أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الإحسايني - من هو المبدع؟















المزيد.....

من هو المبدع؟


محمد الإحسايني

الحوار المتمدن-العدد: 1691 - 2006 / 10 / 2 - 08:22
المحور: الادب والفن
    


يظل المتتبع للحيزات غير العادية في طبوغرافيا الكتابةوارتسام الحلم، واقفا في حيرة أمام وضع يتأرجح فيه.
المبدع بين إعطاء أهمية كبرى "للإطار"، وبين إعطاء ذات الأهمية للإ بداع، مروراً بتوسلات "هوميروس" لربات الشعر أن يهبنه نعمة الإلهام، وتأملات أفلاطون الجمالية المرتبطة بإيحاء ات ميتافيزيقية، والمرور لاحقاً على المدرسة النفسية التي تعتبر الإبداع مرتبطاً باللاوعي اوباعتباره نوعاً من الإنتاج الجمعي دون أن ننسى أيضاًتصنيفات المدرسة السوسيولوجية ونظرتها إلى المبدع.
الخلاصة أن الإبداع يوجد حيثما يوجد الإنسان، منذ أولى تجاربه البدائية في التصوير، والنحت، وأناشيد المطر وتضرعات وثنية أو إلهية...
لكن من هو المبدع؟
لنحاولْ أن نصف المبدع بهذه البساطة الفجة: كائن عاقل، انفعالي، خالق، يعيش في وسط اجتماعي، لايجد فيه الضروريات، أو انعدامها فحسب؛ بل يتخذ ذلك الوسط أساساً لنمو قدراته الخاصة، وميوله المتـقدمة.
أشك أن يكون هذا الوصف صالحاً لتعريف المبدع؛ وإن كان أي وسط اجتماعي مفترض،قد تميزه بيئة مشحونة بمضامين ثقافية، وتاريخية؛ ولو أنه في هذه البيئة يتم تبادل الأثر والتأثير، بدينامكية متفاعلة يفرضها الصراع الاجتماعي، ضمن إطار نوعي يختاره المبدع نفسه، عن طواعية، كي يميزه عن بقية المبدعين ولو مؤقتاً، أثناء رصد التحولا ت في مجالات شتى من بينها مجاله الخاص ذاته.
هذا التعريف يروم نظريةتحاول تحديد المبدع وحصره.بهذه الطريقة الفجة، المتمنطقة بعقلانيةقاصرة، تسعى إلى أن تبني حجتها كالتالي:
لولا كون المبدع عاقلاً ذا حساسية، ولا وعي، ما كان له أن يكتسب تلك الصفة، ولا ذلك الحس، الذي يرسم طريقه عبر طبوغرافيا غير مألوفة... ثم بعد ذلك يأتي الإلهام متوقعاً، أو مباغتاً، تاماً، أومبعثراً في لحظات خاطفة.
إنها مجرد محاولة تقريبية تترك وراءها عدداً من أسئلة أخرى.
منذ هوميروس إلى الآن، يبدو أن تجاهل تلك اللحظات الخاطفة قد يؤدي إلى الا رتباك، وحصر الأمر في الحدس وحده.ذلك أن اللحظات الخاطفة هي التي يصعب رصدها والتقاطها، وإعادة شحن ومضاتها، في حزمات -إن جاز هذا التعبير- ثم تفجيرها عند الحاجة، حاجة اللاوعي. وهذا التجميع اللاواعي هو من ميكانيزمات الإبداع. إعادة الشحن للومضات، يحول دون انحرفها في طريقها إلى وجدان الفنان المبدع، خلال تأرجح عملية التوهج...
أما تلك الأفكار التي تحيلنا إلى "السماء فوقنا والأرض تحتنا"؛ فهي جانبية، ضالّة، ومضللة لأنها تدعونابمنطقها الصوري الفج، إلىخضوع ميكانيكي، تضيق عنه أفكارنا الخلاّقة،المتحررة من القيود، خارج الزمان والمكان. إنها لاتمت للإبداع بصلة،إذ هي تحوم حواليه، دون ان تتجرأ على اقتحامه.
هذا التورط الميتافيزيقي للمبدع هو الذي دعا الفلاسفة إلى أ ن يظنوا أن الكاتب، أو الشاعر، او الفنا ن، يمتلك شخصية مختلة في توازنها، وهو الذي جعل شاعراً مثل "بودلير"، يكسر البلاغة اويحاول إعادة تكسيرها، ومن بين العديد من الأمثلةالملخصة لنظرته وموقفه من التشبيه الشامل الذي تنبني عليه الاستعارة، أنه اتجه إلى استعارة اخرى قلقة، ومتوترة تكسر الأسس البلاغية التقليدية وتعتمد على فلسفة ميتافيزيقية : نجد ذلك في تشبيهاته واستعاراته التي تنعدم فيها اوجه الشبه بين {الصوت} المسموع، {والعطر} المشموم،{واللون} المرئي. وهذا الموقف الميتافيزقي يتجلى في أن وراء المحسوسات، جوهر ة الجواهر؛ وهو مانجده في قصيدة تجاوبات أو تطاقات: حيث يتم تحويل الطبيعة إلى معبد:


الطبيعة معبد يرتل فيه دهاقنته

أحياناً غوامض الكلمات،
يمر فيه الإنسان عبر آجام من الرموز
تراقبه بنظرات مألوفة
تتجاوب العطور والألوان والأصوات،
فيه، كالأصداء الممتدة من بعيد تمتزج
في وحدة مظلمة وعميقة
واسعة كالدجى، فسيحة كا متداد النور.
* انظر مقدمتنا في ترجمة "سأم باريس" في جريدة "الصحراء المغربية" المعنون: بحثاً عن مفاتيح غرفةبودلير المزدوجة.عدد :19-1-2004 وعدد:20-1- 2004
ومن ثم، تقوم مثل هذه الأطروحة على مقدمات ونتائج مرعبة: عندما يسعى المبدع إلى اكتساب نوع من الاتزان بينه وبين الآخرين، أي الخروج من البوتقة التي انغمس فيها منذ نعومة أظفاره، إلى أن شب مبدعاً يبحث عن نوع من التكامل النفسي والاجتماعي، مع ما يعترضه من نجاح، وإخفاق، في ممارّ الكتابة الإبداعية.فهو إذن، يسعى على كل حال،أن يخرج من قوقعته، وينغمس في بوتقة الـ" نحن" بدل الـ"أنا ا"، حيث تظهر باكورة تجربته متبلورة ضمن إطار نوعي،كاتباً كان،أو شاعراً، أوفناناً تشكيلياً أوموسيقياً...إلخ
كل ذلك، قد يحدث بعد أن يستفيق المبدع من انغماسه المطلق في خلواته، وتوتراته، واختلال توازنه.
وكأن المبدع البئيس أمام عملية جاهزة بكل الميكانيزمات المفترضة.
نظرية، تلو نظرية، كل واحدة تفسر الإبداع، وكل واحدة منها تلغي الأخرى، من ميتافيزيقية ومادية...
ولا نعجب بعد ذلك إذا ارتفعت أصوات بعض المبدعين الكبار الذين نالوا شهرة ما، باتهام إبداعاتهم بضرب من الجنون، أونرى الحبيب الدائم ربي يقوم بمحاولة طرح مبدإ الانتحار، لينتهي الى أن المبدعين لاينتحرون وحدهم.
... ودائماً، كالعادة، يرتبط الانتحار بالجنون، أو بالإ بداع، كأنها جميعاً عناصر متجانسة.
ولكنْ، هناك أيضا انتحار فلسفي عبثي...فما علاقة كل من الجنون، والانتحار بالإبداع؟
هل نلغي كل النظريات التي حاولت تفسير الإبداع، بالبدء من الأول: هوميروس، سقراط،- الذي جرع كأسه في ألم -، فأ فلاطون، وارسطو، إلى يونغ والمدرسة السوسيولجية ،بغض النظر، عن الانتحار اعند المسلمين في القرون الوسطى[ الجوهري الذي ألقى بنفسه من عــل]؟
في إمكاننا تحليل كل تلك النظريات واحدة تلو أخرى ومقارنتها، ولكن لايمكن إلغاؤها، أوتجاهلها، بل تجاوزها بالإتيان بعملية تخارج للإ بداع.
أين نحن من كل تلك النظريات ؟
يقول "موريس بلانشو" : "من الضروري دائما ًتذكير الروائي أنه ليس هو الذي يكتب عمله الأ دبي، لكن هذا العمل هو الذي يشد ذاته من خلاله، وانه مهما شاء الروائي أن يكون نير البصيرة، فهو موكل بتجربة تتجاوزه، إن لم تهده". ومن هنا تأتي فرادة المبدع، عندما يجسد فكرة جديدة أوينفذ إلهاماً مبتكرا ًلم يخطر علي بال أحد سواه.











#محمد_الإحسايني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تباشير الصباح / غسق المساء.لبودلير
- تباشير الصباح
- أوفيليا
- الجمال... لشارل بودلير
- باروديا بودلير تهدم الصورة والصورة الأخرى للأم
- باروديا بودلير
- سمو
- صولجان باخوس لبودلير
- الدعوة إلي السفر شعراً ونثراً للشاعر شارل بودليراً
- هبات الجنيات
- نكد الطالع لشارل بود لير
- رامبو/ أطلق عليه صديقه فبرلين النار ليلتهب فصل في الجحيم
- لماذا نجمة الجنوب؟
- هوس قصيدة النثر
- قراءة في-مرثية إلى عصفورةمن الشرق- لمرح البقاعي
- احزان القمر
- ماالذي يحدث في عالم خال من الشعراء
- البطروس ... لشارل بودلير
- صلاة اعتراف الفنان
- الكلاب الطيبة


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الإحسايني - من هو المبدع؟