أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأحمد - نماذج من الرواية العراقية تستحق الوقوف (4)















المزيد.....

نماذج من الرواية العراقية تستحق الوقوف (4)


محمد الأحمد

الحوار المتمدن-العدد: 7417 - 2022 / 10 / 30 - 02:32
المحور: الادب والفن
    


عن رواية "صديقي المترجم" للكاتب "خضير فليح الزيدي"

قبل ان اخوض في مجريات رواية "صديقي المترجم" للكاتب "خضير فليح الزيدي".. اودّ الإحالة الى قول الناقد العبقري "رولان بارت" واجعل منه مفتاح دخول الى مثل هكذا رواية شفيفة فيها الكثير من نقاط النجاح وغيرها، ولعل الكلام المختار هو الذي يجعلني أفسر الحذر الذي ينبغي عبوره لأسباب تقنية تداخلت في صميم المتن النص للعمل الروائي (ليس من الضعف أن تظهر شخصية البريء الساذج، الطيّب.. يجب أن تعلمنا بمصائر بقية الناس الذين كتبت عنهم، أن تعطينا الكيفية التي وصلوا بها الى نهاياتهم، حيث المعلومة الدقيقة هي التي تجعلنا نصدق ما آل إليه الحال). حيث الرواية المعاصرة باتت تبحث عن المعلومة وصدقها، وكلما بانت علامات التوازي الواضحة بين الإثنين استطعنا ان نقرأ بحياد ما على الناقد من تأشيره العارف لأهم تلك العلامات التي تسجل لصالح نجاح تلك الرواية. ولعل من جمال هذه الرواية لعبة تبادل الأدوار بين جنديين (برهوم وقاسم) رفيقا الحرب وزميلا الثكنة العسكرية الواحدة.. لكل منهما قصة احداهما يودّ أن يتخلص من تراكمات ضغوطات الحياة والزوجة والخيانات والثاني يبحث عن ولادة جديدة. يصادفهما اثناء احدى مهماتهما التي يقومان بهما معا أن يقع احداهما في مهمتهما الحربية قدمه على لغم ارضي ويحاول الثاني إنقاذه، وعندما يصلان حيث الى الحتم بان يموت احداهما قررا ان يتبادلا الدور والاسم في سبيل ان يحيا واحدا ويموت الثاني بديلا عن صاحبه الذي بين فكيّ الموت. جمال هذا الحدث يحتاج الى تمثل دقيق وقناعة تامة حتى يفرض المؤلف ذلك الموت الذي يمحي به اسما ويحيّ ثاني (تبادل قرص الهوية ومحتويات الجيب لم تكن كافية لتحقيق قناعة بنجاح ذلك التبادل) عن دفع بحركة (غير مقنعة وغير مأمونة العواقب) الأول الثاني للحياة ويذهب الثاني من الموت الى الحياة. الأول يكون شهيدا مضمون الحقوق والثاني يكون مفقودا تاركا خلفه علامة الايهام.
حيث تكتب الرواية في الغالب قبل ان يسبقها الباغي ويضع شهادته فوق الحقيقة، وتكون كلمة الروائي هي الوثيقة الظاهرة المتحدية للنسيان. حيث تقول الرواية ما يحجبه التاريخ كما يقول "كارلوس فونتيس"، ثمة مرويات ليست فنية وغير مقنعة تملأ الأفق من بعد ان باتت تحتاج الى إعادة نظر في طروحاتها التي لم تكن في يوم ما هي الصورة المثلى التي لم تكشف عن حقائق ما جرى. وذلك يبرر الحذر؛ حول اختيار كتابة تحليل بشأن روايات عالمية بدلا عن النصوص المحلية.. مؤشراً النقاط الذكية، الناجحة التي جعلتها تصل الينا، عبر المحيطات والسهول واخترقت لغات العالم ومن ثم وصلت الينا.. حيث يبحث الكاتب العراقي عن اسطورته الشخصية في المجاملة. وأغلب نصوصه تدل على عدم الخبرة، من قلة القراءة، بعضهم يكتب أكثر مما يقرأ..
ففي العادة تدهشني الروايات الذكية؛ حيث ينصب فيها الروائي فخّا سرديا يجعل قارئ روايته يحتار قليلاً أو كثيرا ولا يترك ما بين يديه من قراءة حتى يخرج نفسه من ذلك الفخ الذكي المرسوم بعناية واتقان. يمكنني تسميتها بالحيلة التي تعتبر من بين إحدى التقانات السردية التي تسجل لصالح السردية الروائية بشكل عام. النص الروائي العراقي تنقصه الكثير من الخبرة حتى يكون مقنعا وتكون له مكانة رفيعة بين اقرانه من السرود العالمية والعربية. وكلما وقع بين يدي احدى التجارب اعمد الى التغافل عن الكتابة عنه لان وجهة نظري متطرفة بعض الشيء لأني أقوِّمُ الاعمال الروائية وفق تقاناتها حتى تكون بمصاف الروايات التي علمتنا ماهية الرواية التي وصلتنا من العالمية فالرواية كجنس ادبي لم تكن عربية في البناء والتكوين، وينبغي ان تكون بمستوى تجعلنا نفتخر بها بين السرديات العالمية.
وهذه الرواية لا ينقصها المعلومة كما يبدو بعد ان توارد السؤال حول الفائدة من التبادل بين الشخصين، الاسم والصفة والوجود وكل شيء، كما حدث في رواية "الشخصان الغريبان" ل"رافائيل سباستيني" والتي ملخصها عن شخصين غريبين يتعرفان على بعضيهما في زنزانة واحدة بشكل دقيق وبعد ان يموت احداهما في الزنزانة يذهب الثاني الى بيت وزوجة الأول ويكاد ينجح في اقناع الجميع بانه الأول الذي عاد، باستثناء الزوجة التي تعرف بانه ليس زوجها ولكنها تقبل به بديلا عن زوجها الذي كان معها فضّا في كل شيء، بل وتدافع عنه في ان يبقى متقمصا لتلك الشخصية الغريبة؛ تلك الرواية العالمية المثيرة تحولت الى فليم شهير نال العديد من جوائز الاوسكار.
وفي نهاية رواية "صديقي المترجم" يختار لها المؤلف ان يموت أحداهما من اجل ينقذ صاحبه من الموت، ويغادر الحياة، والثاني يقبل بتضحية صاحبه حتى يغادر البلد كمفقود حرب، وهو المصاب بعنّة لا علاج لها، يتركه المؤلف يلاقي مصيره في لندن باحثا عن كينونته. على الرغم من سرعة الفصول نجد اننا امام رواية تجيد اثارة الأسئلة حول عبثية هذه الحياة انها عملية تبادل مبدعة تثير السؤال، أكثر مما تبحث في النتائج، وبقدر ما استطاع المؤلف بإبداع وحسّ عال وصف إحساس العِنّين بعثية الاقدار التي يساق اليها في الحياة. لقد رسمت تلك الصور عن حالة إنسانية عزلة الانسان بدون ان يمارس حياته الطبيعية وان يكون مخذولا كذكر هو الاخر امام الأنثى التي يشتهيها دون ان ينالها. نسجت تلك العلاقة لتعبر عن رموز حقيقية لتناقش غياب تلك الرجولة في الرجال الشرقيين المقهورين تحت قمع حكوماتهم، حيث تفتح بهم مشاريع حروب طاحنة تأكل من الرجال أغلى ما يملكون من شرف ووجود. لقد أدهشتني كقارئ دقيق- تلك التفاصيل الدقيقة التي استطاع فيها بيان مهمة الروائي المتمرس، وما عليه من مهام في هذه الحياة التي يصعب عبورها وتسليمها هكذا للغم اعمى لا يفرق بين الأول او الثاني. انها خيارات تسجل لصالح الابداع. نقطة مهمة عندما يتقن المؤلف إيصال الصورة ويضعنا امام ترقب النهاية الصادمة، ولكنها الصادمة بعدمية العمل الذي يقوم به المضحي من أجل صديقه بعد ان خانته زوجته. كما ينبغي الإشارة الى وضع إشارة تاريخية كموقف من الاحتلال البريطاني جاء لصالح المؤلف كإشارة وعي بالتاريخ بالرغم من ان البطل اختار بريطانيا للعيش والعمل فيها بعد غادر بلده. ان هذه الرواية جديرة بالقراءة حيث تصنف من بين الروايات القصيرة، "نوفيلا" رغم ان عدد صفحاتها حسب هذه الطبعة 190 صفحة من القطع المتوسط ولكن وفق العدد المحدود من الشخصيات التي وردت فيها، بعد ان استخدم الكاتب أسماء فصول لم تكن تصب في صالح القارئ فقد عمدت على تشتيته بعمد عن مجرى الاحداث المشوقة التي حوتها. هنا؛ أسجل اعجابي بهذه التجربة بعد ان استطاع ان يثبت فيها ان للكاتب جولة وللقارئ جولة.
2022-10-27



#محمد_الأحمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم رواية 5 القاع العميق في رواية نساء البن ل جورجي امادو
- العالم رواية 6 العنصرية المقيتة في رواية -مسلم ويهودية- للكا ...
- عن رواية -الباشا وفيصل والزعيم-
- عن رواية الاحتلال للفرنسية آني ارنو
- العجائبية في رواية -زمن للقتل- للكاتب -إينيو فلايانو-
- ايزابيل رواية أنطونيو تابوكي المذهلة
- عن رواية أيام الطالبية – ل عادل سعد
- البصري محمد خضير
- غياب التقانة الروائية في مسرات سود
- عن رواية قيامة الحشاشين
- عن امواج عبد الله ابراهيم
- مفاهيمي الخاصة في التجنيس الأدبي
- التأريخ وعاطفة المنبر
- التواضع والكاتب
- ملاحقة التأريخ
- اللغة الحس
- في ذكرى الموسيقار العظيم محمد عبد الوهاب
- تضع كفها على قلبي حمامات بيض تنزل، فلا اموت
- الفصل /3/ ليلى والحاج
- عن الرواية عامة


المزيد.....




- وفاء لوصيته.. فنانة لبنانية شهيرة تعود إلى المسرح بعد أسبوع ...
- مصر.. منشور غامض لفنانة شهيرة يثير قلق متابعيها
- الخبير في الثقافة الإسرائيلية أورن شالوم: إسرائيل تتجه نحو ا ...
- تونس.. وفاة مغني الراب أحمد العبيدي الشهير باسم --كافون-- عن ...
- رغم خلاف قديم بينهما.. فنانة مصرية شهيرة تفجّر مفاجآت مع إعل ...
- أزمة ورثة الفنان محمود عبد العزيز وبوسي شلبي تفتح ملف توثيق ...
- الفنان الشهير سيلاوي يكشف أسرارا عن معاناته وعن الظلم الذي ت ...
- المواطنة في فكر محمد بن زايد... أطروحة دكتوراه بامتياز لعلي ...
- تمثالان عملاقان من فيلم -ملك الخواتم- بمطار.. فرصة اخيرة لرؤ ...
- حمدان يعقد ندوة حوارية حول واقع الثقافة الفلسطينية في معرض ا ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأحمد - نماذج من الرواية العراقية تستحق الوقوف (4)