|
|
امرؤُ القيسِ
كمال التاغوتي
الحوار المتمدن-العدد: 7345 - 2022 / 8 / 19 - 08:17
المحور:
الادب والفن
المشهد الأول
(دَيْرٌ فِي أَطْرَافِ اليَمَن. طَيْفُ جارِيَةٍ يَطُوفُ على الرُّوَّادِ بِعُنْقُودٍ يَعْصِرُهُ فِي أكْوابِهِمْ.
امْرُؤُ القَيْسِ يُوَاجِهُ سَيِّدًا مِنْ سَادَةِ العَرَبِ على دَسْتِ نَرْدٍ.
صَوْتُ نَايٍ يَنْبَعِثُ مِنْ بَعِيدٍ كالنَّعْيِ)
امْرُؤُ القَيْسِ: - يَنْكَأُ قُرْحًا فِي خَاصِرَتِي
كُلَّمَــا رَاوَدَهُ الشَّوْقُ إلَى الظِّلِّ
يَفْتَرِسُ القَلْبَ وأَكْبَادَ العِيسِ
ويَخُضُّ الدَّمَ فِي رَاحِلَتِي؛
أَطْفِئُوا هَذَا السَّوَادَ
أَخْبِرُوهُ أنَّهُ أخْطَأَ عُنْوَانَهُ.
طَيْفُ الجَارِيَةِ (تَضْحَكُ)
عَلِّلِينِي بِالكَأسِ
وانْشُرِي شَعْرَكِ كالخَيْلِ
تَرْكُضُ فِي رِئَتِي
عِطْرًا يُوقِظُ إعْصَارِي
(يَقْتَرِبُ طَيْفُ الجَارِيَةِ مِنْ مَجْلِسِهِ، يَعْصِرُ العُنْقُودَ فِي كأْسِهِ حتَّى تتَفَهَّقَ. يَنْهَضُ حَامِلاً كأْسَهُ بِيُمْنَاهُ)
أشْرَبُهَــا صِرْفًا كالشَّمْسِ
عَلَى نَخْبِ أَبٍ ضَيَّعَنِي
(يَنْظُرُ إلى نَدِيمِهِ)
إنَّنَا يَا صَاحِ نَلْهُو بِخُطَانَا
فَوْقَ ذِي الأرْضِ
ونَرُوضُ الفَلَكَ الجَامِحَ
مِثْلَ زَهْرِ الرَّوْضِ؛
نَحْنُ رُمَــاةُ الزَّهْرِ
نُخْضِعُ الفُلْكَ لِمَجْرَانَا؛
الْعَبْ الْعَبْ
(يلْعَبَانِ ويَشْرَبَانِ. يَدْخُلُ عامر. يتلاَشَى طَيْفُ الجَارِيَةِ فيُخْنِي ظِلٌّ أسْوَدُ على المَكَانِ.
صَوْتُ النَّايِ يَقْتَرِبُ ويَثْقُلُ على النُّفُوسِ كالوَعْدِ الزَّائِفِ)
عَامِر: (فِي حُزْنٍ) – انْتَزَعُوا مُلْكَكَ مِنْكَ
( امرُؤُ القيْسِ يَسْتَمِرُّ فِي الشُّرْبِ واللعِبِ)
عامر: - قَدْ غَدَرُوا بِأَبِيكَ
وعَلَيْهِ انْقَلَبُوا.
(الظِّلُّ يَزْدَادُ حُلْكَةً. صَمْتٌ كالوَعِيدِ. يَتوَقّفُ النَّدِيمُ عنِ اللّعِبِ والشُّرْبِ)
امرُؤُ القيْسِ: - اضْرَبْ اضْرَبْ
(دُونَ أنْ يَلْتَفِتَ إلى عامر) ذَا هُوَ مُلْكِي الآنَ (يشْرَبُ ويلْعَب)
النّدِيمُ: - أيُّ دَرْبٍ أنْتَ سَالِكُ؟
امرُؤُ القيْس: (يُقَهْقِهُ) هَذَا نَخْبُ أَبٍ حَمَّــلَنِي وَتْرَهُ
لَكِنْ لاَ أُفْسِدُ دَسْتِي
قَدْ بَلَغْتُ الفَلَكَ الأعْلَى
وتَملَكّْتُ الفُصُولَ
وحَجَزْتُ البِيدَ فِي طَسْتِي.
يَوْمِي هَذَا قِحَافُ
وغَدِي الآتِي نِقَافُ.
(يتَرَاءَى فِي الظِّلِّ المُخَيِّمِ جَحْفَلٌ مِنَ الفُرْسَانِ. يَرْتَفِعُ صَهِيلٌ وغُبَارٌ.
يُغادِرُ الجمِيعُ المكانَ إلاَّ امْرَأَ القيْسِ وندِيمَهُ، مُنْهَمِكَانِ فِي اللّعِبِ والشُّرْبِ.
عاصِفَةٌ هوْجَاءُ تُسْقِطُ أيْقُونَةَ المَسِيحِ القائِمَةِ فِي رُكْنٍ من الدَّيْرِ.
عَوِيلُ نِسَاءٍ. وَجْهُ هِنْدٍ يَلُوحُ بيْنَ الغُبَارِ.)
المشهد الثاني
(فَضاءٌ مَفْتُوحٌ. كُثْبَانُ الرِّمَالِ تتوالَدُ على المَدَى وتتمَايَلُ. امْرُؤُ القَيْسِ وبِضْعَةُ فُرْسَانٍ يَحْمِلُونَ نَعْشًا وسِلاَحًا.)
جُنْدِيٌّ: - قَدْ تَعِبْنَــا مِنْ عُرُوشٍ قُلَّبٍ
أَبَدًا لاَ تَسْتَقِيمُ
كُلُّ مَنْ لاَمَسَ عَرْشًا
سَنَّ لَهُ شَرْعًا
وَعُقُودًا لاَ تُدِيمُ ...
جُنْدِيٌّ ثَانٍ: (يُقَاطِعُهُ) - أيُّ خَطْبٍ حَاقَ بِهِ؟
الجندِيُّ الأوَّلُ: - ثَابِتٌ مِثْلَ عَرُوضِ الخَيْمَةِ.
الجُندِيُّ الثَّانِي: - سَاهِمٌ كالذِّكْرَى.
أَتُرَاهُ يَبْحَثُ عنْ حِلْفٍ جَدِيدٍ؟
الجندِيُّ الأوَّلُ: - أَصْغِ إلَى بُسْتَانِهِ
يَعْلُو نَحْوَ ذَاكَ النَّجْمِ
يُعَلِّقُ جُرْحًا فَوْقَ جُدْرَانِهِ
امرُؤُ القيْسِ: (لا ينتبهُ إليْهما)
فقُلْتُ لهُ لمَّا عَوَى إنَّ شَأْنَنَا .. قَلِيلُ الغِنَى إنْ كُنْتَ لَمَّا تَمَوَّلِ
كِلانَا إذَا مَا نالَ شْيئًا أفَاتَهُ .. ومنْ يَحْتَرِثْ حَرْثِي وحَرْثَكَ يُهْزَلِ
الجندِيُّ الأوَّلُ: - إيهٍ يَا سَيِّدَ البِيدِ
الجندِيُّ الثّانِي: - ضَاعَ صَهِيلُهُ بَيْنَ القَبَائِلِ
لَيْسَ لَهُ مِنْ نَصِيرٍ
الجندِيُّ الأوَّلُ: - سَابِقَةٌ لَمْ نَعِ مِثْلَهَا
قَسَّمَ الرُّومُ وأشْتَاتُ العَرَبِ
لَحْمَــهُ واسْتَقْسَمُوا الأزْلاَمَ
واكْتَحَلَتْ آلِهَةٌ بِالصَّمْتِ؛
آهٍ لَيْتَهُ يَرْضَى بالفِدَاءِ
أوْ يَمْحُو أوْجَاعَ النَّسَبِ
(يَنْزِلُ امْرُؤُ القيْسِ إلى النَّهْرِ. يَغْتَسِلُ. جُرْحٌ فِي جَسَدِهِ مَا يَزَالُ يَنْزِفُ.
يَسُدُّهُ بِطينٍ لاَزِبٍ. يُغَادِرُ الماءَ. يَرْجِعُ صَوْتُ النَّايِ مُنْتَحِبًا.
يُحَدِّقُ امْرُؤُ القيْسِ فِي أُفُقٍ بَعِيدٍ ثُمَّ يَرْتَدِي حُلَّتَهُ الجَدِيدَةَ.
تَنْشَقُّ الأرْضُ عنْ كُرَاتٍ مِنْ نَارٍ. يَحْتَرِقُ نَجْمٌ فِي السّماءِ.)
المشهد الثالث
(دَاخِلَ خَيْمَةٍ. امْرُؤُ القيْسِ مُمدَّدٌ على فِرَاشٍ. ابنتُهُ هِنْدٌ وعَامر يَجْلِسَانِ قُبَالَتَهُ.)
امْرُؤُ القيْسِ: - حُلَّةُ الرُّومِيِّ يَا هِنْدُ
هندُ: - بَلْ دَاءٌ
امْرُؤُ القيْسِ: - تَنْخُرُ قَلْبِي ومَفَاصِلِي
هندُ: - هَذَا دَاءٌ قَدِيمٌ يَا أبَتِ
لِلرُّومِيُّ سُيُوفٌ وَنِبَالٌ
امْرُؤُ القيْسِ: - كانَ الأجْدَرُ بِي حِلْفَ المَجُوسِ
هندُ: - كُلُّهُمْ يَا سَيِّدِي أوْغادٌ
ليْسَ لَهُمْ مِيثَاقٌ أوْ عَهْدُ
عامِر: - كُفَّ عَنْ هَذَا الكلاَمِ فَتُشْفَى
(تَتَرَاءَى فِي جَوِّ الخَيْمَةِ نِسَاءٌ يَرْقُصْنَ. حَوْلَهُنَّ فِتْيَانٌ يَحْمِلُونَ مَزَاهِرَ.)
أصْوَاتٌ: - مُلْكُكَ مَفْسَدَةٌ
قَهْرٌ، سَفْكٌ، غُرْمٌ لِلأَنَــامِ
عُهْرٌ، شَوْكٌ، تَغْرِيبُ الحَمَامِ
شَرْعُكَ عَرْبَدَةٌ
امرُؤُ القَيْسِ: - إنْ أَمْلِكْ أَعْدِلْ
الأصْواتُ: - عَدْلُكَ غَرْبَلَةٌ
امْرُؤُ القيْسِ: - إنَّهُ مِيرَاثُ الأجْدَادِ
عامر: - سَيِّدِي ماذَا تَقُولُ؟
هند: - دعْهُ إنَّهُ يَهْذِي
الأصْواتُ: - شِعْرُكَ مِعْرَاجٌ
فَتَعَلَّقْ
بَيْتُكَ وَهَّاجٌ
فَلْتُحَلِّقْ
امْرُؤُ القيْسِ: - شِعْرِي مِعْرَاجٌ
بالكَلِمَاتِ أَدُكُّ الأَبْرَاجَ
أَقْطِفُ المَوْجَةَ مِنْ يَمِّهَا
وأؤُمُّ الأفْواجَ
(يَشْتَدُّ وَقْعُ المزَاهِرِ فإذا الرّاقِصَاتُ دوّامَةُ إعْصَارٍ. يظْهَرُ حِصَانٌ يُحَمْحِمُ،
يَدُكُّ الفضاءَ بحوَافِرِهِ فتَنْهَارُ الخيْمَةُ وتَئِنُّ الصّخُورُ.
ينْهضُ امرُؤُ القيسِ ويمتَطِي الحِصَانَ. يَرْقُصُ فِي عُنْفٍ)
الأصْواتُ: - شِعْرُكَ مِعْرَاجٌ
فَتَعَلَّقْ
بَيْتُكَ وَهَّاجٌ
فَلْتُحَلِّقْ
امْرُؤُ القيْسِ: - شِعْرِي مِيرَاثٌ
بالكَلِمَاتِ أَفُكُّ الأصْفَادَ
أقْصِفُ الظُّلْمَةَ فِي لَيْلِهَــا
وأُمِيلُ الأكْبَادَ
(يتلاَشَى فِي الآخَرِينَ)
عامر: - أهْوَ مَسٌّ؟ أيُّ جَانٍّ هَاجَمَنَا؟
هندُ: - ذاكَ أبِي يَا صَاحِ
يَرْحَلُ فِي نَارِهِ
عامر: - والعَرْشُ؟
هند: - مَفْسَدَةٌ.
#كمال_التاغوتي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عناوين الحياة
-
المَنِيَّةُ
-
مزمور أشعياء (2)
-
رسم نجمٍ
-
وصفوا لي الصّبر
-
نافذتي
-
الحَظُّ
-
مزمور أشعيا
-
نشيد
-
كاليغولا
-
ميادة الحناوي
-
أوَّلِيَّات
-
أحزان سنّمار
-
الجرح القديم
-
نشيد لخضراء الدّمن
-
يا شَعْبُ إنّها غَمامةُ صيْفٍ
-
القطُّ المُقَنَّعُ
-
شَجَرُ الصَّنَوْبَر
-
مزْمُور
-
وداع
المزيد.....
-
جلسة شعرية تحتفي بتنوع الأساليب في اتحاد الأدباء
-
مصر.. علاء مبارك يثير تفاعلا بتسمية شخصية من -أعظم وزراء الث
...
-
الفيلم الكوري -أخبار جيدة-.. حين تصنع السلطة الحقيقة وتخفي أ
...
-
بالاسم والصورة.. فيلم يكشف قاتل شيرين أبو عاقلة
-
السباق نحو أوسكار 2026 ينطلق مبكرًا.. تعرف على أبرز الأفلام
...
-
إطلاق الإعلان الترويجي الأول للفيلم المرتقب عن سيرة حياة -مل
...
-
رئيس فلسطين: ملتزمون بالإصلاح والانتخابات وتعزيز ثقافة السلا
...
-
السباق نحو أوسكار 2026 ينطلق مبكرًا.. تعرف على أبرز الأفلام
...
-
شاهد رجل يقاطع -سام ألتمان- على المسرح ليسلمه أمر المحكمة
-
مدينة إسرائيلية تعيش -فيلم رعب-.. بسبب الثعابين
المزيد.....
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
-
المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون
...
/ د. محمود محمد حمزة
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية
/ د. أمل درويش
-
مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز.
...
/ السيد حافظ
-
إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
المرجان في سلة خوص كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
بيبي أمّ الجواريب الطويلة
/ استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
-
قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي
/ كارين بوي
-
ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا
/ د. خالد زغريت
-
الممالك السبع
/ محمد عبد المرضي منصور
المزيد.....
|