أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عباس علي العلي - الإسلام الدموي في الميزان المنطقي















المزيد.....

الإسلام الدموي في الميزان المنطقي


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7361 - 2022 / 9 / 4 - 00:37
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


كثيرا من الأقلام الفكرية عندما تناقش قضية الموت قتلا واستباحة حياة الإنسان سواء أكان مخالف أو موافق في الواقع الإسلامي عموما والعربي خصوصا ترجع السبب إلى أن خطاب الدين هو في غالبه ذي إيحاء يتعلق بالموت وما بعد الموت وجزاءه، وما ورد في ذلك من مفردات تفصيلية كنصوص وأفكار تشكل أطار وعي رسخ الفكرة ومخارجها، لذا فقضية الموت حاضرة في ذاكرة المتدين المؤمن ومعاشه في ضميره لأنه مهتم أو موجه الأهتمام أصلا نحو هذه القضية التي تشكل أصلا هاجسا وقلقا على المصير البشري الطبيعي، لذلك شكلت مفاهيم الموت والخلود والجزاء والحساب وو الكثير مما يرابط بالفكرة مساحة واسعة من النص الديني، ولا عجب أيضا أن لا تترك هذه المساحة أثرا كبيرا في النظرة التفصيلية له في سلوكيات الفرد المسلم، مما ينعكس لا إراديا على سلوكه ونظرته للوجود سلبا وإيجابا.
النص إذا هو من رعي فكرة الموت في تدوينته وفي تكوينه حتى يظن البعض وكأن الدين الإسلامي أصلا مبني على نظرية العدم في الغائية التي يسعى لنشرها، ويستشهدون بعشرات الآيات والروايات والقصص والخطب التي تدعم هذا الطرح وتؤكد على دموية الفكرة الأساسية في الدين، وهي صنع الاستعباد العقلي الظاهر والمكنون في مواجهة المصير قتلا أو موتا في اختصار للمسألة العامة التي لا مكان لفكرة أخرى بجنبها، أو تعليل كل ذلك بأنه تذكير بالواقعية التي يفترضها ويعيشها البشر أو كشف للمراد المهم من الحياة في النهاية، فهل أن أن كلمة قتل وموت الموجودة في القرآن تكفي لأدانته وشتم الإسلام عند البعض .
فكرة القتل والموت ليس إرثا إسلاميا متفرد ولا هي منجز وحيد في عالم سابق ولاحق لم يشهد ذات المعاني والدلائل، ولا هناك فكر في الأرض سواء أكان إنسانيا محضا بالتكوين أو مختلطا لم يؤمن بالموت والقتل في ذات المواضع التي طرحها القرآن الكريم، ولكن الإسلام أيضا تفرد عنها بشكل أساسي في متون النصوص ولا أشير هنا للثقافة المستلة عنه أو المأخوذة باسمه في تقديم السلم والدعوة بالحسنى والحوار بالتي هي أحسن، لا في طريقة بسط الفكرة وأيضا ليس في فرضها ولا الأعتماد على منهج القهر والإلجاء في تطبيق مفاهيمه، وما يدل علة أن النص الديني بواقعيته الأجتماعية ومن خلال نصوص والآيات التي تسير في هذا الاتجاه نجدها أكثر من تلك التي تدعوا للقتال هذا أولا .
وثانيا أن أصل فكرة القتال والمقاتلة التي ترد في النصوص الإسلامية من غير تجزئة لعلاتها عن منطقها تشير إلى :.
• الدفاع الشرعي والمشروع عن الذات الفردية والجمعية كحق وجودي من حقوق الإنسان التي يستوجبها ويفرضها العقل الإنساني المنطقي "قاتلوا من يقاتلونك".
• أو أنه خيار أخير للدفاع عن حق المعتقد وحق الأنتماء الذي له مشروعية أساسية في حق الوجود، من خلال الدفاع عن الرؤية والقرار أمام من يطالب بالإقصاء أو رفض الأخر، أو يريدوا أن يبسطوا رؤيتهم الخاصة بهم على الأخر المختلف.
• الحالة الأخيرة التي يدافع بها الإسلام عن وجوده بالدعوة للقتال عندما تكون فرضيات وجوده تجتاحها رغبة من الأخر بالعمل على زوالها، أو وضع يدهم على حدود مجتمع الإسلام المبني بخيار حر أو بالتجمع حول عقيدة خاصة، وبالتالي هذه المفاهيم تسمى حق الدفاع المقدس وهو حق إنساني محق يقره العقل كما تقره الإنسانية العادلة .
كما أن أكثر الدساتير ديمقراطية اليوم تؤمن بحق المجتمع بالدفاع عن نفسه بوجه أي تهديدات حتى لو كانت أحتمالية فواجب الدفاع عنها واجب مقدم على الكثير من المستوجبات المهمة الأخرى، بل بعض الديمقراطيات اليوم تبيح المحذور والمحظور في حالة تعارض مصلحة الفرد مع مصلحة الجماعة، وترى أن الأمن الأجتماعي أقدس من إنسانية الإنسان إذا كانت تدفع عن الغالبية ما هو أجدر وأكبر بالأهمية النسبية للفرد ، وهذا ليس بدعا من القول ولكنه ممارسة حقيقية وهناك نظرات أكثر إجرامية حينما يعطي مجتمع حق تدمير الأخر لمجرد أنه في الظن يشكل تهديدا له، وما شيوع مفهوم الحرب الإستباقية ومفاهيم قوة الردع المسبق إلا تطبيقات وحشية لمفهوم القتل على الظن دون وقوع الفعل المستوجب له كما صرح الإسلام به (من قتل نفس يغير نفس كأنما قتل الناس جميعا).
التفتيش في ذاكرة وعقل الأخر والذي يدع اليوم أنه من رعاة وداعمي حق الحياة لا يجد في تاريخهم وذاكرتهم إلا ما هو أبشع مما يوصف اليوم بدموية الإسلام، فكل الحروب من فجر التاريخ ولليوم قامت أو تسبب بها صاحب القوة المدفوع دوما بمضخات الأنا المتضخمة، هذه الأنا دائما تنتمي وتنمو في المجتمعات التي تشعر برفض الأخر لأنه يكون في نظرتها الأقل حقا في البقاء والوجود، هذا الحق غالبا ما يستمد من الفاعل الديني وهو الطاغي بشكل أساسي، يأت من بعده الرغبة في السيطرة على الموارد المادية بدأ من الماء والمرعى وأنتهاء بالطاقة ومواردها في عصر الصراع على الزعامة الدولية، هذه الدوافع لم يكن الإسلام فيها شريكا لأنه العنصر المغلوب على أمره في غالب الأحيان، إلا في فترات الفتوحات والغزوات وهذا ما لا ينكر، المنكر أن التعميم يطلق جزافا وكأن كل أخطاء الدين والديانات يجب أن يتحملها الإسلام اليوم في حرب عنصرية وفوبيا مصنعة ومصدرة للجميع حتى داخل المجتمع الإسلامي ذاته.
إن من يوجه الكراهية للإسلام واتهامه بالدموية وأن فكرة القتل هي من الركائز الأساسية في أصل العقيدة عليه أن يعود لمعتقده أو معتقدات أسلافه أولا، حتى يقرر ماهية أفكار هذه العقيدة وعندها يحق له أن يقرر أو يدين، الكراهية مرض نفسي يؤسس لدواع وأسباب الحروب، بل هو البذرة الصالحة لكل الشرور في المجتمع الإنساني مهما كان متحضرا أو متخلفا، فبعض المجتمعات المتخلفة لو تم قياس سلوكها مقارنة ومقاربة مع سلوكيات مجتمعات متحضرة الآن، نجدها أكثر إنسانية وسلاما منها بالرغم مما تعاني من فقر وتخلف وأمية، والسبب أنها لا تكره الأخرين أو تتوجس منهم شكا أو خوفا.
إن هواجس الكراهية وفوبيا الإسلام خاصة والأديان عامة يرجع لأسباب كثيرة وتشويش فسي الرؤيا الموجهة من أيديولوجيا دينية منافسة أو مضادة، المحرض والمعتقد بدموية الإسلام وأنه مصدر كراهية أو شرور فهو ينطلق من منطلق نفسي مصنع كما قلنا وليس حقيقيا يمثل رؤية عقلانية مسندة لخبرة وعقلانية منطقية، أو أنه لم يقرأ من الإسلام كرسالة ونصوص حاكمة بشكل مباشر ومنهجي وعلمي، أو لم يتصفح القرآن أصلا ولا يعرف ما هي الموارد المباحة والآمرة وما هي الموارد المحرضة على السلام، وما هي وجه المقارنة بين القتال والدعوة له وبين السلام والأمر الوجوبي به ، أو أنه ينطلق من روح عداء سافرة لا تميز بين الحقائق والأوهام ولا تفرق بين الحق الذي يجب أن يتبع وبين تسطير الكلام بروح الكراهية البعيدة عن العلمية والجدية والحياد في دراسة ظاهرة مشوهة تمس عقيدة الملايين من الناس.
إن الدعوة العالمية اليوم لإشاعة السلام والتسامح ونبذ التفرقة على أساس الدين أو الجنس البشري أو الثقافة أو الجندر، تحتاج أولا وقبل كل شيء الأعتراف بالتفاوت والتنوع كحقيقة أساسية من حقائق الوجود، وأن هذا التنوع والتلون والأختلاف ليس سببا في أن يكون فاصلا عنصريا بين أبناء بني البشر، وعلى من تمكن من أستغلال الظروف وعبر صراع طويل وقاسي ومر أن يسخر عوامل التنظيم والأجتماع من أجل خير وجودي عام، الحقيقة التي يجب على الجميع الأعتراف بها أن المجتمعات المرفهة والتي على قدر عال من التعلم والتحضر والازدهار لم تكن حصيلتها هذه ذاتية من مواردها، ولا لها خصيصة خاصة عليا على المجتمعات المغلوبة والفقيرة، فلولا كراهية وحروب وسطوة المجتمعات القوية لم تكن المجتمعات الفقيرة بهذا السوء ولا بهذا التخلف، علينا الإقرار أيضا أننا كبشر نتحمل جميعا ثمن خطيئة الموت والكراهية كلا بقدر ما يملك من أسباب القوة وأسباب السيطرة، لذا علينا أن نضع قانون السلام والتسامح والمصارحة قبل أي قانون أخر، أو ضخ فكرة سيئة عن الأخر المختلف إذا كنا جادين فعلا في صنع عالم أمن ومستقر.
لا ننكر أن التطبيقات المنحرفة والضالة والتي سطرت وكتبت وروجت في العصور المختلفة عن الإسلام الدموي، جلها قراءات وانطباعات عن فهم فردي وشخصي لهذه القضية، والغالب بل الغالب الأغلب منها لم تقترب من روح وجوهر النصوص الدينية المعنية بالفكرة وجوهرها، بل استخدمت أساسا من مدارس فكرية متشددة أو مغالية معادية للإنسان المسلم نفسه، فهي لا تفترق بطبيعتها عن الفكر المعادي للإسلام والمتصدي لسماحته واعتداله في محاولة لتشوبه القضية وإلصاق الباطل بدين الله، دون أن تتعمق الدراسات التي تستند لهذا الكم الهائل من التراث من مقارنة النصوص الدينية الحقيقية مع المخرجات التي يستشهدون بها ويعتبرونها أنها هي الإسلام بكل ما فيه .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة الوعي المؤدلج
- هل نشهد إعلان موت الدين كمعرفة أيلة للسقوط التاريحي؟. ح2
- هل نشهد إعلان موت الدين كمعرفة أيلة للسقوط التاريحي؟. ح1
- حقيقة التاريخ الما ورائي ح2
- ودع بأمر الرب
- حقيقة التاريخ الما ورائي ح1
- لا أريد الخوض في معمعة لا نهاية لها.
- الإيمان بالعالم الخفي ح3
- الإيمان بالعالم الخفي ح2
- الإيمان بالعالم الخفي ح1
- عالم الحور العين ح3
- عالم الحور العين ح2
- عالم الحور العين ح1
- على سبيل الفرض والافتراض ح8
- دين التصديق ودين التعقل
- صناع الرب ق ق ج
- ثلاثية الله الدين الإنسان
- الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار ح5
- الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار ح4
- الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار ح3


المزيد.....




- الحرس الثوري يُهدد بتغيير -العقيدة النووية- في هذه الحالة.. ...
- شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس
- -سرايا القدس- تعلن سيطرتها على مسيرة إسرائيلية من نوع -DGI M ...
- تقرير للمخابرات العسكرية السوفيتية يكشف عن إحباط تمرد للقومي ...
- حرب غزة: لماذا لم يطرأ أي تحسن على الأوضاع الإنسانية للغزيين ...
- كيف تُقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن؟
- الكرملين: الدعم الأمريكي لكييف لن يغير من وضع الجيش الأوكران ...
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...
- بريطانيا توسع قائمة عقوباتها على إيران بإضافة 13 بندا جديدا ...
- بوغدانوف يؤكد لسفيرة إسرائيل ضرورة أن يتحلى الجميع بضبط النف ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عباس علي العلي - الإسلام الدموي في الميزان المنطقي