أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - اسماعيل شاكر الرفاعي - - ناسا - زيارة الى وكالة الفضاء الامريكية















المزيد.....

- ناسا - زيارة الى وكالة الفضاء الامريكية


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 7365 - 2022 / 9 / 8 - 13:15
المحور: المجتمع المدني
    


زيارة الى ناسا : وكالة الفضاء الامريكية

لم توجه الدعوة اليَّ جهة رسمية او غير رسمية للقيام بهذه الزيارة . انا مَن دعوت نفسي للقيام بها ، وانا مَن انفق على هذه الزيارة : وهي نفقات ليست ضخمة ، لانني لم أقم بالزيارة من خارج امريكا بل من داخلها . ولم تكن المسافة التي قطعتها واسعة جداً ، ولا مرهقة : انها خضراء معشبة ، وذات شجر مشذب يصطف على جانبي الطريق ، كما لو كان مُوَكّل بالتعبير عن احترام المتنقلين ببن المدن وبين الولايات ، وهم ينهبون المسافات بسياراتهم الخاطفة على الطريق السريع ( highway ) . ومع انني توقفتُ ثلاث مرات في الطريق ، لتعبئة السيارة ولتناول الغداء ، وللاستراحة وشرب القهوة : الا ان المسافة التي قطعتها بين ولاية لويزيانا حيث اسكن كمواطن أمريكي ، وبين مدينة هيوستن في ولاية تكساس : لم تستغرق اكثر من خمس ساعات .

فرحتي عظيمة بزيارة وكالة الفضاء الامريكية ، فلأول مرة في حياتي : ازور مكاناً يرهص بالمستقبل : يدور شغله كله حول ما هو آتٍ . ولذا يتسم المكان بالحركية وليس بالثبات ، الثبات او بتعبير الفقهاء والنحاة : الأصالة ، هي معطىً اولي عاشت عليه حضارات ، كان محور تفكيرها يدور حول الشرح والتأويل لنصوص مقدسة سابقة . اما مفاهيم منظومة " ناسا " الفكرية ، فانها غير مشغولة لا بالنص القديم ، ولا بتأويله ، بل هي مشغولة بعملية الكشف ، والكشف بحد ذاته يحمل دلالته المستقبلية . انها مفاهيم " ناسا " لا تنطوي على هموم لغوية تتعلق بالتفسير الأصح والتأويل الأكمل لنصوص الماضي الدينية بل تنطوي على هموم الكشف ورفع الغطاء عن وجود سابق ايضاً ، ولكن التأويل لم يستطع الكشف عنه . انها تستخدم التلسكوب للنظر في اعماق الكون المجهولة ، لتزويدنا بمعلومات حساسة وذات مس ليس بعقولنا فقط بل وبوجداننا وضمائرنا . والكشف عن اعماق الكون المجهولة هو برنامجها المستقبلي : مستخدمة : البنية العملاقة لتلسكوب جيمس ويب ، الذي تلتقط مراياه الصور بمساعدة الأشعة تحت الحمراء التي لم يعرفها الماضي السابق على القرن العشرين ، ومن هنا يمكن لنا ان نلمس تغيراً عميقاً في معنى الماضي الدي يصبح : ماضي الكيفية التي خرج بها الكون الاول بما فيه من كواكب ومجرات ...

لقد تمردتُ بطريقتي الخاصة كما هي عادتي ، على عاداتنا العراقية الموروثة في الهرب الى الماضي . في كل حياتي لم استنجد بالماضي ابداً اذا واجهتني تحديات جديدة بل امنح للعقل فرصة عظيمة للتفكير والتقيد بما يتوصل اليه من حلول ، حتى لو كانت صعبة ومرهقة . منهج نظامنا التعليمي يشجع على جعل الشباب يمدون عقولهم وأبصارهم الى الماضي : ليغرفوا منه حلولاً جاهزة لمشاكلهم ، فمثلاً يلجأ الموهوبون من شبابنا في الشعر وفي السرد لدراسة ذائقة جمالية عمرها اكثر من 1000 عام ، يتعلمون منها الاحساس بالجمال ، وهم يعيشون ويمارسون مهناً : شركاؤهم فيها لا يتحسسون جمال الكون من خلال : قفا نبك ، او : لخولة اطلال ببرقة ثهمد ، بل من خلال وعي آخر حديث وعصري : انها جمالية صناعة مجتمعات : ويتضمن مفهوم الصناعة بذاته : القطيعة لا الاتصال بمفاهيم الماضي الزراعي ، والانحياز للمفاهيم الحديثة ومنها : مفهوم الحقوق . لكل عصر ذوقه الجمالي : وذائقة عصرنا الجمالية يجسدها الكفاح المعرفي من اجل الكشف عن الحقوق : حقوق الملايين المهضومة الآن ، كما كان الامر في عهد صدام حسين ، من قبل شخص شخص واحد ايضاً : يشبه نوري المالكي او يشبه مقتدى الصدر او العامري او الخزعلي او الحكيم ، يعيش : " بكد ألوف تعلك الكَرَبا"

عمل " ناسا " يتمحور حول صناعة ادوات الطيران ، والطيران لم يكن في الماضي علماً : لا عند ايكاروس اليوناني ، ولا عند عباس بن فرناس القرطبي المسلم : فعلامة العلم والمخترعات العلمية هو تطورها بعيداً عن الجسد في الوقت الذي تلبي للجسد رغباته المكبوتة وأحلامه المقموعة ، عن طريق تضخيم وتكبير حواسه : كما كبّرت السيارة خطو الانسان وجعلته يقطع المسافات الطوال بسويعات . ولم ينفصل علم ايكاروس ولا علم ابن فرناس عن جسديهما .

تعتمد آليات الصناعة مفهوم : التحويل ، تحويل المواد الخام الى سلع وبضائع تسد حاجة الانسان اليها : الذي لا تسد حاجته الى اللباس ، ولا يستر عريه الصوف لوحده ابداً : ان لم يتحوّل الى نسيج من القماش . وقد فشل العالمان القديمان في إنجاز مهمة تحويل الريش الى اجنحة ، ويعود السبب في ذلك الى محاكاتهما للطير في الطبيعة ، مع ان العلم يدور حول اكتشاف المجهول من القوانين ومن المواد وتفاعلاتها .
وعينا العلمي اليوم لا يختلف عن وعي ابن فرناس القرطبي وايكاروس اليوناني : فنحن كعرب وكمسلمين نراوح في وعي خاص حول الجسد البشري ، ونحاول ان ننجز عبقريتنا في الحياة من خلال الجسد ، فنحن نقيس شرفنا وأخلاقنا بما وضعناه للجسد من معايير ، وما زالت قوتنا ونحن نخوض المعارك تعتمد - في عصر التكنولوجيا العسكرية والقنابل النووية - على قوة عضلات اجسادنا ، فزعمائنا وجنرالاتنا ما زالوا يلوحون لنا بهذه النكتة التاريخية الصارخة ، نكتة : ( ها خوتي حيهم ها .. ها ها ) وهكذا اتسعت الفجوة العظيمة وتتسع باستمرار بيننا وبين تلك الشعوب التي لم يعد الجسد مدار وعيهم الأخلاقي والمعنوي وحتى العلمي كما هي الحال في ربوعنا التي يتكاثر عدد مدنها المقدسة ، وتقل خصوبة تربتها ويغزوها : التصحر والجزاء ...

سيتكلل جهد وكالة الفضاء الامريكية هذه ( ووكالات اخرى يابانية وروسية وصينية وأوروبية وكندية ) برفع الغطاء عن التحديات الكثيرة التي تعمل على فك ألغازها : ( الانفجار الكبير ، الثقوب السوداء ، محاولة السفر عبر الزمان الذي حققه بشكل كبير وليس جزئياً مكرسكوب جيمس ويب ، اكتشاف ما تنطوي عليه بعض الكواكب من إمكانيات حياة ) ولهذا اشعر بعمق بانني ذهبتُ لزيارة مكان مستقبلي لا ماضوي ، علمي وليس خرافي ، يقوم منطقه على ترابط السبب والنتيجة ، وليس على " الدعاء " لتحقيق المعجزات التي لم تتحقق يوماً . لقد ارهص هذا المكان بالآتي من المنجزات العلمية : التي يمكن للدراسات المستقبلية استشراف أهدافها ...

اذا اردت القيام بزيارة فرع " ناسا" في مدينة هيوستن الامريكية ، فستجد في استقبالك مكان يفصح عن نفسه وعن الدور الذي يقوم به ، بمجرد اطلاعك على الادوات التي استخدمها طيارو " ناسا " في سفرهم المتكرر الى فضاء العالم الخارجي . وستفهم من خلال ذلك ما تم انجازه من كشوفات في الفضاء الذي يتمدد ويتمدد باستمرار ...
و" ناسا " متعددة الاهتمامات : فإلى جانب دراسة بنية الكواكب ، واستكشاف ما تضمه من مواد وعناصر مهمة وصالحة للاستهلاك الارضي ، تسعى ناسا الى البحث عن الاماكن الشبيهة بالأرض والتي يمكن للانسان العيش فيها : ومن هنا تبدأ مهمتها الاستراتيجية الاخرى المسكوت عنها : نقل المجموعات البشرية المستعدة للعيش في الكواكب الصالحة للسكن في مرحلة لاحقة ...

العروج الى السماء فكرة قديمة ، قِدَم شوق الانسان لاستكشاف الطبيعة وما وراءها ، وقد لعبت الاديان دوراً مهماً في الجواب على هذه الرغبة الجامحة : بقيام أنبيائها بالعروج الى السماء : وما عادوا به من وصف لعالم الربوبية والملائكة ولأنواع العقاب ، مؤكدين في ذلك على وجود عرش الرب ، وعلى وجود الملائكة والشياطين ، وعلى وجود سبع سماوات طباقاً ...

والحقيقة ان علم الفلك ذو انجازات مهمة على مستوى تحرير العقول البشرية من جمودها الذي طال ، خاصة بعد اكتشافات كوبرنيكس وجاليلو الفلكية في القرن السادس والسابع عشر لمركزية الشمس ، ولكروية الارض ، ودورانها حول الشمس . ومع مرور الزمن اصبحت دائرة الناس التي تتابع منجزات علم الفلك تتوسع باستمرار . وقد احدث بناء تلسكوب " هابل " منعطفاً تاريخياً مهماً في مسيرة هذا العلم ؛ تعمقت بعد استقرار التلسكوب العملاق : جيمس ويب في الفضاء على بعد 1,5 مليون ونصف كيلومتر من الارض ، ومباشرته بارسال صور : عن كواكب ومجرات كانت قد تكونت قبل مليارات السنين الضوئية ، وصفها المختصون بالمذهلة . وعلم الفلك واحداً من العلوم الذي دخلت مصطلحاته ومفاهيمه العلمية في لغة التداول اليومي للناس من مختلف الثقافات والجنسيات بفهم وبوعي اكثر وضوحاً من السابق ، وشاعت على ألسنتهم تعبيرات علمية من مثل : الأشعة فوق البنفسجية ، والاشعة تحت الحمراء ، وسنة ضوئية ، والانفجار العظيم ، الطول الموجي وغيرها ...

هيوستن - لويزيانا
الاسبوع الاول / أيلول 2022



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن : سامي مهدي
- القاتل والمقتول في النار
- استمرار اللامعقول
- خضراء العراق وخضراء الدمن
- يوميات عاشوراء (4) - ليلة الوحشة
- يوميات عاشوراء ( 3 ) نهار قطع يد العباس
- حين تجردت من غيومي
- يوميات عاشوراء ( 2 ) في ليلة الحجة
- يوميات عاشوراء ( 1 )
- الى صديق فيسبوكي : المالكي والصدر
- عن لحظة الصراع السياسي في العراق
- انا حر
- زعامات شيعية تصرخ : هل من مزيد؟
- دنيويان لا دينيان ، وماديان لا روحانيان
- عن صورة المالكي بالبندقية
- ترشيح رئيس جديد لمجلس الوزراء العراقي
- ما يشبه السرد / 6
- المالكي واردوگان وجهان لعملة واحدة
- المالكي .. الصدر .. والتخلف
- عن زيارة الرئيس الامريكي


المزيد.....




- فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي أثناء اعتقال شاب في الضفة الغر ...
- فيتو أميركي يفشل مشروع قرار منح فلسطين العضوية في الأمم المت ...
- مساعد وزير الخارجية الأسبق: عرقلة منح فلسطين عضوية بالأمم ال ...
- اعتقال أكثر من 100 شخص خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين في جامعة كو ...
- السعودية تأسف لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع عضوية فلسطين ا ...
- فيتو أمريكي يمنع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وتنديد فلسطين ...
- الرياض -تأسف- لعدم قبول عضوية فلسطينية كاملة في الأمم المتحد ...
- السعودية تعلق على تداعيات الفيتو الأمريكي بشأن عضوية فلسطين ...
- فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي ...
- حماس تحذّر من مساع -خبيثة- لاستبدال الأونروا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - اسماعيل شاكر الرفاعي - - ناسا - زيارة الى وكالة الفضاء الامريكية