أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احسان جواد كاظم - التجسيد المحاصصي لمفهوم - العقد الاجتماعي -














المزيد.....

التجسيد المحاصصي لمفهوم - العقد الاجتماعي -


احسان جواد كاظم
(Ihsan Jawad Kadhim)


الحوار المتمدن-العدد: 7374 - 2022 / 9 / 17 - 04:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما حاول رئيس الوزراء المخلوع عادل عبد المهدي التعريض بانتفاضة تشرين الشعبية وشبابها, أشار إلى مفهوم " الدولة واللادولة " للإشارة الى ما شكلته ( فوضى ) الانتفاضة من تهديد لكيان التحاصص النهبوي. في الوقت الذي كانت فيه الميليشيات تصول وتجول وتسرح وتمرح تحت غطاء رسمي او تعامي متعمد عن جرائمها, حيث كانت تغتال من تريد بالكاتم تحت سمع وبصر حكومته وتخطف الناشطين, براحتها, وتغيبهم, وتغير على ساحات التظاهر لترتكب مذابح مروعة بحق شباب مسالم.

ولتبرير تغاضي الدولة واجهزتها الامنية عن مرتكبي الجرائم, المعروفين لديها ولدى المواطنين, لتبرئة نفسها والقتلة, فبركت الحكومة واحزابها كذبة وجود " طرف ثالث " شبحي هلامي كلي القدرة هو الذي ارتكب المذابح بحق مواطنيها, وتناسى الجميع بمن فيهم رئيس الحكومة حينها عادل عبد المهدي فذلكته عن مفهوم " اللادولة " وكأن وجود طرف ثالث يلبس طاقية اخفاء, وله امتياز تصفية من لايعجبه, لا يدخل ضمن مفهوم " نقيض الدولة " وليس فوضى يهدد كيان الدولة وهيبتها, وبالتالي يدين تهربها من أداء مسؤولياتها في ضمان الأمن والأمان المجتمعي الذي يكفله الدستور باعتباره وثيقة عقد اجتماعي بين من يحكم ومواطني البلاد.

" العقد الاجتماعي " بين الدولة والشعب بأبسط تفسيراته هو - تضمن الدولة الأمن والأمان مع توفير أبسط مقومات الحياة واستمرارها مقابل ان يحترم الشعب القوانين والأنظمة التي تسنها الدولة, الملزمة للجميع.

نظام المحاصصة الطائفية - العرقية الذي وضع أسسه الاحتلال الامريكي, لم يكن عقداً اجتماعياً عادلاً وهو لا يتناسب حتى مع المعايير الامريكية للديمقراطية. لكن أحزاب السلطة تلقفته لتجعله نهجاً ثابتاً, عملت عليه الحكومات المتعاقبة. هو, في حقيقته, اتفاق توزيع مغانم فيما بين أحزاب أعطت كياناتها امتياز احتكار تمثيل المكونات من الشيعة والسنة والأكراد, وتمسكت به كعرف ورفعته إلى مستوى أعلى من بنود الدستور الذي لا يشير إلى هذا التوزيع الفئوي الفج وإلى إضفاء القدسية عليه بعد ان استطعمت ثمراته.

ان اعتبار نهج المحاصصة النهبوي كرديف ل " عقد اجتماعي " او تجسيد له أثبتت الحياة خطله. لأن الدولة ممثلة بمؤسساتها وحكوماتها واحزابها المتحاصصة لم تؤد التزاماتها في هذا " العقد " يوماً. ولم تخدم سوى طرفاً متنفذاً يمتلك سلاحاً شرعياً وغير شرعي من أطراف العقد, لتأمين مصالحه فحسب, بينما تجاهل معاناة الملايين من غياب الأمان. والقتل على الهوية وفوضى السلاح وشيوع الفساد وتكاثر الميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة ومهربي المخدرات.... اضافة الى غياب الخدمات وتفشي البطالة والفقر الاجتماعي…

لقد تحولت الدولة الى نقيضها - " لا دولة ", بالمعنى الحرفي, بعدما ابتلعتها احزابها المتنفذة من خلال تحاصص الوزارات والمؤسسات الرسمية وتحكم مكاتب الأحزاب الاقتصادية في النشاطات المالية والاقتصادية والاستحواذ على العقارات وفروع الاقتصاد عامة.

أكدت الأحداث بان فترة انتفاضة تشرين/ أكتوبر ٢٠١٩ وفي إطار المساحات التي كانت فاعلة فيها
جسدت مفهوم " الدولة " الحقيقي, وحضور مباديء " العقد الاجتماعي " بين جنباتها, قبل تسلل أفراد الأحزاب الفاسدة المدفوعين لتخريبها من الداخل. فهي وفرت الأمان وأجواء السلام والتعاون والتآلف والوحدة الوطنية والمسؤولية الشخصية والإيثار الوطني بإنبراء شابات وشباب بتقديم خدمات ليست من جنس اختصاصاتهم ومستوياتهم الاجتماعية.. حيث حولوا ساحات الاحتجاج الى كرنفالات فرح وثقافة, وجمّلتها باللوحات والشعارات المتفائلة المفعمة بحب الوطن ووحدته ورفعة شعبه... فقد أنجزوا خلال أسابيع ما عجزت عن القيام به حكومات متتالية طوال سنوات... فقد حولوا بناية المطعم التركي الكئيبة التي تتوسط مركز العاصمة إلى مزار ومكان طافح بالالوان والمحتفي بشعارات المنتفضين وصور شهدائهم وأوصلوا إليه النور بعد عقود من الظلام.

لقد أرسلوا حينها رسالة واضحة للمواطن العراقي بأن بناء وطن آخر بدون عصابات الفساد أكثر من ممكن, وفي فترة قصيرة, لو حسنت نوايا المتصدين للأمر وتمتعوا بالوطنية الحقة وحب الوطن.

وكانت رسالتهم الثانية إلى شاغلي المنطقة الخضراء المحصنة والمقابلة لبناية ( المطعم التركي ) بحلته الجديدة... بأن تغيير ما عملوا عليه من إهمال مصالح البلاد ومواطنيها, قادم لا محالة. وان بديلهم من شابات وشباب الانتفاضة جاهزون للنهوض بالواقع المزري الذي كرسوه.

هذه التغييرات السريعة في فضاء ساحة التحرير في بغداد وساحات التحرير في محافظات البلاد الأخرى, فقأت أعينهم وفتت أكبادهم وأثبتت لهم كم هم صغار امام عزم التغيير الذي ينشده الشباب الثائر. لهذا بذلوا جهودهم الغادرة في إرهاب المنتفضين بالقتل والاختطاف وتسريب أعوانها لتخريب الانتفاضة من الداخل, بارتكاب ممارسات إجرامية وعنفية هي بعيدة عن سلوكيات المحتجين السلميين وحاولوا توسيخ سمعتهم, وبث روح الفرقة بين أوساطهم, ونجحوا من ثم في فض تجمعاتها لكنهم عجزوا عن إطفاء جذوة الانتفاضة في قلوب العراقيين. وأصبحت الانتفاضة انصع وأكبر حدث تاريخي يعتّز به العراقيين لما أنجزته من إسقاط الفكر التقسيمي الطائفي العرقي و مرغت بالتراب الهيبة المسلحة لعصابات القتل بعد التضحيات البطولية لشباب الانتفاضة في مواجهتها, ونهضت بالوعي الاجتماعي في رفض طغمة الفساد وضرورة التغيير.



#احسان_جواد_كاظم (هاشتاغ)       Ihsan_Jawad_Kadhim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مباحثات... محادثات وما من مخرجات !
- باستقالة من تبقى من الأعضاء يتحقق حل البرلمان !
- أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي... وأسمعت كلماتي من به صمم !
- بيوتر إيكونوفيتش*: قبل أن نكرههم
- - إذا أعيت مكافأةُ الجميلِ -*, مظفر النواب
- إنسداد سياسي… تسليك ملتبس !
- برلمانيون ليسوا كغيرهم !
- أوكرانيا - اللاعبون على أوتار الحرب وتقاليد التنصل !
- - مَكر التاريخ -
- مظلومية العراقيين… من لها ؟
- مشهد كاريكاتوري للفجيعة !
- مكيافيلي والعرافة البلغارية فانغا, معاً بلسان واحد !
- المالثوسية*- معادلة الديموغرافيا والحرب, عراقياً !
- رئيس وزراء - حوك -* وليس - قح - !
- حل الميليشيات والمهدي المنتظر !
- مصطفى الكاظمي ليس - الأم تيريزا -* !
- فاتورة حرب وفاتورة فساد !
- فرضوا مدخلاتها وتمردوا على مخرجاتها !
- محنة مفوضية الانتخابات أم محنة شعب ؟!
- محنة اللاجئين على حدود بيلاروسيا وبولونيا… استغلال جائر !


المزيد.....




- إدانات دولية وتحذيرات بعد الهجوم الإيراني على قاعدة العديد ا ...
- إيران: ضرباتنا ضد إسرائيل -استمرت حتى اللحظة الأخيرة-
- هجوم صاروخي إيراني جديد على إسرائيل
- البيت الأبيض: ترامب منفتح على الحوار لكن الإيرانيين قد يسقطو ...
- ترامب يعلن نهاية الحرب بين إسرائيل وإيران
- كشف كواليس التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران ...
- مسؤول إيراني يؤكد موافقة طهران على وقف الحرب مع إسرائيل
- ترامب يتوقع استمرار وقف القتال بين إسرائيل وإيران -للأبد-
- فيديو: انفجارات قوية تهز العاصمة الإيرانية طهران
- وزير خارجية إيران: لا اتفاق على وقف إطلاق النار -حتى الآن- ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احسان جواد كاظم - التجسيد المحاصصي لمفهوم - العقد الاجتماعي -