أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - مقاطع من رواية (صنارة وانهار )















المزيد.....

مقاطع من رواية (صنارة وانهار )


كاظم حسن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 7336 - 2022 / 8 / 10 - 08:39
المحور: الادب والفن
    


اول صيد
انا الصياد الهائم على بساط الامواج الزرق والمخضرة والكحلية والمذهبة غروبا..استقبل فجري قبل ان تصحو الطيور حيث السعفات تضم اجنحتها وندى الاعشاب يلامس الروح..تشرق بخجل ..فتسكب خيوطها النحاسية ..على جسدي..ثم تنغمر في الامواج عميقا..تركت الحراب للضباع..وادركت حركة التاريخ فلا استغرب من الجمود ولا استعجل التغيير..فقد تنام الشعوب دهورا..انا هنا وصنارتي وادوات صيدي ..تاركا للفكر ان يصفو وللروح ان تنتعش..اعطيتكم ظهري فقد بح صوتي ولم تبلغوا الوعي..
انا في الستين من عمري .. كان اول صيد ربما في السنة التاسعة ...اتذكرها جيدا ... كان بستان ابو اسحاق هناك والزمن قبيل الغروب قليلا .. جلست اسفل سعفات نخلة مرتفعة تقع في التقاء النهر بفرع نهير يقدر بخمسة امتار.. في راس الزاوية تماما ..السكون متحكم ساعتها وبدأت امواج الظلمة تحتل مواقعها بين الفسائل وشجيرات الرمان , في الترع المتفرعة واغصان الريحان والاخاديد ومسارات النمل غير المتناهية واستعد ظل السعف ليتكثف هامسا لاشباحه التي تنطلق مع الظلمات بالاستعداد ....رميت-البلد-خيط النايلون مع صنارة ورصاصة صغيرة تثبت الخيط في الطين ..المد مرتفع . لحظات واحسست بشيء يسحب يدي فسحبت ... سمكة بطول ذراع اتت لتشد الروح شدا برحلات الصيد التي لن تتوقف على مدى اكثر من ستة عقودِ..

(رياضي وأمرأة )
الدوبة تلتصق بضفة شط العرب , ثابتة في قاع الطين , تمتد طولا مسافة ثمانين مترا ...ارضية بعرض متر ثم يستقيم جدار حديدي لمتر وعشرين سم يحيط بها من ثلاث جهات ولان الماء يخرج و يتسرب اليها ويستقر فيها فهي تشكل شبه جزيرة مصغرة ... قبيل نهايتها جوار الضفة باربعة امتار تقترب مسافة خطوة من الدوبة الاخرى (الصارعة) التي اسميناها انا وصديقي ابو جعفر ب( الدوبة الناصية ) مستقر الصيادين المحترفين ... اتيت انا الصياد ( سيف القيصر) مع حفيدي في السابعة من عمره الى الصيد صباحا .. الجو ربيعي والشمس شهية ... ولم يكن احد من الصيادين هناك , الموج هاديء فرمينا الصنارات المطعمة مسافة عشرة او خمسة عشر مترا.. كنا نرتدي السراويل والقمصان وكان الطفل (كرار ) الحفيد ذكيا بهي الطلعة كثير التحرك والاسئلة .كان البصر يمتد عميقا الى ان يتلاشى النهر في ضباب الرؤيا .. فيما يتطاير الغبار من اللوريات التي تفرغ حمولتها الحنطة في مخازنها بسايلو البصرة القابع امامنا .. نسمع همهماتهم واصوات غامضة صائحة بين لحظة واخرى وصوت المحركات والمنبهات الثقيلة المزعجة .
فجأة تقدم بخطوات واثقة .. اشهب , جسم رياضي , خطوات عسكرية ..شاب وسيم .. يصحب امرأة اقرب للبدانة سمراء متورمة العينين او هذا ما تراءى لسيف القيصر ,فلتت من يده ومضت للحافة كمن تحاول الانتحار فهرع اليها وامسكها من يمناها وسحها فاستقاما ثم جلسا على اسطوانتين صلدتين من الحديد .. كنا نشاهد ظهريهما .. جلسا ساهمين واجمين , وربما الفتاة وحدها واجمة والرجل يمثل دور الوجوم .لا يظهر انهما يعيران اهتماما لوجودنا .. وليس هناك من علامة على سعادة يعيشانها .. ولا دليل على انهما مخطوبان او متزوجان . هي متلفعة بعباءة بارقة وهو بسروال رياضي حليبي وحذاء رياضي .. توقعه سيف لاعب كونفو او كراتيه وهو لا يدري كيف رأى او توقع رغم المسافة بينهما بان عينيه عسليتان .فجاة سحب الخيط فجره بقوة , سمكة كارب (سمتي ) قدر ربع كيلو واثناء صخب وبهجة الصياد وحفيده التفتت الفتاة يسارا وشاهدتهم ونظراها ..كانت الاصباغ على الوجه تلمع تحت خيوط الشمس وظهر عليها ارهاق وربما لم تنم كفاية .. فيما كانت خلفيتها الواسعة كاملة الاستدارة ..
ـ (جدو هل رأيت انها ضربت الولد كفا فلوى يدها وضربها راشدي) كان يخاطب جده وعيناه عليهما , وهو يبتسم .
عند تلك اللحظة كف جده القيصر عن الاغضاء عنهما باعتبارهما عائلة تتنزه .. خامره الشك وترسخت فيه الظنون وشرع يراقب تحركاتهما.
فجاة وضع الشاب المبايل لصق اذنه متلفنا بحماس (الان تاتون فورا )... قالها بعدما وقف فتمشى مبتعدا مترين عن الفتاة ..
بعد لحظات وصلت سيارة الشرطة وترجل منها شرطي بدين رث الملابس واخر طويل القامة واثق مهندم , كلاهما ببدلة زيتونية ..
قلت بصوت مرتفع (هل وشي بهما احد , غريبة ان ارى نجدة , فسيارة الشرطة منذ عام لم تمر من هنا )... يظهرانها سمعته فالتفتت اليه وحدجته بوجه جامد دون ان تنم منها حركة واحدة .
الشاب الرياضي وصل اليهما ودخل سيارته البيضاء واخرج اوراقا او اضبارات ... ومضى بها وهما يلتحقان به الى خلف السيارة ووضعها على جسد السيارة وتوقعته يوقع وهو يشرح وهم يصغون او يجيب وهم يسألون ..
نهضت الفتاة وسحت جسدها الثقيل ... الرجلان لم ينظرا اليها , أهو الخجل ؟
بعد لحظات صعدت قرب الشاب واخذ احد الزيتونيين يؤشر له ليستدير ومضت السيارة جنوبا على ضفة النهر الترابية المرتفعة فيما توجهت عجلة الشرطة لجهة معاكسة.

الصياد ابو ايوب
في الجو المثلج العاصف..لا احد يتجول او يطل ولا ظل ظل..
كنت وحدي اصطاد بالشص والخيط( البلد)..لا شيء سوى صهيل الامواج..وهيمنة الوحدة والسماء المهددة..
هناك بين صف نخيل شاهق تجاوز سبعين عاما..ظهر في دشداشة وسترة غامضتي اللون ..بين الرصاص والسواد..وهو يثبت قبعة سوداء على رأسه ويحمل كيسا اصفر مصنوعا من خيوط النايلون ..غالبا يستخدمه الصيادون لحفظ ادوات الصيد او السمك.. زادت سترته الطويلة من قصره ..تخطى الخمسين..صودرت ارض اجداده مقابل امتار محدودة منحت ليستقلها منزلا..
( من هذا المتدروش الذي يتحدى مثلي العواصف ويتقدم ..وهل هو صياد او مستعطي او رجل مجهول..هل هو حيدر.. اوابو سلام الصياد السبعيني صديقي..الذي عطبت جلطة احدى يديه ..ذلك ابيض..وهذا الذي يتقدم نحوي شديد السمرة). ..فجأة ينحدر لارض تقع خلف جسر صغير اقيم عليه ناظم للماء..انه نهر (الجز ) الذي يقع على ضفته منزل ابو محمد جاري اخو ابو مزهر والذي يتفرع منه نهير يصب في مسطح مائي واسع مزدحم بالاعشاب الطويلة والقصب الاخضر ..
سدرة وتهبط بك الارض فتستوي فتظلك سدرتان..وارض مستوية..النهر يتدفق اليه الماء عبر انبوب واسع..تتدافع فيه المياه من شط العرب في بقعة كانت تسمى [ الگودي] ....( وهو مرسى اسمنتي متغلغل في الماء ..حيث كان يمر قطار قادم من الهند.. وتنقل منه اسلحة لموقع عسكري بريطاني. عبر زوارق صغيرة تتجمع هنا.)....- ما يزال الجداران المتوازيان اللذان يحدان الگودي قائمين.. حوالي قرن وهما وسط قسوة الامواج صامدان ...
انهيت جولتي وقد صدت سمكة كبيرة وجمعت الخيوط والصنارات ولملمت بقية اشيائي..وغادرت موقعي ..رأيت ظهره يواجهني وهو يتناول ما يشبه المخضرات تحت شجرة النبق..التقيته بعد ان تغديت وعدت وعرفته انه الصياد الامهر ..كان قد نصب خيوطا عدة وانحنى مركزا يرقب - نگرة - السمكة...تأكل...قلت له بعد تحية ( اذن انت من رأيت ..هناك قرب النهر الصغير ..كأنك تتناول طعاما..؟)..اجاب نعم..[ وجدت - طرطير- بين الحجر وقلعت شيئا منه وتناولت ].. اذن انت تحب بساطة الحياة وعفويتها؟؟..اجاب..( اتابع نشنل جغرفك..واستفيد من تلك المعلومات..).).
وهو يقلد صوت هرم تسمعه بين فترة واخرى[[ السلام عليكم]..من يسمعه اول مرة قد يرد التحية متلفتا حيث لا احد.فيما يجيب هو مبتسما على صوته (وعليكم السلام .... وقد يقهقه.
ـ ابو ايوب انت قديم وتعرف اسرار المحلة ... رويتها لعشرات فلم اجد تفسيرا هل لديك تحليل ؟ ورويت له قصة الشاب الرياضي والمراة الغامضة المتلفعة بالعباءة .
ـ هذا من ضباط مكافحة الاجرام .. وهذه اخوها يتعاطى ويبيع حبوب الكبسلة وهؤلاء يستخدمونها للفراش ... اعرفهم جيدا .



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة الى الامام / مذكرات ج 4
- مذكرات ج3
- lمشاريع الرجل العجوز: قصة قصيرة
- عرق السواحل : قصة قصيرة
- قصيدتان
- مذكرات ج2
- تظاهرات تشرين
- نظرة الى الامام ليلة الدلالة..( مذكرات )
- الاصرار على الهش : مقطع من رواية (صنارة وانهار)
- العربة اليدوية : من مجموعة (بائع الجنائز)
- نص من كتاب (البريكان)
- الحريق نص من رواية (حي سليطة )
- نظرة شاملة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - مقاطع من رواية (صنارة وانهار )