أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - الحل يكمن في التفاصيل قبل الدواء -أنت كما تحلم أن تكون 3-














المزيد.....

الحل يكمن في التفاصيل قبل الدواء -أنت كما تحلم أن تكون 3-


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 7367 - 2022 / 9 / 10 - 00:45
المحور: الادب والفن
    


لم يبقَ مني سوى قطعة صغيرة من القلب، فيها أطفالي.. البقية منه ماتت أو اعتزلت ضخ الدم ومنح الأمل أو الحياة.
قلت للدكتورة النفسية:
-لا أهداف عندي، الأيام تمضي متشابهة، عندي مشاكل في النوم، وأشعر بالذنب على كل ما حدث ويحدث معي، أحس باقتراب موتي و اقتراب الموت فكرة مريحة بالنسبة لي.
-هذا نوع من الأفكار الانتحارية..
-لا يا حكيمة، أبداً لا أقصد الانتحار، فأنا أؤمن بالله وبأن الانتحار خطيئة لا تغتفر…
-فهمتك، لكن مازالت في علم الطب النفسي تسمى أفكاراً انتحارية…
-تمزحين؟
-لا، أية فكرة تدور حول الموت وتمنيه هي انتحارية، وهي من أعراض الاكتئاب.. كما الأعراض الأخرى التي ذكرتها…
-والحل يا دكتورة.. الحل..

-أخبريني الحكاية كلها، فالحل يكمن في التفاصيل قبل الدواء…
***********

كانت المرة الأولى التي ألجأ فيها إلى الله ليلة كاملة، ركعت على ركبتي و بكيت، قلت له يا الله إنها القضية الأولى وإن نجحت فيها أتفاءل وليس كالتفاؤل يصنع الناجحين…

دخلتُ القصر العدلي ذلك اليوم كأول مرة كمحاميّة، وقفت أمام القاضي، ودافعت عن بريء.. ونجحت.
هكذا بدأت الحكاية.. وصرت المحامية تُقى، لا أخسر القضايا لأنني لا أستلم قضية غير عادلة -في نظري-…

تعرفت على حسام، محامٍ زميل، تزوجت بعد قصة حب و صار عندي من الأطفال أربعة…

إلى أن هجم الاكتئاب بلا سبب ولا مبرر، فخنق أحلامي ودهن أيامي بالألوان المحايدة، لم يعد للنجاح من طعم، ولم تعد الخسائر تعنيني…
حتى أنه سرق ساعات نومي المطمئن وحوّل طعامي إلى “ فشة خلق”…
ابتعدت عن صديقاتي و عن زوجي، غزا الشيب شعري، نسيت حمالة صدري في كثير من الأوقات لأنني لم أعد أهتم…
زاد وزني، وبلد ذهني، بدأت أخسر القضايا و تشعب إحساسي بالذنب…

قلت كل هذا وأكثر للدكتورة النفسية، ثم بدأت بالبكاء…

الطبيبة صامتة لكن عينيها تتكلمان، مريحة جداً و كان من المريح أن أبكي أمام من لم يحاول منحي منديلاً ورقياً ولا إسكاتي…

بعد دقائق سألتها:

-هل تكفي هذي الحكاية…

هزت رأسها…
-سنطلب تحاليلاً دموية، الآن وحتى نشخص تشخيصاً نهائياً سأعطيك دواء ليساعد في النوم، الدواء هذا ليس من المهدئات ولا يسبب إدماناً، ثم أراك مجدداً بعد أسبوع.

-تحاليل دموية؟

-أجل أعراض الاكتئاب تتشابه مع أعراض كثير من الأمراض الجسدية، ويجب نفيها…

-لا دواء اكتئاب قوي الآن؟

-لا.. الدواء الآن هو نوع من مضادات الاكتئاب الضعيفة لكنه يساعد في النوم.. والنوم في حد ذاته سيساعد مبدئياً…

-حسناً، شكراً لسماعي دكتوري.
***********

بعد يومين تلقيت مكالمة من الطبيبة النفسية:

-سيدة تقى تحياتي…
-تحياتي دكتورة…
-وصلتني نتيجة تحاليلك الدموية.. عندك قصور شديد في الغدة الدرقية ويجب أن يعالج فوراً…
صمتت وبدات بالبكاء:
- ماذا تقولين؟ قصور غدة.. ليس اكتئاب…
-بل اكتئاب بسبب قصور الغدة والعلاج الآن هو علاج الغدة و متابعة وضع المزاج- أي الاكتئاب- سأطلب أيضاً بضعة تحاليل دموية أخرى لمعرفة نوع القصور وإنذاره…
-شكراً شكراً دكتورة…
-أهلاً وسهلاً.. أرسلت الوصفة الدوائية إلى الصيدلية التي اخترتها.. تحياتي…

هي ليست تحيات يا حكيمة، هي حياة.. لقد منحتني أملاً في الحياة…
************

بعد شهرين دخلت عيادة طبيبتي النفسية ضاحكة.. شيء كالسحر مسني مع دواء الغدة…
- حتماً أفضل، لكن الاكتئاب بسبب المرض الجسدي يستدعيني أن أزورك كل فترة لأخبرك عن هموم دار القضاء العالي التي تسرق النوم كما السيروتونين…

ابتسمت طبيبتي بهدوء.. وأجابت:
-أخبريني الحكاية كلها، فالحل يكمن في التفاصيل قبل الدواء…



يتبع…



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تقتل شغفك -أنت كما تحلم أن تكون 2-
- الخطايا العشرة المميتة -أنتَ كما تحلم أن تكون 1-
- غادروا وهاجروا -اسمها محمد 45-
- غيّر القبعة، لا تضع قناعاً -اسمها محمد 44-
- تجديد الخطاب الديني: سحر دبيّ مثالاً -اسمها محمد 43-
- اقرؤوا الفاتحة على قسم أبقراط - اسمها محمد 42-
- “لا يجب أن نتحدث عن برونو “*: هل يتلف نظام الرعاية الصحية حو ...
- ثوابت نحتاجها -اسمها محمد 41-
- مفاتيح الحياة - اسمها محمد 40-
- تعريف المرض النفسي كما لم تسمعه من قبل - اسمها محمد 39-
- عملية قلب مفتوح في الطب النفسي - اسمها محمد 38-
- - يابختك- هل تحتاج طبيباً نفسياً؟ -اسمها محمد 37-
- الديانة_الابراهيمية -اسمها محمد 36-
- كيف تصبح جاسوساً -اسمها محمد 35-
- ما رسالتك على هذه الأرض؟ -اسمها محمد34-
- أين ستر الكعبة؟ -اسمها محمد 33-
- القضية الحقيقية هي عدم وجودنا -اسمها محمد 32-
- رعاة البقر العرب -اسمها محمد 31-
- دكتور محمد هل تحملين قنبلة؟ -اسمها محمد 30-
- يحاربونك في عملك: إليك السبب -اسمها محمد 29-


المزيد.....




- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - الحل يكمن في التفاصيل قبل الدواء -أنت كما تحلم أن تكون 3-