أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد فاروق عباس - حوار فى السجن














المزيد.....

حوار فى السجن


أحمد فاروق عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7367 - 2022 / 9 / 10 - 14:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فى شتاء عام ٢٠٠٦ أو ٢٠٠٧ ذهبت إلى سجن المزرعة ..
وهى ليست مزرعة بالطبع وان حملت نفس الإسم ، بل هو سجن شهير في منطقة طرة جنوب العاصمة ..

ولم يكن ذهابى إلى سجن مزرعة طرة بسبب جريمة قتل أو سرقة مثلا ، بل ذهبت باعتبارى ممثلاً للكلية لامتحان بعض الطلاب المعتقلين من الجماعات الدينية المسلحة .. الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد بالتحديد .
وقد تكرر ذلك لعامين متتاليين ..

كنا نترك تليفوناتنا فى مدخل السجن ونذهب مع اوراقنا إلى داخل السجن المهيب ، وفى مرة دخلت مكتبة السجن ، واستغربت لاتساع المكان وكثرة الكتب ، وتناولت أحد الكتب وكان بالصدفة لأنيس منصور ، ولم أكن من قراءه أو من معجبيه ، ومع ذلك وحتى يحين موعد ذهابنا للطلاب لامتحانهم قرات في كتاب أنيس منصور ، ووجدتها فرصة مناسبة للتعرف علي كاتب لا أحبه .. فى السجن !!

وفي مرة سألت أحد العاملين عن مكان زنزانة أيمن نور - وكنت أيامها متعاطفاً معه - فأشار إلى أحد الحجرات ، وقال لى أنه مقيم هناك ، وأن بجانب حجرته توجد حجرة مرتضى منصور ، وكان مسجونا أيامها لتجاوزه فى حق أحد القضاة كما أتذكر ، ولم يتسنى لي بالطبع التأكد من صحة هذا الكلام ..

كنا نمتحن الطلاب فى قاعة متسعة للغاية ، والطلاب من كل جامعات مصر ، وكنت معتادا على الدخول مع بعضهم فى نقاشات عديدة ، عن أفكارهم وحياتهم وبلدانهم ، وهل غيرت تجربة السجن من نظرتهم للأمور .. وفى الغالب كانت أفكارهم الأصلية مازلت على حالها ..

وأتذكر أن أحدهم ناقشته طويلا ، وكان متمسكا على الرغم من صغر سنه - وربما بسببها - باراءه بصورة غريبة ، وكانت ملامح وجهه صارمة وعابسة طول الوقت ...

وطاف حديثنا بأمور الدين والسياسة والحياة ، وكنت أستغرب أثناء حديثه كيف لشاب فى مقتبل عمره أن يهب حياته لافكار مشكوك في قيمتها ولتنظيمات مشكوك فى حقيقة أمرها ، ولم يكن رؤساءها - أو امراءها - يوما مثالا للعلم أو الإجتهاد أو الحكمة ، وأغلبهم ليست الرعونة وانغلاق العقل هى صفاتهم الوحيدة ..

خرج بعض هؤلاء من السجون عام ٢٠٠٨ وما بعده مع قصة المراجعات التى قيل أنهم أجروها - أو أجراها قادتهم - فى السجون ، وكان بعضهم صادقا ، ولم يكن بعضهم الآخر كذلك ..

ومع يناير ٢٠١١ خرج المتبقى منهم في السجون ، وكان الظن أن حياة الحرية ستجعل منهم أناسا آخرين أقل تطرفا ، ولكن التجربة الجديدة قالت كلمتها .. فليس بين هؤلاء من هو مستعد أن يتراجع عن أفكار اعتنقها منذ ٢٠ أو ٣٠ سنة ..

ورأينا قادة هذه الجماعات وقد إنتقل أغلبهم فجأة من أرضيات السجون الرطبة إلى قاعات الفضائيات المكيفة ، وأصبحوا هم نجومها الجدد ..

ولم يكن فى خطابهم الجديد القديم ما يستحق الالتفات إليه أو التوقف عنده .. نفس التهويمات القديمة ، من أناس فقدوا صلتهم بالواقع والزمن ..

ودارت الدائرة عليهم مرة ثانية بعد سنتين ، ورجع بعضهم إلى السجون الرطبة مرة أخرى ، فى حين كان البعض الآخر أسعد حظا ، ووجد مكانا له فى فنادق الدوحة الفخمة أو فى منتجعات تركيا الجميلة ..

وطالما كنت اسأل نفسى كيف لإنسان أن يبقى بنفس أفكاره عند سن الخامسة عشرة كما فى سن الأربعين كما فى الستين ؟ وبنفس الحدة في الرأى والتعبير عنه ؟!

أن الإنسان تتغير آراءه مع ظهور معطيات جديدة أو معلومات جديدة أو نظرة أكثر رحابة للحياة والأمور ، وذلك ليس عيبا ، بل هو من طبائع الأمور ..

فما فائدة التجارب إذن .. وما فائدة كر السنين والأيام على الإنسان ؟!!
أم أن ذاكرة بعض البشر ذاكرة مسطحة ، تدور عليها الأيام والشهور والسنين بكل ما فيها من متغيرات دون أن تكتسب شيئا أو أن تفهم شيئا ؟!



#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن .. والرسالة السياسية
- طه حسين .. بين قبره وتراثه .
- مبارك .. وعام من تاريخ مصر
- الصين وأمريكا
- لماذا المصرى كثير الشكوى ؟
- عطور باريس وساندويتشات الفول ..
- حيرة
- رد الإعتبار شعبيا لمبارك .. لماذا .
- من الذي يرسم السياسة الإقتصادية فى مصر ؟
- مدينة الذكريات ، الإسكندرية .. الرحلة الأولى
- الريف المصرى فى زماننا ... العمل
- مناقشة هادئة لقضية ساخنة
- عالم يتغير
- عصر الشعوب .. وزيارة إلى أمير قديم .
- على هامش التعديل الوزارى
- مصر وتركيا ... وفلسطين
- المصروفات السرية
- السلطة والمجتمع .. وحرية الرأي
- المال السياسي
- السياسيين .. ومذكراتهم التى لم يكتبوها


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد فاروق عباس - حوار فى السجن