أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم جبران - دور المثقف في نظر إدوارد سعيد














المزيد.....

دور المثقف في نظر إدوارد سعيد


سالم جبران

الحوار المتمدن-العدد: 1694 - 2006 / 10 / 5 - 06:45
المحور: الادب والفن
    


تمُر في هذه الأيام ،الذكرى السنوية الثالثة لرحيل المفكر الفلسطيني الفذ إدوارد سعيد. كان ناقداً أدبياً، وكان موسيقياً، وكان عالماً ضليعاً في موضوعة حوار الثقافات، وكان أبرز مرافِع في العالم ضد ما اقترفه الاستعمار الغربي، من تعطيل للتقدم وتدمير للثقافة وتدمير للتقدم المدني، بالإضافة إلى أنَّ الاستعمار صاغ نظرية عنصرية وحشية حول "دونية شعوب العالم الثالث، بالمقارنة مع الغرب الحضاري.
في كل مجال من هذه المجالات كان إدوارد سعيد اختصاصياً حقيقياً، مما جعل القسم الثقافي في البي بي سي يختاره واحداً من أهم عشرة مثقفين في العالم كله وأكثرهم تأثيراً في مجرى الثقافة العالمية.
ومع هذا فإنني اخترت أن أكتب الآن حول موقف إدوارد سعيد من المثقف وفهمه لدور المثقف، وتحليله المدهش لميزات المثقف الحقيقي. فمجتمعنا العربي، المهزوم والممزق والمفكك الآن، بحاجة مصيرية إلى إعادة صياغة لتعريف المثقف.
ليس المثقف هو المتعلم، الذي يأخذ وظيفة في الجهاز الحكومي والإداري. فئة المثقفين شيء والإنتلغنسيا المهنية شيء آخر تماماً. ليس المثقف هو حامل الشهادة، فكم من حملة شهادات هم في الحقيقة جهلة مُقَنَعون. وليس المثقف من يضع معارفه تحت تصرف النظام مقابل أخذ الأجر المناسب.
المثقف، في نظر إدوارد سعيد، هو المثقف الذي يملك ملكة المعارضة، ملكة رفض الركود، المثقف هو الذي لا يرضى بحالة حتّى يُغَيِّرها، فإذا غيَّرها بدأ يحلم بمواصلة التغيير. فقط في لحظة الإبداع يكون المثقف راضياً، وفي ما عداها، هو غير راضٍ، هو رافض، هو قلق، هو متعطش إلى التغيير. والمثقف، طبقاً لإدوارد سعيد، ليس المثقف في مجال ما، بل المثقف الذي يأخذ موقفاً شمولياً من المجتمع. المثقف يحس إحساساً داخلياً، بأنه هو (وحده!) المسؤول عن الإصلاح، عن التغيير، عن إلغاء الغبن، عن تدمير الظلم، هو صاحب رسالة، وإذا لم يمارسها فإن وجوده يصبح زائداً، أو فائضاً، أو غير ضروري.
المثقف، طبقاً لإدوارد سعيد، هوعدو التعصب لأنَّ التعصب هو الجهل المتشنج. المثقف عنده رأي، عنده موقف، ولكن مفتوح لسماع أو قراءة أو مناقشة كل الآراء، وصراع الآراء هو ما يجعل الآراء. نشيطة وحيوية،وهو ما يجعل كل حامل رأي يطور مرافعته الثقافية عن رأيه.
إدوارد سعيد عدو الانغلاق، عدو التعصب للذات، عدو التعميم، فالغرب ليس صنفاً واحداً ولا لوناً واحداً ولا فكراً واحداً، ولا عقيدة واحدة. بل هناك في الغرب قتلة، وهناك إنسانيون، هناك أعداء للإنسانية وهناك محبون للإنسان وللخير الإنساني، كما أنَّ إدوارد سعيد يرفض التعصب القومي أو التعصب الديني، وهو قادر (قادر جداً، وماهر) ان ينتقد بلا رحمة كل الظواهر في مجتمعاتنا الشرقية والعربية التي يراها متخلفة أو متطرفة أو متعصبة، أو عائلية أو قبلية، وهو لا يساوم ولا يهادن في محاربة مظاهر التخلف والجهالة والتعصب، بالذات في مجتمعنا.
كان إدوارد سعيد محامياً عالمياً بالغ المهارة دفاعاً عن شعب فلسطين وقضيته الوطنية العادلة، ولكن كان عدو الردح والشعارات الغبية، المستندة إلى الغرائز، كما كان عدواً لمحاولات تقليص النزاع إلى نزاع بين "اليهودية" و "الإسلام".
كان إدوارد سعيد مواطن العالم، وكل ما هو إنساني وثقافي باقٍ ومفيد في التجربة العالمية، كان ضرورياً بالنسبة لإدوارد سعيد. " الإنغلاق هو الموت في الدهاليز المظلمة" هكذا قال وطلب أن نفهم ذلك على أساس فلسفي إنساني عام وعلى أساس عملي أيضاً.
ولكن إدوارد سعيد كان فلسطينياً حتّى النخاع، وعندما زار القدس، وزار بيته الذي وُلِد فيه (ولم يعد بيته) فقد أدرك أنَّه فلسطيني أولاً، وهذه هي النقطة الأولى لفهم العمارة الثقافية الحضارية الشامخة التي أقامها إدوارد سعيد.
والنقطة الأخيرة التي بإمكاننا جميعاً أن نتعلم من إدوارد سعيد، بصددها، هي عدم الاكتفاء بمعرفة الحقيقة، قراءة، بل الالتزام بالحقيقة فعلاً، ولذلك فإنَّ هذا المفكر الفذ وجد في نفسه الشجاعة الطبيعية، البسيطة وكلية القوة، أن ينتقد أنظمة البطش والإرهاب والعسف والسطو على مقدرات الشعوب ليس فقط عندما تكون هذه الأنظمة استعمارية، غربية، أو إسرائيلية، بل أيضاً، وبقوة أكبر عندما تكون أنظمة الإرهاب والقتل والاغتيال واللصوصية أنظمة عربية. طالب، بشرف، بإطلاق سراح كل مثقف عربي سجين في الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة، ورأى في تحريره قضية شخصية.
إدوارد سعيد قال، وفعل، فكّر، ومارَس، انتقد وقاوم، إدوارد سعيد كان مثقف القول والفعل، كانت داخله قوة سياسية وأخلاقية تدفعه إلى التغيير، تغيير العالم. في ذكرى إدوارد سعيد، الراحل الباقي ، نحس بغيابه ثقيلاً وموجعاً. ونحس أن أفضل احترام لذكرى هذا المثقف البسيط كالسنبلة، أن يأخذه المثقفون العرب نموذجاً يُحتذى وأن نأخذ طريقة حياته ونضاله طريقةً لحياتنا ونضالنا، نحن المثقفين، العرب في هذه الحقبة المصيرية.



#سالم_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركسية الحقبة الجديدة-ثورية,إنسانية,ديمقراطية
- أكبر من أزمة ثقافية
- كذب الظَّن ,لا إمام سوى العقل!
- إسرائيل بدأت تستعد للحرب القادمة
- وضع العرب الفلسطينيين في إسرائيل
- المعركة ضد الاستعمار الأمريكي والمعركة ضد الأصولية الدينية ا ...
- الشخصية الأولى في إسرائيل–علامة سؤال
- الحرب على لبنان دمرّت..حكومة أولمرت
- هل كانت الحرب لإعادة الجنود المخطوفين؟
- في دولة الأغنياء
- هل هناك استراتيجية عربية
- بعد الفشل في الحرب إنتخابات برلمانية مبكرة
- انتخابات الآن
- بعد توقف العدوان على لبنان بدأت الحرب الداخلية في إسرائيل
- الفرق بين القومية والجعجعة القومية
- تكاليف الحرب
- قبل أن تنتهي الحرب
- المؤرخ الإسرائيلي الدكتور توم سيغف
- أمة أقوى من الموت
- الكارثةالإنسانية في لبنان كشفت الوجه الحقيقي الشع لإسرائيل


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم جبران - دور المثقف في نظر إدوارد سعيد