أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح هرمز الشاني - الحداد ٌلٌق بالسٌدة بغداد. . بٌن بنٌات السرد. . وإرهاب الزومبً. .















المزيد.....



الحداد ٌلٌق بالسٌدة بغداد. . بٌن بنٌات السرد. . وإرهاب الزومبً. .


صباح هرمز الشاني

الحوار المتمدن-العدد: 7375 - 2022 / 9 / 18 - 14:09
المحور: الادب والفن
    


تبدأ هذه الرواٌة من حٌث ٌنتهً الجزء األول من رواٌة )مشرحة بؽداد(، لذا فهً الجزء الثانً
منها، بالرؼم من أن المإلؾ لم ٌشر الى أنها كذلك. وقد ٌتبعه الجزء الثالث والرابع. . الخ. .
كما هو سائد، وٌشتؽل علٌه برهان شاوي فً رواٌاته السابقة. إذ مثلما ٌنتهً الجزء األول
للرواٌة، مع إنبالج تباشٌر الفجر وخروج جثث الموتى من مشرحة المشفى الى شوارع بؽداد،
كذلك فإن الجزء الثانً منها، ٌبدأ فً الزمكان ذاته، بزحؾ الجثث الهاربة من مشرحة بؽداد
على المدٌنة.
تقع هذه الرواٌة فً )312 )صفحة من الحجم الصؽٌر، وتتوزع على سبعة فصول، ٌبدأ الفصل
األول تحت عنوان )النفق المظلم تحت مدٌنة بؽداد(، والفصل األخٌر تحت عنوان )منعطؾ
النفق الجدٌد(. والالفت أن الفصل الثالث هو اآلخر ٌقترن عنوانه بالنفق الموسوم )شمعة فً نفق
مظلم(. وبؽض النظر عن العناوٌن الثالثة، فإن أحداث الرواٌة من بداٌتها الى نهاٌتها، تجري
فً النفق، كما أن الؽالؾ األول واألخٌر لها، فضال عن صفحاتها، مطرزة باللون األسود،
للداللة على الظالم الذي ٌلؾ شخصٌات الرواٌة، بالرؼم من أنها ال تبصر لفقء عٌنٌها من قبل
)الزومبً( الرامز الى ازالم النظام الذٌن جاءت بهم أمرٌكا عام 2223 ،أثر إحتالل العراق.
إن إختتام السارد الجزء األول للرواٌة بدون حل، تاركا إٌاه للمتلقً، إتساقا مع منحى رواٌة ما
بعد الحداثة، وإنفتاحها على كل التفسٌرات والتؤوٌالت، ٌقودنا هذا اإلنفتاح الى هذٌن السإالٌن:
ترى هل أنه لجؤ الى هذا المنحى، رؼبة منه فً مجاراة التقنٌات الحدٌثة السائدة فً الرواٌة
العالمٌة، أم ألنه سلفا، أي قبل أن ٌنتهً من كتابة الجزء األول، كان قد خطط لهذا اإلنفتاح،
بربط الجزء الثانً بالجزء األول، والعكس جائز أٌضا، بربط الجزء األول بالثانً.؟
كما ٌبدو لً، وإنطالقا من متابعتً لتجربة شاوي الروائٌة، أن لجوئه الى هذٌن المنحٌٌن لٌس
ؼرٌبا، ألنه فً رواٌاته السابقة أستخدم األسلوب نفسه. ولعل )متاهاته( أثبت دلٌل على ذلك.
وهو أسلوب صعب، ولٌس بوسع الروائً الذي ٌفتقر الى تجربة طوٌلة أن ٌخوض ؼماره
وٌتصدى له، ألنه ٌتطلب المعلومة الواسعة أوال، ثم النفس الطوٌل، عالوة على قدرته على شد
إنتباه المتلقً وجذبه الى متابعة األحداث بمتعة ووله كبٌرٌن على إمتداد أجزاء الرواٌة التً قد
تبدو ترجمة هذه المهمة أصعب من توفٌر المعلومة وإمتالك النفس الطوٌل. ومن بٌن الروائٌٌن
العرب الذٌن ساروا على هذا النهج، ال شك أن نجٌب محفوظ، ٌحتل الصدارة فً ثالثٌته
المعروفة: )بٌن القصرٌن، قصر الشوق، والسكرٌة(، ولكن شاوي تجاوز األجزاء الثالثة
لمحفوظ وصوال الى التسعة. وأظن أن هذ الرقم ٌعد رقما قٌاسٌا فً تؤرٌخ الرواٌة العالمٌة
وعلى هذا النحو: )متاهة آدم، متاهة قابٌل، متاهة األنبٌاء، متاهة األرواح المنسٌة، متاهة أبلٌس،
متاهة العمٌان، ومتاهة العدم العظٌم.(.
إن السارد الضمنً الذي ٌنوب المإلؾ فً سرد األحداث، إن كان قد خطط مسبقا لكتابة الجزء
الثانً للرواٌة أو الثالث والرابع وحتى الخامس والسادس، أم أنه لم ٌخطط، وهو على األؼلب
ٌرسم فً ذهنه وعلى الورق كل ما سٌرد فٌها، بما فٌها أصؽر وأدق األشٌاء، وأعنً األجزاء
التً خطط لها، أقول إن أتباع هذه الطرٌقة فً سرد األحداث، تسمح له، إن لم أقل ترؼمه على
جعل نهاٌة الرواٌة مفتوحة، لٌساهم هذا اإلنفتاح بإستبعاد النهاٌات المقفلة، أو كما ٌقول )روبرت
أٌؽلستون( فً كتابه )الرواٌة المعاصرة( ترجمة وتقدٌم لطفٌة الدلٌمً:
)النهاٌة المقفلة هً طرٌقة فً إنهاء التعبٌر عن فكرة ما أو محاججة ما، لذا فإن طرح النهاٌات
المقفلة وإستبعادها ٌعنً الولع بالمحاججات المفتوحة النهاٌات، وهو ما ٌعنً أن ثمة رؼبة ملحة
لدى الكاتب فً التلمٌح بؤن ثمة الكثٌر مما ٌمكن قوله فً هذا الشؤن.(1.
ولو أعدنا قراءة نهاٌة الجزء الثانً للرواٌة التً تنتهً بهذه العبارة المفتوحة: )وكان آدم
الحارس والصبً آدم الصؽٌر ٌنظران الى السماء. الى وجه السٌدة بؽداد(. لتبٌن لنا لما ٌكاد أن
أجزم بؤن هذه النهاٌة المفتوحة، من ؼٌر الممكن أن تخلو من الجزء الثالث.
تعتمد هذه الرواٌة فً إنشاء هندستها المعمارٌة على ثالث بنٌات، وهً بنٌة التواتر )التكرار(
وبنٌة المونتاج القاطع وبنٌة األصوات المتعددة.
والتكرار بحسب تعرٌؾ الدكتور محمد صابر عبٌد الذي أستقاه من معجم البالؼة العربٌة هو:
)من البنٌات األساسٌة المهٌمنة على النص الروائً، بنٌة التكرار، هذه تلعب دورا رئٌسٌا فً أي
نص أدبً وبمختلؾ أجناسه، وهً بنٌة تعتمد على صٌاؼة الملفوظ أكثر من مرة، قد تكون هذه
الصٌاؼة لفظٌة أو معنوٌة، وتؤتً لزٌادة التؤكٌد على النص المراد، فهو فً اإلصطالح البالؼً
أن ٌكرر المتكلم اللفظة الواحدة باللفظ والمعنى.(.2
تفٌض الرواٌة بهذه البنٌات التً ؼالبا ما تؤتً بصٌؽة العبارة، وأحٌانا بصٌؽة تكرار المفردة
والبنٌة التً تؤتً بصٌؽة العبارة تتمظهر بعدة أشكال، قد تؤتً بالتعوٌل على عبارة واحدة، أو
عبارات عدة. كما هناك تكرار ٌعتمد على الحوار، فضال عن تكرار الالزمة. واللفظة التً
تتكرر بصٌؽة المفردة تؤتً على هذا النحو فً العبارة التالٌة:
1(-الزومبً(: تتكرر هذه المفردة أكثر من ثالثٌن مرة فً الرواٌة، بحٌث تكاد تطؽً على
المفردات والعبارات األخرى لفٌض ورودها، وهً ؼالبا ما تؤتً فً عبارات عدة، ولٌس فً
عبارة واحدة، ذلك لكونها المحور الجوهري ألحداث الرواٌة، والمصدر األساس لبالء الشعب
العراقً، ال سٌما فً قمع إنتفاضة الشباب التشرٌنٌة، أو كما ٌقول هو نفسه الزومبً وعلى
لسانه: )سنتصدى للمخربٌن والعمالء الذٌن أستٌقظوا من قبورهم.(، وٌقصد شباب اإلنتفاضة.
نا ثورة
كما فً هذه العبارة أٌضا: )هإالء زومبً بؽداد. . بٌنما نحن موتى بال قبور. . أعل
الموتى.(. مفردة الزومبً هنا ال تعول على عبارة واحدة فقط، بل تعتمد الحوار أٌضا الدائر بٌن
آدم الحارس وإحدى الفتٌات المختفٌات فً النفق، وهً تقول له: )أدخل كً ال ٌراك الجرذ
الهائل فٌهجم علٌنا كلنا وٌمزقنا.(. فً إشارة أخرى، فضال عن كون الزومبً، رمز ألزالم
النظام الذٌن جاءت بهم أمرٌكا، فإن مفردة )الجرذ( هً األخرى ترمز الى الشًء نفسه، الى
أزالم النظام الذٌن ٌخطفون وٌؽتالون شباب اإلنتفاضة التشرٌنٌة.
وهذه العبارة تإكد أٌضا، أن مفردة الزومبً ترمز الى أزالم النظام الحالً، بفعل الخوؾ الذي
ٌدب فً دواخل شخصٌتً آدم الحارس وآدم الصؽٌر، أثناء شعورهما بإقتراب الزومبً منهما
داخل النفق: )حبس آدم الحارس والصبً أنفاسهما وهما ؼارقان فً عتمة المكان خلؾ الكوة
الى أن خفت الصوات وأبتعدت جموع الزومبً فً أعماق النفق. واختفت نهائٌا.(.
2-الجرذان: هذه المفردة هً األخرى تتكرر كثٌرا، ولكن لٌس بحجم مفردة )الزومبً(، وتؤتً
بصٌؽة عدة عبارات أٌضا، ولٌس عبارة واحدة، كما فً هذه العبارة: )كل الذٌن هربوا من
المشرحة رأٌتهم ٌزحفون فً الشوارع بإتجاه ساحة التحرٌر فً حشود منتظمة، كما رأٌت حشدا
من الجرذان الشرسة الهائلة الحجم كقطٌع من الخرفان ورأٌتها تهجم على شارع المتنبً. .(.
ٌشتؽل السارد هنا على الجمع بٌن نقٌضٌن فً هذه العبارة التً تعول على عدة عبارات،
والنقٌضان هما )الجرذان( من جهة و)شارع المتنبً وساحة التحرٌر( من جهة أخرى. ذلك
بوصؾ الجرذان رمز لعملٌتً اإلختطاؾ واإلؼتٌال، وإعتبار شارع المتنبً رمزا للثقافة،
وساحة التحرٌر لإلنتفاضة.
ولو أعدنا قراة الفقرة األولى لهذه العبارة، وآدم الحارس ٌقول: )كل الذٌن رأٌتهم ٌزحفون فً
الشوارع بإتجاه ساحة التحرٌر. .(، ألدركنا أن الهاربٌن من المشرحة هم أبناء الشعب العراقً
الذٌن أختطفهم الزومبً لبتر عضو من أجسامهم وبٌعها فً سوق النخاسة. ولم تؤت هذه العبارة
جزافا، أو لإلعالن عن هوٌة الهاربٌن فقط، وإنما جاءت لوحدة الموضوع فً الرواٌة، ذلك
لوجود شخصٌات فً الرواٌة، تتعرض لهذا البتر.
كما أن إقتران عبارة: )هً لٌس جرذان. . هً بشر. . بشر خرجوا من تحت مجاري المدٌنة فً
هٌئة جرذان مخٌفة.(، تدل على تعاطؾ السارد مع الشباب، وبالعكس، إدانة البشر الذٌن خرجوا
من تحت مجاري المدٌنة، عبر وصفهم بالجرذان، وهو أقصى ما ٌمكنه التعبٌر عن مشاعره
الفٌاضة تجاه األول، وأقصى ما بوسعه اإلبداء عن موقفه السلبً حٌال الثانً. مع أن )باختٌن (
لٌس مع أنحٌاز السارد ألي طرؾ من أطراؾ شخصٌات الرواٌة. ولعل هذا االنحٌاز ٌقودنا الى
هذا السإال، وهو ما ال نرٌد أن نتطرق الٌه، ألنه سوؾ ٌقودنا الى الخروج من المسار الذي
أختطنا له فً فك شفرات هذه الرواٌة.
ترى هل هذه الرواٌة، رواٌة وثائقٌة، أم رواٌة فنٌة؟ أي هل أن السارد أعتمد على جمع
األحداث الجارٌة فٌها من خالل اللقاء باألشخاص الذٌن تعرضوا الى التعذٌب والخطؾ والقتل،
وؼٌرها من الوسائل التً تعول على جمع الوثائق كالصحؾ مثال، أم أنه أعتمد على مزج الواقع
بالخٌال؟
بؽض النظر عن كونها رواٌة وثائقٌة، أو رواٌة فنٌة، ؼٌر أن السارد، لمعاصرته لألحداث التً
شهدها العراق، أثر إحتالله من قبل أمرٌكا، أستطاع أن ٌلتقط تلك األحداث، بوصفها وثٌقة،
وٌترجمها على أرض الواقع. أي أن ٌ حول المادة الوثائٌقة الى نص فنً. لذا فهً رواٌة فنٌة بال
منازع، رؼم نفور )باختٌن ( فً أنحٌاز السارد الى طرؾ من أطراؾ شخصٌات الرواٌة. أو
على حساب الطرؾ اآلخر. وثمة جملة من المسوؼات تإكد، أنها رواٌة فنٌة. وفً مقدمتها
البنٌات التً تعول علٌها كالتكرار والمونتاج القاطع واألصوات المتعددة، أما هروب جثث
الموتى من المشرحة وسٌرها فً شوارع المدٌنة والنفق المظلم مفقوءة العٌنٌن، فهً ال تإكد
على فنٌتها فحسب، بل على كونها رواٌة سورٌالٌة أٌضا. ولعل عبارة: )حانت منه إلتفاتة الى
وجه الصبً آدم الصؽٌر فؤرعه ما رآى ، إذ كان الوجه لٌس وجه صبً بريء وإنما وجه كهل
مؽمض العٌنٌن. فز قلٌال، لكن سرعان ما عاد الوجه الصبً المؽمض العٌنٌن لما كان علٌه.(،
تضاعؾ ال معقولٌة هذه العبارة، وحدوثها فً األحالم فقط، على أنها كذلك.
كما أن أختٌار أحداث الرواٌة فً النفق، وخروج الجثث من مقابرهم، وهم ٌسٌرون فً الشوارع
كاألحٌاء، وآثار عملٌات التشرٌح وندوبه واضحة على وجوهها وأجسادها، وٌطاردها الزومبً،
هً األخرى تثٌر عدة تساإالت. ترى هل هً رواٌة بولٌسٌة، أم رواٌة رعب؟ ذلك، لعدم خلوها
من كال العنصرٌن، عنصر المطاردة، من قبل الزومبً للجثث الهاربة من المشرحة، وعنصر
الرعب الذي ٌسود الجو العام للرواٌة.
رواٌات الرعب، ومثلها الرواٌات البولٌسٌة: )تقوم على مؽامرات، حكاٌات التحري. البولٌس
ٌكون فٌها مخبرون فً العادة، وتقوم على البحث والتحري المكثؾ.(3 .بٌنما هذه الرواٌة ال
صلة لها بالمواصفات المشروط توافرها فً رواٌات الرعب والرواٌة البولٌسٌة. أي أنها ال تقوم
على ما تقدم ذكره، بقدر ما تقوم على الشروط والمواصفات المتوافرة فً رواٌة ما بعد الحداثة.
مثلما تتكرر فٌها المفردة فً عدة عبارات، كذلك تتكرر فٌها العبارة فً عدة عبارات أٌضا.
واصفا الدكتور محمد صابر عبٌد هذا النمط من التكرار بؤنه: )ٌشكل فً حد ذاته نصا مكتفٌا
بذاته(4 .على سبٌل المثال الجمل التالٌة:
*كان الرجل ٌقول أنا الذي رآى كل شًء. . أنا الذي . . أنا كلكامش األعمى. . كلكامش الخائؾ
من جٌفة الموت.
*وجدت أٌضا فرٌقا من الفئران الكبٌرة التً تشبه بكالب كبٌرة مدججة، وتسٌر بطرٌقة منظمة،
وخلفها زومبً.
*ولكن المشرحة موجودة فً باب المعظم ولٌس هنا فً هذا النفق.
فً العبارة األولى ٌسعى السارد من خالل تماهً شخصٌة )كلكامش( مع شخصٌات الرواٌة: آدم
الحارس وآدم الصبً، وحواء العاهرة، وؼٌرها من الشخصٌات، أن ٌجعل من كلكامش الذي
رآى كل شًء، بالرؼم من أنه أعمى، أن ٌجعله أنموذجا لعمى كل الشعب العراقً، وإن شئنا
التؤوٌل، فإن عمى كلكامش جاء بفعل نحٌبه على موت صدٌقه أنكٌدو، إذ بكاه سبعة أٌام بلٌالٌها
ونهارها، مثله مثل اآلباء واألمهات الذٌن أصابهم العمى، نتٌجة نحٌبهم على فلذات أكبادهم
الشباب، حٌث أؼتال زومبً البعض منهم وؼ ٌب البعض اآلخر فً الردهات السرٌة الخاصة به،
ؼٌر مدركٌن ما حل بمصٌرهم، لٌقفوا عاجزٌن عن فعل أي شًء، كما وقؾ كلكامش عاجزا
أمام موت خله وصدٌقه أنكٌدو. أما العبارة الثانٌة، فهً إشارة واضحة الى أن الزومبً،
مجموعة كبٌرة من الناس المنضوٌة تحت لواء أحد األطراؾ السٌاسٌة الذي ٌقوم بتدرٌبهم،
بدلٌل أنهم ٌسٌرون بطرٌقة منظمة. بٌنما الجملة الثالثة، توحً الى أن المشرحة لٌست موجودة
فً باب المعظم فقط، وإنما فً كل أنحاء العراق.
كما أستخدم السارد تكرار الحدث الروائً، وهذا النمط من التكرار: )ٌشكل أنموذجا سردٌا
متفردا، فالحدث الروائً ٌتكرر، وال ٌؤخذ بنظر اإلعتبار طول الحدث أو قصره.(5 .
ٌعمد السارد فً توظٌؾ هذا النمط، عقب إنتهاء كل شخصٌة من سرد األحداث التً جرت لها،
وكلما تقدمت أحداث الرواٌة الى أمام، أزدادت مساحة سرد األحداث للشخصٌة التً تلً
الشخصٌة التً سبقتها، وهكذا الى آخر شخصٌة فً الرواٌة، على سبٌل المثال النموذج الطوٌل
التالً الذي أقتطفت جزءا صؽٌرا منه:
)أنا ال أعرؾ كٌؾ جئت الى هنا. كل الجثث هربت من المشرحة، ولم ٌبق فٌها ؼٌري وؼٌر
الصبً آدم الصؽٌر، فؽادرنا المشرحة، وحٌن كنت فً منطقة المٌدان رأٌت فصٌال من الجرذان
الكبٌرة كالخرفان، لكنها مدججة. . وحٌن وصلنا شارع المتنبً التً هجمت علٌه وقضمت كل
الكتب التً تمتلًء بها المكتبات هناك تقرٌبا. هربنا أنا والصبً آدم، فوجدت زاوٌة هناك، فتحة
تشبه النفق، فلذت الٌها وهناك رأٌت بعض الالئذٌن والمختفٌن فٌها، ووجدت نفسً فً نفق
مظلم. . الخ.(.
وفً الرواٌة تكرار أكثر من الزمة، تتردد على لسان آدم الحارس، لتعد: )بمثابة مفتاح تعرٌفً
لهذه الشخصٌة(6 ،كما فً عبارة: )مشرحة بؽداد لٌست هنا انها فً باب المعظم(، أو عبارة:
)ظالم. . ظالم كلنا نمشً فً الظالم(، كما فً هذه العبارة أٌضا: )لكننً لست مٌتا. هذا الصبً
الصؽٌر ٌقول لً بؤننً مٌت، لكنً ال أصدقه. .(.
إذا كانت العبارة األولى توحً الى وجود وفرة من المشرحات فً بؽداد، ولٌس مشرحة واحدة
كما ٌظن آدم الحارس، والتً هً فً األصل مؤوى لبتر األعضاء الجسدٌة لإلنسان، فإن معنى
العبارة الثانٌة واضح، ولٌس بحاجة الى البٌان، وهو أن الشعب العراقً ٌعٌش فً وضع
مؤساوي، وظرؾ معقد وفً ؼاٌة الؽموض، بلػ حدا، أمسى من المستحٌل علٌه الخروج من هذا
الظرؾ والوضع الذي زجه اإلحتالل فٌهما، أثر ؼزوه للعراق، ومجٌئه بؤحزاب المحاصصة
على دست الحكم. بٌنما العبارة الثالثة، تومًء الى أن آدم الحارس متشبث بالحٌاة، وال ٌرٌد أن
ٌموت، ألنه ٌخافه، ولكنه مع هذا ٌتعاطؾ مع الهاربٌن من المشرحة، ال وبل ٌعتبر واحدا منهم،
وبالمقابل ٌتخذ موقفا مناهضا تجاه الزومبً.
2 -المونتاج القاطع:
ٌقول الدكتور منصور نعمان: )إن الصور واألفكار الملتقطة من الحٌاة تتطلب مهارات فنٌة
كبرى تقع فً صلب عملٌة مونتاجٌة فً عقل المإلؾ والمتعلقة فً كٌفٌة ربط الموتٌفات
والحوار واألحداث الذي ٌعطٌها معنى، علٌه فإن المونتاج والحالة هذه ٌعتبر مذابا فً عناصر
النص وٌشكل قوة أساسٌة ٌستند النص علٌه عن طرٌق الربط بٌن األفكار لخلق عالم مترابط
ٌشكل ترسانة الشكل الفنً. وفً ضوئه ٌنشؤ المإلؾ عالما متخٌال، إآل أنه عالم مركب
مونتاجً.(7.
إن العالم الذي أنشؤه السارد فً الرواٌة، بؽض النظر عن عملٌة المونتاج، هو بحد ذاته عالم
متخٌل، لذا فمن الطبٌعً أن تقترن عملٌة القطع بعالم مركب مونتاجً، أي أن تتسم الصور
والدالالت التً ٌلتقطها من الحٌاة بؤكثر من داللة، كما مثال فً إنطفاء الشمعة التً ٌحملها آدم
الكفٌؾ، أو صمت شخصٌة الجثة خلؾ الجدار.
ٌسعى السارد هنا، فً توظٌؾ المونتاج القاطع لبلوغ ثالثة أهداؾ، الهدؾ األول منها هو خلق
عنصر اللهفة والترقب لدى المتلقً لمتابعة أحداث الرواٌة، والهدؾ الثانً إلفساح فرصة
الراحة له، لعدم فقدان تركٌزه، والهدؾ الثالث هو إما لتحدٌد المكان، أو قطع السرد عند النقطة
التً تثٌر حواسه، وتحفزه على مواصلة السرد. واألهداؾ الثالثة مثلما ٌمكن مالحظتها مجتمعة
فً النماذج التً ٌستعٌن بها السارد فً بنٌة المونتاج القاطع، كذلك ٌمكن مالحظة كل واحدة
منها، من هذه النماذج، متفردة، وهً تتسم باألهداؾ نفسها أٌضا.
*فً الصفحة )49( :)صمتت الجثة خلؾ الجدار عن سرد حكاٌتها. طالت فترة الصمت. شك
الحارس بؤنه لم ٌكن هناك من ٌتحدث أصال، وكل ما جرى من حوار مجرد تهوٌمات ورإى
نتٌجة األجواء الؽامضة للمكان. .(. هذه العبارة التً تؤتً عن طرٌق السرد الموضوعً، فً
الوقت الذي تحدد فٌه المكان الذي ٌجري الحوار بٌن آدم الحارس وبٌن آدم الكفٌؾ، فً الوقت
ذاته، أن العبارة التً تسبقها على لسان آدم الكفٌؾ، تخلق عنصر اللهفة والترقب لدى المتلقً،
فالمكان خلؾ الباب، فً النفق، وٌبدأ صمت آدم الكفٌؾ بمفردة )تزوجنا(، وٌقطعه بالمفردة
نفسها، لٌتضح أهمٌتها فً الصفحة )59 ،)بلجوء السارد الى عملٌة المونتاج القاطع أٌضا،
بهدؾ تحفٌز األهداؾ ذاتها، عن طرٌق السرد الموضوعً فً الحوار الدائر بٌن آدم الحارس
والجثة المتفحمة: )أنتظر آدم الحارس أن تستمر الجثة فً سرد الحكاٌة، لكنها بقٌت صامتة.
فسؤلها: وماذا جرى؟ هل تزوجت. .!(.
فواصلت الجثة المتفحمة. .
فً الصفحة )92ٌ :)بدأ المونتاج القاطع، بفعل إنطفاء الشمعة التً كانت فً ٌد الرجل المفقوء،
حٌث ٌنتقل السرد من الحدٌث عن رإٌة الرجل المفقوء العٌنٌن للفئران الكبٌرة وهً تسٌر
بطرٌقة منظمة وخلفها الزومبً، الى بحث آدم الحارس عن الرجل المفقوء العٌنٌن، للتؤكٌد من
وجود الرجل حامل الشمعة، فسؤل: )هل أنت هنا؟( لم ٌجبه أحد. فكرر سإاله: ) هل أنت هنا ٌا
كلكامش األعمى؟ لم ٌجبه أحد. نظر آدم الحارس الى آدم الصبً. لم ٌره لكنه كان ٌحس
بوجوده.
هنا فً هذا المونتاج، ال ٌتواصل السارد مع المتلقً مخبرا إٌاه بما حل بالمفقوء العٌنٌن، فتؽدو
عملٌة المونتاج عملٌتٌن. األولى عبر إنطفاء الشمعة، والثانٌة من خالل المصٌر المجهول
للمفقوء العٌنٌن، فً إشارة واضحة الى ضٌاع شباب الثورة التشرٌنٌة، إذ فً كلٌهما ٌنقطع
التواصل معهما:
) أحتوى آدم الحارس كتفً الصبً آدم الصؽٌر. وسار بحذر فً ظالم النفق. ال شًء سوى
الظالم. وتذكر آخر جملة سمعها من الرجل مفقوء العٌنٌتن: أنت ظالم ٌمشً فً ظالم. . كلنا
نمشً فً الظالم.(. حٌث ٌكاد هذا الفصل أن ٌشرؾ ؼلى نهاٌته مع العبارة األخٌرة.
إن حدوث المونتاج القاطع، مع إنطفاء الشمعة له مدلوالت كثٌرة. المدلول األول هو أن حامل
الشمعة هو رمز إلنتفاضة الشباب، والمدلول الثانً هو أن الزومبً ٌستهدؾ رموزها. أما
المدلول الثالث فهو زٌؾ وبطالن وجود الدٌمقراطٌة فً هذا العهد الذي تتصارع فٌه أطرافه
السٌاسٌة الحاكمة على ثروات البلد وؼنائمه، وتقسٌمها فٌما بٌنهم بالتساوي والتراضً.
3 -األصوات المتعددة )البولٌفونٌة(:
هً الرواٌة التً تتعدد فٌها أصوات ووجهات نظر الشخصٌات عن بعضها البعض، وقد ظهرت
هذه التقنٌة السردٌة ألول مرة فً رواٌات دوستوٌفسكً، وخاصة فً )الجرٌمة والعقاب(. كما
وظفها جبرا إبراهٌم جبرا فً رواٌاته، السٌما فً رواٌة ) البحث عن ولٌد مسعود(. وعلى ما
أظن هو أول روائً عربً، ٌلجؤ الى إستخدام هذه التقنٌة.
وفً رواٌتنا هذه، خمس شخصٌات تتناوب على سرد األحداث، وهً آدم الكفٌؾ الذي أحرقته
زوجته، وكلكامش األعمى الذي أقتلعت عٌنٌه ألنه رآى كل وٌالت الدمار التً حلت بالعراق.
والشخصٌة الثالثة هً حواء بنت األحدب القوادة األشهر فً بؽداد، والرابعة حواء الضائعة
الٌسارٌة، والخامسة أبنة الشٌخ المعروؾ التً تتمرد على أهلها، وتحب أستاذها الزومبً.
إن كٌفٌة إشتؽال األصوات السردٌة المتعددة فً نص روائً: )ٌقوم على مفهوم طرحه باختٌن،
وهو بصدد دراسة أعمال دوستوٌفسكً، على العدٌد من المتطلبات األساسٌة(.8 . . ترى ما
مدى تطبٌق هذه المتطلبات فً الرواٌة التً نحن بصددها؟
إن الركٌزة األساسٌة التً تنطلق منها األصوات المتعددة هً التناقض القائم بٌن اآلراء
المطروحة حول جوهر القضٌة: )وقد أشار أحد النقاد الى هذا اإلختالؾ تسمٌة الالتجانس. .(.9
ثمة فرٌقان فً هذه الرواٌة، تختلؾ وجهات نظرهما حول القضٌة المثارة المتمثلة فً تظاهرات
الشباب. الفرٌق المإٌد لهذه القضٌة هم الشباب وشرٌحة المثقفٌن، والمناهض لها هم األطراؾ
الذٌن أستولوا على الحكم بعد اإلحتالل، ومن لؾ لفهم من المستفٌدٌن من الوضع المنفلت القائم.
أي أن هذا اإلختالؾ والصراع بٌن الفرٌقٌن، وصوال حد الخطؾ والقتل وفقء العٌنٌن، ٌقوم
بٌن الذٌن ٌحملون أفكارا رجعٌة، والذٌن ٌحملون أفكارا تقدمٌة. وألن األول بٌده السالح
ومناصر من قبل الحكومة والدولة، فمن الطبٌعً أن ٌسٌطر على زمام األمور، والثانً بالعكس
فً حالة الدفاع عن النفس. لذا فال ؼرو أن نرى كل الذٌن ٌمثلون اإلنتفاضة قد م سخوا بدنٌا
وفكرٌا. ولعل ألقابهم التً تقترن بالكفٌؾ واألعمى والقوادة والضائعة، أثبت دلٌل على ذلك.
تظهر أصوات الفرٌق المنتفض فً ثالثة أشكال. الشكل االول فً شكل حكاٌة، والثانً فً شكل
حوار، والثالث فً شكل مونولوجات: )فالحوار لٌس وسٌلة لمسرحة األحداث وإلخفاء الروائً،
وإنما أصبح الحوار ؼاٌة تستطٌع به إكتشاؾ حجم التباٌن والالتجانس بٌن األصوات الروائٌة
ألنه ٌكشؾ عن مستوٌات التفكٌر المختلفة، وٌكشؾ عن جوانب التماٌز بٌن األصوات
الروائٌة.(12 .
وأعتقد لكل هذه األسباب مجتمعة، أعتمد السارد الضمنً على الحوار بٌن الشخصٌات المختلفة
على الرأي، بما ٌوازي إعتماده على القص الحكائً. وثمة نماذج كثٌرة بهذا الخصوص، إآل أنه
ال مجال لذكرها، ألنها ستؤخذ رقعة مدٌدة من هذا المقال.
وعلى الرؼم من أن صوت السارد ٌفقد توازنه، أو تختفً نبرته الحادة، وسط زحمة األصوات
المتعددة، بإعتباره عنصرا مشاركا فً الحدث، ؼٌر أن هروبه من الزومبً، وإنضمامه الى
صفوؾ المنتفضٌن، وإصؽائه الى حكاٌاتهم، وتعاطفه معهم، وعدم تخلٌه عن آدم الصبً،
ومساعدته فً إنقاذه، كل هذا ساعده على أن ٌكون صوتا من األصوات المتعددة التً ترفض
القهر والظلم، وبالتالً أن تكون حكاٌته التً ٌرددها كلما ألتقى بشخصٌة من شخصٌات
المنتفضة، حكاٌة مضافة الى الحكاٌات األخرى، وبالتالً صوته صوتا من أصواتها. وٌمكن
مالحظة ذلك فً الفصل الخامس من الرواٌة الذي جاء تحت عنوان: )تداعٌات آدم الحارس(،
حٌث ٌحاول إستقراء الظرؾ القائم فً العراق بعد اإلحتالل، عبر المعاناة التً ٌمر بها الشعب
العراقً:
)اإلنسان كائن منافق، بائس، منحط، نتن، ظلوم، عاجز، كذاب،حسود، حقود، منتقم، ماكر، ومع
هذا فهو متكبر جدا وهو أقسى المخلوقات. ما سمعته من الجل المتفحم زمن الرجل مفقوء
العٌنٌن وٌحمل شمعة والقوادة األدٌبة، ٌكشؾ عن قساوة هذا المخلوق المنحط الذي ٌعد نفسه
سٌد األرض. . .(.
أن الدكتور محمد صابر ٌتفق معً فً بعض الجزئٌات، وٌختلؾ فً بعضها اآلخر، بخصوص
إختفاء صوت السارد فً رواٌة األصوات المتعددة، عندما ٌقول: ) أن الراوي فً رواٌة
األصوات المتعددة ٌختفً تماما، وهذا اإلختفاء هو الذي ٌمنح فرصة لألصوات األخرى
بالتمظهر والفعل والهٌمنة والتسلط على مجرٌات السرد، على أن هذا التؤكٌد الحدي منا قد ٌعنً
إؼفال حقٌقة أساسٌة فً هذا المجال وفً جانب معٌن منها -، ذلك أن الراوي مهما أختفى وأنعدم
أثره فال بد من وجود أثر- ولو ضئٌل – فً النص الروائً، والدلٌل على ذلك أنه حالما تنتهً
األصوات من سردها وهٌمنتها الزٌفة فإنه سرعان ما ٌسترد موقعه وٌواصل عملٌة السرد
بالهٌمنة ذاتها والحضور ذاته.(. وللتؤكٌد على الفقرة األخٌرة للدكتور، فإن الفصل الخامس
للرواٌة، مكرس للسارد فقط، ما عدا حواره الداخلً مع نفسه ومع الشخصٌات األخرى.
وإذا كان الحوار الخارجً ٌمثل إستجابة صوتٌن أو أكثر لبعضهما آنٌا، أو أستبداال تلقائٌا بٌن
األصوات، كما ٌقول الدكتور محمد صابر عبٌد، فإن الحوار الداخلً عملٌة أنتقالٌة من الخارج
الى الداخل. ٌقول السارد:
) ولكن ما لً وأنا فً هذا النفلق المظلم أفكر بكل هذه األشٌاء؟ األولى بً أن أفكر أٌن أنا؟ بل
ومن أنا؟ أأنا كائن تؤرٌخً؟ ال. اإلنسان صانع نفسه وصانع التؤرٌخ ورؼبته هً فً البقاء هً
التً دفعته الى العمل، والى البحث عن الؽذاء، والى الصٌد، والزراعة، والى القتل،
والحروب.(.
)اكد جٌرار جٌنٌت فً معظم طروحاته العتباتٌة على ضرورة إقامة عالقة رابطة جوهرٌة بٌن
العنوان والنص الذي ٌنضوي تحته، فثمة رإٌة نقدٌة ٌمكن أن نستشؾ منها أحٌانا وكؤن النص
ٌتشكل من العنوان وما ٌدور حوله.(.11
وٌقوم النص األدبً على مستوٌٌن، األول هو العنوان الرئٌس، أي الخارجً، والثانً الفرعً
الداخلً. العنوان الخارجً )الرئٌس( هو )الحداد ٌلٌق بالسٌدة بؽداد(، والعنوان الداخلً ٌتوزع
على سبعة فصول، وعلى هذا النحو: النفق المظلم تحت مدٌنة بؽداد. جثة وحٌدة فً مشرحة.
شمعة فً نفق مظلم. الؽرفة الزرقاء. . قوادة بؽداد فً زمن الحصار. تداعٌات آدم الحارس.
سرداب حواء الضائعة هل هناك أحد. منعطؾ النفق الجدٌد. . القرود. . الزومبً. . حواء الال
أحد.
ولو أعدنا قراءة كال العنوانٌن الداخلً والخارجً، فً محاولة لمعرفة مدى العالقة الرابطة
بٌنهما وبٌن النص، هذه العالقة التً ٌشٌر الٌها جٌرار جٌنٌت، لنالحظ أن جسرا من التفاهم ٌمتد
بٌن العنوان الرئٌس والنص من جهة، وبٌنه وبٌن العناوٌن الداخلٌة من جهة أخرى، وبٌن
العناوٌن الداخلٌة والنصوص التً تحتها من جهة ثالثة. وذلك من خالل صب مضامٌن العناوٌن
الداخلٌة بإتجاه مضمون العنوان الخارجً. بدلٌل أن مفردة )الحداد( التً تؤتً فً بداٌة عنوان
الرواٌة الخارجً توحً الى السواد، والموت، وبالمقابل فإن بداٌة العناوٌن الداخلٌة، تشرع
بمفردات تعبر عن المعنى نفسه، مثل: النفق. جثة. قوادة. تداعٌات. القرود . الزومبً. سرداب.
إن العنوان الرئٌس لهذه الرواٌة، ٌكشؾ عن تناصه مع مسرحٌة ) الحداد ٌلٌق بؤلكترا( للكاتب
األمرٌكً ٌوجٌن أونٌل. ومضمون هذه المسرحٌة ٌدور حول عائلة ٌصٌبها الدمار، أثر الحرب
العالمٌة األولى، مثلها مثل الشعب العراقً الذي أصابه الدمار بعد الؽزو األمرٌكً. أقارب
العائلة األمرٌكٌة هنا بالشعب العراقً، بوصؾ هذه العائلة أنموذجا للشعب األمرٌكً. ذلك أن
العائلة الواحدة فً الفن واألدب تعد كذلك، الجزء هو الكل، ممثال للمجتمع الكبٌر الذي هو
الوطن، وإن شئنا التؤوٌل المشرحة التً ٌفر منها الشعب العراقً المطارد من لدن الزومبً.
المصادر:
1-الرواٌة المعاصرة. ترجمة وتقدٌم لطفٌة الدلٌمً. دار المدى. الطبعة األولى.2217.
2-معمارٌة النص الروائً. د. محمد صابر عبٌد، و د. سوسن البٌاتً. 2221.
3-الرواٌة المعاصرة. ترجمة وتقدٌم لطفٌة الدلٌمً. دار المدى. الطبعة األولى 2217.
4-معمارٌة النص الروائً. د. محمد صابر عبٌد، و د. سوسن البٌاتً. 2221 .
5-المصدر السابق نفسه.
6-المصدر السابق نفسه.
7-دراسة عن المونتاج للدكتور منصور نعمان.
8 -معمارٌة النص الروائً. د. محمد صابر عبٌد، ود. سوسن البٌاتً 2221.
9 -المصدر السابق نفسه.
12 -المصدر السابق نفسه.
11-المصدر السابق نفسه



#صباح_هرمز_الشاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة تأويلية في رواية (جروح غوتنبرغ الرقيقة) للروائي وليد ه ...
- البهلوان. . . ومنحى الميتا – سردي.
- تحفة الرمّال مفقودة أبن زنبل. . . روايتان في رواية واحدة. .
- مشرحة بغداد.. بين الصورة.. و وثيقة الإدانة. . لبرهان شاوي. .
- مقاربة بين روايتي مدام بوفاري لفلوبير والأحمر والأسود لستندا ...
- رواية الأحمر والأسود بين الحوار الداخلي والرمز
- رواية العطر. . والواقعية السحرية.
- قراءة تأويلية في تفكيك شفرات رواية مذكرات كلب عراقي
- حامل الهوى. . بين المونتاج القافز. . وإلنهايات المفتوحة. .
- الذئاب على الأبواب. . بين عملية التحدي. . و تقنية التواتر. .
- (محنة فينوس). . وثيقة إدانة لعهدين. .
- قراءة تأويلية في تفكيك شفرات (موت الأب) للروائي العراقي احمد ...
- التماثل. . ونقيضه. . في رواية تسارع الخطى. .
- سابع أيام الخلق: بين تقنية المكان، وإستحضار الماضي للحاضر
- قراءة رواية ليل علي بابا الحزين. . من منظورين مختلفين
- خانة الشواذي. . . رواية موقف الشخصيات. .
- بنيات السرد في روايات محسن الرملي
- هل هدمت. . رواية وشم الطائر. . ثنائية الرواية والوثيقة؟
- حدائق الرئيس. . بين التناص والإيحاء. . لمحسن الرملي.
- أرثر ميللر وعقدة اوديب. 3ـ وفاة بائع متجول


المزيد.....




- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح هرمز الشاني - الحداد ٌلٌق بالسٌدة بغداد. . بٌن بنٌات السرد. . وإرهاب الزومبً. .