أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفرفار العياشي - طوطو الشفاف















المزيد.....

طوطو الشفاف


الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)


الحوار المتمدن-العدد: 7417 - 2022 / 10 / 30 - 09:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في نقاش مع صديقي عمر المتوكل حول تصريحات مغني الراب طوطو ، قال لي تعليقا على الحدث و الضجة و حجم الادانة و مسؤولية الجهة الراعية ، ان الامر بسيط يكفي ترجمة الكلمة موضوع الضجة الى اللغة العربية، و سيختفي المشكل.

جواب صديقي فيه الكثير من المعقولية لاسيما ان اللغة العربية تمتص العنف و تحويه ؟

اجبته ان طوطو و عشاق الراب لا يبحثون عن الحلول ، وإنما الصدام من الواقع .

تصريحات مغني الراب اثارت الكثير من الجدل و النقاش ، حين تحدث بجمل خادشة للحياء العام ، و تحدث عن استهلاك المخدرات الصلبة في مهرجان ترعاه وزارة الثقافة و الشباب .

النقاشات حول التصريح تستدعي فتح نقاش من أجل الفهم اولا ، و التفكير في الوقائع دون تجاوز او القفز على الواقع .

حجم الادانة يكشف اننا امام رأي عام ، ما زال متمسكا بقيمه الصلبة المؤسسة على الحياء .

لكن ، ماذا كنا ننتظر من مغني الراب ، هل ننتظر ان يكون مؤذنا ،واعضا ،مرشدا أو حتى خطيبا يحدث الناس عن الخير و الشر، و الحلال و الحرام .

و حكاية طوطو و حجم العنف الذي يصاحب حفلاته يستدعي فتح نقاش بدل خطاب الإدانة والشجب.

طوطو مغني الراب و تصريحاته و اغانيه تخفي اكثر ما تكشف ، رمز جيل قرر ان يحتج عن طريق الغناء ، مما يفرض ان ننصت لهم ، و التواصل معهم بدل تركهم في عوالم معزولة ، على الأقل لمعرفة كيف يفكرون .

الواقع إذا لم تنصت له ينتقم حسب تصور السوسيولوجي جاك ، وهو ما يعني إتاحة فرصة لهم لكي يتكلم دون اختزال أو تجزيئ.

العنف ، التردي التراخي، التفكك القيمي ،ارتفاع منسوب الجريمة ، ارتفاع نسب الطلاق ، العنف ، المخدرات، جرائم الشرف والعنف السيال الشوارع والمؤسسات التعليمية من طرف أطفال في مواجهة أساتذتهم يثير الكثير من الدهشة.

هؤلاء الأطفال أطلقوا على أنفسهم جيل 2000 لم يسمع لهم أحد، فأصبحوا الآن واقعا عنيفا ينتقم من الجميع حتى عن طريق الغناء/ الفن العنيف.

طوطو لا يغني لكنه يحتج و ينتقم ،و لعل القاعدة الجماهيرية التي تدعمه تكشف اننا امام جيل جديد قرر ان يحتج وينتقد بطريقته من خارج المؤسسات، و ليس من داخلها و من خارج قيم المجتمع عبر تبخيرها.

ثمة مثال أمامنا ، ثورة الطلاب بفرنسا 1968 حين سأل طالب وزير التعليم العالي هل يعرف المشاكل الجنسية للشباب الفرنسي؟ أجابه الوزير غاضبا: ارم نفسك في الماء لكي تبرد.
الحدث البسيط / الشرارة تحول إلى احتجاج طلابي بعد أن حاولت الجامعة طرد الطالب .

الواقعة تكشف ان عدم الانصات دفعت الشباب الى التمرد من أجل الهدم وإعادة بناء نظام جديد يستوعب آرائهم وأفكارهم.

ما قاله طوطو و ما عبر عنه هو سلوك مرفوض وغير مقبول أخلاقيا ، لكن خطاب الإدانة ليس حلا . و ان المسؤولية الاخلاقية والمعنوية تتحملها الجهة الراعية للنشاط، و التي تعرف مسبقا ان الراب مؤسس على التشهير و العداء و العنف

بغض النظر عن طبيعة الراب و أصوله الافريقية قبل انتقاله الى الولايات المتحدة حيث أصبح وسيلة احتجاج من طرف المهمشين و المتسكعين و قطاع الطرق وتجار المخدرات .

ظاهرة الراب أصبحت ظاهرة اجتماعية تستدعي فهما و تفكيكا ، بدل خطاب الشجب و الادانة ، و محاولة تدبير الموضوع اخلاقيا باعتباره زيغ وانحراف ومضيعة وقت..

أصبح من اللازم فتح أعيننا على الظاهرة من أجل فهم الظاهرة، في أفق التعامل معها بدل منطق التجاهل و اغماض العينين امامها

موسيقى الراب "الراب" وسيلة تعبير جديدة ، و أداة بناء هوية جيل جديد يعبر عن مواقفه ، وعن و احتجاجه و سخطه .

الرصد البسيط لمضمون الاغاني يتضح أنها تشكل خروجا عن القيم وعن المؤسسات، مؤسسة على نظرة رافضة تعادي السياسة و السياسيين، و تكره المؤسسات الاجتماعية و الحكومية ، و هو ما يجعل من الراب وسيلة تعبير سياسي لجيل ساخط على الوضع ، يحتج بطريقته من خلال موسيقى رافضة للقيم و منحازة لغة الشارع و للهامش تتغذى من معجم سفلي مسكوت عنه بحمولات جنسية عنيفة .

الراب ليس مطرا نزل من السماء ، انه منتوج اجتماعي والدليل ان عدد المنخرطين فيه و المهتمين به ، و المتفاعلين معه يشكل غالبية الشباب وهو ما يعكس أنه يمثل فكرا وظيفيا و أداة تعبير عن سخط شبابي . .

مغنو الراب ليسوا كائنات فضائية ، و إنما هو شباب من مجتمعنا يسكنون الهامش او على الاقل يوجدون في الهامش ، في انحياز الشباب الغاضب في ظل وضع اجتماعي و سياسي مغلق حيت ارتفاع نسبة البطالة وتعطل مؤسسات الوساطة الاجتماعية ، لاسيما مقرات الأحزاب التي تظل مغلقة ، تتحول الى مجرد دكاكين سياسية فارغة تفتح أبوابها في فترة الانتخابات و بشكل موسمي كلها عوامل تشكل ارضية لنمو الظاهرة الاحتجاجية الحاقدة كظاهرة غنائية ، إضافة إلى توفر جميع أنواع المخدرات كلها معطيات بنيوية ساهمت في اللجوء الى اساليب التعبير العنيف عن واقع عنيف.

ما يقع من خصومات بين مغني الراب يشكل مادة للفرجة جيل تائه أصبح الشجار عنده نوعا من الحوار و من التواصل ، ما القيم و العادات و الفضيلة و الاخلاق فهي مفاهيم أركيولوجية قديمة يجب تجاوزها او حتى السخرية منها و الإعلاء من خطاب جسدي فج و متمرد .

أعتقد ان موسيقى الراب هي شكل من أشكال الاحتجاج و الغل الاجتماعي، وجد طريقه للتعبير عن ذاته، في شكل فوضى تحاول تجميع الممنوع والمقزز في إيقاع موسيقي صاخب .

ان الراب هو بلا شك نمط تعبير عن جيل تائه يحاول ان يحول الفوضى التي تحيط به الى نظام غنائي يعبر به عن ذاته و عن همومه و اخفاقاته.

ربما الراب هو أسلوب احتجاج أكثر منه اسلوب غناء ، لذا فهو رسالة سياسية لشباب غير راض على واقع اجتماعي صعب و سميك لا يحقق له انتظاراته و رغباته .

ادماج شباب الراب في النسيج الاجتماعي و السياسي يرتبط بفعل سياسي قاعدي يعيد للشباب قيمته، و لكي يعبر عن صوته و عن قلقه بلغة مؤدبة مقبولة و لطيفة غير ذلك سيستمر مسلسل إلغاء العنيف.

لذا فطوطو مواطن شفاف عبر عن ذاته ، لكن يبدو ان المشكلة تكمن في نظرتنا الاخلاقية للواقع ، و اننا نريد من طوطو ان يتجمل و يتحدث بلغة نقية عن واقع ملوث .

يبدو ان طوطو شفاف لانه عبر عن الواقع الذي لا نرغب في رؤيته



#الفرفار_العياشي (هاشتاغ)       Elfarfar_Elayachi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات حول الهوية الرخوة
- صناعة الكراهية : حين تصبح كرة القدم فعلا حربيا
- الصحراء مثل الحقيقة لا تقبل التفاوض حولها .
- روتيني اليومي: الرزق بين عرق الجبين وعرق المؤخرة : إقرأ المز ...
- البيض لم يعد طعاما للفقراء
- مصالحة دول مجلس التعاون و تقافة بناء الجسور
- مخيمات تندوف و الهوية العارية
- الرقاة و التطبيع : الجني اليهودي و حق الاقامة .
- العدالة و التنمية بعد التطبيع : حين اصبح الحزب عاريا .
- الإنسان المقدس او الانسان و المقدس : حين تختلط الامور على ما ...
- الصحراء وفلسطين بين العقل و القلب : الحاجة الى خيار ثالث
- السيادة على الصحراء : من اجل وطن غير عابر للحدود
- الجزائر و المغرب : حين يغيب الملح يصبح الكسكس بلا طعم
- احتجاجات منتصف الليل.. الخفافيش لا تخرج إلا ليلا
- فيروس كرونا والهروب من الحقيقة
- العالم القروي و التحولات الاجتماعية في زمن العولمة دراسة است ...
- جائحة كورنا : الحاجة الى دولة سبينوزا
- ازمة فيروس كورونا و انسحاب الاليات التقيلة .
- لماذا تحترم النساء قرارات الحظر ويقاومه الذكور؟
- فيروس كورونا و المعرفة القاتلة


المزيد.....




- السيسي يكشف عن أرقام مهولة تحتاجها مصر من قطاع المعلومات
- -عار عليكم-.. مظاهرة داعمة لغزة أمام حفل عشاء مراسلي البيت ا ...
- غزة تلقي بطلالها على خطاب العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض ...
- نصرة لغزة.. تونسيون يطردون سفير إيطاليا من معرض الكتاب (فيدي ...
- وزير الخارجية الفرنسي في لبنان لاحتواء التصعيد على الحدود مع ...
- مقتل شخص بحادث إطلاق للنار غربي ألمانيا
- أول ظهور لبن غفير بعد خروجه من المستشفى (فيديو)
- من هم المتظاهرون في الجامعات الأمريكية دعما للفلسطينيين وما ...
- إصابة جندي إسرائيلي بصاروخ من لبنان ومساع فرنسية لخفض التصعي ...
- كاميرا الجزيرة ترصد آخر تطورات اعتصام طلاب جامعة كولومبيا بش ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفرفار العياشي - طوطو الشفاف