أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - تسعة عشر دقيقة














المزيد.....

تسعة عشر دقيقة


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7379 - 2022 / 9 / 22 - 16:01
المحور: الادب والفن
    


ما إن وصلت إلى موقف الحافلة .. حتى أغلقَ السائق الباب .. انتهى الوقت المسموح به لانتظار الركاب .. شعور بالامتعاض أصابني .. وددت لو أمسك بذلك السائق وأوسعه ضربًا .. ماضره لو انتظرني عدة ثوان ؟! رفعت رأسي إلى الساعة الرقمية المعلقة على عمود قديم رصاصي اللون .. عليّ الانتظار تسعة عشر دقيقة لتصل الحافلة الأخرى.
هاهو المطر يتساقط .. أخرجت مظلتي لأحمي نفسي ..
لم انتبه إليها عندما وقفت إلى جانبي .. سيدة مسنة جدًا ربما تبلغ الثمانين من العمر أو أكثر .. لم تنتبه لوجودي .. يالها من عجوز أنيقة .. ترتدي جاكيتًا أسود اللون تحته قميص موشح بزهور ملونة وبنطلونًا مكويًا بطريقة ملفتة للنظر .. تحمل في إحدى يديها حقيبة سوداء قديمة .. و في اليد الأخرى عصا.
التفتت إليّ وحيتني بابتسامة وهزة خفيفة من رأسها .. هالني مارأيت .. وجه لم تترك له التجاعيد أيّ منفذ .. بل امتدت لتستعمر الرقبة التي كانت تحمل عقدًا من اللؤلؤ الرخيص أخضر اللون ..
رفعت رأسها هي الأخرى إلى الساعة .. ما إن عرفت الوقت الباقي لوصول الحافلة حتى سرت فيها عدوى الضجر مني كما كنت أتوقع .. شعورها هذا خفف عني قليلًا .. رددت كلامًا مع نفسها .. لم أفهم منه شيئًا.
لا أدري ماذا اعتراني وأنا أنظر إليها.. خطرت على بالي عدة أسئلة .. كيف كانت حياة هذه المرأة .. هل كانت سعيدة ؟ لا أعتقد ذلك .. ملامحها أخبرتني أخبرتني بزواجها من رجل أذاقها الأمرين .. أنجبت منه ابنها الوحيد والذي فقدته بحادث سيارة .. كم هي تعيسة .. سرقت نظرة ثانية إليها .. شعرت بيّ .. فابتسمت .. الجو بارد جدًا .. لو كنت مكانها لما تركت مقعدي قرب المدفاة مع فنجان القهوة الساخن.
كم من الأعوام تكبرني؟ أنا الآن في الأربعينيات من عمري وهي في الثمانينيات .. أربعون عامًا تفصلني عنها .. حسب ما خمنت .. رمقتها بنظرة أخرى على عجل .. كانت ترسم بعصاها أشكالًا وهمية على الأرض .. كم تمنيت سؤالها ماذا كنتِ ستفعلين لو رجع بكِ الزمن وأصبحتِ في مثل عمري؟ رفعتْ رأسها ثانية نحو الساعة .. جاءني الجواب من نظرة عينيها المتشبثة ببقايا الحياة .. كنت أفعل ما ظننت أن الوقت قد فات على فعله.
حين وصل الباص وفتح أبوابه .. تركتها تصعد قبلي .. اتخذت كل واحدة منا مكانًا لها لينطلق الباص بنا.



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيها المطر .. عليك السلام
- شجرة العشق
- عودة غودو
- على ساحل بركاس
- أوراق زهرة اللافندر
- مسافات وأشياء أخرى
- العهر الفني
- سكران والكأس ملأى
- حب بلون الغرق
- أول الفجر
- ترتيلة
- خصائص البطل التراجيدي في العرض المسرحي - 5 -
- خصائص البطل التراجيدي في العرض المسرحي - 4 -
- خصائص البطل التراجيدي في العرض المسرحي -3 -
- خصائص البطل التراجيدي في العرض المسرحي -3-
- خصائص البطل التراجيدي في العرض المسرحي - 2 -
- خصائص البطل التراجيدي في العرض المسرحي - 1 -
- دائمًا ما يغريني ..
- زفاف وطن
- أنت عمري


المزيد.....




- دربونة العوادين.. زقاق الموسيقى الذي عبر منه كبار الطرب العر ...
- مخرج فيلم -سوبرمان- يقول إنه وجد -أعظم نجم في العالم-
- “متوفر قريباً” موعد إعلان تنسيق الدبلومات الفنية 2025 جميع ا ...
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور صدورها عبر ...
- صناع سينما وثائقية: أنظارنا تتجه نحو غزة ولن نتوقف عن التوثي ...
- أفريقيا تحظى بأهمية متزايدة لدى اليونسكو بعد تهميش طويل
- تامر حسني مُعلقًا على حريق سنترال رمسيس: -فيلم ريستارت يتحقق ...
- رابط رسمي نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول عقب ظهورها ...
- من الركام إلى الولادة.. إعادة تعريف التمثيل الوطني الفلسطيني ...
- من الجرح نصنع الحياة.. كيف تشفي الكتابة الإبداعية والمسرح أر ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - تسعة عشر دقيقة