أهمية دعم وسائل الإعلام المستقلة فى الجوار الجنوبى-المعهدالأوربى للمتوسط - إيميد- ترجمة عبدالجواد سيد

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى
(Abdelgawad Sayed)

الحوار المتمدن-العدد: 7309 - 2022 / 7 / 14 - 22:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

article :
The importance of supporting independent Media in the southern neighbourhood - Jerzy Pomianowski - Executive European Endowment for Democracy(EED).


المعهد الأوربى للمتوسط - إيميد
أهمية دعم وسائل الإعلام المستقلة فى الجوار الجنوبى - جيرزى بوميانوفسكى- المدير التنفيذى للمؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية - ترجمة عبدالجواد سيد
-مقدمة ؛
سواء إعتبرت وسائل الإعلام جزءً من المجتمع المدنى أم لا ، فإنها تلعب دوراً بالغ الأهمية فى الرقابة على السلطات، وكشف الفساد، وتوفير المعلومات للمواطنين ،وتوفير منصة للحوار وتكوين الرأى، ولذلك فقد إستحقت إدرجها فى سياسات الرقابة وإعتبارها أحد آليات مراقبة حقوق الإنسان، والتى إعتبرها المعلقون على هذا البحث ، كأهم واجبات المجتمع المدنى.
إن هذه الوظائف تعنى أن وسائل الإعلام المستقلة هى أهداف محددة للأنظمة السلطوية ، وأيضاً لأفراد آخرين فى المجتمع من ذوى المصالح الشخصية، وبالإضافة إلى ذلك، وفى حقبة مابعد الحقيقة اليوم، حيث تدار المجتمعات بكل أنواع البروباجندا والتضليل، فإن كثيراً من الناس ينجذبون لكل ماهو سهل وشائع. إن هذا يعنى توجه نحو الهويات الأبسط،، والجمهور المستقطب ، ومزيد من غرف الصدى ، حيث تعاد على الأفراد حقائقهم ومعتقداتهم بشكل مستمر سواء أونلاين أو أوفلاين، وفى هذه اللحظة من الإرتباك ، فإن الثقة أصبحت أكثر أهمية من الحقيقة. إن الثقة هى قيمة محافظة للغاية، تجعل الناس يصدقون بعضهم البعض، ولكنها عندما تتجاوز الحقيقة، فإن الديموقراطية تكون فى أزمة، وهذا هو السبب فى إستثمار المؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية، فى وسائل الإعلام الموضوعية، المستقلة ، الجذابة ، محل الثقة.
وعلى ضوء نتائج هذا البحث، يستعرض هذا المقال عمل المؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية فى مجال وسائل الإعلام المستقلة، ويتأمل فى الدروس المستفادة منها. وهو يقدم تحليلاً عن الإتجاهات المقلقة والتحديات التى تواجه وسائل الإعلام اليوم ، وتدعو إلى إعادة نظر عاجل فى التفكير فى الدعم المقدم من المانحين لوسائل الإعلام المستقلة فى الجوار الأور بى، كما يهدف المقال أيضاً لتقديم بعض التوصيات.


2-دعم المؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية لوسائل الإعلام؛
على مدى الست سنوات الماضية، مولت المؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية أكثر من 230 مشروع مؤسس على الإعلام ، 45 منهم فى الشرق الأوسط وشمال إفريقية(إقليم مينا). وتقع معظم المبادرات الإعلامية المدعومة من المؤسسة فى واحدة من تصنيفين ، المبادرات الصغيرة المبتدأة ، والتى تعمل كمؤسسات غير حكومية ، والأكبر، وهى المنافذ الإعلامية المحترفة. وغالباً ما تتميز المبادرات الأصغر بالأفكار الإبتكارية، وتصل إلى قطاعات محددة من المجتمع ، وتساهم فى تعددية وسائل الإعلام.
وبالنسبة إلى وسائل الإعلام المستقلة المحترفة، أو المؤسسات التى تطمع للوصول لهذه الدرجة، فهى غالباً ماتعمل فى بيئات ليس بها إذاعات عامة مستقلة، وتواجه صعوبات شاقة من أجل البقاء، فتكاليف التشغيل الأساسية لايستهان بها ، فجودة الصحافة ، خاصة الصحافة الإستقصائية، تحتاج لموارد كثيفة ونشاط طويل المدى. كما أن مثل وسائل الإعلام تلك تحتاج إلى موظفين مهرة ومعدات تقنية مكلفة، كما أنها فى تنافس مباشر مع وسائل الإعلام الخاصة أو التى تملكها الدولة، ورغم أنها مثلهم تمتلك نماذج أعمال تتضمن دخل الإشتراكات والإعلانات ، لكنها وللأسباب السابق ذكرها ، سوف تظل تعتمد بإستمرار وبشكل كثيف على دعم المانحين.
ويمكن تقسيم عمل المؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية إلى المجالات الموضوعية التالية ، ضمان تعددية وسائل الإعلام، دعم الإبتكار، مواجهة التضليل ، دعم الصحافة الإستقصائية والوثائقية، ودعم وسائل الإعلام التى تهدف إلى الوصول لقطاع محدد من الجمهور.
وبالإضافة إلى ذلك ، فإن المؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية تدعم نقابات الصحفيين، ومبادرات بناء القدرات الإعلامية، ودعم مجهودات إصلاح التشريع الإعلامى وتوفير المساعدة القانونية للصحفيين.
-التوجهات والتحديات؛
فى تقريرها السنوى عن حرية الصحافة لعام 19 20، لاحظت منظمة مراسلون بلاحدود، تراجع كبير فى ظروف وسائل الإعلام فى العديد من دول الجوار الأوربى ، مع إضطهاد متزايد لمنتقدى الحكومة والسيطرة الإستبدادية على الأخبار والمعلومات. إن هذا يؤكد إستنتاجات البحث فى أن العقبات الأساسية للمجتمع المدنى بشكل عام فى دول شرق وجنوب المتوسط هى الضغط السياسى على ناشطى المجتمع المدنى.
إن هذه الإستنتاجات تعززها تجربة شركاء المؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية ، الذين يتواصلون معها بإنتظام بشأن التحديات التى يواجهونها فى عملهم اليومى. وفى أشد البيئات تضييقاً فإن وسائل الإعلام المستقلة تمنع ، وترفض تراخيصها وتتعرض للمضايقات من خلال رفض تأجيرها مبان خاصة ، ومهاجمة مكاتبها والقبض وتوجيه التهم القانونية ضد الصحفيين. إن الهجوم على الصحفيين وتهديدهم هو أمر شائع ، حتى من أصحاب الحصانات الواضحة، وغالباً ماتكون الرقابة الذاتية ضرورية لمثل وسائل الإعلام تلك حنى تتمكن من الإستمرار. وفى مثل تلك الظروف ، تضطر وسائل الإعلام المستقلة أحياناً لنقل عملياتها إلى منافذ تدار من الخارج ، أو بإستخدام منصات مشفرة خاصة لنشر المحتوى. وبينما توفر لهم منصات الأونلاين حبل نجاة ، فهى أيضاً لها تحدياتها ، ففيما يخص الأمور المالية فإن منصات الأونلاين المسيطرة مثل جوجول واليوتيوب وياندكس ، تستحوذ على نصيب كبير من دخول الإعلانات المحتملة لديهم ، جاعلة من إمكانية التمويل الذاتى أمراً مستحيلاً. وهناك أيضاً الإستخدام المكلف نسبياً لإعلان الفيس بوك أو تويتر، والذى يعتبر الطريقة الأكثر فاعلية لتكوين جمهور لوسائل الإعلام الأونلاين. وهناك إتجاه متزايد آخر هو إستخدام تضليل الدولة وكذلك الأنترنت لإستهداف وسائل الإعلام الأونلاين النقدية. حيث يتم تدبير التهم الكاذبة والشكاوى عن مخالفات مفترضة لشروط عمل المنصات ، والتى يمكنها الإطاحة بها. فمثلاً تستمر منصة أونلاين مسيطرة مثل اليوتيوب فى الإقتقاد إلى الشفافية فى ظل غياب مطالبات فعالة للتعامل مع هذه الظاهرة المتزايدة.
إن أحد أكبر التحديات لكل وسائل الإعلام المستقلة هى القدرة على الوفاء بإلتزاماتها المادية ، وبينما يبدو واضحاً أن الرقمنة قد مزقت أنماط البيزنس التقليدية ، فهناك أيضاً عناصر أخرى تلعب دورها، فغالباً ماتعمد الحكومات إلى خلق ظروف(سلبية) لتجريد وسائل الإعلام من الدخل كطريقة لتأكيد السيطرة الحكومية وإجبار وسائل الإعلام المستقلة على الخروج من البيزنس. تعمل وسائل الإعلام فى بيئة تنافسية ولكن فى كثير من الدول ، حتى البيئات المنفتحة نسبياً ، فغالباً مايتم تشويه سوق وسائل الإعلام. إن وسائل الإعلام أو المنصات الإعلامية غالباً ماتكون مملوكة للنخبة ، سواء شخصيات سياسية أو فاعلين فى الدولة والذين يدعمون وسائل الإعلام بكثافة من أجل إبراز وجهة نظر سياسية معينة أو رواية معينة ، ومن ثم يقضون على المنافسة العادلة. وفى بعض البلاد، فإن التكتلات الإحتكارية الإعلانية التى تسيطر عليها السياسة قد تأسست ونمت لدرجة طردت معها عملياً وسائل الإعلام المستقلة والمعارضة من سوق الإعلان فى وسائل الإعلام . وتواجه البلاد ذات عدد السكان الأقل تحديات إضافية ضد تشويه السوق المتعمد بسبب صغر حجم الأسواق التى تعمل فيها ، وبينما توجد التعددية فإن وسائل الإعلام تنافس من أجل موارد منكمشة وجمهور محدود، مما قد يؤدى إلى نوعية رديئة أو مسيسة من الصحافة، والتى ينتج عنها عدم ثقة الجمهور فى وسائل الإعلام.
-تأكيد تعددية وسائل الإعلام ؛
إن وسيلة الإعلام النشطة هى ملمح متكامل لأى مجتمع ديموقراطى ، حيث تلقى الضوء على سلوك الحكومات وتمكن من محاسبة المسؤلين، كما توفر تنوع الآراء الذى يمكن الناس من الإختيارات الواعية أثناء الإنتخابات. وإنه من المهم أن نضمن الحفاظ على تعددية الأصوات وعلى إتاحة المعلومات الصحيحة خاصة فى البيئات الهشة. إن التهديدات التى تواجه تعددية وسائل الإعلام تشمل تضييقات الحكومة على وسائل الإعلام المستقلة، والتشوه العمدى لأسواقها من خلال تحكم النخب السياسية والأقلياتية فى وسائل الإعلام أو أسواق الإعلان التى تعتمد عليها، وكذلك الرقابة الذاتية من وسائل الإعلام المستقلة بسبب الظروف السياسية ، وكذلك يأتى تهديد متزايد من وسائل الإعلام الممولة من موارد دولية مفردة ذو أجندة سياسية ثقيلة. إن وسائل الإعلام المستقلة تمثل توازن هام مقابل مثل تلك الوسائل الإعلامية المسيسة.
-دعم وسائل الإعلام الإبتكارية الخلاقة ؛
إن التكنولوجيا الجديدة مثل وسائل التواصل الإجتماعى والإذاعة وقنوات التواصل الخاصة توفر الفرص لوسائل إعلام بديلة، هامة بصفة خاصة لوسائل الإعلام التى تعمل فى بيئات تقيدية وغالبا ماتتصدر مثل تلك الأنواع الإعلامية الغير رسمية أثناء أوقات التغيير السياسى حيث يعنى مجرى الأحداث السريع أن صحافة المواطن يمكن ان تظهر كأفضل مصادر التقارير الفورية الدقيقة. إن الإرتفاع فى التواصل بالإنترنت يغير أيضاً من الطريقة التى يستهلك بها الناس وسائل الإعلام ، فالشباب غالباً مايستهلك وسائل الإعلام وبشكل متزايد بواسطة الهواتف الجوالة وعلى شبكات التواصل الإجتماعى حيث يمكن أن توفر الخوارزميات محتوى مؤكد. إن منصات شبكات التواصل الإجتماعى يمكن أن توفر كلا الفرص لوسائل الإعلام المستقلة وللتحديات حيث أنها تتكيف مع فضاء سريع التغير عديم الإنتظام بدرجة كبيرة ، وتتنافس على جذب الإهتمام مع التضليل الإعلامى والروابط المضللة. إن المؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية تدعم أيضاً مبادرات وسائل الإعلام التى تستخدم مداخل إبداعية وفنية للتواصل مع الجمهورحول المسائل السياسية والإجتماعية ، مستخدمة الرسوم المتحركة الساخرة، والتصوير الوثائقى، والأفلام.
- مواجهة التضليل الإعلامى ؛
إن التضليل الإعلامى ، أى النشر المتعمد للمعلومات الزائفة الهادفة إلى التضليل، هو مشكلة عالمية متزايدة. ورغم أنه ليس ظاهرة جديدة، حيث تورطت الدول من جميع المشارب فى التلاعب بوسائل الإعلام ، أثناء قبل وخلال فترات النزاع، فإن السهولة والسرعة التى يمكن للتضليل أن ينتشر بها أونلاين الآن من خلال وسائل الإجتماعى بالإضافة إلى التعقيد المتزايد فى تكتيكات التضليل قد سببت تركيز متجدد على المشكلة. يمكن للتضليل أن يدفع المجتمعات إلى الإستقطاب ويزيد الفرقة ويساهم فى عدم ثقة كاملة فى وسائل الإعلام. إن هذه المشكلة تجعل من دعم وسائل الإعلام المستقلة فعلاً ، أكثر أهمية من أى وقت مضى و لقد وجد بحث المؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية، أن هذا غالباً مايحدث فى أحسن الأحوال من خلال التركيز على إنتاح محتوى ذو تركيز محلى، والذى غالباً مايغيب عن التضليل الإعلامى الحادث فى الموضوعات ذو التركيز الجيوسياسى. وكذلك نوعية المحتوى المناسبة أكثر لحياة الناس اليومية يمكن أن تساعد فى جذب إهتمام المشاهدين بعيداً عن مصادر التضليل . وكذلك أعمال أخرى بما فى ذلك دعم مبادرات فحص الحقيقة والمجهودات لزيادة التفكير النقدى والمعرفة بوسائل الإعلام.
-الصحافة الإستقصائية والوثائقية
إن مبادرات وسائل الإعلام التى توثق لإنتهاكات حقوق الإنسان، أو فضح الفساد ، تقوم بمساهمة هامة فى التقدم الديموقراطى ، لذلك فهى تقع ضمن أكثر الأنشطة خطورة بالنسبة للصحفيين ، وكذلك تقع الصحافة الإستقصائية بشكل متزايد فى نطاق الخطر بسبب التكلفة والوقت المستهلكين فى متابعة الروايات. ولإن الكثير من وسائل الإعلام تكافح لتغطية النفقات ، فإنه من المستحيل غالباً تركيز الموارد على قصة واحدة، وهناك أيضاً المخاطر السياسية والشخصية لكل من وسائل الإعلام والصحفيين الذين يفضحون سوء السلوك. وفى مناطق النزاع فغالباً مايتم تجاهل تقرير إنتهاكات حقوق الإنسان أو تقريرها بشكل خاطئ من خلال الإدعاء والإدعاء المضاد لأطراف النزاع، ويصبح الصحفيين الذين يحاولون إلقاء الضوء على الحقائق أهداف أنفسهم، كما حدث بشكل مأساوى متكرر فى سوريا. إن توثيق الحقيقة عن إنتهاكات حقوق الإنسان أثناء النزاع هو أيضاً وسيلة للتمهيد للسلام المستقبلى وعمليات المصالحة. إن دعم وسائل الإعلام فى هذه السياقات يمكن لذلك أن يرى كإستثمار للسلام المستقبلى والديموقراطية.
-وسائل الإعلام التى تتوجه إلى جمهور محدد :
وكجزء من مجهوداتها لدعم الديموقراطيات الشاملة، تدعم المؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية مبادرات وسائل الإعلام التى تتوجه إلى جمهور محدد، مثل الأقليات العرقية أو اللغوية ، النساء والشباب، إن كثير من هؤلاء المشاهدين تتجاهلهم وسائل الإعلام القائمة وإن مساعدة وسائل الإعلام صاحبة ذلك التوجه هو أحد طرق تشجيع المشاركة الديموقراطية لهذه الجماعات، إن هذه الوسائل الإعلامية غالباً ماتتطلب دعم مالى لتغطية نفقات عملياتها الأساسية حيث أنها غالباً ماتتوجه إلى مشاهدين أقل عدداً وأكثر عزلة.
-أمثلة من إقليم مينا( الشرق الأوسط وشمال إفريقية)
تعتبر درج أحد منصات وسائل الإعلام الأونلاين الطموحة المتمركزة فى لبنان والتى تجمع معاً كل وسائل الإعلام المستقلة الأصغر والصحفيين المحترفين الغير متفرغين من كل إقليم مينا من أجل إنتاج تقارير صحفية أكثر جودة وأكثر عمقاً. تأسست درج بواسطة ثلاثة صحفيين لبنانيين خبيرين ، أرادوا أن يوفروا بديلاً عن وسائل الإعلام العربية المسيسة والمستقطبة القائمة. وتفخر درج حالياً بنحو مائتى كاتب مساهم يكتب كثير منهم بإسم مستعار من أجل سلامته. عندما تأسست درج فى أخريات سنة 2017 مكنها دعم المؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية المبدأى من وضع بصمتها وبناء سمعتها ، فى شهورها الثمانية عشر الأولى . كانت أحد نجاحاتها المبكرة هى مشاركتها مع وسائل الإعلام العالمية الرائدة كجزء من التحالف الدولى للصحافة الإستقصائية، والتى نشرت مايعرف ب( أوراق الجنة) التى كشفت الثروات المخفية فى الخارج للنخب الدولية. وفى تقرير هام آخر كشفت درج فى ديسمبر 2018 كيف أن برنامج إقتراض تديره وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينين فى الشرق الأدنى(أونروا) كان يستخدم لدعم ميليشيات تابعة للنظام فى سوريا. وقد أدت القصة إلى تجميد البرنامج وإلى تحقيق داخلى فى الأمم المتحدة.وتبعاً للمدير التنفيذى ، عليا إبراهيم، فهناك شهية حقيقية للتقرير الصحفى الإستقصائى فى العالم العربى مع العديد من التقارير المنوعة الطويلة التى تميز العشرة مواد الأكثر قراءة فى درج. وبالإضافة إلى الصحافة الإستقصائية، تنشر درج موضوعات رأى تركز على المسائل الإجتماعية ، كما تجرب صيغ جديدة كفيديوهات شرح الأحداث الجارية. ترتكز درج على نموذج البيزنس الهجين والذى يجمع التمويل الممنوح مع الطموح بعيد المدى للإعتماد على الذات. وقد أثبت تزايد إنتشارها وجود طلب حقيقى على الصحافة المستقلة فى العالم العربى ، ولكن وكما تؤكد علياء إبراهيم، فإن هناك حاجة للدعم المتواصل، حيث أننا بحاجة لإن نكون قادرين على العمل برؤية إستراتيجية واضحة ، ولهذا السبب فنحن نحتاج تمويل طويل المدى، نحتاج لبناء ثقافة مشتركة والعمل بإحساس حقيقى بالشراكة مع ممولينا ، وداعمينا الاخرين.
وكذلك دعمت المؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية مجموعة الجمهورية التى تأسست سنة 2012 بواسطة مجموعة من الكتاب والمثقفين المؤيدين للديموقراطية لتكون شاهدة على أحداث النزاع السورى ولتوفر تحليل سورى مستقل عما كان يجرى على الأرض فى البلد والمجتمع.
كما دعمت المؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية النسخة الأونلاين من مجلة سيدات سوريا المرتكزة فى برلين، الموجهة للنساء فى سوريا ، مشجعة حقوقهن ومشاركتهن فى المجال العام ، وقد وفرت المؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية تمويل مؤقت أيضاً لمساعدة المجلة على الإستمرار أثناء فترة من تذبذب دعم المانحين.
وحيث يعملون على أساس تطوعى بشكل رئيسى ، ويكتبون بدون توقيع ، تستخدم مجموعة شباب الصحفيين ، ميجافون ، منصات التواصل الإجتماعى كإنستجرام والفيس بوك لنشر محتوى مفصل موجه نحو المشاهدين من الشباب. ويقول جمال ، أحد مؤسسى مجموعة ميجافون اللبنانية ، لقد لاحظنا أن وسائل الإعلام الرئيسية لاتتحدث لغتنا ، بحيث تظل روايتنا لم تروى . وبإستخدام فيديوهات الشرح وتقارير الأخبار المختصرة التى تناسب جمهور الشباب البارع فى إستخدام التكنولوجيا، فهم يهدفون إلى توفير بدائل فى المحتوى وكذلك فى الشكل . وعلى سبيل المثال ، فأثناء فترة تعليق الإنتخابات التشريعية الأطول سنة 2018، حيث خضعت لبنان لنظام إنتخاب نسبى جديد، وفرت ميجافون المعلومات لمساعدة الناخبين على فهم النظام الجديد وكذلك قدمت مقابلات مع المرشحين المستبعدين من وسائل الإعلام الرئيسية. وبالإضافة إلى الكتابة للشباب ، تغطى ميجافون المسائل المتعلقة بالمجموعات التى همش صوتها بواسطة المؤسسة الإعلامية اللبناية الطائفية المسيسة، مثل اللاجئين بشكل عام ، اللاجئين الفلسطينين بشكل خاص، النساء والعمال المهاجرين. وقد قالوا بأن أجندتهم هى تشجيع المساواة فى الحقوق، والعدالة الإجتماعية، والحريات المدنية للمواطنين وغير المواطنين فى لبنان، ومحاسبة الحكومة. وحيث تحاول ميجافون البناء على نجاحاتها للتطور فإن عقبتها الرئيسية هى التمويل ، ورغم أن المتطوعين الشباب أصبحوا يملكون مستوى عال من الخبرة التكنولوجية ، ولكن وكما يقول جمال ، فإنهم يتنافسون مع المؤسسات الإعلامية العملاقة المملوكة للدولة ، وهى قصة معروفة لكثير من نظرائهم فى بلاد أخرى.
وبالنسبة لصوت ، وهى مجموعة إعلامية إقليمية ترتكز فى الأردن، فقد بدأت سنة 2017 وأنتجت حلقات عالية الجودة من النشر الصوتى ، بودكاست، عن موضوعات إقليمية، مثل حرب 1967 ، أو إستخدام الدولة للسياسة ، الثورة السورية ، والفنانات النساء ، بالإضافة إلى الموضوعات المحرمة مثل الأطفال غير الشرعيين والإجهاض، وقد تم ذلك جزئيا لإن صيغة الأوديو الصوتية تسمح بغفل الهوية ومع ذلك تظل حميمية. إن هدفهم هو أن يكونوا مستقلين ، مبتكرين ومتفائلين.



-توصيات سياسية
تأسسياً على تجربتها الخاصة وعلى مردود شركائها ، فقد سجلت المؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية الدروس المستفادة التالية كمساهمة فى المناقشة السياسية، وكتجارب جيدة للمانحين الآخرين المهتمين بدعم وسائل الإعلام المستقلة فى الجوار الأوربى
1-زيد من دعم مبادرات وسائل الإعلام المستقلة من خلال إدراك دورها الهام والطبيعة المكلفة لعملها. إن أحد الجوانب الأساسية فى هذا السبيل هو تبنى مدخل التمويل بعيد المدى فى دعم وسائل الإعلام والتركيز على التمويل الأساسى بدلاً من التمويل القائم على كل مشروع.
2-كن واقعياً بشأن الإكتفاء الذاتى ، ودإعم تطوير نماذج البيزنس الهجين من أجل زيادة وتنويع دخل وسائل الإعلام مع إدراك إحتمال الحاجة المستمرة لدعم المانحين، كما يجب إعتبار الإستثمار فى وسائل الإعلام كإستثمار مباشر فى التقدم الديموقراطى ، ليس فقط كمجرد إستثمار فى مجال الأعمال.
3- إدفع لمزيد من ترابط المانحين والتعاون والتنسيق. إن المؤسسة الأوربية من أجل الديموقراطية قادرة على العمل بسرعة لتوفير التمويل الأولى والدعم العاجل أو المرحلى لوسائل الإعلام، ولإكمال ذلك فربما يحتاج إلى ميكانيزمات تمويل وصيغ جديدة لوسائل الإعلام المحترفة لملْ هوة التمويل فيما بين الدعم المتوسط وطويل المدى، حيث يحتاج إلى المجهودات المشتركة والتعاون بين المانحين لتوفير التمويل المناسب والمدخل المتآذر، و كذلك يجب تطوير مؤشرات تفصيلية وميكانيزمات تقييم لإدراك الرابط بين التمويل والنتائج والتأثير.
4-إدرك وسائل الإعلام كشركاء على قدم المساواة ، ففى كثير من جوار الإتحاد الأوربى ، يمتلك الكثيرون من الصحفيين والإعلاميين المحترفين درجات عالية من المهارات والخبرات، ولكن غالباً مايكون الدعم موجهاً من قبل المانح وليس من قبل الطالب ، موجها الجهود على التدريب الغير مناسب أو الغير مطلوب أو النماذج المفضلة للمانحين عن إنتاج المحتوى الأبسط فى مراقبته أو فى أخطاره.
5- كن أكثر سياسية ، إن دعم وسائل الإعلام خاصة فى البيئات التضيقية ، هو أمر سياسى أكثر من كونه نشاط تقنى، وعلى المانحين أن يأخذوا فى إعتبارهم دعم وسائل الإعلام المعارضة العلنية التى تستعرض قيم ديموقراطية
6- وفر للصحفيين ووسائل الإعلام دعم دولى واضح ، سياسى وإقتصادى. مثل تقديم شكل من الحماية ، حماية رفاهية الصحفيين وسلامتهم. يجب على الإتحاد الأوربى ممارسة ضغطه السياسى للدفع من أجل بيئة إعلامية أكثر إنفتاحاً. وفى نفس الوقت، يجب الإعتراف بأن دعم المانحين لايجب أن يكون واضحاً دائماً وأن بعض الشركاء قد لايرغبون فى التحدث عن مصادر تمويلهم للجمهور العام.
7- ضع البعد الأمنى فى الذهن عندما تتعامل مع وسائل الإعلام. إنه من المهم أن تضمن تعددية الأصوات وأن تكون المعلومات الموثوقة متاحة خاصة فى البيئات الهشة. إن هذا هام بشكل خاص عندما تتنافس وسائل الإعلام المستقلة مع آخرين يتلقون تمويل كبير من مصدر دولى وحيد ذو أجندة سياسية ثقيلة ، كروسيا والصين والسعودية وإيران.
8-ركز على المحتوى المحلى ، فالمحتوى المحلى الملائم لحياة الناس اليومية غالباً غير متوفر ، إن هذا يمكن أن يساعد فى بناء الثقة فى وسائل الإعلام ويواجه التضليل الإعلامى.
الخلاصة :
برغم التراجع الإستبدادى الذى إستولى على الإقليم وخنق تقريباً كل الحركات الثورية ، فهناك طاقة جديدة فى وسائل الإعلام العربية التى إزدادت بمرور الزمن. تريد الناس أن تعرف نفسها وتتكلم عن الموضوعات والمشاكل فى العالم العربى الحديث، سواء العقيدة أو الهوية أو المجتمع المحافظ أو الإرهاب. وفى إقليم مينا ، حيث الصحافة هى أهم من مجرد تقرير صحفى، فهى أيضاً وسيلة لخلق الذاكرة الجماعية خاصة أثناء أوقات النزاع، فإن وسائل الإعلام العربية المستقلة يمكن أن تساعد كل من الإتحاد الأوربى و شباب المنطقة على فهم مايحدث فى العالم ، وتقويتهم ليصبحوا وكلاء للتغيير الإيجابى.

#عبدالجواد_سيد (هاشتاغ)       Abdelgawad_Sayed#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات