أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الملكية البرلمانية في المغرب















المزيد.....


الملكية البرلمانية في المغرب


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7376 - 2022 / 9 / 19 - 16:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل ممكن ان تنتقل الدولة السلطانية من سلطنة ، الى ملكية برلمانية ؟ . ان بعض الإشارات تدل على ذلك ، كتأجيل او الغاء حفل الولاء لأسباب غير مقنعة ، كالتذرع بالوحش ( كورونا ) ، او لمرض السلطان الذي لم يعد قادرا على ممارسة نفس الطقوس التقليدانية ... المهم الى الآن هناك غموض سيزيل غشاوته حصول فراغ ، او حسم نزاع الصحراء الغربية . لان في كلا الحالتين فالجديد يتطلب تغييرا في الساحة ، وبالمقابل يفترض تغييرا في الرسميات القروسطوية والمقززة ، التي تثير سخرية العالم الذي يحارب العبودية بكل اشاكلها وانواعها ، فأحرى الطقوس التي يجري فيها ما يسمى بحفل الولاء ..
ان تناول المشتغلين بالسياسية وليس بالسياسيين لموضوع الملكية البرلمانية ، خاصة مع عهد محمد السادس ، قد تكاثر رغم قلتهم وضعفهم العددي ، سواء داخل جمعيات مدنية ، او داخل أحزاب سلطانية تستعمل ورقة الملكية البرلمانية ، للتسويق وللانتعاش السياسي ، او من قبل اشخاص مستقلين لا ينشطون لا في جمعيات ، ولا في أحزاب، ولا تنظيمات ..
لكن هل الدعوة للملكية البرلمانية هو حديث العهد مع محمد السادس ، الذي لاح في بداية توليه الحكم بإشارات خادعة ، للدخول من الباب الكبير للحياة وللمجال الديمقراطي .. كانت هذه مجرد تمنيات للعديد من الجهات التي خاب املها في دمقرطة النظام السياسي المغربي ، تلك الديمقراطية التي ظلت كنبراس حطمه انقلاب 16 مايو 2003 ، الذي كان اجهاضا لذلك الحلم الذي راود الجميع ، وللأسف سينقلب الجميع على التفتح الذي لاح ، واصطف الجميع وراء الانقلابيين الذين نجحوا في اقبار أي مشروع للإصلاح ، ونجحوا في بناء الدولة البوليسية ، لكن فشلوا بانقلابهم بربح نزاع الصحراء الغربية الذي دخل عنق الزجاجة .. فرغم مسخرة كينيا ، ستخرج وزارة خارجية البلد ببيان ينفي سحب الاعتراف من الجمهورية الصحراوية ، ويؤكد استمرار كينيا في تدعيمها ، ومناداتها مثل بقية دول الاتحاد الافريقي ، والاتحاد الأوربي ، والولايات المتحدة الأمريكية ، بضرورة التشبث بالمشروعية الدولية التي تبني كل قراراتها المتداولة ، على حل الاستفتاء وتقرير المصير كحل ديمقراطي اذا لم يتوافق اطراف النزاع على حل كما تدعو تقارير مجلس الامن ..
فالانقلابيون الذين نظموا انقلاب 16 مايو 2003 ، اجهضوا الحلم الديمقراطي الذي كان مجرد حلم ، ولا يزال مجرد حلم لم يتحقق منذ 1999 ، ولن يتحقق الان لاستمرار الإنقلابيين ، واستمرار خلفهم في التحكم في المشهد السياسي ، بما يحافظ على مصالحهم الضيقة امام المصلحة العليا للوطن ، ومن ضمنها ضمان الاستقرار العام بما يحافظ على الوحدة الترابية والبشرية ..
ان رفع شعارات مطلب الملكية البرلمانية ، الذي اصبح في نظر البعض ، هو حل المعضلة السياسية التي تتخبط فيها الدولة السلطانية ، رغم ان حل الملكية البرلمانية يبقى كاقتراح ، مجرد حل من بين مجموعة حلول يعبر عنها خلسة ، او داخل الجدران المغلقة ، من قبل الغير مقتنعين بالملكية البرلمانية ، سواء منهم الايديولوجيين بمختلف تلويناتهم ، او العقائديين بمختلف تياراتهم .. ليس وليد عهد محمد السادس ، بل يرجع رفع شعار الملكية البرلمانية كنظام ديمقراطي ، الى الرعيل الأول من الساسة الذي طبَعوا المسار السياسي المغربي ، وبالضبط بعد استقلال Aix-les Bains الخياني الذي سلم المغرب للخونة ، وكان على رأس هؤلاء المطالبين بالديمقراطية البرلمانية ، المعارض المهدي بن بركة ، منذ أيام المجلس الاستشاري ، وحتى نجاح الانقلاب الذي نظم ضد الوزير الأول عبدالله إبراهيم .. فالمهدي بن بركة كان يرى انّ حل المعضلة السياسية للدولة السلطانية ، في حل الملكية البرلمانية ، فهو هنا كان ملكي الاختيار ، ولم يكن سلطانيا محافظا ولا تقليدانيا ، كما اصبح الحزب بعد المؤتمر الاستثنائي في يناير 1975 .
لكن هل المهدي بن بركة الذي انتقل فكره من نظام السلطنة المتوارثة للحكم منذ اكثر من 350 سنة ، الى المطالبة بنظام الملكية البرلمانية كحل للمعضلة الديمقراطية المغربية ، كان حقا ملكيا ، ولم يكن سلطانيا قروسطويا كحزب الاستقلال . ام ان المهدي استعمل خطاب وشعار الملكية البرلمانية ، كتكتيك للتمويه ، للوصول الى ابعد من الملكية البرلمانية ، حين كان ينسق بين منظمتين جمهوريتين ، لا أحد منهما يعرف الاخر ، وهما منظمة أحمد اگوليز الملقب بشيخ العرب ، وجماعة الفقيه محمد البصري ، كما ستبين ذلك المحاكمة التي أعقبت الهبّة المسلحة في 16 يوليوز 1963 ..
فهل نظام الملكية البرلمانية كان هو المبتغى عند الرعيل الأول من الجناح التقدمي الذي تأسس في 6 شتنبر 1959 ، ام ان المراهنة على العمل الثوري المسلح ، كجواب عن عنف النظام الرجعي ، كان يتوخى حلا أبعدا من الملكية البرلمانية ، والذي لن يكون غير النظام الجمهوري .. وهذا ما كان يعبر عنه صراحة في خطابات قادة الاتحاد الاوّلين ، وعبّر عنه مؤتمر التأسيس في 6 شتنبر 1959 ، كما عبّر عنه المؤتمر الثاني للحزب ..
فهل الرعيل الأول من السياسيين التقدميين ، وليس السياسويين الذين يتعيشون من السياسة ، كان بحق ملكيا يخطب الملكية البرلمانية ، ام ان هذا الرعيل كان جمهوريا .. ؟
وهل اذن انّ حل معضلة النظام السياسي السلطاني المعادي للديمقراطية ، يكمن في النظام الملكي ، ام يكمن في النظام الجمهوري ؟
اذا كان الجيل الذي دأب يرفع شعار ومطلب الملكية البرلمانية منذ سنة 1999 ، بسبب بصيص الامل الذي لاح في افق المغرب ، واجهضه الانقلابيون في 16 مايو 2003 عندما تم تفجير الدارالبيضاء ، لم يحدد بوضوح اية ملكية برلمانية يريدون ، لكن من خلال العديد من التصريحات ، اتضح ان هؤلاء ينشدون ملكية تحمل اسم " البرلمانية " للتمويه وللتضبيب ، وانهم من خلال حديثهم عن احترام " الخصوصية المغربية " عند بناء ما يسمونه ب " الملكية البرلمانية " ، يكونون اول من يدافع عن الدولة السلطانية ، التي تعتمد في تصريف نظام حكمها على الدين ، من إمامة ، وإمارة ، ورعوية ، وهذه " الخصوصية " التي يدعون الحفاظ عليها احتراما للتمييز ، واحتراما للإرث الأيديولوجي ، وللحمولة التاريخية التي كانت تدمج نظام الحكم في المغرب ، بين الأمور الدينية والأمور الدنيوية ، وتجعل السلطة الدينية فوق السلطة الدنيوية ، رغم ان الأمير ، والامام ، والراعي الكبير مولانا السلطان ، لا يعير ادنى احترام لدستوره الذي حدد فيه سلطاته ، عند تعارض هذا الدستور مع قضايا استراتيجية تعطي حق الأولوية ، والافضلية في التنزيل ، وفي التطبيق للسلطة الدينية التي أساسها عقد البيعة ، الذي يرفع من مقام السلطان الأمير فوق الدستور ، وفوق المعارضين ، بدعوى العلاقة المباشرة بينه وبين الرعية ، والتي لا تحتاج الى وساطات او الى وكالة .. هنا نفهم نوع الملكية البرلمانية ذات الخصوصية التي ينشد هؤلاء ، والتي لن تكون غير تغطية لممارسة الحكم ، وشؤون المغرب من قبل الدولة السلطانية لا غيرها ..
ومثل هؤلاء المضببين السلطانيين والمخزنيين ، باسم شعارات اليسار الغير موجود ، وابرزهم نبيلة منيب و حزبها ، والأحزاب التي كانت تشكل معها " فدرالية اليسار " البعيدة عن اليسار ، فان الرعيل الأول من التقدميين الاتحاديين ، عندما أخلط الاختيار بين مطلب الملكية البرلمانية ، وبين مطلب الجمهورية ، فهو كذلك لم يحدد نوع الملكية البرلمانية الواجبة التطبيق ، ولم يحدد نوع الجمهورية الواجبة البناء كذلك .. وبما ان الأصل هو مطلب الجمهورية الذي جسدته الهبّة الثورية المسلحة في 16 يوليوز 1963 ، والهبّة المسلحة التي دخلت من الجزائر حيث كانت لها قواعد كلاجئين سياسيين ، والمسمات بحركة 3 مارس 1973 ، ومشاركة الجنرال محمد افقير انقلاب الطائرة في 16 غشت 1972 ، فهذا الرعيل الثوري لم يكن ملكيا غير بالاسم . وقد اكد هذا ، البيانات التي صدرت في تلك الحقبة ، والخطابات التي تم القاءها ، والممارسات التي طبعت العمل البرلماني في اول ، وثاني برلمان سلطاني عرفه المغرب ..
لكن ومن خلال تحليل الاحداث التي تعاقبت على مسرح الاحداث ، فان نوع النظام الجمهوري الذي خطط لإنشائه الرعيل التقدمي ، كان بناء جمهورية برلمانية عربية ، على شاكلة الجمهوريات العربية في الشرق الأوسط ، وعلى شاكلة الجمهورية الجزائرية التي تأسست في سنة 1962
ووصل الاقتداء بالنموذج الجزائري في بناء الدولة ، عندما ادان هذه الرعيل حرب الرمال في سنة 1963 ، واعلن تضامنه المطلق مع الدولة الجزائرية ، ضد الدولة السلطانية المغربية ..
والسؤال . هل من أوجه التقارب والتشابه بين الملكية البرلمانية ذات " الخصوصية " المغربية ، وهي الملكية التي تنشدها الأحزاب التي كانت تكون " فدرالية اليسار " ، بدعوتها الاحتفاظ بالمجال الديني السلطوي للأمير ، والامام السلطان المفدى ، والملكية البرلمانية التي ينشدها حزب " النهج الديمقراطي العمالي " ، ضمن شعار الدولة الديمقراطية التي قد تكون من حيث الخطاب والشعار ، حتى دولة جمهورية ما دام ان المبتغى والهدف هو الديمقراطية . أي بناء ديمقراطية تحت اية مظلة ، وايّ عنوان " ملكية برلمانية " او " جمهورية " ، وبين الملكيات الاوربية التي تختلف هي بدروها ، بين ملكية Luxembourg ، وملكية هولندا ، وملكية بلجيكا ، والملكيات الاسكندنافية ، وبين الملكيتين الإنجليزية والاسبانية ، التي يعترف فيها الدستور للملك بدور خاص في بعض المجالات كالاتفاقيات والمعاهدات الدولية ، وإعلان الحرب والسلم . بل سنجد ان الدستور الاسباني في التعديل الذي ادخل عليه في 2011 ، يعطي للملك دور حتى في المجال الحكومي ، فهو من يختار ويعين رئيس الحكومة ، وبقية الوزراء ، ويمكن للملك ان يتصرف خارج التدخل الحكومي ، كما جرى عندما ارسل Pedro Sanchez رسالته الغرامية الى السلطان المغربي ، يبشره بتأييده الاعتراف بمغربية الصحراء ، من خلال اعترافه بالحكم الذاتي .. فما قام به Sanchez حصل خارج الحكومة ، ولم يكن بعلمها ، ولم تعلم به الاّ عندما اذاع الديوان السلطاني المغربي بيانه كجواب على رسالة Sanchez ، التي مررها رئيس الحكومة بالتنسيق مع الملك ، الذي يكون Sanchez قد اخفى عنه حقائق ، او دلس عليه ، لتجاوز أشياء عنه سجلها البرنامج Pegasus ...
ان الملكية " البرلمانية " التي ينشد الداعون اليها ، وربطها ب " الخصوصية " ، لا علاقة لها بالملكية الإنجليزية ، ولا الاسبانية الذكورية " اذا كان ولي او ولية للعهد متساويان في شروط تولي الملك ، فان الاسبقية وحسب الدستور تعطى مباشرة لولي العهد الذكر ، وليس لولية العهد الانثى ، وهذا فيه تمييز للمرأة ، وتفضيل للرجل عليها " ، فأحرى ان تكون على طريقة ملكية Luxembourg ، او هولندا ، او بلجيكا ، او الدول الاسكندنافية ..
اذا كان الرعيل الأول والثاني من الحركة التقدمية المغربية ، قد لاح بلافتة الملكية البرلمانية للتمويه ، فان هذا الشعار الذي دخل عليه محمد الاموي الى السجن زمن الحسن الثاني ، الذي كان يكره سماع مطلب الملكية البرلمانية ولو " الخصوصية " ، لأنه مقتنع بان حكم المغرب لن يكون غير سلطانيا ، سيتم التراجع حتى عن الملكية البرلمانية ذات الخصوصية المغربية ، والتي هي استمرار للدولة السلطانية كدولة استبدادية وطاغية ، عند عقد المؤتمر الاستثنائي لحزب الاتحاد في يناير 1975 .. ففي هذا المؤتمر الذي لعب الحسن الثاني دورا في انعقاده ، من جهة للقطع وللتصفية مع ماضي الاتحاد الراديكالي الذي كان يدور حول النظام الجمهوري ، ومن جهة القطع مع الهبّات الثورية ، الانقلاب من فوق ، ومن جهة الاستعداد لتوظيف الحزب في معركة الصحراء التي كانت على الأبواب ..
وقد نجح الحسن الثاني عندما دفع بالحزب للتخلي ، ليس فقط عن خيار النظام الجمهوري ، بل نجح في دفعه للتخلص حتى من مطلب الملكية البرلمانية ، ولو كانت بخصوصية " مغربية " سلطانية ، وعوّضت هذا المطلب ، بالشعار الجديد للحزب الذي هو " المنهجية الديمقراطية " ..
ان اعتماد " المنهجية الديمقراطية " ، كشعار استراتيجي اوصل الحزب الى الحضيض ، وتخليه عن مطلب " الملكية البرلمانية ذات الخصوصية المغربية / السلطانية " ، التي هي تأبيد لاستمرارية الدولة السلطانية في حلتها الرجعية ، كدولة استبدادية وطاغية .. سيكون له الدور الكبير في تغيير غطاء أحزاب السوسيال – ديمقراط ، وسيكون له الأثر الكبير في الازمة التنظيمية ، والسياسية ، والأيديولوجية التي يعانيها " اليسار ، وحولته مع محمد السادس الى جزء من الدولة السلطانية يؤيد خطواتها ، ويندمج في قفزاتها ، ولا يتوانى المشاركة وعلى بياض في استحقاقاتها السياسية .. مما جعل هذا اليسار اليسراوي يتناقض مع نفسه عندما يردد شعار " الملكية البرلمانية ، ولو ذات الخصوصية المغربية ، وبين الانتماء الى صف اليسار الذي من المفروض ان يكون مرتبطا بالديمقراطية ، وبالدولة الديمقراطية دولة المؤسسات والقانون ، وبين المساهمة والمشاركة في استحقاقات السلطان ، سواء المشاركة في انتخاباته للدخول الى برلمانه ، وسواء انْ حالفه الحظ ، ودخل برلمان السلطان ، سيصبحون موظفين سامين عند السلطان ، ونفس الشيء اذا دخلوا حكومة السلطان ، وهم لم يشاركوا في انتخابات السلطان ، الاّ ليدخلوا الى حكومته كموظفين سامين ، فيصبحون أدوات بيد السلطان تتسابق في مَنْ يحصل لها شرف تنزيل برنامج مولانا السلطان الذي نزل من فوق ، ولم يشارك في الانتخابات التي نظمها على مقاصه . فعندما تتقدم لوضع ملف حزبك بوزارة الداخلية ، لترخص لك بالنشاط السياسوي ، وتشارك في انتخابات السلطان لدخول برلمانه وحتى حكومته ، فانت سلطان بالدم ، ولا علاقة تجمعك باليسار الذي تتجار بعنوانه لتصبح عميلا سلطانيا ..
واني اسأل هؤلاء . لو فزتم في انتخابات السلطان بمقعد للسلطان في برلمانه ، هل تستطيعون دخول البرلمان في دورة الربيع التشريعية التي يفتتحها السلطان في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر من كل عام ، كأمير للمؤمنين ، وإمام ، وراعي كبير ، يوجه خطابه كسلطان يستمع له الجميع ، وعند انتهاء السلطان من خطابه يصفق الجميع ، وينسحب السلطان دون مناقشة فحوى خطابه . بل هل يستطيعون دخول برلمان السلطان ، دون ارتداء اللباس السلطاني الإلزامي يوم دخول البرلمان في حضرت السلطان .. وماذا اذا عُيّن بعضهم موظفا ساميا بإدارته برتبة وزير .. كيف سيكون وضعهم وهم يؤدون القسم بين ايدي السلطان ، ويركعون حتى الركبتين ، إنحناء واجلالا للسلطان ، وتخشعا به ..( الدّارْ لكْبيرة ) ..
ان الجميع تخلّ حتى عن الملكية البرلمانية ذات الخصوصية السلطانية المغربية ، وبعد ان تخلوا عن مطلب الجمهورية ، ارتمى هذا الجميع متشبثاً ب " المنهجية الديمقراطية " التي تعني تمكين الحزب الذي يفوز في انتخابات السلطان ، من شرف تشكيل حكومة مولانا السلطان المعظم ، ليحصل له شرف تنزيل برنامج السلطان الذي لم يشارك في الانتخابات ، ونزل بالمظلة من فوق ..
فالمنهجية الديمقراطية تعني برنامج السلطان ، وتعني بالمعنى المقابل ، رمي برامج الاحزاب التي خاضت على اساسها انتخابات السلطان في المزبلة ، بمجرد الاعلان عن نتائج انتخابات مولانا السلطان ظل الله في ارضه ..
ان هذا لشيء طبيعي ، ما دام الجميع يعرف طبيعة الدولة السلطانية ، كدولة معادية للديمقراطية ، ولحقوق الانسان ، وناهبة ومهربة للثروة ، ومفقرة للرعايا .. ومع ذلك اندمج يهلل لها ، ويزكي خطواتها بالمشاركة في كل استحقاقاتها المتعاقبة والمتوالية ، ويظهر عزما في ان يصبح احد موظفيها السامين في إدارة السلطان .. فهؤلاء لا يمكن ان يكونوا غير سلطانيين بامتياز .. والسلطان المدرك بحقيقة الوضع ، والضابط للرعايا العاديين ، وللرعايا السامين Les super sujets ، لم يعد يعطي من أهمية وليس قيمة ، لخطابات هؤلاء السكيزوفرانية ، بالدعوة لملكية ولو كانت ذات خصوصية سلطانية مغربية ، لأنه يعرف ، ومتيقن اليقين التام ، من ان هؤلاء مخزنيون اكثر من المخزن ، وسلطانيون اكثر من السلطان ...
فالبعض قد يعتبر ما صرح به مؤخرا فؤاد المومني ، عندما دعا الى القضاء على النظام ، هو خروجا عن المألوف ، قد يقلق السلطان ( اللّي ما مْسوَّقْشْ ) .. فلا هذا ولا ذاك .. ففؤاد المومني ، لا يعني اسقاط نظام محمد السادس ، ضمن الاستمرار في نفس الدولة بنظام آخر . بل ان دعوته لا تخرج عن نظام ملكية ولو ذات خصوصية ، فإنها لن تتحقق ابدا ، فأحرى ان تكون دعوته الى الملكية البرلمانية الاوربية .
فإذا كان السلطان يتجاهل دعاة الملكية البرلمانية ذات الخصوصية السلطانية المغربية ، وهو يعرف انهم سلطانيون اكثر من السلطان ، ومخزنيون اكثر من المخزن ، لعابهم يسيل على فتاة السلطان ، فكيف سينصت لدعاة الملكية البرلمانية الاوربية ولو في شقها الاسباني ، وهؤلاء غير موجودين ؟
من السهل الدخول الى الجمهورية ، مثلا اذا حصل فراغ في الحكم ، ونزل الشعب الى الشارع واعلن العصيان المدني ، ونزل الصحراويون في الجنوب يرفعون شعارات الجمهورية الصحراوية .. كما من السهولة الدخول الى الجمهورية اذا نزل الجيش الى الشارع متحالفا مع الشعب اذا حصل خلل في ملف الصحراء ..
لكن نظام الملكية البرلمانية ذات الخصوصية المغربية ، او نظام الملكية البرلمانية الاوربية حتى في شقها الاسباني ، يستحيل ومستحيل التطبيق ..
واذا كان السلطانيون المخزنيون دعاة الملكية البرلمانية ذات الخصوصية السلطانية المدنية ، يحلمون بالعيش في كنف السلطان ، مما يجعل من شعاراتهم مجرد استهلاك ، فان الدعوة الى الملكية البرلمانية الاوربية في شقها الاسباني ، تبقى شاردة ، من جهة انْ لا احد يرددها باستثناء حزب النهج الديمقراطي العمالي ، في اطار مطلب الدولة الديمقراطية التي قد تجمع بين الملكية البرلمانية ، وبين الجمهورية . أي النظام الديمقراطي دون تحديد سقف للمطالب .. لكن النظام السلطاني عدو الديمقراطية ، لنفرض انّ هناك من يرفع شعار الملكية البرلمانية الاوربية ، فانه سيعتبر هذا المطلب بمثابة انقلاب دستوري على السلطات التي خولها ومنحها لنفسه في دستوره الممنوح ، والأخطر سيعتبرها انقلابا على عقد البيعة ، والامامة ، والدولة الرعوية ، مما يسهل تصنيف ووصف الواقفين وراءه بالمارقين المرتدين في مفهوم الدين السياسي .. ثم ان مطلب الملكية البرلمانية الاوربية يقتضي اسالة الدماء ، وسقوط ضحايا .. فهل مطلب الملكية البرلمانية الاوربية ولو في شقها الاسباني الذكوري ، تستحق إراقة الدماء وسقوط الضحايا لتثبيت حكم العائلة .. ثم مع من سيتم بناء هذا الملكية ، ولن يكون محمد السادس ، ولا الأمير الحسن ، او احد افراد سلالة الحسن الثاني . ؟
هل المقصود الأمير المنبوذ ؟ هل المقصود احد العلويين الاخرين ؟
واذا كان لا بد من اسالة الدماء وسقوط ضحايا للدخول الى الملكية البرلمانية كما حصل في اوربة ، فلماذا ستسيل الدماء وتسقط الضحايا ، من اجل حكم العائلة .. لماذا اذا كانت الدماء ستسيل فمن اجل حكم الشعب وحكم الجماهير . لكن هل لنا شعب وجماهير مستعدة للثورة ام ان الانزلاق سينتهي بالاناركية التي ستدمر الجميع ، وستسهل تفتيت التراب والشعب ..
الخلاصة من هذا التحليل ان قدر المغرب الراهن هو مع حلين لا ثالث لهما :
-- الحل الأول استمرار الدولة السلطانية المخزنية بكل سهولة ومن دون مشاكل ، لأنها تتماشى مع نوازع الرعايا ..
-- الحل الثاني النظام الجمهوري . وهذا يتوقف على المصير الذي سينتهي به نزاع الصحراء ، او عند حصول فراغ في الحكم ونزل الشعب واعلن العصيان المدني ، وخرج الصحراويون في الجنوب يرددون شعارات الجمهورية الصحراوية .. وهنا فان أي تغيير نحو النظام الجمهوري سيكون بمشاركة الجيش ..
ومثل السؤال عن شعب وجماهير " الثورة " المتعطشة للاناركية ، هل يوجد بالجيش ضباط سينقلبون على الدولة السلطانية اذا لم ينزل الشعب والجماهير الى الشارع ، واذا لم تنجح مؤامرة إقامة دولة صحراوية بالجنوب المغربي ..
سيستمر نظام الدولة السلطانية . ولن تكون هناك لا ملكية برلمانية ذات خصوصية سلطانة مغربية ، ولا ملكية برلمانية اوربية في شقها الاسباني ، ولن تكون هناك جمهورية ..
إنّ عَلامةُ الدّارْ عْلى بابْ الدّار ْ
انتظروا الحسن الثالث .. فالزمان كشّاف ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - الفاسبوك - سيغلق حسابي يوم الاربعاء 28 من الشهر الجاري
- دورة منتظرة لمجلس الامن حول نزاع الصحراء الغربية في شهر اكتو ...
- هل سيحضر السلطان محمد السادس مؤتمر القمة العربي المقبل في ال ...
- الإستفتاء وتقرير المصير في الصحراء الغربية .
- الطبقات الاجتماعية في المغرب .
- هل مِن مخطط يحبك غربيا وجغرافيا لإسقاط شخص محمد السادس ونظام ...
- ردّان سلبيان على خطاب السلطان محمد السادس .
- هل هناك بوادر اندلاع ثورة في المغرب ؟
- خطاب السلطان محمد السادس بمناسبة مرور تسعة وستين سنة عن ثورة ...
- فرق بين الاعتراف الصريح ، والاكتفاء بسحب الاعتراف دون اعتراف ...
- هل ستنجح حركة - صحراويون من أجل السلام - في سحب بساط تمثيلية ...
- أحمد الريسوني رئيس ( الاتحاد العالمي ( لعلماء ) المسلمين ) ي ...
- هل بدأت حرب ( الكاف ) الاتحاد الافريقي لكرة القدم ؟
- صفعتان مدويتان يتلقاهما خذ النظام السطاني المخزني المغربي
- تحطيم التقاليد في إطار التقاليد . توظيف الدين والتراث في الص ...
- هل جاء تذكير جوزيف بوريل بجديد لنزاع الصحراء الغربية ؟
- 5 غشت 1979
- أنتِ // أنت
- السيد عبدالرزاق مقري زعيم - حركة مجتمع السلم - الجزائرية ، ي ...
- آليات السيطرة الامبريالية على الدولة السلطانية المخزنولوجية ...


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الملكية البرلمانية في المغرب