أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبو قمر - المصرية














المزيد.....

المصرية


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 7391 - 2022 / 10 / 4 - 06:33
المحور: الادب والفن
    


العامية مش لهجه ، العامية لغة ، خليط من اللغة المصرية القديمة واللغة القبطية والعربية ولغات أخري ، الخلطة الجميلة دي هي إللي بيقول عليها المثقفين ورجال الدين اللهجة العامية ، إنما هي في الحقيقة اللغة المصرية إللي ابتدعها المصريين في مواجهة اللغة العربية الصحراوية شديدة الجفاف إللي دخل بها العرب إلي مصر.
لغة العرب مكنش عندها قدرة علي استيعاب تفاصيل حياة المصريين المليانة فنون وصناعات وزراعات متنوعة ونظام سياسي تراتبي ومفهوم للدولة مكنش موجود عند العرب ، فضلا طبعا عن العلوم المختلفة زي الفلك والطب وهندسة البناء والتشييد ، ودا لأن لغة العرب مكنتش بتحتوي غير تفاصيل الحياة الرعوية والأنشطة التجارية بما في ذلك تجارة العبيد والجواري والقنص والغارات علي القواقل.
لغة أي شعب بتبقي محملة بأنشطة هذا الشعب وبكيفية إنجاز الأنشطة دي وبأسماء وأشكال الأدوات المستخدمة في إنجاز الأنشطة المختلفة للشعب ، كمان بتبقي اللغة محملة بالقوانين الداخلية لمفردات الطبيعة إللي قدر الشعب يسخرها لخدمته زي مثلا الصخره إللي بيعمل منها الانسان تمثال أو مسلة أو بينشيء بها معبد ، لو مكنش الإنسان إللي بيشتغل الحاجات دي عارف يدخل علي الصخرة من أي اتجاه ولو مكنش عارف إيه الأداة إللي من الواجب عليه يستخدمها في تعامله مع الصخرة كان ممكن يحطمها ومكنش ممكن أبدا يحولها إلي تمثال غاية في الدقة والبراعة.
المصريون كانوا يملكون ناصية الأمر ده ، لكن لغة العرب أثناء دخولهم إلي مصر كانت خالية تماما من الأبعاد دي ، والكلام ده مش انتقاص من لغة العرب ، فلكل شعب ظروف حياة مختلفة عن الشعوب الأخري ، وظروف الحياة العربية مكنش لها أي صلة بظروف حياة المصريين.
وزي ما قال بريستد في كتابه ( فجر الضمير ) إن المصريين هم أول شعب بني نسق للأخلاق في التاريخ ، والنسق ده كان بيشمل قيم التعايش والسلام والوحدة بالإضافة لقيم العمل والانتاج والابداع المستمر في الفنون والفلك والطب والهندسة وتشييد الصروح الدينية والدوواين وما إلي ذلك من التفاصيل إللي كانت بتؤكد إن المصريين مكنوش بيهتموا بإللي كان بيهتم به العرب في حياتهم الصحراوية.
يعني مضامين لغة العرب كانت بتختلف عن مضامين حياة المصريين ، الحياة الصحراوية كانت تبرر خشونة اللفظ وغلظته وعنفه وعصبيته ، والصراعات القبلية كانت مبررا للغة التعالي والتفاخر والتمايز ، وكان دا كله مبرر أيضا لفخامة اللفظ وجزالته وغرابته بالاضافة إلي ما في التعبيرات من محسنات بديعية توحي بحسن ترتيب الكلام وإيجاز المعاني لأن الكلام كان في حد ذاته هدف بغض النظر عن المعني إللي كان بيشير له.
علي العكس من ده كانت حياة المصريين ، فالحضارة المصرية ما انتجتش كلام ، إنما حولت الكلام إلي نظام ، إلي دولة ، إلي فنون متنوعة ، إلي طب يسبق عصره ، إلي هندسة بناء مبهرة ، إلي زراعة تحقق الوفرة ، إلي صناعات مختلفة إبنة عصرها ، إلي علاقة فريدة مع الخالق ، إلي قيم إنسانية مازالت متأصلة في الضمير العام.
من كل ده برزت اللغة المصرية الجميلة والبسيطة إللي بتحتوي علي مافي الروح المصرية من مرح وطيبة وعشق للحياة ، اللغة إللي بيقولوا عليها ( لهجة عامية ) ، إنما هي لغة متتضمنة كل الشروط إللي تخليها توصل المعني في أقل حيز من التركيز والكثافة وبتركيب غاية في الدقة والبراعة والجمال ، وأهم حاجه في جمالها إنها قدرت تطوع الحروف العربية بالشكل إللي يخليها تبدو عربية في حين هي مصرية خالصه.



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصليب
- السبهلله (29)
- السبهلله (28)
- السبهلله (27)
- السبهلله(26)
- السبهلله (25)
- السبهلله (24)
- السبهلله (23)
- السبهلله (22)
- السبهلله (21)
- السبهلله (20|)
- السبهلله (19)
- السبهلله (18)
- السبهلله (17)
- السبهلله (16)
- السبهلله (15)
- السبهلله (14)
- السبهلله (13)
- السبهلله (12)
- السبهلله (11)


المزيد.....




- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
- تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
- عزف الموسيقى في سن متأخرة يعزز صحة الدماغ
- درويش والشعر العربي ما بعد الرحيل
- -غزة صوت الحياة والموت-.. وثيقة سينمائية من قلب الكارثة
- -غزة صوت الحياة والموت-.. وثيقة سينمائية من قلب الكارثة
- بائع الصحف الباريسي علي أكبر.. صفحة أخيرة من زمن المناداة عل ...
- لماذا انتظر محافظون على -تيك توك- تحقق نبوءة -الاختطاف- قبل ...
- فاضل العزاوي: ستون عامًا من الإبداع في الشعر والرواية


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبو قمر - المصرية