أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المهدي بوتمزين - المغرب يقود حربا إعلامية بالوكالة ضد طهران















المزيد.....

المغرب يقود حربا إعلامية بالوكالة ضد طهران


المهدي بوتمزين
كاتب مغربي

(Elmahdi Boutoumzine)


الحوار المتمدن-العدد: 7437 - 2022 / 11 / 19 - 22:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انتهت القمة العربية في دورتها الحادية والثلاثين ، وصعدت معها إرهاصات تحوّل في العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين بعض الدول العربية ؛ وكان الدافع المعياري لتحديد موقف الدول من بعضها ، هو مدى قوة التمثيل الدبلوماسي لحضور القمة العربية التي انعقدت في الجزائر . عقب اختتام هذه القمة ، ظهر تيار إعلامي في الجزائر ، يدعو إلى تبني الموقف الواحد المؤيد أو اليميني المتحفِّض ضد الدول العربية التي لم يحضر رؤساءها أو ملوكها رسميا لتمثيل بلدهم في القمة. كما ذهب أنصار هذا التيار ، الذي يتكون من بعض الإعلاميين والمؤثرين الجزائريين ، إلى اعتماد المعاملة بالمِثل خلال القمم العربية المقبلة ، حيث يكون التمثيل الجزائري فيها بنفس المنصب الذي مُثلت به الدولة المعنية في الجزائر .

تعد القضية الفلسطينية المحور المركزي الذي تأسست لصالحه الجامعة العربية ، وهو نفس الأساس الذي مازالت تنعقد بغيته . لكن التطورات الإقليمية والدولية كان لها التأثير القوي في نتوء الخلاف السياسي بين بعض البلدان العربية ، إلى المستوى الذي انقسمت فيه بين محورين اثنين ، يعيد إلى الذاكرة الحرب الباردة ومفهومي المعسكر الشرقي والغربي . لقد بات من الممكن اليوم أن نَسِم مرحلة ما بعد الحرب الباردة بالحرب النووية ، التي ترنو إلى التدمير الكلي للدولة الهدف بدل إبطال أيديولوجيتها الشيوعية أو التموّلية . الثنائية القطبية الجديدة وُجدت لمواجهة التشبيح الإستراتيجي الأميركي الناعم والفوضى الخلاّقة المحدثة من طرفه، والتي تمارس الفنلندة ضد الدول الصغيرة ، كما تفعل مع كوريا الجنوبية واليابان وأوكرانيا وجورجيا وتايوان ، وتهدف من جهة ثانية لحماية الدولة العبرية كقاعدة متقدمة لها في الشرق الأوسط . ما يفيد أن عبور الأيديولوجيات في المرحلة الأولى لم يمكِّن من التوليف بين سائر المنظورات السياسية التي تتجاوز برغماتيا ثنائية الموقف المتعارض.



القرار السياسي السيادي للجزائر في اختياراتها وتوجهاتها التي تركن إلى محور المقاومة ، فرض إملاءات غربية ضد بعض الدول العربية من أجل الإمتناع عن الحضور للقمة ، كما تعزز موقف هذه الدول بمساوماتها أو تدعيمها للمغرب في قضية الصحراء . حصيلة ارتهان القرار الداخلي لعدد من الدول العربية بالحكومة المركزية في الغرب ، كان السبب وراء البث لإشاعة خطورة إيران على الأمن القومي للدول العربية . وفي هذا السياق ، صرح وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة ، أن البيان الختامي للقمة سيتضمن الإعلان عن تشكيل "لجنة الحد من التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية" . ويستشف من مسار الإعداد وانعقاد هذه القمة ، أن الرباط عملت على إفشالها ، في الأدنى على المستوى التمثيلي ، حيث يرجح أن المغرب فاوض الدول الغائبة على عدم حضور القمة ، مقابل استعداء طهران إعلاميا وسياسيا. كل هذه التحركات العربية المناوئة للجمهورية الإيرانية مدعومة وتخدم الحلف الغربي ، وهي نتيجة تلقائية لإنعدام الإستقلالية ، ما يعني أن المستقبل مرهون بيد الأجنبي . وإذا كان استشراف حل لقضية الصحراء ، بعد استنفاد المينورسو لكل أوراقها التفاوضية أمام صفرية نتائج تمديد ولايتها ، رماديا ، والغموض نفسه يكتنف الإمارات العربية والبحرين بعد انتهاء زمن البترول ، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية فرضت نفسها في الساحة الدولية عسكريا وسياسيا وحتى اقتصاديا ، رغم العقوبات المفروضة عليها ، ومما لا شك فيه أنها ستكون من أقوى الدول في المستقبل .

وكما فشل وزير خارجية المغرب في توقع ما ستنص عليه "وثيقة الجزائر" الصادرة بعد اختتام القمة ، فإن الوثيقة تشتمل في بنودها الظاهرة على قراءة ثانية تناصر المواقف الإيرانية المساندة للبنان في بسط سيادتها على أقاليمها البرية والبحرية .إن كل تحليل موضوعي سيسلم بحقيقة بديهية ، وهي استحالة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في غياب حزب الله ، الأمر بدا سرياليا في اعتبار رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو الذي وصفه أنه "استسلام تاريخي أمام حزب الله " . كما أن أهم دفاع عن القضية الفلسطينية لا يُنتظر أن يبرز عن الجامعة العربية أو حكومة رام الله ، لأن صماَّم الأمان هو المقاومة الفلسطينية ، حماس والجهاد الإسلامي خاصة ، وتعتبر طهران مساندا لهما كما يقتضي الواجب الإنساني والقانوني الطبيعي . وهذا ما تجلى في يوم القدس العالمي ، حيث خرج الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة يهتف امتنانا للعمل الحيوي لإيران في دعم القدس وفلسطين.

إن الدفع بالمغرب لإجتراح مشاكل و التضييق على إيران من خلال الأوتوسترادات الإعلامية والمحافل السياسية، هو سقوط في الهاوية وخطأ في التقدير ، ويمكن لهذه الجرأة المبالغ فيها من قبل الرباط ، أوكما نعتها الدبلوماسي الإيراني أمير موسوي ب "المزاح" من جانب الرباط أن تخلق صراعا مباشرا ؛ رغم عدم اشتراك البلدين في أية حدود ، لكن يمكن خوض هذه الحرب بالوكالة أو حروب الجيل الخامس. وهذا ما عناه الموسوي في تصريحه ، حينما قدّر أنه يمكن اجتياح الصحراء في ساعات ، في حالة تدخل حزب الله في هذه الحرب؛ التي يوقد الغرب لها في استغلاله للمغرب ، كما تم الأمر مع العراق في عهد صدام حسين . إن الحل الأممي لقضية الصحراء يبدو بعيدا جدا عن تبني مبادرة الحكم الذاتي ، كما أن جميع مناورات الدولة المغربية سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا واستخباراتيا تكاد تكون جميعها دون فائدة . والأدهى من ذلك ، أنه لا يمكن التعويل بتاتا عن الدعم الأميركي ولا الفرنسي ولا الإسباني ولا حتى الإسرائيلي للمغرب في قضية الصحراء ، حيث تعيش العلاقات بين المغرب وفرنسا أزمة خطيرة بلغت حد تقليص باريس لتأشيرات السفر ، شمل الإجراء كبار أطر الدولة المغربية ، كما أن العلاقة مع مدريد متوترة بسبب قضايا التجسس ببرنامج بيغاسوس ، كما أن موقف الرئيس الأميركي لا يمكن أن ينهج مسارا مخالفا لمؤسسات دولته ، التي تساير ما ستسطره الأمم المتحدة . إسرائيل من جانبها لم تعلن عن دعمها للمغرب في قضية الصحراء ، كم أن اتفاق التعاون العسكري بين الرباط وتل أبيب لا يمكن التقعيد عليه إلا فيما يخدم الجانب الإسرائيلي ، فدولة إسرائيل تأخذ أكثرمما تعطي ، ولا يبدو أنها تكتفي بالمقابل البسيط ، كما يصعب تهميشها في حالة الرغبة في التخلي عن دعمها . يمكن إيجاز الأمر بالقول أنه في حالة التوتر أو الأزمة ، فإن فرنسا يمكن أن تبتز المغرب ، لكن إسرائيل ستعمد إلى تحريك الطابور الخامس لتنفيذ إنقلاب داخلي دون رجعة .



السياق التاريخي في العلاقات بين المغرب وإيران شهد حالة صعود وهبوط ، قطيعة وتقارب ، لإعتبارات سياسية وأخرى دينية ، كانت فيها الرباط هي المبادرة دائما إلى هذه القطيعة الدبلوماسية ، منذ معارضة الملك الحسن الثاني للثورة الخمينية التي أنهت حكم الشاه محمد رضا بهلوي الموالي للغرب ، والذي عرض عليه الملك الحسن الثاني اَنذلك ، استضافته في المغرب إثر الإطاحة به بالثورة الإسلامية .

الأسباب التي تدفع الرباط إلى قطع علاقاتها مع طهران ، تعزى إلى الضغط الغربي أو الموقف السياسي المنحاز والداعم لإحدى دول الخليج في أزمتها مع إيران ، وفي كلتا الحالتين تكون الذريعة التي تتخذها الدولة المغربية هي كيل التهم لطهران بأنها تشارك في دعم جبهة البوليساريو أو نشر التشيع في شمال إفريقيا ، دون أن يقدم أي دليل على ذلك من باب البينة على من ادعى .

لقد وجدت إيران نفسها ملزمة في كل مرة بنفي التهم التي يوجهها المغرب ضدها ، كما تفعل عدد من الدول التابعة للكتلة الغربية ، واستمرار رد التهم يجعلها تستقر كحقائق ممكنة ، أي أن الإشاعة يمكن أن تكسب بعضا من المصداقية في العقل الجمعي مع توالي منسوب مفعولها . وهنا تظهر قيمة قيم الجمهورية الإسلامية الإيرانية السائرة على الخط الحزبي للإمام في بناء الذات على أسس صحيحة وعدم التجاسر على الاَخرين . وكان من الممكن لطهران أن تدعي أن المغرب يمول ويدعم منظمة مجاهدي خلق ، فتدفع به إلى الإستغراق في النفي أو التبرير.

إن محاولة المغرب تنصيب نفسه واحدا من سدنة المذهب السّنّي ، فأمر غير مقبول ، لأن المناخ العام للتدين في المملكة يوحي بوجود فصل واقعي بين الدين كشريعة جامعة والممارسة الدينية من طرف الدولة والأفراد . فالدولة تستغل الأحكام الدينية بما يناسب مصالحها فقط ، حفاظا على مفهوم إمارة المؤمنين . إن أغلبية المواطنين المغاربة يمارسون الدين كتقليد عرفي فقط ، حيث يقلّ الإلتزام به ، وبات الإسلام شبه غائب في الحياة اليومية إلا فيما ندر من المناسبات الدينية ، أو تلك التي تبسطها الدولة عندما تكون بحاجة إلى غطاء لتفعيل دور إمارة المؤمنين .

وإذا كان المغرب يتهم إيران بنشر التشيع ، فيمكن أيضا لإيران أن تتهمه ببسط التسنّن ، كما تُرجم ذلك عمليا من خلال مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ، ومعهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات . ويقابل إمارة المؤمنين ولاية الفقيه ، كولاية وحاكمية جامعة لشروط الفتوى والمرجعية في زمن الغيبة ، دون أن نرجع إلى الأصل الأول للخلاف بين المذهبين .

إن تماهي المغرب في استعداء طهران يفتح ممكنات صعبة جدا ، تكون مثارا لمنازع عديدة يمكن تجاوزها في حالة إستقلال القرار الداخلي ، خصوصا في ظل المخاتلة الأجنبية في قضية الصحراء ، حيث تُعتمل مواقف رسمية مناقضة لما يجري إبرازه في الوسائل الميديائية والقنوات الدبلوماسية . وإذا كان المغرب قد أخطأ في معالجة قضية الصحراء في مهدها ، بسبب بسطه المرجعية الأمنية والعسكرية التي تولى أمرها إدريس البصري والجنرالين أحمد الدليمي ومحمد المذبوح ، بدل إعتماد خيمة كبيرة تجمع بين كل الأطراف للقطع مع الماضي وبناء مصالحة حقيقية ، فيجب أن يتفادى التجنّي عن الجمهورية الإيرانية لما تمثله من ثقل سياسي وعسكري واستخباراتي عالمي .



#المهدي_بوتمزين (هاشتاغ)       Elmahdi_Boutoumzine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخنوش إرحل... أخنوش إبق !
- إيرانوفيليا : الجمهورية الإيرانية قطب تاريخي وحضاري متميز
- اليسار واليمين على دائرة مستديرة
- الإنسانية المطلقة ونسبية الدين والتاريخ والعِرق
- متلازمة الطفل ريان
- أنا والعفريت
- عبد الإله بنكيران رجل المطافئ في حكومة عود الثقاب
- ٍالميركاتو الإنتخابي في المغرب... من هو صديق المخزن الجديد ؟
- المقاربة الأمنية لإزدواجية الجنسية لدى كوادر الدولة
- حدود و امتدادات معركة حد السيف في ضوء المواقف الأممية
- المقاربة الأمنية ضد أساتذة أفواج الكرامة تنهي دعاية حقوق الإ ...
- من صنعَ و ماذا يصنعُ حزب العدالة و التنمية المغربي ؟
- الأستاذ عبد الكبير الصوصي العلوي .. و سؤال نزاهة و راهنيَّة ...
- مدخل إلى المنطلقات الإصلاحية الوطنية الكبرى
- «تنظيم الدولة» واستراتجية بناء القوة اللامركزية الجديدة
- الفكر الخميني ميثاق للوحدة الدنيوية و الوحدانية الدينية
- الأساتذة الوطنيون : الإدماج أو الطوفان
- «القهر» كمفهوم أساسي في السياسة الداخلية للدول العربية
- أكاديمية أبو غريب للبحوث الحيوانية
- التطبيع مع العِبرية في اليوم العالمي للغة العربية


المزيد.....




- إعلان مفاجئ لجمهور محمد عبده .. -حرصًا على سلامته-
- -علينا الانتقال من الكلام إلى الأفعال-.. وزير خارجية السعودي ...
- عباس: واشنطن وحدها القادرة على منع أكبر كارثة في تاريخ الشعب ...
- شاهد.. الفرنسيون يمزقون علم -الناتو- والاتحاد الأوروبي ويدعو ...
- غزة.. مقابر جماعية وسرقة أعضاء بشرية
- زاخاروفا تعلق على منشورات السفيرة الأمريكية حول الكاتب بولغا ...
- مسؤول إسرائيلي: الاستعدادات لعملية رفح مستمرة ولن نتنازل عن ...
- وزير سعودي: هجمات الحوثيين لا تشكل تهديدا لمنتجعات المملكة ع ...
- استطلاع: ترامب يحظى بدعم الناخبين أكثر من بايدن
- نجل ملك البحرين يثير تفاعلا بحديثه عن دراسته في كلية -ساندهي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المهدي بوتمزين - المغرب يقود حربا إعلامية بالوكالة ضد طهران