أرض المعركة فكلنا في مركب واحد ومصيرنا كذلك وكرامتنا من كرامتهم.
لم يكن قد مضى آنذاك وقت طويل على أحداث غزة المؤسفة، مع هذا وذاك أصر أبناء حركة فتح في كافة أقسام الخيام، وكانت ثلاثة إلا أن يخوضوا غمار معركة الكرامة دفاعا عن كرامتنا جميعا، فقد تم التنكيل بأسرى حركة حماس ومن معهم من الإخوة في حركة الجهاد الإسلامي في ذلك القسم.
حينئذٍ اُتخذ قرار المواجهة، من ثم علت أصوات التكبيرات والتهليل والهتافات الثورية من كافة أقسام المعتقل، نعم لقد طغت وعلت أصوات تكبيراتنا على أصوات رصاص وقنابل الصوت التي يطلقها سجانونا، فلا صوت يعلو فوق صوت الله أكبر، ولا صوت يعلو فوق صوت انتفاضة الاسرى.
كانت تجربتي الأولى وللكثيرين أيضا من إخواني الأسرى التي نلتحم فيها وجها لوجه مع عدونا المحتل والمغتصب لأرضنا بهذا الشكل الثوري والبطولي داخل قلاع الأسر، وكل منا يقول للآخر لا تحزن إن الله معنا.
وقفت أشاهد ساحة القسم الذي كنت اتواجد فيه، في وقت كانت النيران تشتعل فيه ،وتلتهب على بوابات القسم والقسم المقابل لنا.
نيران ملتهبة، وقودها أسرّتنا وأغطيتنا وفراشنا. كنت أقول في نفسي نعم إنها الثورة، إنها ثورة حقيقية و يا لنشوتها ونشوة الحرية آنذاك ياه ياه على شعور الحرية رغم الأسر ونحن مكبلون.
سلاسل من حديد.
تقدمت أنا وابن عم لي وبعض الأخوة الى وسط الساحة من أجل صد ومنع محاولة القوات المعتدية والمهاجمة من اقتحام القسم؛ لكي لا يتم اعتقالنا مرة أخرى.
لم يكن شيئ يظلنا حينها إلا السماء، لكننا كنا أحراراا نحلق في صحراء النقب، وكأن الزغاريد تأتينا مع كل هبة ريح في تلك الصحراء المقفرة والموحشة من شتى أنحاء فلسطين كل فلسطين.
أصبت حينها إصابة طفيفة في وجهي، وأصيب ابن عمّي أصابة شديدة في منطقة الظهر جراء إصابته برصاصة مطاطية ، وكانت إصابته بالغة بعض الشيء لقرب المسافة بينه وبين مطلق النار.
وإذا سأل سائل كيف كانت تلك المواجهة، أقول له بأنها كانت بدرية أو كربلائية تحفها الملائكة. كان الرصاص كزخات المطر والقنابل الصوتية والغازية تنهمر على الأقسام من كل حدب وصوب، والإصابات في صفوفنا كانت بالعشرات والمئات، وسلاحنا كان فقط معلبات الطعام وقطع الصابون وبعض الأدوات الخفيفة، إلا أننا كنا نقاوم رافعي الهامات عالياً بعد أن كسرنا قيد السجان مرددين هيهات منا الذلة هيهات منا الذلة.
بعد مدة تم اقتحام القسم، و كان عددنا ما يقارب مئة ونيف اسير، تجمعنا حينها في أحد الخيام وتكدسنا فوق بعضنا البعض، من ثم تم اعطائنا مهلة لمدة دقيقة واحدة للخروج من الخيمة بعد أن تمت محاصرتها من كافة الجوانب، وقبل أن يمضي من المهلة ثواني معدودة تم إلقاء ثلاثة أو أربعة قنابل صوتية علينا بشكل مباشر نتج عنها عدة إصابات بليغة.
عندئذٍ بدأنا بالخروج بشكل قرفصائي، وتم اعتقالنا من داخل المعتقل أحرارا منتشين بنشوة الحرية والمواجهة. أثناء عملية الاعتقال تلك الليلة تم الاعتداء علينا بالضرب بالهراوات والركل من كل القوات التي كانت متواجدة في المكان، حتى من قبل من يوصفون بالأطباء.
وصل لمسامعنا بعد ذلك بأن هناك اصابة بليغة وخطيرة جدا بالرصاص الحي لأحد كوادر الجهاد الإسلامي يدعى محمد صافي الأشقر ، من بلدة صيدا من طولكرم. كانت إصابته إصابة حرجة جداً، على أثرها بساعات معدودة تم الإعلان عن استشهاده وهو في الأسر مقبلاً غير مدبر.
الى الأسير المقاوم الشهيد محمد الأشقر والشهيد ناصر ابو حميد وكل شهداء الحركة الأسيرة زفتكم الملائكة وحفظكم الرحمن، فأنتم أحياء ترزقون وانتم ودائعنا عند الله وودائعه لا تضيع.



#محمد_زهدي_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المطلوب فلسطينيا لمواجهة حكومة نتنياهو المتطرفة
- وقفة مع المشهد الفلسطيني
- فتح وأسلمة الخطاب
- معركة الخطابات والكلمات
- لقاء جدة مع بايدن ضحك على الشعوب
- تقييم الذات وقصيدة الحياة
- الهوّة بين الأمل والعمل
- قراءة نقدية في مصباح ديوجين-
- قراءة نقدية في الفلسفة الكلبية -مصباح ديوجين-
- في ظلال الانقسم
- الكتابة تحت الاحتلال اشتباك معه
- هل السلام مع المحتلين مستحيل
- الإرادة السياسية قاطرة التنمية المستدامة
- -خادم الشعب-زيلينسكي دمية أمريكية
- الطريق إلى كييف وسقوط الأقنعة
- الإنسانية لا تتجزأ
- دور الشباب في هيئات الحكم المحلي
- حصاد الانتخابات المحلية وتكتل الحركة الوطنية الفلسطينية
- خاطرة كسر القيد_ رسالة الى جميلة جميلات فلسطين
- الغاء الذات


المزيد.....




- أوروبا تدعم لبنان بمليار يورو وتعوّل عليه ضبط تهريب اللاجئين ...
- الأمم المتحدة: معدل الفقر في فلسطين بلغ 58.4%
- -لن نقبل أن نصبح وطنا بديلا-.. ميقاتي: لبنان تحمل العبء الأك ...
- دعما -لاستقرار لبنان- و-تحديات استضافة اللاجئين-.. مساعدات أ ...
- الاتحاد الأوروبي سيقدم دعما -لاستقرار- لبنان ومكافحة عمليات ...
- آخر تطورات احتجاجات الجامعات بأمريكا مع تصاعد الاعتقالات
- توقع بإدراج إسرائيل الشهر المقبل على القائمة السوداء للأمم ا ...
- بعثة أوروبية تتوجه إلى لبنان بدعم بقيمة مليار يورو لوقف تدفق ...
- إعدام سعوديين أدينا بخيانة الوطن وتأييد الفكر الإرهابي
- اليونيسف: رفح تمتلئ بالمقابر والأطفال يُقتلون بشكل ممنهج لكن ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - محمد زهدي شاهين - ذكريات في ساحات سجن النقب