أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - هل حقا ماتت ضحى ؟















المزيد.....



هل حقا ماتت ضحى ؟


محمد الدرقاوي
كاتب وباحث

(Derkaoui Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 7258 - 2022 / 5 / 24 - 21:00
المحور: الادب والفن
    


هل حقا ماتت ضحى ؟ !!.
شخوص القصة
سعد : رجل اعمال حرة غادر الوظيفة الى التجارة
بعد وفاة زوجته اثر اول زفرة وضع لها
مثقف واعي متحرر الفكر
سلمى : أخت المرحومة زوجته ،أنثى درست في الخارج
وحصلت على شهادة عليا في تخصص عالم الاعلام
عايدة : بنت سعد وهي هدية الفقيدة زوجته عند موتها
عزيزة : بنت عم سعد خطبها لكن سرعان مافسخ خطبته

هي لم تمت أبدا ،فصورتها مكمولة هي أوج التجلي في عايدة ابنته ،برموشها الطويلة، بعينيها الناعستين، بانفها الخناسي ،وغمازتها التي تضيئ خدها الأيمن سحرا ،كلما تبسمت او تكلمت ..اليوم يراها في سلمى أختها ، يراها بكل تلك العلامات والصفات وقد اكتملت في فتاة بلغت أوج أنوثتها ،لايمكن لرجل ان يقاوم لها سحرا ،سحرالاناقة فيما ترتدي، وسحر الكلمات اذا حاورتك ،وسحر الاشارات كلما ارادت ان توحي لك بشيء ولو كان لا يستحق الإشارة ،نفس الذكاء الذي يخاطبك بالعين قبل اللسان ،ونفس الحدس الذي يصيب ولا يخطئ في تقدير..
كل من رأى سلمى بعد عودتها من الخارج ينبهر لهذا التطابق في الشبه بينها وبين ضحى أختها ،كانهما معا فلقتي فول ،فيهلل او يسبح أو يكبر.. كلما ضمها الى صدره اثر عودتها من رحلتها الدراسية التي استمرت خمس سنوات ،استعاد ذكرى ضحى من خلال ضغطات أناملها على كتفه الايسر وطريقة حك وجهها بوجهه وهي تقبله ..
فهل حقا ماتت ضحى ؟
هاهي أختها التي كان عندها مثلا وقدوة صارت تحمل له حبا قد ترسخ ، تشبثت به بعد حلم كانت قد راته، فتملكها ،وصار لها دافعا قويا واملا يستحق التضحية بعد موت ضحى ..
قالت له في احدى جلساتهما : كنت اذا سمعت اسمك احسست الذبيب في ذاتي يسري.. وكلما كلمت عايدة عبر الهاتف او النت وسالت عنك تقول : انه يتمطط بين تجارته وبين المنتديات العربية ،يتسلى بالكتابة والدردشات
ما كانت تحركني غيرة من بنات المنتديات العربية فقد كنت اعرف ان الشرقية لن تحرك سواكنك لما تتمسك به من تقاليد وعادات راسخات ،وهي وفية لتلك الطقوس كسمكة في ماء ،وأنت من وسط متحرر وتربية تؤمن بالاختلاف ،وما كانت لك ضحى الا أنثى تبادلك الثقة وسلوك الحرية ،فكلاكما من نفس الثقافة و التربية عكس أغلب الشرقيات اللواتي تربين على الخنوع والخوف و يتآلفن بين النقيضين الشك في الرجل، والغيرة من النسمة اذا مسحت وجهه بهبوب ...
كنت اعي أن ما تكتبه وما تستبطنه في مكتوبك من أفكار وفلسفة رؤى ونماذج حياة ،بعيد عن فكر الانسان الشرقي المطبوع على القبلية والتشدد في الدين بلاوعي، وا لتعاليم الوراثية التي فرضت عليه ألا يتعلم حوارا أو يتنازل عن رأي ، فقد ترسخ لديه انه الوحيد من كرمه الله لانه من خير أمة أخرجت للناس وبهذا فهو وحده من يملك الحقيقة ..
والغريب أن سلوكه يناقض ما يستبطنه حفظا بلا وعي، لا يضيره ان يزني او يكذب أو ينافق أو يرد دينا عليه باليسر كما أخذه ،ولكنه عند الحديث يجتر محفوظات كطحين الرحى الذي لا يتغير له حب أو كما يقول المثل الدارجي :"الرحى تدور والتشيشة هابطة" ...
وقد تابعت الصدى الذي خلفته قصتك : "اسألوا جانيت مربيتي" بعد نشرها بالفرنسية وما حصدته من جوائز وبين ما نالته من تقريع بعد ترجمتها الى العربية من عقول مازالت تعيش حياة الكهوف ،
لاتميز بين حقيقة متخيلة وبين معلومة دينية من وحي منزل ...
كنت دائما اتمثلهم بآيتين من القرآن الكريم حفظتهما من التعليم الابتدائي :
"يحسبون كل صيحة عليهم "
"وكالحمار يحمل اسفارا "
العربي حين تناقش معه سبب هذه الانطوائية يتحجج بالوسط والبيئة والتربية ، كلهم تقريبا يدافعون بنفس الفكرة كأنها وحي ما نزل الا على عقولهم ..ولكن أية تربية هذه التي تبقي العقل الإنساني متحجرا فيما قاله السلف بلا إعادة نظر أو غربلة فرضتها علوم ومعارف جديدة مكنت العقل من
أدوات متطورة للتمييز بين أزمنة التاريخ ،لكل زمن رجاله وقومه المتحكمون فيه بما توفر لهم من أفكار وآراء ونظريات ومن حرية وديموقراطية وحق في التعبير ..كنت أعزو ذلك الى ان بعض العرب الذين كانوا يشاركونني الدراسة لم يكونوا غير أبناء حكام يريدون الوصول بأموال آبائهم لا بعقولهم وجهدهم ومعاناتهم الشخصية ؛ولكن بعد لقاءات متعددة مع غيرهم من العرب ،كان الأمر لا يختلف كثيرا ..فهم كما يتفقون على النظرية التبريرية التي تتهم كل ماعداهم يتفقون في الوهم الذي يرين على عقولهم، ان كل أنثى هي للرجل ملك وحرمة لا تعصي له أمرا ،لهذا كنت لا أخشي عليك من بنات العرب في المنتديات ،فأنت لن ترضى بأنثى خانعة لا تعرف من الحياة الا ما قد تم طبخه في عقلها حول الرجل السيد المطاع ،والذي يجب ان ترضيه جنسيا أكثر مما ترضيه في مأكله ومشربه وتشاركه الفكر والنقاش ، فهي لاتعرف حتى اعداد عشائها وتتكل على الخادمة في كل شيء ،كما لا أنثى منهم تقبلك بافكارك التحررية .. التي توحد الله من منطلق العلم والدليل بلاخرافة ولا أوهام ولا خوارق صنعتها الأجيال بالاحلام والازليات ..ربما تعجب بك ولكن لن تغامر معك ومن ورائها القبيلة بكل خلفياتها التقليدية وطائفيتها وتحيزاتها والتي تمنعها من مغادرة المدينة فأحرى ان تغادر الوطن من مشرقه الى مغربه ، خصوصا اذا كانت من دول تسقط الجنسية على بناتها ان تزوجن برجل أجنبي من خارج الوطن ..عقدة العظمة هي فلكهم المركوب ،وفي قصورهم يراقص الشيطان الحريم وبهن يلهو ..
كان يستمع لها بكل ما يملك من عقل وحواس ،فقد أبهرته بما تقول ..بصدقها بعفويتها وبقوة ثقة في نفسها راسخة ..هل حقا هي ذي سلمى الصغيرة التي كانت تستمع أكثر مما كانت تتكلم ؟...
حين حرك شفتيه ليعلن اعجابه وضعت يدها اليمنى على فمه وباليسرى ضغطت على خده ، تنهدت وقالت :
ـ كان لظى الشوق اليك هو ما يحرقني..احساسي بنار الوله كان كاويا بين ضلوعي وأنت لا تدري ...
راي في عينيها بوادر مطر ..
لم تأكلني الغيرة الا يوم أخبروني انك خطبت عزيزة بنت عمك ؛كدت أموت حسرة وحزنا ،خوفا عليك ، فبين أيامك مع أختي وكيف مرت وأنا عليها شهيد وبين بنت عمك وما هو معروف عنها ،ما بين السماء والأرض ،وعيا وثقافة ونمط تربية ،وقد داهمتني من جراء ذلك حمى خشيت منها على نفسي ..
طفرت من عينيها دمعات نزلت على الخدين ثم عادت تدفن وجهها في صدره ؛شدها اليه بقوة ،لعق دموع خدها ،لثم يدها ثم وضعها على خده كما كان يحب ان يفعل مع ضحى ،وكما كان يفعل مع عايدة ابنته حين تبكي من مغص او صداع ، وكما يفعل مع سلمى الآن ..
تنهد بعمق وقال: كيف لم انتبه لكل هذا الحب ؟ ما أغباني !!..
تطلعت الى وجهه وقالت وهي تبتسم : الغباء ليس في عدم الانتباه .. لا تراوغني ..يابو عقل كبير .. الغباء في كل انسان يتشبث بنظرة أولى ولا يحاول تغييرها .. أو يخشى تغييرها ويطبق القاعدة العربية : كم حاجة قضينها بتركها ..كنت َمعذورا ..فما كنت ُلديك الا الصغيرة التي عاشت معك .. تساعدها في دروسها وتأخذها الى المدرسة صباحا وبعد الزوال ثم تمر عليها عند رواحك لتعود معك الى البيت مساء ..
تابعت وكانها تكمل حديثا سابقا :مرة قرات في احدى الدراسات ان العربي هو الانسان الوحيد في العالم الذي يكره ان يكبر، يموت في تقديس الأجداد ، و يمقت التغيير ويلتزم بماضيه حتى ولو كان كفرا ... تنهدت ثم استرسلت :الزمن نهر دافق لا يتوقف له جريان ومن يعاند السير اتجاه الدفق جرحته الاحجار ونتوءات الضفاف ..
مدت لسانها لارنبة أنفه ..غافلته ثم عضته ؛ضحكت وقالت :هكذا !! ..
تألم ثم تلمس أنفه وقال :اول الاوسمة على وجهي ..
تداعت صور ة ضحى في خياله يوم مسكت انفه بمقدم أسنانها، وصار يتوسلها من خياشيمه ان تترك أنفه ..
اعادته سلمى اليها بسؤال فاجأه :كيف وجدت بنت العم؟ الم تخبرك من كان وراء طلبها شقة فوق مهرها ؟
رد : لا.. فيكفي ان تقايضني أنثى لابتعد عنها ،لان من تقايض لا يمكن ان تحب او تربي ..
ضحكت وقالت : صحيح كلامك ..لكن اسمع مني الحقيقة ..
قطب حاجبيه استغرابا :منك !! ..وما دخلك أنت ؟وكيف وصلت اليك ؟
هل الحاجة كانت تخرج أسرار البيت دون علمي ؟
أم هي عايدة كانت تصير راوية في حلقة حين تكون في ضيافتكم ؟
ـ نظرت اليه نظرة عتاب لكلمة حلقة ..وضعت يدها على فمه وقالت وهي تضحك : لانقيم حلقات نميمة في بيتنا ،وأنت اول من يعرف هذا.. لا هذه ولا تلك يا خطيبي العزيز ان بعض الظن إثم :
ـ هاتفت بنت عمك لابارك لها خطبتها منك ..
ضحكت ثم تابعت :بصراحة لم تكن تلك غايتي ،فلا يربطني بها كبير علاقة فلم نلتق الا مرة أو مرتين في حياتنا ..هاتفتها لأقيس مقدار هذا الحب الذي استطاع أن يثيرك فيخطفك مني .رغم غير قليل من المشاكل التي سببتها اسرتها اليك . فما كنت اعرفه عن عزيزة من صغري انها أنثى لا مبالية ،انتهازية ثم عرفت اباها يوم نازعك حقك في نصيب والدك من شركة العائلة، أما أمها فكانت بينها وبين ضحى مسافة ،لان ضحى قالت لامي مرة : كلما صادفتها اصابني مكروه ..وكان رد أمي :كلكم معين الا من بورك ..فتجنبي اللقاء معها ..والأمر يقف هنا ..
من الغرابة اني حين كلمتها وجدتها كأنها في انتظار احد من اسرتنا لتسأله عنك ..
بعد التهنئة والعبارات العادية فاجأتني بالقول : سلمى حبيبة قلبي ممكن تخدميني بإفادة حول سعد ..اريد أن أكون له الزوجة المثالية كما كانت ضحى ..
يا بعدها عن ضحى وأخلاق ضحى وفكر ضحى ..!!!!
..كانت عبارة حبيبة قلبي منها طمعا ، نفاقا ،ووصولية قلة ثقة في النفس واهتزاز في الشخصية ، فأنثى تسأل غيرها عن ابن عمها بدل ان تسال نفسها معناه تريد تحقيق مكاسب آنية بضربة قاضية بعيدا عن علم ممن يحيط بها من الأقربين ..
بادرتها :من عيوني عزيزة ... فكلنا نحب سعد، و نتمنى ان يعود الى حياته الطبيعية بعد أن عانى ماعاناه ولايزال
ودون ان تسمع نهاية لعبارتي قالت :
أولا اسالك عن عايدة بحكم تواصلك الدائم معها ، طبعها ما تحب وما تكره .. ثم عن طبيعة سعد فانت قد عشت معه كثيرا أيام المرحومة ضحى ..
بسرعة أدركت ما تريد وميزت بين السؤالين :عارض عن عايدة ومتقصد عنك ،وقارنت بينك وبينها :بين رجل مثقف واع ،من صغره وهو جوال بين بقاع العالم سيان كان مع ابويه او وحيدا وهو طالب يدرس في الخارج، او مع المرحومة زوجته .. ميسور الحال ، متواضع يعيش حياته بلا خلفيات ،حطام الدنيا لديه ليس كل شيء ... وبين امرأة تسعى لارضاء أنانيتها قبل رضى من ستتزوجه ،ويصير لها شريك عمر تتباهى به وهي لا تستحقه ..
وساءلت نفسي : هل مثلك من تهدر أنثى وقتا في السؤال عنه حتى ولو كانت بعيدة عن محيط الاسرة ،فأحرى أن تكون بنت العم ؟.
بصراحة واتتني الضربة في غبية لا تستحقك ، فقد تصونك الضربة مما قد يعكر هدوء نفسك وراحة اسرتك ،لان مثل عزيزة لن يجلب معه الا المشاكل وصداع الراس ،فأبوها لم يرحم مرضك ولا حالتك النفسية واصر ألا يقوم بتقسيم شركة جدك بعد موت الحاج ،وما تحاول إدخاله من أفكار جديدة على التسيير والتوزيع ،واهما ان ذلك سيخرب شركة الاسرة فهو كان مشدودا الى النماذج القديمة في الاقتصاد خوفا من الحسد والضرائب ...
سرقتني صورتك عنها ، حلمي بك ، أملي الذي بنيته في أن أكون لك بدل المرحومة أختي ،فباغتتني بنداء :
سلمى هل انت معي ؟
بادرتها بالقول: معك حبيبتي افكر في نصيحة اقولها لك، لكن قد يكشفني الزمان واصير في عرف سعد أنثى صغيرة بلا عقل ،تتدخل فيما لا يعنيها ..قالت:
سلمى اقسم بالله ان هذا حديث لن يتجاوزنا معا ، قولي حبيبتي ..
كانت متلهفة على ان تسمع ما يوقعك في حبائلها المريضة ..
قلت لها : عزيزة !!..لو كان سعد يريد الزواج لتزوج من مدة ،لكن هو لازال يعاني من صدمته ،ومن خوفه على عايدة بنته ،ومن مشاكله حين أراد توزيع الإرث لتأسيس شركة مستقلة .. كل هذا لم يكن سهلا بين افراد اسرة معروفة بتماسكها ومشهورة بعلو كعبها علما واصلا ونسبا ، و أنا لا ادري شيئا عن طباعك حتى اعرف ما أقول بالضبط ،وقد سمعت انه ارتبط بشرقية ثم تركها .. والانثى منا لو بادرها الزمان بطلاق فربما تظل طول ما تبقى من حياتها تعاني من تقولات الناس وأطماع الرجال ،فعلى الأقل يجب ان تفوز بشيء من رجل قد لا يرحم حتى حبها له ، أو يراعي صلة الرحم ...
كنت أتسمع أنفاسها قوية من وراء سماعة الهاتف ، حتما وجد كلامي في نفسها هوى .. وفجر ت اللهفة حقيقة أعماقها ..
قالت وفي صوتها رنة انبهار : انت ذكية سلمى،رائعة ، واشكر الصدفة التي جعلتني التقي بك ،مارايك لو اطلب منه ان يكتب لي شقة في اسمي فوق مهري، فوالده عمي سليمان قد بنى عمارة من النوع الرفيع قبل وفاته مازالت بها شقق فارغة ..
قلت لها فكرة مقبولة لن تكلفه شيئا بالنسبة لما يملك .. لكن فكري جيدا قبل عرض رغبتك ..هذا يتعلق على مدى قدرتك السيطرة على مشاعره ..ووسائل الاغراء لديك ..أنت أنثى ، هل تفهمين ؟
كانت تريد ان تطرح علي أسئلة أخرى فاعتذرت ان لي موعدا مع طبيب الاسنان ... ودعتها وانا أحس بفرحة الجشع في كلماتها يزفرها الصدر قوة أنفاس ، وفي نفس الآن بالضربة القاضية منك لاني أعرفك وأعرف افكارك وقراءاتك للحروف والكلمات الا اذا كان ذكاؤك قد غيبته بعض بنات المنتديات العربية ..
تنهدت بعمق ..ومطت شفتيها نحو فمه ..دلى لسانه اليهما ..
رن هاتفها .كانت صورة أمها تظهر على الشاشة
سالتها أين أنت ؟
قالت اختطفني هذا وادارت واجهة الكاميرا اليه :
حيته أمها بادب كما كانت دوما تفعل منذ ان تزوج بنتها الأولى ضحى وقالت : ليتنا نجد دوما رجلا يختطفنا مثل سعد ،سانتظركما على العشاء لا تنسوا الحاجة وعايدة ..
وأعاد السؤال نفسه وقد صب عيونه قلب عيونها
هل حقا ماتت ضحى ؟
تذكر قولتها: لن أموت ياسعد سيظل كل ما بعدي اقوى من حضوري في حياتك ..حبي لك لن يموت حية وميتة وهو ما سيوجهك ويؤطر حياتك ..



2 ـ أنثى تعيد للنهر الجريان
حين دخلت عليه مكتبه كان يرد على بعض تدخلات الأعضاء في أحد المنتديات،تبادلا
التحية بعناق وعضة خفيفة على شحمة أذنه ؛طلب منها دقيقتين يتمم فيهما ردوده ؛بعد هنيهة كان يحسها تدقق في وجهه.. قالت :
ـ تغيرت ياسعد !!..
قفل حاسوبه واعتذر ثم قال لها : الزمن يمرحلنا فيتغير فينا كل شيء ..
لم تغادر البسمة وجهها ..بسمة تذكره بأختها ..بنفس الغمازة على الخد ونفس العيون الكحلية توهمك عند تبسمها انها غافية من سكر .
قالت : من يتصور أن سعدا يصير كاتبا بلغة الضاد ؟
ضحك ثم قال : ولماذا يظل مستلبا يتحدث ويكتب بلغة أجنبية ؟
أمالت براسها الى اليسار ثم قالت :
العادة ولغة الدراسة ..
قال : وعلينا ان نتخلص منها الى إرادة حتى لانموت في غربة داخل الوطن ..
مدت يدها، وضعتها فوق يده وقالت:
ألا تحس بوجودي ؟
ضحك استغرابا وقال :
أحسك، فانت سلمي ..أخت المرحومة زوجتي صارت بأنوثة طاغية، وماعادت صبية تتقافز كفراشة في براءة الطفولة ..
قالت: ألا تغريك أنوثة سلمى بقبلة غير ماكانت تناله منك في طفولتها ؟ فاليك قد أتيت طوعا أحمل حبا هدية...
زفر من ذكرى غزت مخه ..حركت شريط الماضي في خياله ..
قال: سلمى دوما في خيالي طفلة صغيرة .. وهي وسم من ماض لازال يحفر في ذاتي بأثر بليغ ..
ارتمت عليه وطوقته بذراعيها ..قالت: جرب فسلمى بين يديك امرأة بكامل أنوثتها ،فيها تستعيد ماضيك، تجدده في حاضر ربما يكون أحسن وأبرك،أشتهيك ياسعد !! .. لن تجد غيري تحبك كما أحببتك ..ولن تجد غيري أما لعايدة كما عايدة تتمنى وانت لها تريد ..
يدرك أنها صارت أنثى شهية ، لكن صورتها الطفولية هي ما يهيمن عليه .. قبل خدها وهمس في أذنها :
ياطفلتي احذري قد تدخل علينا الكاتبة ...
ادركت انه أراد التخلص من عناقها ..توارت ..ردت شعرها الطويل الى الخلف ثم قالت :
سأنام الليلة عندكم وسأكون الليلة لك فاحذر ان تتهرب كما تهربت أول أمس ..لنا كلام كثير يلزم ان نطرحه للنقاش ..
قبل يدها حتى يبعد عنها فكرة التهرب، وبخفة دون ان تراه ضغط الجرس على كاتبته ..حين دخلت الكاتبة قدم لها ملفات اليوم وقد غمز سلمى باشارة ،انه كان على حق حين خاف دخول الكاتبة عليهما ..
ركزت النظر في كاتبته تتفحصها ، رددت في نفسها
ـ لا .. لن أخاف عليه منها ..
غيورة ..ذاك ما أوحته له نظرتها ،من أعماقه نبع صوت أختها وقد قالت له ذات صباح وهي تطوقه بعناق :
لن اشك فيك ياسعد ابدا ..لاني أعرف من أنا عندك، ولن توجد أنثى تقدم لك ما اقدمه لك برضى وبكل التوق الذي يتمناه رجل ..أحبك ياسعد ،وادرك أنك على خلق..
قصدت سلمى كنبة أمام مكتبه وارتخت عليها ..
كان يحس قلقها .. تتابع كل حركة يقوم بها ، وكأنها تقشر سلوكاته لتعرف حقيقته نحوها ، تمنت لو يترك كل شيء ويخصها بزقات ولمسات ..وكلمات مما تعشق أي أنثى ..
كانت تتمنى لو أعتصرها بقبل تنسيها لثمات الطفولة منه على خدها ..
وهو يجمع اشياءه من فوق مكتبه قالت :
سعد هل تذكر حلما كنت قد رايته وأنا صغيرة ؟
حاول أن يستعيد ذكرى ما قالت ..لم يفلح ..او ربما تظاهر بذلك ؛باشارة من راسه أبلغها نسيانه ..
قالت: ألا تذكر يوما ونحن على مائدة الإفطار قالت لك ضحى يرحمها الله :
كيف تفسر حلم امرأة ترى نفسها تسلم مفتاح بيتها الى أختها ؟
يومها أنت قلت لضحى ضاحكا ووجهك من وجهها اقرب : المفتاح دليل علم ومال ..الشهادة عندك ،والمال من مهنتك .. فماذا تريدين أكثر ؟
قالت : لست انا من رأى الحلم .. سلمى .
قلتَ وقد استدرت نحوي : ستكون عالمة ودخلها كبير
ستكبر ويخطفها زوج فتنسانا ويصير كل شيء له ..
ضحكنا وقد قطبت في وجهك وأنا أردد : الله يسترني من لص يسرقني ..
وتذكر الحلم .. تذكره بكل تفاصيله.. يومها قالت له ضحى حين عادت من عملها مساء وبعض التعب يبدو عليها من وطء الحمل :
أخاف أن أموت قبل الوضع ...يا سعد .. !
ضمها الى صدره بشدة وقال : اعوذ بالله ما الذي أوحى لك بذلك ؟
قالت : إحساس انتابني حين حكت لي سلمى ما راته في حلمها ..
في غرفة نومهما كانا تلك الليلة كعروسين ليلة الدخلة .. فر النوم من عيونهما وحضرت المتعة واستغرقهما شوق رهيب كأنهما في لقائهما الأول ..
وهما في الحمام قبل الفجر ضمته ضحى بقوة ماعهدها ابدا ؛سالها :مابك حبيبتي ؟
اغرورقت عيناها بالدموع وقالت وهي تزداد به التصاقا
ـ أحبك ياسعد وحبك طاغ على نفسي ،أقوى من قلبي، متى ينتهي الوضع فاعود لحبيبي ريشة تداعبه بلا ثقل ؟
لعق بلسانه دمعة علقت بخدها ثم قال :
ـ قريبا .. شهران وتخف حبيبتي ...
وهما يجففان جسمهما قالت :
سلمى تراك مثلها الأعلى ياسعد ..
رد وقد ساعدها على تجفيف ظهرها ثم شرع يلثمه :
وأنا أرى فيها طفولتك كيف كنت تتحركين وتبدين رايك بشجاعة وجرأة ،وتصرين على ألا يبزك تلميذ أو تلميذة في المدرسة ،هي شبهك في كل شيء ..
تذكر يوما كانت واسرتها مدعوين في بيتهم، وقفت على مائدة العشاء وخاطبت والده بجرأة نادرة :
ـ ساستسمحكم عن صراحتي وصدقي مع نفسي ..
عمي امد لك يدي طالبة يد سعد منك ..
في سريرهما كان تلك الليلة يتسمع أنفاسها متقطعة وبين فترة وأخرى ،تصدر منها تنهيدة اقلقته عليها ..
كان يرفع يدها التي تنام دوما قلب يده ويقبلها ..
فجأة أعادته سلمى اليها : سبحان الله اين سرحت ؟
تنهد بعمق وقال : في أيام ما ظننتها تفنى بسرعة، وتندرس في رمشة عين ..
اقتربت منه سلمى وضعت قبلة على خده وقالت :
نلتقي ليلا ونتحدث ..
ثم خرجت من مكتبه تخلف عطرها يحيي ذكرياته بوجيب قوي في الصدر ،ويبقي اثرها حضورا في مكتبه..أنثى أقبلت لتعيد للنهر الجريان
3ـ أنثى يقتلها العشق
وجدها تنتظره في مكتبه ! القلق الذي يكسو وجهها بعبوس لم يُغيِّب جمالا لمحيا ، تحركت عيناها الى الباب عند دخوله ، وقفت تحييه يعناق بارد ليس هو ما ألفه منها ، قبلها على خدها ودعاها للجلوس على أريكة ، ثم جلس على أخرى أمامها ..
أحس أن على لسانها أقوالا،وفي عيونها تشتعل اللهفة،فبسمتها المتوترة لم تخف الظل الذي يكسو وجهها ..تغابى ..فسألها :
أين ساقتك قدماك هذا المساء ايتها السائحة في وطنها ؟
اشاحت بوجهها الى جهة باب المكتب ، ضغطت على فكيها : ثم قالت :
الى صدري ..الى خيبتي .. !!!
قطب حاجبيه ، واثرُ بسمة في عيونه ، وكأنه قد استغرب كلماتها المتقطعة بفرنسية كانت تعاند أن تكون موحية ؛ قالت:
ـ سعد ممكن تسمعني بتأمل ؟ ..هل لك وقت ؟
بسرعة رد :طبعا اسمعك، ألست زوجتي ؟كل اوقاتي لك
ــ لا .. لحد الساعة ،لا ..ولا أظن أن كل اوقاتك لي ..لا تبالغ سعد ..فما كنت أعرفك ممن يكذب او يبالغ في قول !!..
حرك حاجبيه الى أعلى كنوع من الضيق على وجهه قبل ان يقول :
مابك سلمى ؟ صارحيني ..
قالت وهي تحاول ألا تغالبها دموعها :
سعد ..تعرف اني أحبك فوق ماتتصور ،وحبك لم ينزل علي كضربة حظ او هبة من احد ... حبك نما معي، احتضنته في صدري مذ كنت طفلة لاتعرف غير حب ابويها واخواتها ..عشت صغري وانت قدوتي ومثالي، وفي مراهقتي بعد ان توفيت أختي صرت َكل أحلامي كأني ما كنت أحيا الا لك ..كنتَ أرق ليلي ،وخيالات ِعقلي،وتمنيات صدري ..كنت لا اعرف من الحياة الا شيئين : حبك في صمت وانت لا تدري، ودراستي لانها قطار أملي ..
توقفت قليلا ، أخذت نفسا عميقا .. كان يتابعها وكأنه يسمعها لأول مرة ، فالتي أمامه ليست سلمى الصغيرة ، ليست الطفلة التي ترعرت أمامه ،صمتها أطول من كلماتها ، لا تهتم الا بدراستها ، حتى وهي تساعد أختها في أعمال البيت لا تهتم الاباسترجاع ما حفظت أو بدندنة لبعض الأغاني القديمة .. لاحظت ان كلماتها قد وجدت صدى في عمقه وأنه يتابعها بأمعان ...
قالت : بعد موت ضحى كنت وحدك هوسي لأحظى بك، وبك وحدك ..
حركته عبارتها ، فتذكر أن بعد عودته من رحلة علاجه ،اثر نكبة موت أختها كانت لاتفارق غرفة نومه .. أحس بضيق في صدره وهي تحاول اثارة ذكريات يجاهد النفس الا يذكرها أو تلوح له باثر ..
تملك هدوء ه وركز فيها النظر وهي تتابع كلامها ..
ـ لا أقول لك اني صددت الكثير، فانا لم اكلف نفسي ذلك لان سلوكاتي كانت تحذر كل من يحاول التقرب مني حتى قالوا عني" أنثى لا تعرف الحب"
حين كلمتني الحاجة عن مشروعها الذي يتعلق بفكرة زواجنا ،لم اتركها تشرح الدوافع والأسباب فقد عانقتها وقلت :
سعد عشقي وانا له زوجة،ولعايدة أما ،الا اذا رفضني سعد لسبب ما :أني مازلت بين عيونه طفلة ،او لارتباطات أخرى ..
أضفت وانا أهوي على يديها تقبيلا :انا من يتوسلك ان تساعديني على أن أعيد الفرحة لبيت عشت فيه واقدر أهله..
بكت الحاجة وقالت :
ـ وهل يجد سعد أحسن منك جمالا ونسبا واصلا ؟أنا فقط كنت أريد رايك ..أما موافقة الأهل فأنا كفيلة بها ...
مرة أخرى يسرقه ماضيه منها بذكرى .. كيف لم يفكر فيها من قبل ..ربما ظلت صغيرة في عيونه ..ربما.. صور كثيرة داهمته ..
تذكر بنت عمه وهي تقايضه عن ابنته قبل كتب كتابه عليها . ضغط على فكيه اشمئزازا وهو يتذكر عبارتها :
ـ سعد ..تعرف أني أحبك واني سأكون لعايدة أما، فبما يجود كرمك فوق مهري ؟ كانت تريد شقة باسمها ...في عمارة كان قد بناها والده قبل موته..
بدا يقارن بين قولين وسلمى تردد :
خمس سنوات وجميعنا: الحاجة،وعايدة ، والداي، وأخي ينتظرون تخرجي لنعلن خطبتنا او زواجنا مباشرة..
ركبته بسمة تغافل : "وحدي من كان آخر من يعلم"
حرك راسه سخرية من نفسه ثم تابع حديثها :
ـ عدت الى المغرب وقد كلل الله سهري ومثابرتي بشهادة قليلات من بلغنها من بنات وطني .. كنت أتمنى وجودك في انتظاري ..لكن كنت حينها مسافرا في مهمة تجارية ..لم انتظر قدومك الى بيتنا لتبارك لي فانا من هرولت اليك بعد ساعة من وصولي،و أنا من دعوت الحاجة لتنظيم سهرة تجمعنا جميعا ؛ كانت الحاجة حريصة ان أبيت عندكم لتفسح لنا وقتا مريحا للحديث والحوار ..
مطارق الذكرى تدق أم رأسه ..هي ذي سلمى الصغيرة تتكلم برزانة الكبار،وتكابد لتفتح لمستقبلها طريقا مضمونة ..هي ذي سلمى أنثى عاشقة ،واعية ،حريصة أن تعيد لنهره الجريان بثقة وثبات وعزم..
وتذكر أخرى من خارج وطنه ادعت حبه واليها شد الرحال فوجدها ضرة ثالثة لكبير قوم تحلبه بالليل وتخونه بالنهار..شتان بين تربية وتربية ، بين تنشئة تهدم كهوف الشك في النفس وأخرى تترقب المدح لترضى على نفسها حتى اذا لم تجد غير الضغط والرقابة والشك و التبخيس انقلبت الى افعى لا تبحث الا عمن تلذغه ..
تململت سلمى في جلستها فاعادته اليها ..قائلة :
في تلك الليلة ما حبست عنك نفسي ،فقدكنت مستعدة ان اهبك كل ماتريد ..وقد خامرني شك وانت تحاول ان تصدني مكتفيا بقبلات ولمسات كم ألهبتني !!!..كأنثى ماعرفت ممارسة الجنس أبدا ..لكن ما أحسسته كان كطوفان .. كم عذبني قبل ان أتركك وأتعذب توسلا لاغماضة نوم،ففرحتي لا يختصرها فظ بكارة قبل الأوان ، فرحتي ان أحقق حلمي واسعد ك، ان أعيد لك فرحة كنت الاحظها من صغري في عيونك وفي حركاتك وسكناتك مع المرحومة أختي،هي نفس الفرحة التي كانت ترين على البيت بين أمك وابيك؛فبيت يسكنه الحب وبه يسير لا يتغافل عنه الا غبي بليد ضحكة ...
شهقت كأنها تستعيد أنفاسا في صدرها قد توقفت ، وخنقتها دموع جاهدت النفس ألا تشي بها ، وبغليان جوفها .. استكانت قليلا ثم قالت :
سعد .. اليوم انطعنت وانا أرى أخرى مجنونة بك او هكذا كتبت على اسكايبي انت من تركته مفتوحا، فظهرت رسالتها على واجهة هاتفك تقول :"كما تريد حبيبي" ، صارحني سعد.. هل لك أخرى في حياتك انت معها في ارتباط وثيق ؟
بينهما ران صمت عسير ،وفي راسه دارت الف صورة وصورة..
صب نظره مكسورا قلب عيونها الحالمة وقال : سلمى..هي أنثى موجودة .. ،ولكنها بعيدة ..تفصلني عنها آلاف الاميال ..لم نلتق قط .. ولا اعرف لها وجها ، قهرها الزمان في زوجها فشلته رصاصة حرب ظالمة وصار أبناؤها الثلاثة عرضة للتشرد
فاجاته : اسمها تغريد أليس كذلك ؟
اندهل .. وقد اهتز منه الصدر : كيف عرفت اسمها ؟
قالت بعد تنهيدة عميقة :يوم ضممتني الى صدرك وانا قربك على سريرك قلت لك : هل تحبني سعد
فكان ردك : وكيف لا أحبك تغريد وانت صدري..
لم ارد ان اعلق لاني كنت أطمع في أكثر من عناق وتركت الامر للزمن،فانا معك قادرة على أن احميك ممن عداي،لكن اليوم بعد أن قرات عبارتها اليك كان لزاما ان اصارحك حتى نحدد لنا طريقا ..
امامه صارت تترى الصور ... الحاجة والدته ،عايدة ابنته ، تضحية سلمى وصبرها ،ثقة اسرتها ، الماضي الذي عاشه،تجاربه السابقة ، مستقبل ابنته، . تغريد وحاجتها الى تعليم أبنائها بوعد قطعه على نفسه ...
بسرعة فكر :يلزمه ان يكون ذكيا ..وأن يراعي الأولويات في حياته،مسك يدها وقال : تعالي
قامت وتحولت اليه ..أجلسها على ركبتيه ..قبل خدها وقال :
ياصغيرتي التي صارت أنثى يقتلها العشق .. أين انت اللحظة ؟
قالت :مع سعد..أجلس على ركبتيه ..
اعجبه تعبيرها .. ذكية ،تتقصد غايتها بلا لف ولا دوران.. قال : ومن الأقرب؟ أنثى قهرها الزمان تعيش بين طلقات المدافع وانهيار المنازل ،وتشريد الأهل، تترقب من سعد عطية شهرية لتعليم أبنائها ،ام من تجلس على ركبتي سعد .. تتشممه ..تقبله ..ثم تعاتبه وهي لا تدري حقيقة ما وراء المسافات؟
كان يدرك ان الحقيقة وحدها تخفف عليها من وطء الصدمة التي تغلي في صدرها صعودا ونزولا ،أحس أنها اندهشت لما سمعت فذكاؤها طار بها الى حيث ماعادت جدوى للكلمات ،ورأى ان دموعها و قد غالبتها فاضت على وجنتيها ..دفنت راسها في صدره وصارت كطفلة صغيرة تشهق من غبن ..
مسك يدها ..قبلها .. ووضعهاعلى خده ..
رفعت راسها الى وجهه وقالت :
سعد أحبك حبيبي ..سامحني ..ما تصورت الامر كما أنت شرحته..
ناولها ورقا نشافا ..مسحت وجهها .. قامت من على ركبتيه واستدارت نحو مرآة في مكتبه تصلح من زينتها..
ولعبت الذكريات بخياله ...
كان لا يحتاج كبير عناء مع أختها ضحى لتوضيح ما يريد..بل لم يحدث ان شرح كل مايريد ..فقد كانت تملك من الذكاء وسرعة النباهة والفهم ما يمكنها من فهم كل ما يريد توضيحه بإشارة أو بضع كلمات ....
كذلك بدت سلمى اليوم أمامه،تقرأ الكلمات بصورها ومعانيها،وتستنتج الحلول بلا حاجة للسياقات تترى ،او تكلف محدثها ان يطنب في توضيح ..
لم تغضب ولم تحتج ولم تركبها الغيرة لتقول كاي أنثى : أنا أوهي ؟
تنهد بعمق وقال : لك الحمد يا ربنا والثناء ،فقد كافأت صبري كرما ورضى..
4ـ رفقا بالقوارير ...
دلف الى مكتبه بعد حديث قصير مع كاتبته عن بريد اليوم ، راميا إشارة لحارس المتجر لجلب قهوة ..
كان ظهره لباب المكتب ، موليا وجهه لخزانة حديدية، حين سمع بكرة الباب تدار ، دون أن يلتفت قال : حليمة دعيني ارتاح أولا، الم اقل لك اني مرهق ؟
من خلفه رد صوت : طيب ،وانا أنتظرك حتى ترتاح..
بسرعة التفت حين أدرك ان الداخل عليه لم تكن حليمة كاتبته.. ما أن رأى الزائرة حتى هل وجهه بضحكة واسعة ، ترك ما في يده وأقبل عليها يعانقها ـ
أهلا للاحماتي .. هذا صباح مشرق سعيد ان تكوني اول من يزورني ..
أشار عليها بالجلوس ، ثم استوى قبالتها على كرسي ثان .. رفعت نظارتها الشمسية على راسها ..ورمت البصر على المكتب كأنها تتفحص محتوياته ..
أحس كان ما به من تعب قد تلاشى ،وأن أنشراح حماته ووجها الضحوك قد رمى عليه رداء من راحة كان يفتقدها وهو يلج باب المتجر منذ قليل .. أنيقة كعادتها، ماكياج خفيف يزيد وجهها تألقا ، وقد ارتدت جلبابا شبحي اللون ،وعلى جيدها لفت شالا بنفسجيا فاتحا ؛
حين فتحت فمها لتكلمه قاطعها : لقد طلبت قهوة ،ماذا تشربين ؟ قالت : أنسيت ما أفضل ؟
بسرعة رد : لا حاضر ... قام وطلب من الكاتبة حليبا بشوكولاطة ..
جلس على الكرسي وقال : خبريني أولا كيف صار حماي العزيز ؟ سلمى بخير ؟ هل ارتاحت نفسيا ؟
تنهدت وقالت : الكل بخير وانت أحق منا بالسؤال عنك جميعا ..
أدرك انها تجامله فهي تملك لسانا رطبا، وذوقا فائقا بقدرة لغوية على بلوغ ما تريد .. بارعة في توطئات تجعلها دوما منتصرة ..فهو ليس جديد عهد بمعرفتها، هي أم المرحومة زوجته الأولى كما انها ام زوجته الثانية بعد المرحومة ..يعيها جيدا ويعرف مدى حبها له ، ويقدر هذا الحب وكما يقول دوما :جميع الناس لهم أم واحدة ،ولي اثنتان ،لا استطيع أن أميز بين أم وأم ..
ركزت النظر في عينيه كأم تحسس ابنها بثقتها وإعجابها قالت :
سعد بلامقدمات ..سلمى تريد العودة الى بيتها ..بربك ألم تشتق اليها كما اليك قد اشتاقت ؟
أحس كأن تيارا هز نفسه حين سمع عبارة حماته ، تنهد ثم قال: وهل خرجت سلمى من بيتها حتى تعود اليه ؟
أحست المرأة انها أمام رجل شهم، بقلب كبير ،يتصرف بعقل وتقدير ، وأن حبها له هو حب لقلب لا يعرف معنى الكراهية ،فماعادت في حاجة الى تعليق وانما حاجتها الى مشاعر تحسس الجالس أمامها انها تكبر فيه هذا السلوك ..فنعم من ولد ونعم من ربى .. هي لم يرزقها الله الا ببنتين وها هو ابن لها الذي لم تلده جدير بالافتخار ،هو عطية من الله الكريم أن يكون زوجا لابنتيها معا ، فقدت الاولى اثر اول وضع لها ، وحرصت على أن تكون الثانية عوضا باتفاق مع والدته حتى تسهر على تربية بنت أختها ...
أحس كل منهما ان دمعات تسابق العيون فتعانقا ..
قالت وقد هدأت قليلا : لن اعلق لكن سننتظرك على العشاء الليلة ..
رمى بصره على الارض وقال : أنا ماتعودت من ضحى أن تغضب أو تحكي عما يحدث بيننا من سوء تفاهم ،لكن سلمى غير المرحومة ، وكأن كل واحدة منهما قد تربت في اسرة معينة رغم الطبيعة المنقوشة فيهما ..وحين قالت سلمى :اني ساذهب الى بيتنا كان ردي : لوذهبت فلن أتبعك ..
استغربت أن تكون العبارة قد صدرت منه ،هي لحظة غضب لا شك ،تعرف خلقه معرفتها بحب بنتيها .
كانت على وشك الوقوف لكن عبارته جعلتها تستقيم في مكانها وترد :
سعد حبيبي ، ضحى لم تلاحظ عليك يوما ما يقلقها ، وكنت أنت من أحبها وتعلق بها ،لكن سلمى أتت وفي حياتك أختها من قبلها ، وغزت حياتك أخريات بعد موت أختها ،مع ضحى لم تكن لك علاقات مع بنات منتديات عربية تستحوذ العاطفة عندهن على العقل قبل القلب، و تتحول الصداقة لديهن حبا بكل يسر وسهولة ، فيعشن خيالات الوهم .. سلمى لا تعرف شيئا عن عادات وسلوكات الشرق ، وانت نفسك ما تعرفت على الشرق الا من خلال تخصصك الدراسي ثم عبر المنتديات العربية التي أدمنت عليها بعد موت ضحى التي لم تقرأ رسائل حب شرقية من بنات المنتديات ..
أدرك الى ما تلمح اليه ، وحيث انه يعرف صراحتها وصدقها ،وان ما تقوله هو مجرد تذكير بما أثر في سلمى وفي صدرها قد حفر قال: لقد حاولت أن أشرح لها الواقع لكنها لم تصدقني ..
قالت : اي واقع ؟سلمى لم تحك عن أي شيء ولو حكت لعرفت كيف اقنعها بوجهة نظرك لاني خبزتك كثيرا واعرف عجيني واصالة خبزي، لكن سلمى احبتك بعيون مغمضة، وماعرفت غيرك في حياتها ، وانت تدرك هذا ، تربية سلمى وثقافتها علمتها ان الابيض ابيض والاسود اسود ولا مكان بينهما لمنطقة رمادية ..كل بنت تشب وفي حياتها شاب أو أكثر لكن سلمى شبت ولا رجل يتملكها غيرك ..
لهذا فسلمى قد غارت من أنثى تراسلك وتعد مراسلتها خيانة منك لوفائها ..
ـ ابدا ليست خيانة ولن تكون ..
ـ وماذا تعدها أنت ؟ صداقة بريئة من أنثى عربية ؟ لو لم تتعود طبع فتيات المنتديات العربية لصدقتك.. لكن .....صمتت قليلا ثم استرسلت :
ـ المهم ، ألايلزمك قطع هذه العلاقة حفاظا على سعادة بيتك ،وكرامة أنثى أحبتك منذ طفولتها ؟؛سعد أستغرب لاقوالك هذه ..ما بك ؟واي شيطان يتلاعب بعقلك ؟
تنهد ثم زفر وقبل ان يرد وقف ليتسلم ما طلب من كاتبته :
ـ ابدا لن استطيع قطعها فانا عن تلك الأنثى مسؤول؟ وسلمى تعرف ذلك وقد سبق ان تدارسنا الوضع معا ..
استغربت الحماة من رده وقد تفاجأت بغرابة ما تفوه به رجل تعتز بعقله وحكمته :
ـ هل تعرف ما تقول سعد؟ معناه تضع حدا لأنثى يكاد حبها يكون لك عبادة ؟ هل تدري ان سلمى لو سمعت هذه العبارة قد تنتحر ..حرام عليك .. كاني امام رجل لا اعرفه..
ادرك أنه في وضع لم يحسن فيه التعبير، وقد صار امام حماته في حرج خصوصا وهي تصوب سهام نظراتها اليه ، ومن نظراتها تخترقه نظرات أخرى حية وميتة .. شرع يبحث عن كلمات تسعفه ليشرح الوضع ، وقبل أن يفتح فاه للكلام قالت حماته : سعد انا امامك بين قولين .. من لحظة قلت : هل خرجت سلمى حتى تعود ..والآن اسمع انك لا تستطيع قطع علاقتك بالأخرى ،فهل تريد الحريم في بيتك ؟ فما كانت تربية الحريم من عاداتنا !! ..
ادرك ما تقصد فبادرها بالقول :
الانثى التي تتكلمين عنها تعيش في وطن اشل زوجها بقذيفة ، وجعل ابناءها الثلاثة عرضة للتشرد وربما الموت ،وانا تعهدت بنفقات دراسة الابناء ويشهد الله اني لا اعرف لها وجها ، ولست ممن ينزل الى حضيض الطائرين اللذين ينقران كرزة واحدة..أنا فقط فاعل خير، ومن هذا السلوك بدات السيدة تناديني أخي حبيبي..
كانت يده اليسرى على حافة مكتبه وهو يتكلم ، مدت الحماة يدها ووضعتها على يده كأنها تؤمن على كلامه ثم قالت: صدقتك سعد لكن لماذا لم تخبر سلمى ؟، لماذا لم تشاركها في قرارك كما تعودت ؟
وضع يده اليمنى على يدها وقال : وحق حب الامومة الذي ينفثه صدرك في صدري والذي لا أميزه عن حب الحاجة لي اني أخبرتها ..وظننت ان الامرصارعاديا بالنسبة لها .. لكن يبدو ان التعبير كثيرا مايخونني حين يتعلق الامر بالحديث عن نفسي أو خير اقدمه لوجه الله وأفضل ان يظل مستورا ..
ـ لا هي صراحتك وثقتك بنفسك .. أعرفك سعد، اصدقك انت ابني واحمد الله اني لم ألدك والا لما وجدت شابا مثلك لابنتي ..
كانت تتكلم وكأنها تريد ان تنفخ الطمأنينة في قلبه ، ورغم البسمة التي تملأ محياها فقد كانت عيونها تقول أكثر مما يتلفظ به اللسان ، عيونها حب وتحذير ، سعادة وقلق ، حيرة وخوف عليه من ان يكون مستغلا ممن تكاثروا على بوابات التواصل الاجتماعي بالادعاء والكذب والايقاع بالناس ،فالناس صاروا طباعا واحوالا ، فسلوكه مهما كان غريبا الى حد ما فهو يبدو مقبولا خصوصا وهي تعرف سوابق له وللمرحوم والده في مجال الخير ومد اليد .
تطلعت الى ساعة يدها ثم قالت : تأخرت سيظل حماك بلا غذاء اليوم ..
ـ مسك يدها اليمنى بين يديه وقال:
ــ لا لن تهيئي غذاء سنتغدى جميعا في ضيعتنا فموسم جني التفاح والبرقوق قد بدا ..انتظري
اخرج هاتفه وكلم المسؤول عن الضيعة أن يذبح خروفا ويهيئ الغذاء
ثم التفت اليها وقال : سنلتقي في ارض محايدة ومريضنا ماعنده باس .
عانقته وقد غزت الدموع عينيها : أنت عندي حب وتقدير ياسعد وعند حماك قدوة ؛وانا وهبتك كنزين واحدة بعد الأخرى لاني اعرف أصلك وفصلك فلا تعذب سلمى بعناد ،فهي ما تبقى لي وعليها أأتمنك
ضحك وقال :وأنا ؟
ــ والله انت سر الكنزوافضل مافيه ولكن رفقا بالقوارير.
ـ صدقت ..وانت من القوارير أما وحماة ،ومدافعة عن سعد وملينة مواقف ..
عانقته وقالت: آه منك ومن لسانك يافلذة كبدي !! ..
حين انصرفت هاتف والدته ان تتهيا للغذاء في الضيعة وزف لها الخبر
قالت: الحمد لله ان عاد العقل لابني لانه كان على وشك أن يبيع ربيعه لخريفه ..
وصل مع والدته متأخرا الى الضيعة فقد حبسته بضاعة وصلت متـاخرة وكان يلزمه البقاء الى ان تدخل بأمان الى المخازن ، حتى أن الحاجة والدته قلقت وهاتفته مرتين ..
كانت حماته تدردش مع أحد الفلاحين ،أما حموه فقد كان يقرأ جريدة صباحية تحت ظل شجرة تين وارفة..
كانت عيونه تبحث عن سلمى بشغف وقد لمحها تمرق من نافذة المطبخ
فما أن اشار على احد الفلاحين بافراغ ما في الصندوقة الخلفية للسيارة حتى اقبلت سلمى وفي يدها" بريوة" صغيرة ألقمته اياها وهي تضحك ثم ابتعدت ..
هي" بريوة" بلوز وعسل ورمزيتها كبيرة جدا فهي معنى للذوق والصمت كما انها رسالة حب تقول الكثير ..أدرك الدرس الخلفي الذي مارسته حماته ..
كان يتمنى ان تعانقه ، أن يضمها اليه لكن فضلت الاشارة والرمز على الفعل .
رآها تدخل احدى الغرف فلحق بها ، ما أن ولج باب الغرفة حتى ارتمت عليه ، شرعت تبكي ..
ـ ما ظننت ان حبك يفتر الى هذه الدرجة ياسعد .. ماذا فعلت ؟ خفت عليك من غيري . !!. سعد حبيبي أنا أحببتك بلا مكان ومنك تعلمت كيف أتحرر من الزمن ، احببتك كما أعبد ربي ثقة واخلاصا ..
حين فتح فاه ليرد عليها وضعت يدها على فمه، ضحكت وقالت :
ـ" البريوة" في فمك فضمني وهبني من فمك قطعة ،لم يقع أي شيء يستلزم حوارا وشروحا، ربما أخطأت وفي لحظة ضعف انهارت ثقتي ..
ضمها اليه وغابا في قبلة كان نداء حماته صحوة منها ..



#محمد_الدرقاوي (هاشتاغ)       Derkaoui_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يد رفضت أن تكون سفلى
- أمر سلطوي
- انغماس
- من تكون سناء؟
- جمرات تحت الرماد
- شوق
- لو نلتقي
- من سجني سميتك أنثى
- من قطر فيك فاسد العسل ؟
- فيك جمعت عشقين
- -درب جا ونزل-
- جمرة ملتهبة
- صورة ومرآة
- خيبة
- فراشة الضوء ملعبها
- بلاكرامة(2)
- بلا كرامة
- اليك تابع بحقيقة وجد
- كفى ! .. ذبت مايكفي
- الصخرة


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - هل حقا ماتت ضحى ؟