محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1692 - 2006 / 10 / 3 - 10:05
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
وللوصول إلى تحقيق النقابة المبدئية التي ترتبط ارتباطا عضويا بالطبقة العاملة وبباقي الأجراء, وتعبر عن إرادة كل الكادحين، لا بد من:
ا ـ العمل على التخلص من الممارسة البيروقراطية بالتركيز على فضح وتعرية الممارسة الانتهازية للأجهزة النقابية، التي تقود إلى إنتاج الممارسة البيروقراطية، كوسيلة لتوظيف النقابة، والعمل النقابي, في العلاقة مع الشغيلة, ومع الإدارة في القطاعين: العام، والخاص، من أجل خدمة المصالح الاقتصادية، والاجتماعية، للأجهزة البيروقراطية. ففضح وتعرية الممارسة البيروقراطية، والخلفيات التي تقف وراء إنتاجها، هو نفسه فضح، وتعرية الممارسة الانتهازية، وما تشكله من خطورة على مستقبل النقابة، والعمل النقابي، لكونها تقف وراء إنتاج لا مبدئية النقابة، والعمل النقابي، المتمثلة في الممارسة البيروقراطية، التي تنفي الممارسة الديمقراطية, ولا تعترف بها، ولا تسعى إلى تحقيقها، مهما كانت الشروط التي تقتضي اعتمادها في إطار النقابة، أو في علاقة الشغيلة بها, نظرا لطبيعة الجهاز البيروقراطي, ولطبيعة مصالحه، التي تفرض قيام الممارسة البيروقراطية، حتى يتمكن من خدمة المصالح. ولذلك كان فضح, وتعرية الممارسة البيروقراطية، وسيلة ناجعة للتخلص من البيروقراطية نفسها حتى يتم التخلص من الانتهازية، وإلى الأبد.
ب- العمل على التخلص من ممارسة تبعية النقابة لجهات معينة، حتى يتم احترام استقلاليتها، التي تعتبر شرطا لتكريس مبدئيتها، بالعمل على فضح المسئولين النقابين، الذين يساهمون بشكل كبير في تكريس تلك التبعية، حتى تقوم حركة نقابية، في صفوف النقابيين, وفي صفوف الأطر النقابية, وداخل الأجهزة النقابية, وفي صفوف الشغيلة، من أجل وضع حد لتبعية النقابة لأي جهة, كيفما كانت تلك الجهة, حتى يتم توجيه النقابة، والعمل النقابي التنظيمي، أو المطلبي، أو البرنامجي، أو المواقفي, أو التنفيذي، حتى يصير العمل النقابي نتيجة مساهمة الجميع: أجهزة نقابية, وأطر نقابية, ونقابيين، وشغيلة, وغير ذلك، مما له علاقة بتكريس مبدئية النقابة، التي تعتبر أساس قوتها. ومعلوم أن الجهة الموجهة، ومهما المسئولون النقابيون، الذين يعملون على أجرأة التوجيه في النسيج النقابي، فإنهم يعملون على استمرار التبعية، كواقع يرتبط بوجود النقابة نفسها, وإلا فإن النقابة ستتعرض للانقسام، أو الانهيار التنظيمي، والمطلبي، والبرنامجي, والمواقفي, والتنفيذي، مما يؤدي، بالضرورة، إلى تراجع النقابة, والعمل النقابي، في صفوف الشغيلة. لذلك كان فضح وتعرية ممارسة التبعية لجهة معينة, وتوعية الشغيلة بخطورتها، مسألة ضرورية، حتى يتم وضع حد للممارسة الانتهازية، لتلك الجهة, وللمسئولين النقابيين، الانتهازيين، الذين يعملون على أجرأة التوجه الوافد عليهم، مقابل استفادة معينة، حتى تصير النقابة ديمقراطية، تقدمية، جماهيرية، مستقلة.
ج ـ العمل على التخلص من النقابة الحزبية، باعتبارها ممارسة انتهازية، ينتجها الحزب الانتهازي، الذي يبني وجوده على أساس ضرب وحدة الشغيلة النقابية، التي تجد نفسها أمام كم هائل من النقابات، التي لا يجمع بينها أي شيء، نظرا لاختلاف الجهات المتحكمة في كل نقابة على حدة، إما باعتبار التنظيم النقابي تنظيما حزبيا, أو بفرض تبعية النقابة، أو باعتبارها مجالا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين. وحزبية النقابة، كممارسة انتهازية، تقتضي إخضاعها للتشريح، والنقد الموضوعي، من أجل الوقوف على الخلفيات، التي تقف وراء إقدام أحزاب إقطاعية، أو بورجوازية، أو بورجوازية صغري، أو حزبوسلامية، على تأسيس تنظيماتها النقابية.
وما مدى مساهمة النقابات الحزبية في ضرب وحدة الطبقة العاملة، وباقي الأجراء؟
وماهي الغاية من ضرب تلك الوحدة؟
ومن المستفيد منها؟
وهل يمكن أن نقبل على مستوى الممارسة النقابية الصحيحة أن يلجأ كل حزب إلى تأسيس نقابته؟
ولماذا تلجأ بعض النقابات التي تعتبر نفسها مبدئية إلى التنسيق مع النقابات الحزبية، وهي تعلم أنها أسست لضرب النقابة المبدئية؟
إن فضح، وتعرية، وتشريح لجوء أحزاب معينة، إلى إنشاء نقابات معينة, وما مدى خطورتها على مستقبل العمل النقابي الصحيح, وبيان انتهازيته، التي تجاوزت كل الحدود, ومن أجل أن تعي الشغيلة بكل ذلك، وبخطورته على مستقبلها، وبوقوفه وراء تكريس استغلالها المادي، والمعنوي, ووراء استهدافها بالاستغلال الرأسمالي الهمجي في إطار العولمة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، التي تجتاح العالم بقيادة منظمة التجارة العالمية، التي تقودها أمريكا، حتى يتوقف عمل من هذا النوع، لصالح قيام النقابة المبدئية، التي توحد الشغيلة في صفوفها, وتخلص في الدفاع عن مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية, وتعمل على تحسين أوضاعها المادية، والمعنوية، وتمكن الشغيلة من المساهمة في الحياة النقابية من بابها الواسع.
د ـ العمل على التخلص من اعتبار النقابة مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، كممارسة انتهازية، يجب أن تكون منبوذة في صفوف مناضلي النقابة المبدئية، ما دام يسئ إلى النقابة، والعمل النقابي, وما دام يسعى إلى تحقيق أهداف ليست هي أهداف النقابة، والعمل النقابي الصحيح، والمبدئي. لان ممارسة من هذا النوع، تصرف أنظار النقابيين، والأطر النقابية، عن المشاكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية, والمدنية، والسياسية، التي تعاني منها الطبقة العاملة، وسائر الأجراء، للتفرغ إلى مناقشة نقطة واحدة في جدل أعمال النقابيين، والأطر النقابية، من الكاتب العام للنقابة، إلى آخر منخرط، هي كيف نستغل النقابة، والمقرات النقابية, والعلاقات النقابية، والإعلام النقابي، من أجل تأسيس حزب معين, وهذا الحزب، هو الهداف الإستراتيجي, والعمل من أجل تأسيسه هو الهدف المرحلي, وعندما يتأسس، تصير النقابة تنظيما حزبيا، موازيا, أو منظمة تابعة للحزب, ومنفذة لبرامجه، ومعنية باسمه, وإذا صار الحزب ممارسا للعمالة الطبقية، تصير النقابة، أيضا، ممارسة للعمالة الطبقية, وإذا شارك الحزب في الانتخابات، تصير النقابة تابعة للحزب، وعاملة على الدعاية له, وساعية إلى أن ينال الحزب المزيد من العطاء الجماهيري والشعبي، حتى يحصل على تمثيلية في المؤسسات المحلية، والوطنية، تمكنه من تكريس العمالة الطبقية، ومن موقع التواجد في المؤسسات المزورة, ومن أجل منافسة العملاء في ذلك، انطلاقا من التواجد في تلك المؤسسات، وسعيا إلى تنفيذ جميع التعليمات، حتى يصير الحزب محتلا المكانة التي تليق به إلى جانب الطبقة الحاكمة. وبعد ذلك، فلتذهب الطبقة العاملة، وسائر الأجراء إلى الجحيم. ولذلك نرى ضرورة نبذ تحويل النقابة إلى إطار للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، لما لذلك من أثر على مبدئية النقابة، وعلى مستقبل العمل النقابي.
ه ـ العمل على وضع حد لتسرب الحزبوسلاميين إلى النقابة، وإلى العمل النقابي, لأن هؤلاء يحولون النقابة إلى إطار لتكريس أدلجة الدين الإسلامي, ونشر هذه الأدلجة، في صفوف الشغيلة، وطليعتها الطبقة العاملة، ومن خلالها سائر الجماهيرية الشعبية الكادحة، نظرا لكون وجود هؤلاء في النقابة، يتناقض تناقضا مطلقا مع مبدئية النقابة، لاعتبارات نذكر منها: أن مؤدلجي الدين الإسلامي من الحزبوسلاميين، لا يهتمون إلا بنشر أدلجة الدين الإسلامي، ولاشيء سواه، لأنه بقدر ما تنتشر تلك الأدلجة، بقدر ما يتقوى الحزبوسلامي، وبقدر ما يتقوى الحزبوسلامي، بقدر ما يضعف الآخر، المتمثل في الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، مما يمهد الطريق أمام الحزبوسلامي لممارسة العمالة الطبقية للطبقة الحاكمة، من أجل الاستفادة من الخيرات المادية، والمعنوية، المنهوبة من عرق الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة، أو من أجل العمل على السيطرة على أجهزة الدولة الطبقية، والوصول إلى بناء ما يسمونه ب: "الدولة الإسلامية"، التي تعمل على تطبيق "الشريعة الإسلامية"، وبعد ذلك فلتذهب مشاكل الشغيلة، وطليعتهم الطبقة العاملة إلى الجحيم، لان طرح المطالب سيصر مسا ب: "الإيمان"، وكفر بالقدر، ونكران لفضل الله على البشرية. وانشغال بأمور لا علاقة لها بالدين الإسلامي. ومن هنا, ففتح أبواب النقابة أمام الحزبوسلاميين، معناه: إنضاج شروط إقبار مبدأ التقدمية، ومبدأ الديمقراطية. والنقابة إذا لم تكن تقدمية. وديمقراطية, فإنها تفقد مبرر وجودها, وتصير عاجزة عن استقبال الطبقة العاملة, وسائر الكادحين، لأن العلاقة مع الأجراء بصفة عامة، إذا لم تكن ديمقراطية, وتقدمية، لا تؤثر فيهم. فتبقى النقابة منحصرة, ومحجمة, ولا تقوى أبدا على أن تصير جماهيرية, وبسيادة الحزبوسلاميين فيها تفقد استقلاليتها.
وهكذا يتبين أن التخلص من تبعية النقابة لجهة معينة, أو من حزبيتها, ومن جعلها مجالا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين, ومن جعلها وسيلة لإشاعة أدلجة الدين الإسلامي, ومن الممارسة البيروقراطية, يعتبر أفضل وسيلة لجعل النقابيين يحافظون على مبدئية النقابة, لأن الديمقراطية, والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية ، والوحدوية، هي أفضل وسيلة لجعل الشغيلة، وطليعتها الطبقة العاملة، وسائر الكادحين، يحصنون النقابة من التحريف بأشكاله المختلفة.
فهل تمتلك الشغيلة الوعي الكفيل بالقيام بذلك؟
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟