أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - يد رفضت أن تكون سفلى














المزيد.....

يد رفضت أن تكون سفلى


محمد الدرقاوي
كاتب وباحث

(Derkaoui Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 7201 - 2022 / 3 / 25 - 02:11
المحور: الادب والفن
    


حين اقبلت من المدرسة ، وجدتني على وشك أن أطرق باب كوخهم ..
كانت تحمل على ظهرها الصغير حقيبة بالية ممزقة الأركان رزحت تحث ثقلها ، وكأنها تاريخ اسفار الأولين والآخرين ، نظرت الى بعينين أثقلهما الضنى، وافتر ثغرها عن بسمة بريئة ماتت فيها فرحة الطفولة ، عانقتها وقبلت خدها ، بادلتني بقبلة أحسست حرارة لهفتها ، مسكت بيدي وقد اغرورقت عيناها :
ـ مابك زهرة ؟ أمك بخير ..
قالت وقد تدحرجت الدمعات على خديها :
ـ ستكون بخير حين تراك ..
أخرجت مفتاحا كان مربوطا بخيط قلب جيب تنورتها ، فتحت الباب وقالت :
ـ تفضل ..
تقدمت خطوات ثم التفتت الي وقد تلون وجهها بصفرة فاقعة : ـ لم اسمع لأمي حسا ، لعل غفوة قد أخذتها ،فهي لم تنم طيلة الليل ..
خطوت نحو غرفة صغيرة كعنابر السجون .. كانت الام ممددة على حصيرة مهترئة ، تتوسد مخدة لوثتها اتربة الحصيرة ورطوبة الغرفة ؛ دنوت من المراة .. كانت أشبه بهيكل عظمي ملفوف في خرق من ثياب رثة بالية ،
كانت تتنفس بصعوبة كانها في النزع الأخير من عمرها
لم اتوان في طلب سيارة اسعاف معجلا بالمريضة الى المستعجلات ؛ بعد نصف ساعة كانت في غرفة بالمستشفى ؛ بعد تحليلات وحقن ، كان القدر قد انزل حكمه ...
هكذا تموت بعض نفوس فقرا وتأبى ان تمد اليد في الشوارع بتسول ...
وقفت زهرة على منصة المعهد يوم حفلة تتويجها كأول أنثى حصلت على أكبر معدل وطني لتقول كلمة بالمناسبة ، ترقرقت دمعات على خدها ، تنفست بعمق ثم قالت وصوتها تخنقه حشرجة حزن وأسى :
نجاحي أهديه الى أمرأة فضلت أن تموت على ان تخرج للشوارع تمد يدها تسولا ..
نجاحي اهديه لأمي التي لم اسمع لها صوتا قبل أن تموت ولكني استبطن لها نصيحة :
اياك أن تجعلي يدك يوما سفلى، أو تقفي لغير باب الله ، فلن يقدم لك أحد عونا الا كان له فيك غرض ..
نجاحي اهديه لرجل كان يقول لي ولأمي : لن أغيب عنكم الا في سفر قاهر او اذا مت ..
نجاحي هو لهذا الانسان الذي اواني ،وأوقف علي دخلا شهريا لدراستي وكل ما احتاجه، فوقاني أن أمد يدي ، او أتوسل غير ربي .
ولن أنسى في يومي هذا أن اشكر كل من عاملني بلا نظرة شفقة ، ولا نظرة طمع ، ولا نظرة فوقية ..
شكرا لكل من كانت له في هذه الانسانة الواقفة أمامكم بصمة تحفيز، فسعى الى أن احظى بمنحة للدراسة خارج الوطن.
اعدكم أني لن أكون الا كما أملتم ورجوتم..
انفجرت القاعة بالصفيق وغصات الدموع ...



#محمد_الدرقاوي (هاشتاغ)       Derkaoui_Mohamed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمر سلطوي
- انغماس
- من تكون سناء؟
- جمرات تحت الرماد
- شوق
- لو نلتقي
- من سجني سميتك أنثى
- من قطر فيك فاسد العسل ؟
- فيك جمعت عشقين
- -درب جا ونزل-
- جمرة ملتهبة
- صورة ومرآة
- خيبة
- فراشة الضوء ملعبها
- بلاكرامة(2)
- بلا كرامة
- اليك تابع بحقيقة وجد
- كفى ! .. ذبت مايكفي
- الصخرة
- منجزات


المزيد.....




- شيرين أحمد طارق.. فنانون تألقّوا في افتتاح المتحف المصري الك ...
- بين المال والسياسة.. رؤساء أميركيون سابقون -يتذكرون-
- ثقافة السلام بالقوة
- هل غياب العقل شرط للحب؟
- الجوائز العربية.. والثقافة التي تضيء أفق المستقبل
- كوينتن تارانتينو يعود إلى التمثيل بدور رئيسي
- لونُ اللّونِ الأبيض
- أيقونة صوفية
- تــــابع كل المسلسلات والأفلام الهندي والعربي.. تردد قناة زي ...
- إطلاق ملتقى تورنتو الدولي لفن اليوميات وفلسطين ضيفة الشرف


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - يد رفضت أن تكون سفلى