أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - هل هناك بوادر اندلاع ثورة في المغرب ؟















المزيد.....


هل هناك بوادر اندلاع ثورة في المغرب ؟


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7351 - 2022 / 8 / 25 - 20:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خلال المعارك الطبقية ، المسترسلة يوميا داخل المجتمع ، تحتدم التناقضات الطبقية ، وتتعمق الهوة السحيقة بين الأقلية الناهبة المُستغلِّة ، وبين الأكثرية المُسْتَغلَّة . ومع وصول الصراع الطبقي الى النهاية الفاصلة ، فإن أزمات ثورية تظهر فجأة ، وبشكل قد يعجل في قلب الأوضاع بما يركز للدولة الديمقراطية .
وبما ان اية ثورة في أمس الحاجة الى ازمة ثورية تُعجّل بإشعال الثورة ، فان أية ثورة تبقى مستحيلة بدون أزمة ثورية . ومن مؤشرات الأزمة الثورية داخل أيّ مجتمع او دولة :
1 ) عجز الطبقات السائدة عن الاحتفاظ بالسلطة بتعدد مراكز القرار ، والصراع من اجل السلطة والنفود من داخل السلطة .
2 ) تفاقم فقر وبؤس الطبقات المقهورة والمسحوقة .
3 ) تركيز الحكم بيد الأصدقاء ، والمقربين الكسالى ، وعديمي التجربة ، والضمير ، و المروءة .
4 ) كثرة النهب والاثراء الغير المشروع ، وتهريب الأموال الى خارج البلاد ، وتكديسها في بنوك ( الكفار ) .
5 ) تعاظم حركة الجماهير ، ورفضها الاستمرار تحت سلطة الطبقة الحاكمة المُغْتصبة للحكم .
6 ) فقد النظام للبوصلة ، وتخبطه العشوائي كالناقة التي لا تبصر ليلا .
7 ) اعتقال وسجن المعتقلين السياسيين ، ومعتقلي الرأي ، ومعتقلي لقمة العيش ، واعتقال وسجن المثقفين والطلاب بمحاضر بوليسية مزورة ، لإسكات صوت الرفض ، وصوت فاضحي الفساد .
8 ) سرقة البوليس للدولة ، وبوْلستها ، لتصبح دولة تدمير وخراب ، لا دولة بناء وتعمير .
9 ) كثرة الحركات الداعية للانفصال ، وكثرة الحركات العرقية والاثنية .
10 ) انتشار الظلم والطغيان ، وغياب العدل والقانون ، واطلاق يد البوليس للفتك بالشعب و بقواه الحية ، ومثقفيه .
11 ) غياب رأس الدولة ، وكثرة مصادر صدور القرارات الارتجالية .
12 ) الصراع الخفي والعلني بين الأجهزة لحسم مرحلة الحكم الجديد ، مع السلطان الجديد .. مع غياب الهِبة كالصراع بين البوليس السياسي من خلال اعلامه ووسائل اتصاله ، ومجموعة " أبو زعيتر " النافدة باسم محمد السادس . ولو كان محمد السادس في صحته ويدرك طبيعة واشكال الضرب والضرب من تحت الحزام ، هل كان لجماعة البوليس السياسي ان تتجرأ على أصدقاء السلطان التي لعبت تلك الأجهزة البوليسية ، وخوفا من السلطان الذي لم يكن مرضه قد استفحل ، دور البرق في العثور على كلب صديق السلطان أبو زعيتر المختطف .. فهجوم فريق البوليس السياسي ، من خلال اعلامه على ابوزعيتر ، دليل ان السلطان لا يعي ما يجري ويحصل .. بسبب نوع المرض المستفحل ..
لكن رغم هذه العناصر الدالة على قدوم التغيير ، فان الثورة لا ، ولن تنفجر ، إلاّ إذا أُضيف الى كل هذه العوامل ، العامل الذاتي . واعني به الطبقة الثورية الموحدة ، القوية ، واحزابها ، وتنظيماتها الثورية الصلبة ، المُحْكمة ، والتي تنجح في لف الجماهير الشعبية العريضة حولها ، وحول قيادتها في النضال الثوري . وهي الطبقة التي لم يعد لها وجود منذ اكثر من خمسة وعشرين سنة مضت . مما يعني ان الانتفاضة ستنبع من وسط الجماهير بقيادة الشباب الحامل للشهادات الجامعية والمعطل ، والذي اصبح منتشرا في كل المغرب النافع وغير النافع ، في القرى ، والمداشر ، والمدن الصغرى . ناهيك عن نوع التحول الذي قد يحصل في الجنوب اذا خرج الصحراويون يرددون شعارات الجمهورية الصحراوية ..
ان نضوج الوضع الثوري يتطلب نضوج الأداة الثورية غير موجودة ، ضمن جبهة وطنية ، تقدمية ، ديمقراطية غير موجودة ، او كتلة تاريخية ، جماهيرية ، شعبية تضم كل قوى التغيير غير موجودة ، مع رفض الاقصاء والابعاد لقوى غير موجودة . أي إمكانية تحويل الصراع الاستراتيجي الى ثانوي ، والثانوي الى استراتيجي ، وتحول الصراع الاستراتيجي الى صراع طبقي ، والأحزاب الطبقية للاسف تلاشت واندثرت .
ان نضوج الوعي والوضع الثوري يتطلب نضوج الأداة الثورية المتماسكة ، القوية ، الهادفة ، وبدون هذا النضوج الثوري والقناعة الثورية ، يستحيل نجاح الثورة ، المرشحة لفتنة ، او لسيطرة شعارات الإسلام الشعبي ( لا اله الا الله محمد رسول الله ) ، مع استغلال وتوظيف هذه الشعارات من قبل قوى الإسلام السياسي الأكثر انضباطا وعددا في الساحة . .
فعندما توجد الازمة الثورية ، فهي تهز المجتمع من اسفله الى قمته ، من علاقاته الإنتاجية الى أفكاره ومؤسساته المختلفة . ان الازمة الثورية هي قبل كل شيء : حركة شعبية جماهيرية ، عميقة وقوية ، لأنها تحدد وترسم نهاية حقبة وبداية أخرى . فحين تمسك الجماهير بيدها زمام المبادرة ، ومن دون وساطة لمن يبيع ويشتري فيها ، تكون قد حققت القفزة النوعية نحو خطّ مصيرها المهدد الى اليوم بالفتنة ، وبالاناركية في غياب القيادة ، وفي غياب الشخصيات الكاريزمية التي يكون لها صيت مسموع وسط الشعب والجماهير ..
-- الوضعية الراهنة والاحتمالات المرتقبة :
ان الصورة التي عرضنا أعلاه للوضع كما هو ، ومن دون لف او تزييف ، وهي الحقيقة الساطعة ، وخاصة تبلور وتعميق تناقض النظام البوليسي المخزني السلطاني مع الجماهير الشعبية ، هي التي تطرح امامنا معالم تطور الأوضاع المستقبلية ، وتعطينا كل إمكانيات التنبؤ لما قد يحل في آخر المطاف ، ويتحكم في رسم محددات المرحلة الحالية ، والمرحلة القادمة ، لكن بالتأكيد على الحقائق والاحتمالات الواقعية الآتية :
أولا . ان الأسباب الهيكلية ، والدوافع الموضوعية ، الاقتصادية ، والاجتماعية ، والسياسية ، التي أدت الى تفجير سخط الجماهير الشعبية ، وتذمرها ، واقبالها من دون تردد على الانتفاضات والاحتجاجات ، والدفاع عن لقمة العيش ، والكرامة الإنسانية المهدورة ، لا تزال حاضرة وبقوة ، واكثر مما كانت عليه سابقا ، وهو ما يستشرف هزات شعبية منتظرة ، ستكون اكثر وقعا من هزات شعبية جماهيرية حصلت في سنوات 1965 ، و1981 ، و1984 ، و1990 ، وحتى حركة 20فبراير التي تم توظيفها في إجهاض خطابات الرفض ، وفي خدمة مشروع الدولة الإنقلابي على مطالب الحركة ، عندما إرتهن واستكان الجميع للعبة تعديل الدستور ، التي زادت من تركيز نظام الشخص الذي ظل وضعه القانوني كما كانت تنص عليه جميع الدساتير السابقة . فالتظاهر بإعطاء الوزير الأول بعض الاختصاصات ولو ثانوية ، كالتعيين في المناصب العليا ، تم افراغه من محتواه ، عندما أصبحت الوزارة الأولى غرفة عمليات للتصديق وتزكية التعيينات الواردة من القصر ، ومن وزارة الداخلية ، ووزارة الخارجية التي يتحكم فيها السلطان المسؤول الأول عن السياسة الخارجية ، وعن المعاهدات والاتفاقات الدولية .. فدور الوزير الأول كان هو خدمة السلطان وتنزيل ( برنامجه ) سياسته ، وباعتراف الوزير الأول نفسه ( عبد الاله بنكيران ) .
واذا كانت الانتفاضات السابقة التي عرفها تاريخ الانتفاضات الشعبية ضد الفقر والتفقير ، ومن اجل المواطنة الحقة ، والكرامة المهدورة ، محلية دون انتشارها كاللهيب في كل المغرب ، فان اية انتفاضة ان حصلت اليوم ، ستكون عامة مغطية لكل المغرب لا فقط لجزء منه . أيْ ان النزول سيشمل المدن الكبرى ، والمدن المتوسطة ، والصغرى ، والقرى ، والمداشر ، وسيكتسح أراضي الصحراء الغربية التي ستسرع بحسم معركة الدولة ، ومعركة الحكم .
وبما انّ الدولة السلطانية عاجزة هيكليا عن إيجاد حل للازمة المستفحلة والخطيرة ، التي قضت بالتمام على البرجوازية الصغيرة والمتوسطة ، التي كانت تلعب دور البارشوك للنظام من تظلمات الشعب ، وانزلتها الى حضيض البروليتارية الرثة ، وحضيض الفقراء المفقرين ، وهو عجز واضح آنيا ، وحتى في المنظور المتوسط ، فانّ دوافع السخط والنقمة الجماهيرية ، وسخط الشعب يظل قائما ، وبالتالي ، فان شروط اندلاع انتفاضة شعبية عارمة ، ولو بأشكال مختلفة ومتنوعة ، كمقدمة للانفجار العام الواسع المنتظر ، خاصة عند حصول فراغ في الحكم ، تبقى هي الأخرى قائمة وفارضة نفسها بقوة . لان الشعب لم يعد له ما يخسره سوى تكسير اغلاله لاسترداد كرامته ، وحريته ، وحقوقه المسلوبة ..
ثانيا . أمام وضع مضطرب ومقلق كهذا ، ومسدود الأفق ومتأزم ، ليس للدولة السلطانية المخزنية ، البطريركية ، الثيوقراطية ، الرعوية ، الكمبرادورية .. سوى حل واحد لا اثنان ، هو الاستمرار في الاعتماد على القمع والإرهاب ، والقتل والتشريد ، وحتى الاغتيالات ( حسن الطاهري ، لحبيب أعريش ، يوسف العطاوي ، مول الصباط ، عبدالله بها ، قتل خمسة شباب بالحسيمة ورميهم في بنك ، واشعال فيهم النار ليتفحموا لعرقلة التشريح الطبي للوصول الى طريقة القتل ... الخ ) ، كسياسة ومنهج في الحكم .. لكن مع التغيير الذي طرأ في العلاقات الدولية ، ونوع المصالح والفلسفات الفارضة نفسها في تحديد التعامل مع الأنظمة السياسية ، خاصة الاستبدادية ، والطغيانية ، والبوليسية ، والدكتاتورية ، فان نهج أسلوب القمع ، والقتل ، والتقتيل ، والتجويع ، والتشريع .. الخ ، وهي أسلحة الحكام الجبناء الذين يكرهون شعوبهم ويخافونها ، مآله الفشل الذريع في الاجل القريب وليس حتى المتوسط ، لان الأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، والاتحادات الدولية ، كالاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي ، والمحكمة الجنائية الدولية ، يراقبون وينتظرون مجرد حصول الخطأ البسيط حتى يتدخل الجميع ، في محاصرة الطغاة ، واعتقالهم ، وتقديمهم الى المحاكمات ، مع التّتريك واسترداد كل ما نهبوه وسرقوه من أموال وثروات ، هي أموال وثروات الشعب المفقر .. لذا فأسلوب تشديد القمع والبطش هو أسلوب فاشل من أوله ..
ومع انفضاح وتعرية ( الاجماع ) المزعوم ، ومسلسلات السلطان لتأثيث مؤسسات السلطان ، بخدم السلطان من برلمانيين ووزراء كموظفين سامين في إدارة السلطان .. فان النظام السلطاني المخزني البوليسي ، سيزيد من تشدده في قمع الحريات ( تقرير منظمة حقوق الانسان الامريكية HRW ) الذي عرى على طبيعة عمل البوليس السياسي الخسيسة ، وتضييقه الخناق على الأصوات الحرة ، ولجم المثقفين ، والصحافيين ، والمعارضين الديمقراطيين ، وتسليط عصا القمع المدانة على كل صوت جهر بالحق ، ورفض المسرحية المُلعبة والمفضوحة ، هذا مع العلم ان مأزق مسلسل " التحرير " بالصحراء زاد تأزما ، وتزيد معه استنزاف الحرب التي تدور اليوم في الصحراء منذ 13 نونبر 2020 . فخطاب السلطان الأخير بمناسبة ثورة ( الملك والشعب ) كان شاردا ، وضد التيار العالمي الذي يركز على الحل الاممي لنزاع الصحراء . ففي اقل من ثلاثة ايام من القاء السلطان لخطابه ، جاء جواب الاتحاد الأوربي رافضا خطاب السلطان ، ومشددا على الاستفتاء وتقرير المصير ، فمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوربي Josef Borel اكد ان الاتحاد الأوربي واسبانيا لا يعترفان بمغربية الصحراء ..
واذا كان القمع المنهجي الحيواني يسمح للدولة السلطانية ، المخزنولوجية ، البطريركية ، والرعوية مؤقتا ، بالاستمرار والتحكم في الأوضاع التي تنتظر الانفجار الجماهيري الشعبي العام ، والخروج عن السيطرة والضبط ، لان العلاقات الدولية أصبحت تؤخذ بعين الاعتبار قبل الاقدام على حماقة من حماقات المخزن ، فانه في النهاية يبقى سلاح ذو حدّين لا ثالث لهما ، لأنه من جهة يبرز طبيعة النظام المطلق السلطاني المخزنولوجي البوليسي التصرف ، ومن جهة يعمق عزلة النظام الدولية خاصة في ملف الصحراء الغربية ، ويعمق عزلته الشعبية التي وصلت قمتها مع محمد السادس ، كما يقلص الى حدود دنيا من " مصداقيته " التي أضحت مفضوحة ومهزوزة بالمواقف الواضحة للأوروبيين ، ولواشنطن ، والأمم المتحدة ، من نزاع الصحراء الذي تنتظره تراجيديا ، ستتحول الى تراجيديات لن تعيد عقرب الساعة الى الوراء ، وبالتالي فان طيش النظام البوليسي القمعي ، سيساهم في رفع التناقض الأساسي الى مستويات أعلى ، ويزيد من ضعف النظام ، رغم لعبه على الصورة لبث التخويف ، ورغم مظاهر (القوة ) والعجرفة التي يحاول بهما التغطية على ضعفه البيّن الواضح ، وهو ما يعني سهولة اسقاطه اذا نزل الشعب دفعة واحدة الى الشارع ، وخرج الصحراويون في المناطق الجنوبية المتنازع عليها ، يرددون شعارات الجمهورية الصحراوية في مظاهرات سلمية عارمة ..
ثالثا . الكل يجمع على انه بعد سقوط جدار برلين ، وتفكك الاتحاد السوفياتي ، وتحول دول أوربة الشرقية من دول توتاليتارية تحكمها طبقة بوليسية مثقفة برجوازية الصغيرة ، الى دول رأسمالية تولي ولائها الى واشنطن والى الغرب ، وانتهاء الحرب الباردة التي أدت الى تحول العالم من الثنائية القطبية الى الاحادية القطبية .. لم يعد للنظام السلطاني المخزنولوجي ، البطريركي ، الرعوي ، نفس الدور الاستراتيجي الذي كان له إبّان الحرب الباردة ، ولم يعد الغرب سواء فرنسا ، او واشنطن ، يعير النظام المخزني السلطاني العناية والاهتمام التي كان يتمتع بهما سابقا .
هكذا تحول النظام من دور مؤثر ، وكان يؤثر في التوازن الدولي بسبب تحالفه الاستراتيجي مع الدولة الصهيونية ، الى دور ثانوي . بل وأمام الموقف السلبي للدول الوازنة في السياسة الدولية من نزاع الصحراء الغربية ، اصبح دوره هامشيا ، انْ لم نقل منعدما بالمرة مقارنة مع النظام الجزائري بسبب البترول والغاز . فحتى فرنسا أصبحت العلاقات معها جد متدهورة بسبب برنامج Pegasus ، ولم تعد تنظر الى المغرب كجغرافية واستراتيجية . بل تنظر له كضرع وثدْي حليب لشركاتها المسيطرة على اقتصاد الريع السلطاني ..
ان ما يبين تقزيم الدور التراجعي للدولة السلطانية خلال العشرية الأولى من الالفية الثالثة ، وموت هذا الدور خلال العشريتين الثانيتين من الالفية الثالثة ، انها لم تعد قبلة يحج اليها كبار الساسة في العالم للتشاور واخذ ( النصيحة ) ، وجهة النظر . فمؤتمرات القمة العربية والإسلامية التي احتضنتها فاس والدارالبيضاء ، هاجرتها ولم تعد وجهتها المفضلة منذ مجيء محمد السادس . وهذا يلاحظ في جنازة الحسن الثاني التي حضرها الرئيس الأمريكي Bill Clinton ، وحضرها وفد صهيوني ضخم من أربعين مُعزِّ ، كما حضرها الرئيس الفرنسي Jacques Chirac ، وجميع الرؤساء العرب والافارقة ، وحضرها شخصيا الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة ، وياسر عرفات .... الخ .
يلاحظ كذلك انطفاء دور الدولة السلطانية الدبلوماسي ، حين بدأ يغيب عن حضور مؤتمرات ولقاءات دولية فاعلة ، تخص الامن بالمنطقة ، مثلما حصل في مؤتمر جدة ، ومؤتمر باريس ، ومؤتمر واشنطن .. الخ . بل ان الغرب العارف بأسرار النظام المخزني السلطاني ، لم يعد يولي أهمية ولا اهتماما بشخص السلطان ، خاصة Emanuel Macron الذي جمد كل علاقاته مع محمد السادس منذ اكثر من سنة ، دون ان ننسى تهرب كل من François Holland ، والرئيس Barak Obama ، والأمين العام للأمم المتحدة السابق Ban Kimoun من لقاء محمد السادس بدعوى ان الاجندة لا تسمح بذلك .. ومن ينسى ما تعرض له يخت Yacht محمد السادس من قبل الدرك الاسباني بسواحل مياه مدينة سبتة ، ومصافحة الرئيس Vladimir Poutine رؤساء الدول في لقاء فرنسا بمناسبة مرور 101 سنة على نهاية الحرب العالمية الأولى ، وعندما وصل عند محمد السادس رفض مصافحته بشكل اكثر من مهين ، ومن ينسى وصف السفير الفرنسي بالأمم المتحدة للمغرب بالعاهرة التي تكرهها .... الخ ..
ان هذا التحول الذي طرأ في العلاقة بين النظام المخزنولوجي السلطاني ، وبين الغرب الرأسمالي ، وعلى الأخص العلاقات الفاترة بين باريس ، وواشنطن ، واسبانيا التي تعرف من أين يُأْكل الكتف ، الذين أعطوا للنظام البوليسي المخزني فرصة مواتية وسانحة للقيام بالإصلاحات الضرورية ، بما يضمن مصالح الغرب بالأساس .. قد عجز من الدخول الى مجمع الدول الديمقراطية العصرية ، وانّ التقاليد البالية القرسطوية ، وطقوس الأزمنة الغابرة في التاريخ .. لمن شأنها ان تعجل بتغييرات ضد المصالح الغربية ، وبالضبط لمصالح فرنسا ، اسبانيا ، وامريكا . وهذا ما يفتح الباب على مصراعيه امام احتمال اصبح يلوح في الأفق اكثر من أي وقت مضى ، وبالتزامن مع المصير الذي سيدخله نزاع الصحراء الغربية في اقل من سنتين قادمتين ، وربما اقل من ذلك بكثير .
ذلك ان الامبريالية الامريكية ، و الفرنسية ، والاسبانية بحكم الجوار ، تعي خطورة الوضع القائم ، وتنظر بعين الحرص والانتباه المركز ، الى مصالحها الضخمة بالمنطقة ، استراتيجيا ، واقتصاديا ، وسياسيا . ومن هنا فإنها لن تتردد في استعمال سلاح الانقلاب العسكري ، يقوده ضباط وطنيون برجوازيون صغار ، في حالة انفلات الوضع والأمور من يد عملائهم المحليين والحاليين ، وإهانتها لهم من خلال جولات متتابعة ( التأشيرات الفرنسية ) ، ( اهمال محمد السادس المتواجد بباريس ، وعدم زيارة أي مسؤول فرنسي له رغم مرضه ) ، وتململ ميزان القوة لصالح الشعب المفقر ، وقواه التي ستنبع من اوساطه عند النزول الى الشارع ، وذلك لاستدراك الوضع ، ومحاولة اجهاض أي ثورة وطنية ، ستؤسس للاستقلال الحقيقي للمغرب العروبي البربري ، وقطع الطريق عن أي تطور جذري يفلت زمام المبادرة من ايديها ، ويمس بمصالحها الأساسية بالمنطقة . ان تسريب فيديو Une vidéo للسلطان محمد السادس وهو ثمل سكران بشوارع باريس ، وهو امير للمؤمنين .. يدخل في التحضير والشحن الشعبي ضد شخص السلطان ، الذي لم يعد يتوفر على شروط الامام ، والأمير ، والراعي الكبير ، أي دعوة الى العزل لترتيب الوضع بما تشتهي دول الوصاية وعلى رأسها فرنسا التي تنتظر الحسن الثالث ، والتي تقف وراء تسريب الفيديو ، مثل وقوفها امام تسريبات ( كريس كولمان ) Chris Colman .. فالتسريب وفي هذا الظرف والتوقيت ليس بالبريء ..
في هذا السيناريو الأقرب للتحقيق ، حيث ان وجود الدولة السلطانية المخزنولوجية البوليسية اضحى مهددا بالسقوط ، مع نهاية حرب الصحراء في اقل من السنتين وربما اقل ، فان التحالف المناهض والمعارض للدولة المخزنولوجية ، السلطانية ، البوليسية ، البطريركية ، الكمبرادورية ، الرعوية ، الثيوقراطية .. ستتوسع ، وتتضخم بانضمام البرجوازية الكمبرادورية الى قوى الثورة والتغيير ، الذي يبسط ويسهل تدخل الجيش المدفوع من قبل الدول الغربية كفرنسا ، والولايات المتحدة الامريكية ، واسبانيا .
ان البرجوازية الكمبرادورية ، خوفا على حاضرها ومستقبلها ، وفي غياب مخارج سياسية بديلة ، اكيد ستخرج من كنف النظام الرعوي ، المخزنولوجي ، البطريركي لتشكل القاعدة الاجتماعية لأيّ مشروع امبريالي انقلابي ، خاصة وانها مهيأة اكثر من غيرها لضمان مصالح الامبريالية الفرنسية ، والأمريكية ، واسبانيا ، وصيانتها بحكم ارتباطها المصيري بهذه المصالح . ( مجموعة البازار الإيرانية اثناء الثورة الإسلامية الإيرانية ) ..
رابعا . ومع وضعية رخوية وهشة للنظام المخزني الذي فقد البوصلة ، واضحى تائها من دون مِقود ، ومع وضعية غليان شعبي ، وتعمق السخط والتذمر الشعبي ، وغلبة اليأس والانهزامية لذا بعض الأوساط التي فقدت حسها الأيديولوجي والعقائدي ، ومكانتها وسط الجماهير التي تجاوزت جميع المشاريع الانهزامية ، باسم الخصوصية الديمقراطية التي ترهن الدولة والبلد في يد النظام بطقوسه القروسطوية ، وباسم التقاليد المرعية ، والأصول والأعراف السلطانية التي تستمد اصل الحكم من الغيب واللاهوت ، المفضي الى الأنظمة الاستبدادية والطغيانية ، المعادية للديمقراطية ولحقوق الانسان ، تبدو التربة خصبة للمغامرة باسم المقاومة ، وباسم موت السياسة ، وموت الأحزاب ، التي قد يدفع لها بعض المغامرون المنتمون الى مختلف العقائد والايديولوجيات .. كما ان الصراع في الصحراء قد يتخذ شكل المقاومة المسلحة ، كتكملة للحرب الثانية التي تخوضها جبهة البوليساريو منذ 13 نونبر 2020 ..
واذا كان هذا الاحتمال نسبي التحقيق في الداخل المغربي ، فانه يبقى مرجحا في مدن الصحراء الغربية ، مع توقع إنتفاضة مساندة لحرب الصحراء ، ومدعمة للمقاومة الصحراوية المسلحة . فاسلوب المغامرة يبقى مطروحا ضمن مشروع التغيير الفوقي للنظام المخزني الذي اضحى مهددا حتى من قبل الأصدقاء كفرنسا .
خامسا . الخلاصة . ان اثارة هذه العوامل والاحتمالات الناجمة عنها ، تأخذ في الظرف الراهن أهمية قصوى .
فكما هو واضح ، اصبح العنصر الخارجي ، متجسدا في الامبريالية بتواجدها العسكري ، وهيمنتها السياسية والاقتصادية ، عنصرا مؤثرا في الصراع ، وقد يكون حاسما .
وانّ المنعطف التاريخي الذي سجلته الانتفاضات الشعبية والجماهيرية التي شهدها المغرب ، وآخرها حركة 20فبراير من جهة ، ومن جهة تعاظم الاحتمال الثالث الانقلاب الغربي لقطع الطريق عن اية ثورة جماهيرية قد تؤسس لحكم الشعب ، ومع استعداد الامبريالية للتدخل لتغيير نظام سلطان لم يعد في نظرها مقبولا ، ولم يعد يتوفر على شروط البقاء ، لصالح نظام سلطان آخر وضمن استمرار نفس الدولة ، ويكون مقبولا من قبل الجميع لانغماسه في الثقافة الليبرالية الغربية ... الخ ، يطرح على احرار وشرفاء الشعب المغربي من كل التوجهات ، أيديولوجية ، عقائدية ، وقواعد مؤسسات تحتية ، تعقيدات كبيرة ومسؤوليات جديدة وملحة ، اذ في كلتا الحالتين ، الانقلاب الامبريالي بواسطة الجيش ، او بالقفز الفوقي على الحكم ، او الانتفاضة الشعبية الجماهيرية المنتظرة .. فان أعداء الشعب لن يترددوا في تسليط الإرهاب عليها ، والتصفيات كمقدمة لإجهاضها .
ولن يكون من باب المغالاة التأكيد على ان حركة التغيير المغربية ، موضوعة امام خيار واحد :
-- إمّا ان تتمكن من تطوير أوضاعها الذاتية وتصليبها ، بترسيخ مكتسباتها وتقويتها ، حتى تكون في مستوى التجاوب مع الوضع بكل احتمالاته ومتطلباته ، وهنا فان الاطار الأنسب للتجميع كقوة لمواجهة جميع الاحتمالات التي تفرض نفسها بغتة في الساحة ، تبقى لجنة التنسيق الوطني التي ستتكون من كل الاحرار والشرفاء عبر مجموع التراب الوطني ، لبناء الكتلة التاريخية في خضم المجابهة مع كل المتربصين من إنقلابيين إمبرياليين ، او من قبل مغامرين ينشدون القفز على السلطة من فوق ، او من قبل دعاة الفاشية والاستبداد في شكله الأيديولوجي او العقائدي عدو الديمقراطية .
-- وإمّا ان تتعرض للإجهاض والتصفية ، فيما اغفلت الشعب أساس قوة الحكم ، واستمرت تنتصر للعقيدة او الأيديولوجية . وفي هذه الحالة ستحصل النكسة الديمقراطية التي ستكون مؤشرا لفراغ الساحة ، لان الفراغ ستملئه القوى المناهضة للديمقراطية .. وهو ما يكرر الحالة السائدة اليوم في اكثر من قطر عربي .
ان الشعب المغربي ، واحراره وشرفائه ، يبقى هو صاحب الكلمة الأخيرة ، وإنّ أي تحليل يتغاضى عن ذلك ، او يسقط من حسابه قدرة الجماهير الشعبية على الرد والمواجهة ، انما هو تحليل مبتور يتغاضى عن نصف المعادلة السياسية القائمة .
ان الشروط الموضوعية للتغيير الأساسي الثوري في المغرب ، قائمة اليوم وبشكل اكثر دقة وحدة ، والجماهير المغربية عبرت بالملموس عن طموحها في التغيير الجذري لأوضاعها المزرية ، واستعدادها للتضحية والاستشهاد للدفاع عن حقوقها وكرامتها . لكن يبقى الخلل في الشروط الذاتية ، أي في دور الطليعة الكتلوية ، وبما لهذه المصالح من ابعاد جيو/ سياسية وجماهيرية ، القادرة على تأطير نضال الجماهير ، والتجاوب معه ، والالتحام به ، وقيادته نحو أهدافه الإيجابية المنشودة .
فإذا كانت مسافة الالف ميل تبدأ بخطوة ، فالمغرب قطع اليوم 999 خطوة ، ولم تبق له الاّ خطوة واحدة للتأصيل وبناء الدولة الديمقراطية المنشودة والمنتظرة ، والقطع مع عهد الجور والظلم ، وغياب العدل والمساواة ، وربط المسؤولية بالمحاسبة ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطاب السلطان محمد السادس بمناسبة مرور تسعة وستين سنة عن ثورة ...
- فرق بين الاعتراف الصريح ، والاكتفاء بسحب الاعتراف دون اعتراف ...
- هل ستنجح حركة - صحراويون من أجل السلام - في سحب بساط تمثيلية ...
- أحمد الريسوني رئيس ( الاتحاد العالمي ( لعلماء ) المسلمين ) ي ...
- هل بدأت حرب ( الكاف ) الاتحاد الافريقي لكرة القدم ؟
- صفعتان مدويتان يتلقاهما خذ النظام السطاني المخزني المغربي
- تحطيم التقاليد في إطار التقاليد . توظيف الدين والتراث في الص ...
- هل جاء تذكير جوزيف بوريل بجديد لنزاع الصحراء الغربية ؟
- 5 غشت 1979
- أنتِ // أنت
- السيد عبدالرزاق مقري زعيم - حركة مجتمع السلم - الجزائرية ، ي ...
- آليات السيطرة الامبريالية على الدولة السلطانية المخزنولوجية ...
- حظروا كفنكم لرفع الظلم ونيل حريتكم . ان غدا لناظره قريب .. ا ...
- خطاب السلطان محمد السادس بمناسبة عيد العرش
- الدولة الرعوية - البطريركية
- هشتاگ - أخنوش - إرحل .
- هل تم تأجيل أم إلغاء حفل الولاء / البيعة
- في الديمقراطية .
- أستراتيجيات الدولة السلطانية
- التبضّع - البزْنسْ - المِرْكنتيلية حتى في السياسة .


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - هل هناك بوادر اندلاع ثورة في المغرب ؟