أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالجواد سيد - أركان الليبرالية الأربعة - ديموقراطية علمانية سلام حقوق إنسان















المزيد.....

أركان الليبرالية الأربعة - ديموقراطية علمانية سلام حقوق إنسان


عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)


الحوار المتمدن-العدد: 7388 - 2022 / 10 / 1 - 04:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تظلم أيدولوجية فى الشرق الأوسط مثلما ظلمت الليبرالية والليبراليون ، فهى عقيدة الإستعمار وأتباعها إما خونة أو كفار ، ففى ظل أرضية صلبة من الأيدولوجيات الجامدة ، الدينية والقومية ، التى عاشت وتجزرت فى الشرق الأوسط على مر العصور ، بدا الليبراليون كجسم شاذ غريب ، يستصغر المقدسات ، ويساوى بين القوميات ، لايرفع راية الجهاد ضد إسرائيل ، ولا يتغنى بأمجاد الماضى التليد ، ولابحقوق العمال والفلاحين ، بل يدافع عن شعارات ومثل عليا خارج نطاق المعتاد ، كالديموقراطية والعلمانية والسلام وحقوق الإنسان ، وكأنه يصرخ فى صحراء ، لا يرد عليه فيها سوى أنين الرياح ،،،
تلك الليبرالية وصاحبها الليبرالى الغريب ، الذى لايزايد بالوطن والدين ، المتحدث فقط بإسم الإنسان ، مستلهم تاريخ الفلاسفة والكفار ، أعداء المسيحية والإسلام ، الذى لايقدر صيحات الزعيم ، إرفع رأسك ياأخى فقد إنقضى عهد الإستعمار ، ذلك الخائن لتراث الأوطان ، الذى يرى الكارثة فى الزعيم وأقوال الزعيم ، وليس فى الإستعمار وأعوان الإستعمار ، هذا الليبرالى الغريب ، من الطبيعى أن لايجد له مكاناً بيننا نحن الشرق أوسطيين المقدسين ، أبناء إبراهيم وإسحاق وإسماعيل ، أصحاب الديانات السماوية الثلاث ، وحضارة المحرمات الثلاثة ، الجنس والدين والسياسة ،،،
لعل هذا المدخل البسيط يلخص قصة الليبرالية والليبراليون فى الشرق الأوسط ، والذى إنتهى زمانهم مع خروج الإستعمار فعلاً ، ومع ذلك فقد فرض إتجاه حركة التاريخ نحو العولمة ضرورة عودة الليبرالية مرة أخرى ، حيث انها الإطار الفلسفى السياسى الوحيد الذى يمكن أن يلتقى فيه كل البشر، ومن ثم عاد معها ذلك الليبرالى الغريب ، يفتح كتاب التاريخ ، ويبحث له عن مكان ، ولكن الواقع أنه ليس إتجاه حركة التاريخ نحو العولمة فقط هو الذى أعاد الليبرالية إلى الحياة ، بل ذلك الفراغ الموحش الرهيب الذى خلفه رحيلها ، ليس فقط فى عالم السياسة ، ولكن أيضاً فى عالم الأخلاق ،،،
عند الحديث عن الليبرالية والليبراليين ، تختلط المشاعر والأفكار ، وتتداخل الأجيال ، ونتذكر الزمن الجميل ، ويغلبنا الإنفعال ، حتى نكاد أن نعجز عن ترتيب الأفكار، فالليبرالية ليست مجرد فلسفة إقتصادية تطلق حرية رأسمال المال ، ليراكم الثروات ويسرق عرق العمال ، الليبرالية هى منظومة متكاملة من القيم والأفكار ، فلسفة متكاملة من الديموقراطية والعلمانية والسلام وحقوق الإنسان، تخلقت منذ عصر دولة المدينة اليونانية حتى عصر روسو وفولتير ، أسلوب للحياة ، يمنح الحرية لكل التجارب الإنسانية ، حتى الإشتراكية منها ، طالما التزمت بالديموقراطية وتداول السلطة ، كل شئء ممكن إلا الإستبداد ، الإستبداد يعنى قتل يوليوس قيصر على درجات مجلس الشيوخ ، حكمة التجربة الأوربية التى أثبتت مفعولها عبر العصور ، كل الخطايا ممكنة ، إلا خطيئة الإستبداد ، لابأس من جنون الشعراء ، من خطايا العشاق ، من إلحاد الفلاسفة وجنوح الفنانيين ، فكل الخطايا ممكنة إلا خطيئة الإستبداد ، كل شئء ممكن إلا المساس بالحرية ، فالحرية هى الحياة ،،،
ربما تلخص تلك السطور مفهوم الليبرالية عقيدة الأوربيين ، فى صيرورتها عبر العصور ، حتى اليوم ، وذلك فى تناقض تام مع حضارتنا نحن الشرق أوسطيين ، حضارة المحرمات الثلاثة ، الجنس والدين والسياسة ،،،
حمل الإستعمار معه عقيدته الليبرالية ، ومع كل طمعه وجشعه الذى لاينكر ، إلى الشرق الأوسط أثناء الحقبة الإستعمارية ، وذلك فى أكبر صدام حضارى عرفه التاريخ ، بعد الصدام الأول فى الحروب الصليبية ، لكن النتائج هذه المرة كانت مذهلة ، فبعكس الفوضى والإضطراب التى أثارهما الصدام الأول ، كان السلام والإستقرار الذى سببه الصدام الثانى ، فقد إستقر الشرق الأوسط ، وتطور وخرج من ظلام الإسلام إلى نور وحضارة الكفار الليبراليين ، فتألقت القاهرة والإسكندرية ، بيروت ودمشق وبغداد ، وسحر الشرق وخيره الوفير ، وإنتقل العالم ليعيش بيننا ، بدلاً من غرقنا فى بحاره اليوم ، حقائق لايمكن إنكارها ، يصرخ بها واقعنا الحالى فى الشرق الأوسط ،،،
إقتحمت الليبرالية الشرق الأوسط ، بآدابها وفلسفاتها وفنونها ، وليس فقط بالسياسة، ودخلت فى تحدى حضارى مع محرماته الثلاثة ، الجنس والدين والسياسة ، وليس فقط مع السياسة، فكان أثرها الحياتى ساحقاً على شرق أوسط العنف الإبراهيمى ، وعرفت مصر مثلاً ، الدولة التى عبدت الحاكم منذ آلاف السنين ، دستور 1923 ، حيث شارك الشعب من خلال الأحزاب الملك سلطته لأول مرة فى تاريخه الطويل ، وتحولت الرأسمالية الزراعية إلى رأسمالية صناعية وإنتقلت إلى حياة المدينة العصرية ، وتأسس بنك مصر و خرجت منه نحو خمس وعشرين شركة كبرى مثلت دعائم الإقتصاد المصرى الحديث ، وظهرت الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدنى ، وبدأت البرلمانات المنتخبة فى مناقشة مشاريع إعادة توزيع الثروة الزراعية ، وفشل حزب الإخوان المسلمين الوليد فى كسب أى مقاعد نيابية ، كما فشل الحزب الوطنى العثمانلى قبله فى تحقيق أى أغلبية ، وإزدهرت الآداب والفنون على النمط الأوربى ، وتحررت المرأة من سجنها وخرجت للحياة تطالب حتى بحرية الحب فى دعاء كروان طه حسين ، وأنا حرة إحسان عبدالقدوس ، وغيرهما ، كما مست المقدس الدينى بالنقد والمراجعة ، مع أبكار السقاف فى نحو آفاق أوسع ، ومع إسماعيل أدهم فى لماذا أنا ملحد ، وغيرهما ، معركة تحرر إنسانية كبرى كادت تنتصر فيها الليبرالية على إستبداد الإسلام كما إنتصرت قبل ذلك على إستبداد المسيحية فى أوربا ، لكنها خرجت مع خروج الإستعمار بعد الحرب العالمية الثانية ، لترثها تجارب الإستقلال الفاشلة ، الإشتراكية العروبية ، الناصرية والبعثية ، وليرث الإسلام السياسى الجميع بعد ذلك ، بجناحيه الشيعى والسنى، ويعيث فى المنطقة خراباً ، بلا رادع ،،،
يحتاج الشرق الأوسط اليوم إلى حركة إقتحام ليبرالية جديدة ، تقتحم محرماته الثلاثة مرة أخرى ، تملأ فراغه السياسى ، توحد أطيافه ، تعيد له الأمل وتخفف من قسوة حياته ، حركة ليبرالية لايأمر بها الحاكم من أعلى ، ولا يتصنعها طامع للشهرة ، حركة جديدة تنبع من حاجات الناس فى هذا الجزء الشقى من العالم ، إلى فلسفة يواجهون بها الفساد و العنف والإستبداد ، تملاً الروح والعقل والوجدان ، بآدابها وفنونها وفلسفاتها وتجاربها السياسية ، حركة ليبرالية جديدة تدرك مدى التطور الذى طرأ على الذات الليبرالية فى عصر العولمة ، كفلسفة سياسية إنسانية ، تجاوزت مطلب الديموقراطية وتداول السلطة والعلمانية وفصل الدين عن الدولة ، إلى مطلب السلام وحقوق الإنسان أيضاً ،،،



#عبدالجواد_سيد (هاشتاغ)       Abdelgawad_Sayed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إتحاد المتوسط- نحو تحالف دفاعى وعصر جديد
- أهمية تعزيز الديموقراطية فى المتوسط الجنوبى - المعهد الأوربى ...
- أهمية دعم وسائل الإعلام المستقلة فى الجوار الجنوبى-المعهدالأ ...
- إلى عبدالفتاح السيسى- مقتطفات من كتابى قصة مصر فى العصرالإسل ...
- نعم لترشيح الجيش لجمال مبارك، نبارك ونؤيد
- ترجمة تقرير موقع جافاج الإستخباراتى الإسرائيلى عن ضجر الجيش ...
- ترجمة تقرير موقع جافاج الإستخباراتى الإسرائيلى عن محاولة إغت ...
- تأملات فى فوز ماكرون
- الفاءات الثلاثة والدين والسياسة
- شركات الجيش ومقبرة فرعون
- معركة أوكرانيا بين الدولة الحديثة وحروب القياصرة وأمجاد الكن ...
- المصادر الأصلية للقرآن- وليم سان كلير تيسدال - الترجمة الكام ...
- من يكون السيسى وماذا يريد؟
- رسائل العام الجديد 2022 - إلى السيد مقتدى الصدر - هيا بنا نر ...
- هل تصلح الفرعونية بديلاً عن الديموقراطية؟
- إيران وقرداحى والسلام المستحيل
- أبو الإسلام - زيد بن عمرو - مقتطفات من المصادر الأصلية للقرآ ...
- معراج محمد وخرافات زرادشت - مقتطفات من المصادر الأصلية للقرآ ...
- الترجمة الكاملة لمقال مجلة النيوزويك عن توسط محمد دحلان فى إ ...
- هل تخلى عنا الغرب وإختار جمهورية المماليك الجديدة نموذج؟


المزيد.....




- هل يفقد الرئيس الصيني شي جين بينغ السيطرة على الجيش؟- مقال ر ...
- مقطع منسوب لحركة -حسم- في مصر يثير الجدل حول هدفه وتوقيت تصو ...
- ترامب يصعد الحرب التجارية.. و14 دولة أمام اختبار التفاوض قبل ...
- إسرائيل تخطط لحصر سكان غزة في -مدينة إنسانية- على أنقاض رفح ...
- استدعاء السفير الصيني ـ بكين تُغضِبُ برلين بعد استهداف طائرة ...
- ما الذي غير موقف ترامب بشأن إرسال أسلحة لأوكرانيا؟
- سوريا تناشد الاتحاد الأوروبي المساعدة في إخماد حرائق الساحل ...
- ماكرون في زيارة دولة لبريطانيا: باريس ولندن تفتحان صفحة جديد ...
- تقرير حقوقي: غزة تتعرض لعملية -محو شاملة- وإسرائيل تهدف لاقت ...
- التنميط العرقي بفرنسا ثقوب في رداء الديمقراطية


المزيد.....

- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي
- صندوق الأبنوس / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالجواد سيد - أركان الليبرالية الأربعة - ديموقراطية علمانية سلام حقوق إنسان