أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - شريف حتاتة - الأعداء الحلفاء













المزيد.....

الأعداء الحلفاء


شريف حتاتة

الحوار المتمدن-العدد: 7470 - 2022 / 12 / 22 - 20:33
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


الأعـداء الحلفـاء
----------------------------------

جاء الخريف ، مواكب الأطفال تملأ الشوارع ، ترتفع ضحكاتهم برنينها الخالص . النيل ينساب تحت الشمس وترقص أمواجه ، والناس يسرعون إلى العمل أفواجاً. المدينة تبدو كما هي .. توحى بالسلام ، والطمأنينة رغم كل ما يحدث في هذه الأيام.
وأنا أحب السلام ، وأكـره الحـرب. مثل سائر الناس أكـره الإرهاب والقتل .. أن أرى الرجـال يسقطون تحت الرصاص .. أن أرى النساء والأطـفـال يـقـفـون عند الأنقاض، أو عند أبواب الخـيـام ، أو راقـدين على الأرض ، والدماء تنزف من أجسادهم .. أكره أن تلقى القنابل والصواريخ على هيروشيما أو كابول أو فلسطين .. أن تنهار مباني نيويورك على آلاف الناس .. أنا طبيب أدافع عن الحياة ، عن بريق العيون ، ونبضات القلب.
سألني أحد الصحفيين الأجانب ، هل تألمت من مقتل آلاف المدنيين نتيجة الهجوم الإرهابي على أمريكا ؟.
اندهشت للسؤال .. هل يمكن ألا يتألم الإنسان عندما يقتل آلاف الأبرياء هكذا تحت الأنقاض ؟ .. لكن كانت دهشتي أكبر ، لأنه لم يسبق أن سألني صحفي أجنبي هذا السؤال عندما قتل مئات الآلاف من العراقيين ، تحت قنابل حرب الخليج .. أو عندما يموت الفلسطينيون بالصواريخ التي تطلقها عليهم إسرائيل !!.
تساءلت : هل لا قيمة للإنسان ، إلا إذا كان يعيش في بلاد تملك المال ،والقنابل النووية والسلطة والصواريخ ؟ .هل لقيمة الإنسان درجات ، حتى يصبح قتل البعض مباحا ، وقتل الآخرين جريمة ؟!
تقول الجوقة الحاكمة في أمريكا ، أن الحرب ضد الإرهاب ليست حرباً دينية .. إن قلوب" الرئيس بوش " و " ديك تشيني " و " دونالد مسفيلد " ، وغيرهم ، عامرة بالحب والاحترام إزاء الإسلام والمسلمين .. ويردد " توني بلير " وعلى وجهه ابتسامة ودودة ، أن على المسلمين والعرب أن يطمئنوا تماماً إلى نوايا إنجلترا ، وأمريكا. لكن الوقائع تثبت في كل يوم أن هذه الحرب موجهة ضد المسلمين والعرب ، كمعبر لتحقيق أهداف أخرى بعيدة .
منذ اللحظة الأولى ارتدت الحرب ضد الإرهاب ثوباً دينياً .. منذ اللحظة الأولى أشارت أصابع الاتهام إلى العرب والمسلمين ، وأطلقت ألفاظ مثال حملة صليبية أو العدالة المطلقة .. تراجع " بوش " عنها فيما بعد ، عندما واجه ردود فعل قوية . لكن لهذه الظاهرة ، تاريخ ساهم فيه طرفا النزاع المحتدم فى الفترة الأخيرة .

صناعة الحرب
....................
منذ سنين طويلة ، شكلت صناعـة الحـرب ركناً أساسياً من أركان الاقتصاد الأمريكي ، وظلت المؤسسة المالية الصناعية العسكرية قوة تتحكم فيه .. لكن عندما انهار الاتحاد السوفيتي ، انهار العدو الذي كانت توجه ضده الحرب الباردة .. وهي الحرب التي كانت تبرر صرف المبالغ الطائلة على القوات المسلحة الأمريكية ، وعلى القواعد العسكرية الموزعة في مختلف أنحاء العالم ، وتسليح البلاد التي ترتبط مع أمريكا بالأحلاف ، أو بعلاقات خاصة يسميها رجال السياسة " صداقة " .
وحتى يمكن الحفاظ على هذا البنيان الاقتصادي الخادم لمصالح وأرباح الرأسمالية العليا ، كان لابد من البحث عن عـدو جديد يبرر الاستمرار فى سياسة التسليح الواسع .. بل وتوسيع نطاقها .. فوقع الاختيار على المسلمين والعرب ، ليكونوا الأعداء الذين يهددون أمريكا بعد أن انهار عدوها القديم.
ربما ساعدت أوضاع المسلمين وتصرفات حكامهم وفسادهم ، وكذلك تصرفات بعض أحزابهم أو تنظيماتهم على إيجاد مبررات لهذه السياسة .. لكن في النهاية أمريكا ، هي التي بادرت بإجراء هذا التحول السياسي ، لصالح شركاتها ولصالح الجنرالات الذين تربطهم بها علاقات تعاون وتضامن وثيقة.. فأسرع بعض المفكرين الاستراتيجيين لإيجاد نظرية تبرر هذا التحول . هكذا ولدت نظرية صراع الحضارات ، لتحل محل الصراع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي من أجل المساواة والديموقراطية والسلام .

وجهان لعملة واحدة
.............................
طوال مرحلة الحرب الباردة التي دارت بين أمريكا والاتحاد السوفيتي ، قام تحالف وثيق بين الحركات الإسلامية السياسية ، وبين الولايات المتحدة الأمريكية .
في مصر بعد أن جاء السادات إلى الحكم أفرج عن الإخوان المسلمين الذين وضعهم عبد الناصر في السجون والمعتقلات بعد حادث المنشية ، وبعدأن أطلق سيد قطب دعوته الراديكالية .. وشجعهم السادات على استئناف نشاطهم ، ليقاوم بهم الناصريين ، واليساريين ، وسائر المعارضين لسياسة الخـصـوع لمخططات أمريكا . ولقيت هذه الخطوات تشجيعاً واضحاً من المسئولين عن رسم سياسات الولايات المتحدة الأمريكية .
في هذه الفترة .. أي في النصف الثاني من السبعينات ، تولدت الحركات الإسلامية المتطرفة التي انشقت عن الإخوان المسلمين ، وتكاثرت تنظيماتها وعلى رأسها تنظيم الجهاد الذي انضم إليه أيمن الظواهري ، ثم أصبح أحد أقطابه ، وتنظيم الجماعة الإسلامية ، الذي تزعمه الشيخ عمر عبد الرحمن.
ورغم الاتجاهات المتطرفة والإرهابية التي اتسمت بها هذه التنظيمات ، ظلت تمارس نشاطها ، فاتسع نفوذها وعلى الأخص في الصعيد ، وفي الجامعات .. هذا وإن شهدت هذه الفترة سجن ومحاكمة عدد من الذين أقدموا على تدبير حوادث إرهابية موجهة ضد السلطات .. في الوقت نفسه اتفق السادات مع عمر التلمساني وبتشجيع من الأمريكان ، على السماح بسفر أعداد متزايدة من الإخوان ، إلى أفغانستان ليقدموا خدمات إغاثة طبية واجتماعية وتعليمية للمجاهدين والأفغان . وبعد قليل سمح أيضاً بسفر أعضاء من الجهاد ، والجماعة الإسلامية ، فانخرطوا في صفوف حركة المجاهدين التي أنشأها بن لادن . وهي حركة انضمت إليها أيضاً عناصر كثيرة من بلاد عربية أخرى مثل الأردن واليمن والسعودية والسودان والعراق وبلاد الخليج وفلسطين. هؤلاء جميعاً هم الذين شكلوا فيما بعد ظاهرة الأفغان العرب ، المدربين تدريباً عالياً على القتال وعلى الأعمال الإرهابية التي قاموا بعدد منها في مختلف البلاد.
في إندونيسيا ساندت الولايات المتحدة حركة " شريعة الإسلام " اليمينية المتطرفة ضد " سوكارنو " ، فمهدت المناخ وهيأت التربة ، للانقلاب العسكري ، الذي ذبح فيه نصف مليون من أعضاء الحزب الشيوعي الاندونيسى ، حتى يجئ الدكتاتور الفاسد " سوهارتو " إلى الحكم .. في باكستان ساعدت أمريكا " جماعة الإسلام " ، ضد " بيناظير بوتو " .. بعد ذلك قام تعاون بين المملكة العربية السعودية والمخابرات العسكرية الباكستانية ، و" السي . أى . إيه " الأمريكية ، لمساعدة " بن لادن " على تجنيد وتدريب ما يقرب من ثلاثين ألف مقاتل في الحرب ضد السوفيت .. توزع جزء كبير منهم في العالم بعد ان انتهت الحرب ، وأصبحوا يعادون الحلفاء الأمريكان السابقين.
في الوقت نفسه تعاونت هذه الجهات الثلاث على إنشاء سلسلة من المدارس الإسلامية في أقاليم باكستان المجاورة لأفغانستان ، وهي المدارس التى انبثقت منها حركة طالبان.
ضد التحديث
-------------------
الطائفة الوهابية التي تهيمن في السعودية ، هي من أكثر الطوائف الإسلامية تزمتاً وأصولية. إنها تعارض أي نوع من أنواع التحديث كما قامت بتصدير تعاليمها وتنظيماتها ، إلى مختلف بقاع العالم التي يقطن فيها مسلمون ، معتمدة في ذلك على الموارد البترودولارية الضخمة التي تتوافر لها ، وعلى المساندة النشطة والتشجيع من قبل الولايات المتحدة الأمريكية .. لقد قامت هذه الطائفة بتمويل الأصولية الإسلامية في كل أنحاء العالم ، بما فيها أفغانستان بما فيها الطالبان وجيش بن لادن.
ومن المعروف أن الولايات الأمريكية المتحدة ، أسست سياستها في الشرق الأوسط على دعامتين أصوليتين .. الأولى هي الأصولية اليهودية التي تجسدها إسرائيل ، والثانية هي الأصولية الإسلامية التي تجسدها المملكة العربية السعودية .
بعد أن هزم الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، لم تعد الولايات المتحدة في حاجة إلى جيش " بن لادن " أو " الطالبان " . وهكذا انفصم التحالف الذي قام بينهم لمدة سنوات ، وصعدت إلى السطح الخلافات . لكن بوش و بن لادن ، يخفيان الأسباب الحقيقية وراء هذا الصراع الذي وصل إلى ذروته في الفترة الأخيرة .. يخفيانه خلف قناع الدين ، وكأنه صراع بين الحضارة المسيحية للغرب والحضارة الإسلامية للشرق .. يخفيان المصالح المتشابكة التي تتعلق بالسيطرة على المال والسلاح والنفط والأفـيـون .. إن بوش و بن لادن و الطالبان ، يشعلون حرباً دينية تهدد العالم بأخطر العواقب في سبيل أطماع لا علاقة لها بالدين ، حتى يكسب كل منهم أنصاراً ، باستغلال المشاعر الدينية والمتأصلة في الناس منذ آلاف السنين.
بالأمس كنت أبحث في الإنترنت ، فتوقفت بالصدفة أمام صورة ملونة للرئيس بوش . كان يرتدي فيها عمامة كبيرة بيضاء ، وبنية اللون ، وحول ذقنه لحية طويلة .. أصبح يشبه بن لادن ، إلى حد ما ، وإن كانت بشرته في الصورة بيضاء يشوبها إحمرار خفيف عند الخدين.
لا أعرف منْ قام بتركيب هذه الصورة ، وكأنه يريد أن يقول أنهما وجهان لعملة واحدة ، يكادان لا يختلفان في شئ . إنهما يساهمان سوياً في الإبقاء على نظام عالمي تعاني منه الملايين ، ويسوقان الناس إلى صراعات باسم الدين ، بدلاً من أن يتضامنوا من أجل إيقاف هجـمـة رأس المال على الجماهير الشعبية في كل مكان.
انتهزت أمريكا الخطأ الذي أرتكبه صدام حسين. شجعته من طرف خفي للإقدام على غزو الكويت ، ثم انقضت على العراق ، وأعادت ترتيب الأمور في المشرق العربي ، وفي العالم ، حتى تدعم أركان الهيمنة الكاملة التي تسعى إليـهـا . والآن تنتهز الـهـجـوم على المركز التجاري العالمي و البنتاجون ، سبباً لفرض سيطرتها وسيادتها المطلقة على الشعوب .
يجب أن تقف الحرب .. إنها لن تجتث الإرهاب ، بل ستنشره من جديد .. يجب أن نناضل ضـد جـذور الإرهاب الاقـتـصـادية ، والفكرية ، والسياسية ونقتلعها.
وأن نقف ضد الحرب التي تشنها أمريكا على أفغانستان ؛ فهي حرب لن يفلت منهـا أحـد من هذا الشعب المسكين . وغدا يمكن أن تمتد الى بلاد أخرى ، في مشرقنا العربي.
من كتاب : " فى الأصل كانت الذاكرة " 2002
--------------------------------------------------------------------------



#شريف_حتاتة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخوف من التقدم
- الاغراء الأخير
- هل أصبح المستقبل للجواسيس ؟
- شجاعة الابداع
- الابداع وتجربة الوعى الباطنى
- يوميات ايطالية
- أدراج الحياة المنسية
- الرضا بالمقسوم .. حوار مع سائق تاكسى اسمه - ممدوح -
- آفة الفكر الأحادى فى النقد الأدبى
- - مارادونا - خواطر غير كروية
- رجل مثل شجرة الجميز
- - عطر - قصة حياة قاتل
- شقة الى جوار الكنيسة
- هل انطفأت الشعلة الأدبية فى مصر ؟؟
- أحلام الطفولة
- اللورد - كرومر - يعود الى مصر
- قرصنة فى ثوب جديد
- على مقعد الحلاّق
- - ماكياج -
- لن نفترق


المزيد.....




- مهاجمة وزير خارجية إسرائيل لأردوغان يثير تفاعلا بعد إعلان تر ...
- بالصور.. أمطار دبي بعد أسبوعين على الفيضانات
- روسيا تقصف أوديسا بصاروخ باليستي.. حريق ضخم وعشرات الجرحى
- ما علاقة الغضب بزيادة خطر الوفاة؟
- تعاون روسي هندي مشترك لتطوير مشروع القطب الشمالي
- مستشار أوربان يشرح طريقة كسب -صداقة- الولايات المتحدة
- البنتاغون: قوات روسية تتواجد في قاعدة واحدة مع عسكريين أمريك ...
- أكبر جامعة في المكسيك تنضم للاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلس ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /03.05.2024/ ...
- -لم أمنح الوقت للرد-.. سبيسي يهاجم فيلما جديدا عن -اعتداءاته ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - شريف حتاتة - الأعداء الحلفاء