أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - بتلة ورد















المزيد.....

بتلة ورد


محمد الدرقاوي
كاتب وباحث

(Derkaoui Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 7389 - 2022 / 10 / 2 - 16:11
المحور: الادب والفن
    


بالكاد خرجت من محنة عمرها، محنة حنطتها في حداد على نفسها، جثة متمددة على سرير الموت ، تطل على الحياة سجينة في سرها، أوقفت زمانها عن الفرح ، تتوسل قبض روحها، ،تستكبر ما فقدته في حياتها ، وما فقدت غير بتلة ورد في ذاتها تورق بتلات أجدى وأروع ، غرغرات الدمع مايحسسها أنها حية .. فمن يفك قيدها ؟
وأتاها على فرس أبيض ، أركبها خلفه ثم انطلق .. لها قال :
ـ تمسكي بي ، أعدك بعد اليوم لن تسقطي ..
بكت وله اعترفت : السقطة في قلبي، والجرح غائر يا سيدي..
بدأ الفرس يمشي الهوينى ، وكلما راوح بين قوائمه خطوات شمخ فتحس بحصنها،بقوتها، بحريتها، برغبتها في التحدي..
ماعادت تخشى أحدا ،فالفارس قد غرس في أعماقها ان ما تحسه مجرد هواجس خوف طفولي ، تحكمت من تربية قهر ، وتقاليد الجدات والشيوخ ، فصارت رهبة نفس.. هي كما هي،منها لم يتغير سوى قدٍّ كلما نمت زادته السنوات تناسقا ، جمالا وأنوثة ..
ـ ألا تراقبين المرآة ؟ ارقصي لنفسك وانتبهي لتقاطيع جسدك ، كم هي فاتنة ،آسرة !! ..
كلما خبب الفرس ا زدادت بالفارس التصاقا ،له تفتح السمع والبصر، تفتح الصدر ،هل صارلها ؟ إحساس به طاغ ، كل يوم يبيد فيها اقوالا من تربية الأساطير والأوهام، يشعل في نفسها عزيمة وقوة إرادة ، يكنس بقايا حطام من مخها ، يغير إيقاعا انتظم عليه عقلها ، يعلمها كيف تهرب من زمن كم أرقها، فتعيد ضبط نظامها الذاتي بنفسها .. بدأت تخف ، حمامة قد صيرها تفر من سجنها ، تغني للحياة من جديد وتنصت لنشيد الأماني .. تعلقٌ به حد الوله ،ومهما كان في حياته من أنثى غيرها فلن تستطيع نزعه منها حتى ولو ظلت له عاشقة بلا أمل ، المهم أن يبقى لها ،وله تأوي بحديث ، بعقل وجسد وروح ..
صارت وهي في فصلها تستبطن الابتسامات من تلامذتها ، تراقب فرحهم وغضبهم ، خوفهم وانشراحهم ، هم أنفسهم لاحظوا تغيرها ، ماعادت وجها مغلقا بصرامة ، ولا أنياب يأس تمضغ الحصرم ، أثر المرآة صار تورد خدود، كحل عين ،واتقان هندام ..
وطرق الباب رجل بذكورته مغرور .. قال: أنا زوج ولي أبناء ، فهل يكون لي في العانس بنتكم نصيب ، ضرة تجدد شبابي .. أي شباب له عاد وهو خلف راتبها على هم الزمان راكض !! .. ؟
وأتت فارسها تهرول من خوف القبول يوقعه أب شاخ ، وأم يئست من فرحة تطل على ابنتها من عنوسة بها قد مرحلت السنين ..
حبيبي رأسي ينكمش ،وعلى نفسي قد فقدت السيطرة ،افتني في رجل أتاني يستغل عنوستي يتطلع لراتبي ، توهمني قطرة كالحة ..
قال: أريد رأيك أولا ..
قالت ، انا بك محاصرة ، مطوقة برأيك ، بما منك قد اكتسبت ..
قال : ايتها المحصنة بي ،من أتت خلفي بلا رهب و عاهدتني أن بعدي تقتفي الأثر : الرجال صاروا عناكب فساد ، فكيف يطولك الرضى ،وانت تصرفين على شبه رجل، لايأتيك الا ليلا لينهب راتبك، ويرمي فيك أزمته، ثم يعود لبنيه ؟
أظن زمن الاماء مات ، وانت حرة .. عانس تحيا بعناية خير ألف مرة من زواج استغلال وذل ..
قالت : حبيبي لك ابقى ولغيرك لن أكون ..أنت نسمة صيف بددت قحط حياتي..
ووجدت نفسها تعيش حياة ماعرفتها من قبل ، استسلمت لفارسها بالروح والعقل والجسد.. ماعاد يربطها بعالمها غير اعمال يومية عادية لا يمكن أن تبعدها عن فارسها ..
ولأول مرة تذوقت معنى أن يلتصق جسد بجسد ،وأن تذوب في عناق ، وترتوي من رحيق القبل ، تستمتع ،تهتز وتنتشي ، وكلما ارتجفت بين يديه أحست أن الدنيا تكبر بها ، تفتح لها الأذرع ، لم يعد يؤرقها غير رصيد حياتي تتجاوب به ومن خلاله مع فارسها ، في حين أن ما يبثها، وبه يهمس لها لغة تحيط بكل شيء ، حتى الفجور حين يسربه لها آهات وزفرات .
ـ حبيبي علمني ، تكلم ودعني أردد بعدك ..
يقبلها ، يلعق جيدها وخديها ثم يعض شحمة أذنها :
لا اريدك أن تكوني ببغاء مرددة ، قولي كل ما تحسين به ، أي لفظ على لسانك رقص ، تفوهي به ..
هكذا صارت تذوب شخصيتها في فارسها ، صارت نسخة منه ، سمكة هو ماؤها ، لايغيب لحظة عنها في عمله الا أحست بالدنيا تنقلب في عينيها ،بمزاجها يتعكر ، ونفسها تنقبض .. أين ذهب ؟ أين تأخر ؟ من يكون معه ؟
أسئلتها لا تنطلق من غيرة عليه ، وانما من خوف أن يتركها وقد تعودته ،لا تتصور نفسها الا معه ، ولا تستعذب وجودها الا بين احضانه ، حبها له هو غير حب أنثى لرجل ، حبها له تلتحم فيه كل جزيئاتها ، تريد ان الا يفارق حضنها ولا تغيب عن ذراعيه ،هو فكرها وتفكيرها ، هو أحلامها التي تتلون بخلفياتها القديمة والتي تصارع النفس على ان تبيدها في عقلها وتجويفات نفسها ..
..وأتته ذات يوم، وجه باهت وخوف من عينيها اطلالة رهاب..
ـ مابك أنثاي ؟ ومن سرق منك رواء العين وبهاء الوجه ؟
دفنت وجهها في صدره ، وتركت يدها تتحسس منابت وجهه ، الكلمات تنخرس على لسانها احتراسا مما قد يصدر عنه،تكره أن يتغير أو يغضب ..
ـ حبيبي أنا حامل !! .. وأنا طوع يديك لاي حل تقترح ، عمري لك هبة ،المهم ألا تقلق أو عليَّ تغضب ..
وعليها يطرح السؤال التقليدي :
ــ وأنتِ مارأيك ؟
شلال من التوتر يلفها بحيرة ، بماذا ترد ؟ لن تخفي عنه احساساتها بفرح طاغ كونها تحمل بذرة منه ،لكن تخشى ردة فعله كأي رجل تفاجئه أنثى بما لم يكن ينتظر، بل هي نفسها لم يكن ليخطر لها على بال، فهيمنة العنوسة كفنتها بنسيان في قدرتها على استمرارخصوبتها، ولحاظ الأهل تتابعها شفقة ،أسفا وحسرة عليها استحوذت على كل تفكيرها فأنستها نفسها ، فلحظات مع حبيبها هي زمنها الآني والمستقبلي ، وهو عمرها الذي لا ينتهي الا بالابتعاد عنه ،فكل ماعداه هباء ..
ـ اريده حبيبي إذا أردت وأسقطه إذا أمرت ..
يرفع وجهها عن صدره ويحضنه بين يديه ،نظرة عميقة ثابتة من عيونه قلب عيونها تحرك مزيجا من إحساسات تعجز عن تـوصيفها، فصارت لا تركز الا على شفتيه، يضحك ثم يقول :
ــ أنا صديقك حبيبتي ، أليس كذلك ؟ وصداقتك هي التي قادتني الى نفسك ،ومن قلبك الكبير تولد حبك ، وما بين أحشائك لحمة من نفسك أنا من بذرتها برغبة وإرادة ودعاء فكيف أتخلى عنها وهي منك ؟ ..
أطلقت زفرة عظيمة وغابت وهي تشده بضمة طالت فخالها قد فقدت الروح .كان لا يسمع غير أنفاسها ؛ عض شفتها السفلى فانتعشت ..
وهو يودعها قال لها : حبيبتي !! .. موعدنا بعد غد مساء ..الا أحظى بعشاء من يدك في بيتكم؟؟..



#محمد_الدرقاوي (هاشتاغ)       Derkaoui_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنفاسها ترعف طيبا
- لحمة الشتات
- جمع الشتات : المقطع ماقبل الأخير من انغماس
- لحمة : المقطع الثالث من انغماس
- مرايا بيتنا
- مضيف قريب
- قناديل الوجع (التمفصل الثاني من قصة انغماس)
- موزونة ديال الجاوي تبخر المدينة
- هل حقا ماتت ضحى ؟
- يد رفضت أن تكون سفلى
- أمر سلطوي
- انغماس
- من تكون سناء؟
- جمرات تحت الرماد
- شوق
- لو نلتقي
- من سجني سميتك أنثى
- من قطر فيك فاسد العسل ؟
- فيك جمعت عشقين
- -درب جا ونزل-


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - بتلة ورد