أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة ؛ أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة ( 4 ) من الخطاب الثالث من كتاب : الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...















المزيد.....


شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة ؛ أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة ( 4 ) من الخطاب الثالث من كتاب : الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 7427 - 2022 / 11 / 9 - 21:19
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة ؛ أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة ( 4 ) من الخطاب الثالث من كتاب : الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...
و بُعدٌ هام آخر من الصراع الذى يجب النهوض به و نواة الصراع الذى نحتاج خوضه مع الناس بمن فيهم المضطهًدين بمرارة جرى الحديث عنه في التالى من الجزء الثالث من بيانى " سنة جديدة ..." :
" نظرا للعلاقة الوطيدة بين البطرياركيّة المناضلة و الفاشيّة ، ليس مفاجأ أنّ بعض ( على أنّهم أقلّية ) من الرجال السود و اللاتينو قد إنجذبوا إلى مساندة ترامب بالرغم من مناصرته السافرة لتفوّق البيض . ( و يشمل هذا بعض الذين هم أو كانوا بارزين في موسيقى الراب . فبينما وُجدت قوى و عناصر إيجابيّة في الراب و الهيب هوب عامة ، ما يتمّ تشجيعه بصورة متنامية هو ثقافة مليئة ب ، حتّى لا نقول يهيمن عليها ، إخضاع النساء و معاداة المرأة و كذلك إعجاب بنوع من دفع فكر العصابات و هذا من " المميّزات " التي يختصّ بها ترامب ). و كذلك ليس مفاجأ أنّ حتّى أعداد هامة من النساء ( لا سيما نساء بيض و أيضا بعض اللاتينيّات و نساء أخريات ذات بشرة ملوّنة ) إنجذبوا إلى هذه الفاشيّة ، كظاهرة تشبّث ب " سلاسل التقاليد " التي تضطهدهنّ و لسوء الحظّ هذه الظاهرة واسعة الإنتشار . "
لا بدّ من خوض نضال مصمّم ضد هراء الذهنيّة الذكوريّة لدى العديد و العديد جدّا من الرجال السود و اللاتينو – و " ذهنيّة المحارب " من الصنف الخطأ التي تميّز كذلك عددا كبيرا جدّا من الرجال الأمريكيّين الأصليّين [ الهنود الحمر ] على طريقتهم الخاصة ، بشرفهم في غير محلّه تماما و صراحة الفاسد ، و إلتحاقهم بصفوف ذات جيش الولايات المتّحدة الذى نفّذ إبادات جماعيّة في حقّ هذه الشعوب الأصليّة في أمريكا . و كذلك يجب أن نخوض صراعا حادا ضمن النصف الآخر من الإنسانيّة ، النصف الأنثويّ ، ضد ظاهرة سلوك المضطهَدين طرقا تجعلهم مضطهَدين و لا يشمل هذا التشبّث بالتقاليد الدينيّة البطرياركيّة الإضطهاديّة للغاية فحسب بل كذلك يتّخذ شكل التفاخر و التكبّر بعجرفة تجاه ما يعدّ بصفة موضوعيّة و إلى درجة عالية " جنسنة " المرأة و سلعنة الجنس .
و يجرى التشجيع على هذا بنشاط في صفوف النساء السود و اللاتينيّات – وهو نزعة نهائيّا سلبيّة في الثقافة الشعبيّة بما فى ذلك موسيقى الهيب هوب . و تجدر ملاحظة أنّه مهما كان الأمر قد يبدو حين ننظر إليه نظرة سطحيّة ، فهو يمضى إلى إلى الحطّ من القيمة الذاتيّة و المبالغة في الجنسنة اليد في اليد مع " إنعكاس المرآة العاكسة " : الظلاميّة الدينيّة – شكل أصولي للدين يقف حجر عثرة أمام و يحجب ضوء العقل . و ثمّة أيضا ظاهرة أخرى في صفوف أعضاء العصابات حيث ضرب العصابة و حركات أخرى من الإهانة و الحطّ من القيمة الذاتيّة يمتزجان بظلاميّة دينيّة ثقيلة ، بشكل أو آخر .
و إلى درجة كبيرة جدّا ، " التعليم " الذى تحصل عليه الجماهير الشعبيّة الأساسيّة – و خاصة " التعليم " الذى ينزع إلى إستخدام " العصا " – ينبع من المؤسسات الدينيّة و تشجيع الظلاميّة الدينيّة . و هذا مشكل حقيقيّ ، جزء له دلالته من لماذا الكثير جدّا من المضطهَدين الأساسيّين يتأثّر و بالتفكير المناهض للعلم و منه نظريّات المؤامرة المجنونة .
و يواصل " الوازع الديني " في ممارسة تأثير هام – إنّه ظاهرة هامة – في صفوف عدد كبير من الناس في صفوف الطبقة الوسطى من السود أيضا بمن فيهم أولئك الذين يحصلون على تعليم أكثر "عالميّة "، حتّى في الجامعات الأكثر " نخبويّة ".
و كلّ هذا يُشجّع عليه و يُعزّزه المفهوم المنتشر بإستمرار ألا وهو أنّ ذات هويّة السود هي نوعا ما وثيقة الصلة بالدين و بالمؤسّسات الدينيّة و بوجه خاص بكنيسة السود المسيحيّة ( فكرة أنّ هذا الدين وهويّة السود وطيدا الصلة و متشابكين في الأساس و لا يمكن الفصل بينهما ) و أنّه ، دون دين و كنيسة سود ، لن يقدر السود على البقاء على قيد الحياة أو الإزدهار، في ظلّ أمريكا العنصريّة . لكن بالنسبة إلى جماهير السود ، " الإزدهار" ضمن هذا النظام الوحشيّ غير ممكن – و مجرّد البقاء على قيد الحياة بينما لا تزال بشكل فظيع مضطهَدَة و مداسة و معذّبة بصفة متكرّرة و تتعرّض للتعنيف و الإغتيال في ظلّ هذا النظام ، غير ممكن و ليس أفضل ما يُؤمل فيه أو يمكن بلوغه .
صحيح أنّه بالرغم من أنّ المسيحيّة بخاصة قد فُرضت على السود بموجب نظام العبوديّة ، فإنّ كنيسة السود نهضت أحيانا و إلى درجة معيّنة بدور إيجابيّ في نضال السود بيد أنّه من الصحيح أيضا أنّها وضعت قيودا محدّدة جدّا على هذا النضال موجّهة إيّاه و مقلّصة له ضمن حدود هذا النظام ذاته ، مصدر الإضطهاد و العذابات عبر تاريخ هذه البلاد .
و زيادة على ما تقدّم ، هناك بُعدٌ إضافي لهذا المشكل متعلّق خاصة بتقويض و تدمير المدارس العموميّة تدميرا تاما و بصفة خاصة داخل المدن و في حقل الرياضة – وهو من الحقول القليلة جدّا التي تحصّل فيها بعض السود من الجماهير القاعديّة على ثروة و جاه - هناك واقع أنّ أعدادا هامة من الرياضيّين السود من الجماهير القاعديّة يمرّون الآن عبر معاهد خاصة أصوليّة مسيحيّة للحصول على " تعليمهم " الأساسي ( في الواقع ، عدم تعليمهم ) . و تاليا ، حتّى و إن كانوا يتّخذون مواقفا تدعم النضالات ضد الظلم ، العديد من هؤلاء الرياضيّين يستخدمون " مكانتهم " للتشجيع على الظلاميّة الدينيّة التي زرعت في أذهانهم – ما يساهم في الوضع الذى توجد فيه الجماهير الشعبيّة الواقعة تحت تأثير هذه الوجوه البارزة وهي عُرضة إلى إبتلاع كافة أصناف تشويهات الواقع .
لقد شهدنا مواقفا و تصرّفات لمشاهير من السود ذوى النفوذ ، في الرياضة كما في مجال الفنون ، تعكس و تشجّع على طرق التفكير المناهضة للعلم بما في ذلك تشويه المعلومات حول و تنفير الناس من نيل التلاقيح ضد كوفيد ،بينما يموت السود ( و آخرون من ذوى البشرة الملوّنة ) بأنساق أعلى من غيرهم بسبب هذا الفيروس و قد تبيّن أنّ التلاقيح آمنة و فعّالة جدّا ضد المرض الخطير و الموت جرّاء هذا الكوفيد-19.
و نشر هذا التشويه للمعلومات المناهض للعلم غاية في الضرر، في كلّ من تبعاته الحاليّة و بالمعنى الإستراتيجي .
أجل ، صحيح أنّه في تاريخ هذه البلاد ، كان السود ضحيّة تجارب طبّية فظيعة و إلى اليوم يتعرّضون إلى التمييز العنصريّ و أحيانا إلى المعاملة بإهمال و حتّى المعاملة الضارة ، في حقل الرعاية الصحّية . و أجل ، صحيح أنّ السود قد تعرّضوا و لا زالوا يتعرّضون إلى إضطهاد خبيث و عادة إجرامي على يد السطات الحاكمة . لكن كلّ هذا بالتأكيد يصحّ أيضا على الأمريكيّين الأصليّين أيضا . و مع ذلك ، يسجّل لديهم نسق أعلى بكثير من التطعيم ضد الكوفيد . و يبدو أنّه ما ليس لديهم على الأقلّ كعامل له دلالته هو ظاهرة أنّ أناسا بارزين و لهم تأثيرهم يبثّون معلومات مشوّهة مناهضة للعلم بصدد التلاقيح و يشجّعون بنشاط على عدم الحصول على التلقيح .
و في يتّصل بالتلاقيح و التعاطى مع كوفيد عامة ، كما مع كافة المشاكل الإجتماعيّة و حلولها ، ما نحتاج إليه هو المقاربة العلميّة المعتمدة على الأدلّة .
و فضلا عن الضرر الكبير الذى يُلحقه ذلك بالناس الذين تضرّروا أكثر من غيرهم جرّاء كوفيد ، و بمجل الجهود الرامية إلى " التحكّم " في وباء كوفيد ، هناك عامل آخر غاية في الضرر يقف وراءه هذا التشويه للمعلومات المناهض للتلاقيح و المعادي للعلم ، وهو أنّ ذلك يمدّ يد العون مباشرة إلى التفوّقيّين البيض الفاشيّين الذين أسرعوا إلى تلقّف ذلك التشويه و كيل المديح له و الترويج له . و كما قلت بهذا المضمار :
" يا له من وضع مريع حيث بعض السود و المضطهدين الآخرين قد يجدون أنفسهم في نفس موقع أولئك الفاشيّين الذين ينظرون إليهم على أنّهم أقلّ من بشر و يريدون أن ينكروا حقوقهم الأساسيّة ، و أن يسجنوهم بإستمرار أو يبيدوهم إبادة جماعيّة تماما ! ".
[ من مقال " حول الكوفيد و أهمّية تلقيح الجماهير و المشكل الحقيقيّ جدّا للفرديّة المستشرية " – المترجم ]
إلى درجة كبيرة ، هذا الترويج لتشويه المعلومات الضار و حتّى القاتل هو كذلك تعبير عن الفرديّة المستشرية – مفهوم أنّه " هذا حقّى وهو تعبير عن حرّيتى الشخصيّة في القيام بما أريد ، و لا يتعيّن أن نسمح لأيّة سلطات أن تحدّده . " و كما أشرت أيضا [ في نفس المقال الذى ذكر للتوّ أعلاه – المترجم ] :
" هذا هراء – هذا هراء ضار للغاية ! الحرّية الفرديّة ليست مُطلقة – كما سيتفّق معنا تقريبا الجميع حينما يوضع الأمر أمامهم بمعنى لا يمضى ضد فرديّتهم . و لنضرب مثالا على ذلك ، سيحاجج البعض بأنّ شخصا يجب أن يتمتّع بحرّية السياقة بسرعة مائة كلم في الساعة على مقربة من مدرسة أين يقطع الأطفال الطريق . و كلّ إنسان عاقل سيوافق على أنّ من غير السليم أن يقتل التفوّقيّون البيض السود بوقا – أو أن تقتل الشرطة السود بشكل طائش - ببساطة لأنّهم يرغبون في ذلك – لأنّهم يرون أنّ ذلك تعبير عن " حرّيتهم الشخصيّة " ( و " خيارهم الشخصيّ " ) ...
سيكون من غير الممكن الحياة في أيّ مجتمع حيث تكون " الحرّية الشخصيّة "( أو " الخيار الشخصيّ " ) أمرا مطلقا . المسألة هي : هل أنّ التعبيرات عن الحرّية الشخصيّة أو تقييدات الحرّية الشخصيّة ، جيّدة أم سيّئة – هل تفرض لجعل المجتمع أفضل أم أسوأ ؟ ".
و من جهة على الأقلّ بعض المشاهير السود ، هذا التصرّف ؛ نشر الهراء المعادي للعلم تصرّف لا مسؤول و جزء من الترويج للنفس – إنّه تعبير عن الثقافة المهيمنة عامة حيث الآراء " يعاد صياغتها حسب العلامات التجاريّة " على أنّها " حقيقتى أنا " و تقدّم على أنّها مساوية ( جيدة بدرجة أو ربّما أفضل حتّى من ) ، الوقائع ، و يبحث الناس عن الحصول على أتباع مطلقين آراء الكثير منها بوحشيّة يتضارب مع الواقع .
لكن ، مجدّدا ، تأثير الدين و خاصة الظلاميّة الدينيّة المعادية للعلم بقساوة هو أيضا عامل له دلالته في هذه المواقف الضارة التي يتّخذها بعض المشاهير من السود ذوى النفوذ . في غياب و خاصة في معارضة مقاربة علميّة ، يُترك الناس يسيرون في الظلام ،غير قادرين على تحديد ما يمثّل عمليّا مختلف القوى و إلى أين ستؤدّى مختلف الطرق . و أيّة تمرّد في هذه الظروف سيكون تمرّدا أعمى ، يعتقد خلاله الناس أنّهم يوجّهون ضربات لما يضطهِدهم ( و يضطهد غيرهم ) في حين يكونون في الواقع لعبة بين أيدى و عمليّا يعزّزون أكثر المضطهِدين خبثا و في نهاية المطاف النظام الإضطهادي بأسره .
تعدّ الظلاميّة الدينيّة المستشرية للغاية في صفوف الجماهير القاعديّة سلاسل و أغلال بأيدى المضطهَدين أنفسهم و ثمّة حاجة إلى النضال ضدّها نضالا حيويّا و مصمّما .
و بينما هناك حاجة إلى الإعتراف بأنّه يوجد عديد المتديّنين الذين يضطلعون بدور إيجابيّ في القتال ضد أوجه عدّة من الظلم و من أشكال الإضطهاد ، و من المهمّ الوحدة معهم في هذا القتال ، من المهمّ كذلك النضال ضد النظرة الدينيّة عامة . لماذا ؟ لأنّ وضع نهاية للظلم و الإضطهاد و إجتثاث أسس كلّ ذلك يقتضيان ثورة تقودها قوّة قويّة و متنامية من الذين يستندون إلى منهج و مقاربة علميّين ، بالأخصّ المنهج و المقاربة العلميّين للشيوعيّة الجديدة .
ما يُقال في كتاب " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " يُمثّل حقيقة جوهريّة – و ثمّة حاجة إلى توجيه هذه الحقيقة بشكل غير مفاجئ إلى موطنها :
" إنّ المضطهَدين الذين لا يقدرون أو لا يرغبون فى مواجهة الواقع كما هو فعليّا محكوم عليهم بأن يبقوا مستعبَدين و مضطهَدين . " ( " الأساسي ..." ،1:4).
و النظرة و المقاربة الدينيّين – بإعتقادهما في غير محلّه في الدور الحاسم في نهاية المطاف لكائن و قوى ما وراء الطبيعة غير موجودة – من العراقيل أمام تطبيق منهج علميّ صريح لمواجهة الواقع كما هو عمليّا و تغييره ليسير على طريق تحريريّ.
و لوضع الأشياء بمعنى إستفزازيّ متعمّد : آن الأوان لترك " حشو الإلاه " ذلك أنّه لن يؤدّي أبدا و بأيّ كان إلى التحرّر . إنّنا نحتاج إلى قدر أقلّ من " الحديث عن الإلاه " وإلى المزيد و المزيد من الحديث و العمل من أجل الثورة – الثورة الفعليّة.
قد لا يزعج قولى كلّ هذا بعض الناس إلاّ أنّنى سأقوله على أيّة حال . فأنا هنا لست أسعى إلى إرضاء الناس أو جعلهم يشعرون بحال أفضل بشأن وضعهم كمستعبَدين و مهانين – أنا هنا لأقدّم لهم منهجا و مقاربة علميّين للقيام بالثورة لأجل تحرير أنفسهم و الإنسانيّة جمعاء ، و أنا هنا لأقول لهم الحقيقة بشأن كلّ ما يقف حجر عثرة فلى طريق ذلك التحرير .
و من أكبر أسباب لماذا أقول ما أقوله ، بغضّ النظر عن ما إذا إستساغ بعض الناس ذلك أم لم يستسيغوه ، هو أنّ السود الذين كانوا لمدّة طويلة عُرضة للإضطهاد الأفظع في ظلّ هذا النظام ، يمكن و يجب أن يلعبوا دورا حيويّا و هائلا و قويّا في القيام بالثورة التي لن تضع نهاية لإضطهادهم فحسب بل ستوجّه صفعة قويّة لإنهاء كلّ ألوان إضطهاد الجميع و في كلّ مكان أيضا . و كما شدّدت على ذلك قبلا :
" هناك إمكانيّة ظهور شيء جميل غير مسبوق من القبح الذى لا يوصف : أن ينهض السود بدور حيويّ في وضع نهاية أخيرا و بعد زمن طويل ، لهذا النظام الذى لوقت مديد لم يستغلّهم و حسب بل نزع منهم إنسانيّتهم و بثّ في قلوبهم الرعب و عذّبهم بألف طريقة و طريقة – وضع نهاية لهذا بالوسيلة الوحيدة الممكنة - بالقتال من أجل تحرير الإنسانيّة ، من أجل وضع نهاية لليل الطويل كان فيه المجتمع الإنساني منقسما إلى سادة و عبيد ، و كانت جماهير الإنسانيّة تُجلد بالسوط و تعنّف و تغتصب و تقتل و تسجن و تكبّل و تكفّن في الجهل و البؤس ".
لكن لا يمكن أن يحدث هذا إلاّ لمّا تتبنّى أعداد متنامية من السود ، إلى جانب آخرين ، وجهة نظر و منهج و مقاربة علميّين و ليس دينيّين .
لذا ، هل أقول إنّه لا مكان في هذه الثورة لأناس يواصلون تبنّى معتقدات دينيّة ؟ لا . إنّه لواقع موضوعي نحتاج إلى فهمه أنّ عديد الناس الذين يشاركون في هذه الثورة سيظلّون متبنّين لمعتقدات دينيّة ، من صنف أو آخر – و طبعا الناس المتديّنون الذين يرغبون في المساهمة في هذه الثورة ينبغي الترحيب بهم إلى الصفوف الواسعة للثورة . و التخلّص من المعتقد الديني لدى الجماهير الشعبيّة يجب أن يكون عملا واعيا و طوعيّا سيتقدّم في تناغم مع التطوّر العام للسيرورة الثوريّة و تغيير المجتمع و العالم بإتّجاه هدف وضع نهاية لكلّ الإضطهاد و الإستغلال و إنقسام كلّ المجتمع إلى سادة و عبيد . لكن مجدّدا، لا بدّ من قوّة متنامية للثورة تمثّل اللبّ الصلب / النواة الصلبة المعتمدة على وجهة نظر و منهج و مقاربة علميّين و ليس دينيّين كما يجب أن يوجد صراع منفتح الذهن لكن مثابر و مصمّم و مثير يخاض على نطاق واسع – مقدّما بقوّة حاجة الجماهير لتبنّى وجهة النظر و المنهج و المقاربة العلميّين للشيوعيّة الجديدة ، في تعارض مع كلّ ما يمثّل حاجزا أمام ذلك، و من ذلك الإيمان بالآلهة أو بقوى أخرى ما فوق الطبيعة غير الموجودة في الواقع ، و التقليد الديني الذى يدافع عن العلاقات الإضطهاديّة .
و إليكم حقيقة عميقة أخرى : حتّى مع كافة الطرق التي تثقل بها مئات و آلاف السلاسل الثقيلة من سنوات التقاليد الإضطهاديّة، كاهل الجماهير الشعبيّة – و تضع عبئا ثقيلا بالخصوص على كاهل نصف الإنسانيّة الأنثوي – هناك تطلّع عميق للتحرّر من كلّ هذا لا يؤدّى إلى آمال طوباويّة لخلاص ما فوق طبيعي فحسب بل كذلك ينفجر تماما في غضب لا حدود له في هذا العالم الحقيقي . و هذا الغضب يحتاج إلى أن يُفجّر تماما ما أن يعطى له تعبير علميّ و ثوريّ – مركّزا التوجّه صوب تحرير جميع المضطهَدين و المستغَلّين في العالم ، و في نهاية المطاف الإنسانيّة قاطبة – و موجّها صوب القتال ضد المصدر الجوهريّ لكلّ العذابات : هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي بتفوّقه الذكوريّ الخانق و العنيف و كلّ الأهوال الأخرى . و يكتسى هذا حتّى معنى أقوى و أهمّية ملحّة في الظرف الراهن لهذه البلاد ( و غيرها من البلدان ) حيث يجرى التأكيد بقوّة على كره النساء الخام و الإخضاع البطرياركي للنساء الذى بات أبرز فأبرز و مطلق العنان ، مكثّفا إلى درجة هامة الآن في التحرّكات المتصاعدة لحتّى مزيد نكران تحكّم النساء في حياتهنّ الخاصّة و أجسادهنّ ذاتها ، فحقّ الإجهاض و التحكّم في الولادات في الولايات المتّحدة يعرفان هجمات متصاعدة عليهما . و الآن بالذات ، هذا الشعار و النداء يحتاج أن ينشر على نطاق واسع و أن يتحوّل إلى قوّة ماديّة ذات بأس : لنكسر القيود و نطلق العنان لغضب النساء كقوّة جبّارة من أجل الثورة !
و في علاقة بكلّ هذا ، ملاحظتى التالية منذ سنوات الآن ، ليست لها أهمّية كُبرى و عامة و في جميع الأوقات فحسب و إنّما لها أهمّية خاصة في الوقت الحاضر :
" يسعى الأصوليّون الدينيّون من أصناف متنوّعة إلى إنتداب أتباع لهم من الناس القابعين في السجون و يتقدّمون لهم برسالة إيديولوجيّة ثقيلة . وهناك شيء هام للغاية نتعلّمه من مقال " خسرت دينيّ " الذى نُشر في جريدتنا [ " الثورة "- المترجم ] في السنة الفارطة ... ليس الحال مطلقا أنّ الناس ليس بوسعهم سوى " خسارة دينهم " بتعويضه بدين آخر بشكل أو آخر . لكن يجب أن يُوجد تفسير آخر للعالم و للوجود و للماذا العالم على الحال التي هو عليها ، و كيف يمكننا أن نغيّره . و كيف يتفاعل الفرد مع ذلك . إن أدرنا أن يقطع الناس مع الهراء و ليس فقط مع الأشياء التي أدّت بهم إلى السجن ، و إنّما كذلك مع النفاية اليوميّة التي يقعون في أسرها ، ينبغي أن نملك حقّا نواة إيديولوجية قويّة نقدّمها لهم ... ينبغي أن تكون منسجمة و منهجيّة تفسّر العالم – و في حالنا نحن ، بوسعنا أن نفسّر العالم تفسيرا علميّا . و هذه ميزة تختصّ بها الشيوعيّة و تتفوّق بها على الدين ، حتّى و إن كانت للدين بعض الميزات القصيرة الأمد ... إلاّ أنّه لدينا ميزة أن نكون عمليّا قادرين على تفسير الواقع للجماهير . و هذا شيء قويّ جدّا .
لا يجب أن نستهين بأهمّية القيام بالكثير من العمل الإيديولوجي لتمكين الجماهير حقّا من رؤية العالم بطريقة مغايرة تماما – كما هو فعلا ، و ليس في العمل مع السجناء وحسب و إنّما بشكل عام . إنّ النظر فى قطع هذا اللغز/ الواقع المتناثرة و غير المنسجمة مع بعضها البعض يشبه النظر من خلال مشكال غريب عبره ينظر معظم الناس إلى الواقع . و إلى جانب ذلك ، يجرى تأويل هذا اللغز / الواقع لهم من طرف كافة هذه الإيديولوجيّات و البرامج المختلفة البرجوازية و الرجعيّة و ما شابه ، بما فيها عدّة وجهات نظر دينيّة . أمّا الإيديولوجية الشيوعيّة و تطبيقها على العالم فوسيلة للمسك بالواقع و تفسيره للجماهير تفسيرا علميّا . "
و في الآن نفسه ، كسب الناس القاعديّين و بالأخص الشباب ، إلى الثورة يستدعى كذلك إنجاز المزيد من الإختراقات النقديّة لما أسمّيه " مسألة جورج جكسن " – المشكل الذى طرحه بشدّة جورج جكسن وهو سجين سابق صار مناضلا ثوريّا مرتبطا بحزب الفهود السود خلال نهوض ستّينات القرن العشرين ، و قد خاض بعمق في قضيّة إمكانيّة الثورة ، قبل أن تغتاله السلطات القائمة . بالنسبة إلى عبد لم ينتظر أن يعيش أبعد من الغد ، قال جكسن إنّ فكرة التغيير التدريجي و الثورة في بعض المستقبل البعيد لا معنى لهما و إستئناف.
و يكتسى هذا معنى خاصا و خصوصيّا في زمن نادر كهذا – زمن حيث تصبح الثورة عمليّا ممكنة ، تحديدا ليس في بعض المستقبل البعيد الهلاميّ بل عبر دوّامة الأحداث و النزاعات المتفاقمة الحدّة التي تجرى بالضبط في الوقت الحاضر .
هنا ، مرّة أخرى ، المسألة الحيويّة هي كيف تُبنى الكثير من القوى المنظّمة للثورة و يكون لها تأثير على كلّ هذا ، بإتّجاه الثورة التي نحتاجها حاجة إستعجاليّة .
لجلب الجماهير الشعبيّة و خاصة منها الشباب القاعديّ ، يجب على الثورة أن تصبح قوّة متنامية و منظّمة و منضبطة و جريئة لا تخشى أيّ شيء ، مستندة على منهجها العلميّ و رؤيتها الشاملة و برنامجها و أهدافها و ممارساتها التحريريّة، و أن تصبح قطبا قويّا متصاعد النفوذ يجلب هؤلاء الشباب – و المقاتلين من أجل الثورة من كافة أنحاء المجتمع .
هناك الكثير الذى نحتاج إلى القيام به و بصفة إستعجاليّة و يتطلّب جرأة وبسالة حقيقيّتين في العمل من أجل هذه الثورة : نشر الكلمة بقوّة في ما يتّصل بهذه الثورة و تحدّى الناس للإلتحاق بهذه الثورة و إنتدابهم و تنظيمهم في صفوف هذه الثورة - السير ضد و إختراق كلّ الهراء الآسر للناس و الذى يمضى ضد مصالحهم الخاصة الحقيقيّة – القيام بالعمل الذى نحتاج إنجازه لتغيير تفكير الناس و سلوكاتهم - الوقوف ضد القوى المضطهَدة للجماهير و خوض القتال اللازم خوضه ضد فظاعات هذا النظام – القيام بكلّ هذا للإستعداد و لتوفير قاعدة لخوض النضال الشامل للإطاحة بهذا النظام في نهاية المطاف، حالما تنشأ الظروف الضروريّة لهذا .



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة ...
- شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة ...
- مقتطف من كتاب - الثورة الشيوعية في الولايات المتّحدة الأمريك ...
- الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينينيّ – الماويّ ) : ...
- وجهات نظر متباينة بشأن معنى الحياة و الموت : ما الذى يستحقّ ...
- لا ضرورة مستمرّة و الأمل على أساس علميّ : عالم مختلف راديكال ...
- المصالح الخاصّة و المصالح العامة – التمييز بين المصالح الطبق ...
- مقارنة بين وجهة نظر الشيوعيّة و مقاربتها و وجهة نظر الرأسمال ...
- الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسيّ – اللينينيّ – الماويّ ) : ...
- الرهانات الكبرى في أوكرانيا و التهديد بحرب نوويّة و مصالح ال ...
- الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) : قد ...
- الفرديّة الخبيثة و الفرديّة الغافلة – النقطة الثانية من الخط ...
- فضح الأكاذيب و كشف الحقائق – حول وفاة ميخاييل غرباتشاف ، الق ...
- لا أمل مقابل لا ضرورة مستمرّة – النقطة الأولى من الخطاب الثا ...
- الجذور العالميّة لإضطهاد النساء و النضال العالمي ضدّه
- لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة ( م ...
- لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة ( ج ...
- لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة ( ج ...
- تُسجن و تُعذّب النساء الإيرانيّات لمقاومتهنّ الحجاب الإجباري ...
- مقدّمة الكتاب 42 : الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأ ...


المزيد.....




- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة ؛ أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة ( 4 ) من الخطاب الثالث من كتاب : الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...