أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وهيب أيوب - باب العامود ، طريق الآلام ، والشاعر -الصعلوك-.














المزيد.....

باب العامود ، طريق الآلام ، والشاعر -الصعلوك-.


وهيب أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 7332 - 2022 / 8 / 6 - 18:10
المحور: سيرة ذاتية
    


" نبّهت قلبيَ من غفوتهِ وجلت لي ذكرى أيامي الخوالي "
في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي ، كنت بشكل دوري كل شهر شهرين روح عالقدس الشرقية ، بمنطقة باب العامود كان في واحد يبيع عدد من المجلاّت الشهرية ، كنت أحرص على اقتنائها ومتابعتها ، كانت مجلات ذات مستوى ثقافي ممتاز ، مجلة "القاهرة" يللي كان محرّرها الكاتب الباحث والمؤؤّخ غالي شكري ، ومجلة "السياسة الدولية" يللي كان مؤسّسها ورئيس تحريرها بطرس غالي ، يللي صار بعدين أمين عام الأمم المتحدة ، ومجلة "أدب ونقد" يللي كانت محرّرتها الكاتبة اليسارية فريدة النقاش ، إضافة لمجلة "إبداع" و "المستقبل" و "العربي" ، إضافة لمجلة "الكرمل" الفصلية ، يللي كان محرّرها محمود درويش ، وكانوا يكتبوا فيها مشاهير الكتّاب والمفكرين ، أمثال صبحي حديدي والطيب تيزيني وعبد الرحكن منيف ، إضافة لكنّاب ومفكرين غربيين ، وغيرهون من المجلات الشهرية يللي كنت أستمتع بمتابعتهون وقراءتهون بشكل دوري ، كانت بالفعل مجلات ذات قيمة ومستوى معرفي عالي بمعظم المجالات ، وكأنك عبتقرأ كتاب ...
وكان في رجل يبيع كتب على بسطة خشب مقابل باب العامود ، بتذكّر فتحت حديث معو مرّة ، وتبيّن أنو أخوه للكاتب المعروف جبرا ابراهيم جبرا ، اللي كان مُقيم بالعراق وتوفي في بغداد ، فكنت أشتري من عندو كل مرّة بعض الكتب ...
على الجانب الثاني من الرصيف ، نهفة غير شكل ، واحد صافف كتب عالأرض ، معظمها كتب إصدارات قديمة طالعة من المخازن يللي كانت مكدّسة فيها ، كسدانة ما انباعت ، وبعضها أوراق صفحاتها ملتصقة ببعضها ، ما في مشكلة كنت شقّهون بمسطرة الحديد المدرسية ، المهم أنو النهفة هون بسعر الكتاب ، يعني أي كتاب من المعروضين على هالرصيف بشيكل واحد لا غير .... مرّة اشتريت منو 40 كتاب بـ 40 شيكل ، يعني شي 12 دولار !
كنت بعد ما خلّص مشترياتي وأثناءها كنت حب آكل كعكة طازه بسمسم مع زعتر ، من بيّاع مبسّط بكعكاتو على لوح خشب وعبيتسبّب من الرايح والجاي ، وهذي المنطقة عطول معجوقة بالناس ، لكن أكثر شي كان يزعجني ؛ زمامير السيارات اللي ما بينقطع ، وخاصة السرافيس والتكسيات ...
المهم بعد ما خلّص مشترياتي ، أتوجّه نزولاً على الدرج على مدخل باب العامود يللي بفوتوا منو على القدس القديمة داخل السور ، وعلى فكرة مساحة القدس القديمة المُحاطة بالسور هي أقل من كيلو متر مربع ، 0.9
كيلو متر ، وهذا السور بناه السلطان العثماني سليمان القانوني بالقرن السادس عشر ، بطول 3662 م وإرتفاع 12 متر ...
المهم بعد الدخول من باب العامود على شوارع وأزقة البلدة القديمة هذي ، وأرضها المرصوفة بالحجر القديم ، وعلى الجوانب كلها دكاكين وبسطات ومحلات لبيع كل شي بيخطر عبالك ، من الإبرة للسجادة ، ومن جرزة البقدونس لطنجرة البخار ....
بتابع بطريقي ضمن هالعجقة والدوشة والشوب الحرّاقي ، لأنو الطريق وكثرة المحلات والبيّاعين ، ويللي جارر عرباية ، ويللي حامل بسطة خبز عراسو وعبيتحايد المارقين جنبو ، مش واسع الناس والزوار والسواح بهالشوارع الضيّقة ...
وهيك لأوصل لـ "طريق الآلام" يللي المفترض بحسب الإيمان المسيحي مشاها "المسيح" في طريقه إلى الجلجلة والصلب ، هذا الطريق بودّي على بيت صديقي وصديق الجولانيين عامة ، شاعر القدس " الصعلوك " فوزي البكري ، يللي كل الجولانيين بيتذكّروا بيوم إفتتاح تمثال المسيرة في 4 نيسان 87 ، يوم ألقى هذيك القصيدة الرائعة ، بتذكّر يومها ربما الشاعر سميح القاسم يللي كان حاضر الافتتاح ؛ قد أُصيب بالغيرة والحسد لروعة القصيدة وجمال الآداء الحماسي المؤثّر بإلقائها أمام هذا الحشد الكبير من الناس ، وطلب على أثرها القاسم الالتقاء والتعرّف بالشاعر فوزي البكري ، خاصة وأنو القاسم يومها ما كان مجهّز قصيدة خاصة بالمناسبة ، فقرأ قصيدة من ديوان قديم ، لهيك صُعق لما البكري أنشد قصيدتو الملحمية يللي كتبها خصّيصاً للمناسبة ويللي أبهرت وأشعلت حماس الناس ....
حول بيت الشاعر البكري حديقة زاهية ، مزروع فيها عدد من أصناف الفواكه والورود ، نجلس في الحديقة ندخّن ونشرب القهوة ونتحدّث في أمورٍ كثيرة عامة ، سياسية ثقافية فنية ، فالشاعر البكري مُثقّف مُلم ، وهو كان يعمل كمدقّق لغوي في جمعية الدراسات العربية ، التي كن يترأسها الراحل فيصل الحسيني ....
الحديث والنقاش مع البكري متعة حقيقية ، خاصة وأنه أيضاً مُحترف بإلقاء النكتة ويحفظ منها الكثير ، يتخلّل بعضها نكات من الزنار ونازل ، وهي نكات ترغب في سماعها مجتمعاتنا العربشتية المكبوتة ...
بعد ما ننتهي من شرب القهوة وبعض فواكه الحاكورة الحديقة ، نذهب عائدين من حيث الطريق الذي سلكته بمجيئي خارجين من باب العامود راجلين بمحاذاة السور الشمالي قاصدين يسارأً إلى شارع صلاح الدين ، حيث القهوة الصغيرة التي كان يرتادها البكري عادة لاحتساء بعض الخمرة ، كان البكري شرّيب ويسكي أقشر ، بحيث لا يترك الكأس قبل أن يفقد الاتجاهات ...
ثم نذهب لتناول الفطور في إحدى المطاعم ، ثم نتابع سيرنا إلى آخر شارع صلاح الدين ، هناك ندخل إلى مبنى أرضي فيه مكتبة خاصة لصاحبها المرحوم فهمي الأنصاري ، وهو صديق للشاعر البكري ، مكتبة تضمّ أكثر من عشرين ألف كتاب . تعرفت على الرجل وتصادقنا ، فكنا نجلس في المكتبة نتبادل الحديث ، نشرب القهوة ونقضي بعض الوقت ...
انقطعت عن ذهابي للقدس فترة طويلة يمكن أكثر من سنة ، ومثل العادة وصلت إلى منطقة باب العامود ، صفّيت سيارتي ونزلت شوف شو في كتب ومجلات جديدة ، مطرح ما كنت أشتري بالعادة ، تفاجأت وما لقيت يللي كانوا يبيعوا الكتب وكمان يللي كان يبسّط عالرصيف بالكتب أبو شيكل ، ولقيت تبع الكتب عمالو يبيع دخان والسجائر بأنواعها ، اقتربت منو وقلتلو ؛ شو القصة وين الكتب والمجلات ، شايفك قلبت عالدخان ؛ قلّي يا أخي خلّيها لربّك ، ما عادت وفّت معنا ، قلال يللي بيشتروا كتب وبيقرأوا ، أما الدخان فالأغلب بيشتري ، بلا كتب بلا مجلاّت ؛
دخّن عليها بتنجلي ...!!!



#وهيب_أيوب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حضارة واحدة، وتعدّد ثقافات
- أصول الاستبداد عند بني يعرب
- هستيرية بني يعرب!
- نازيون بسمنة ونازيون بزيت ...!
- الحلقة الجهنّميّة !
- -الغزو مستمرّ-
- أهداف خارج المرمى!
- -وداوني بالتي كانت هي الداءُ-
- متى تتناسون ومتى تعتذرون ؟!
- هلاك سوريا؛ الماسون أم البعث ومشتقاته؟
- الدوران حول المورَج ...!
- إخوان الصفا، وسطو ابن خلدون على رسائلهم !
- التلقين والترديد؛ فالتخلّف !
- لزوم الحضارة ؛ متحضّرون
- آفة الخوف والمجتمعات الممسوخة!
- - ناقصات عقلٍ ودين - !
- عن الدين والتربية والأخلاق
- بين المعرّي والشريف المرتضى، وطه حسين وشيخ أزهري
- مهزلة ومأساة العقل المسلم !
- خدعوك فقالوا -الحضارة العربية الإسلامية-


المزيد.....




- ميغان ماركل تنشر فيديو -نادرا- لطفليها بمناسبة عيد الأب
- مصدر لـCNN: إيران تبلغ الوسطاء أنها لن تتفاوض مع أمريكا لحين ...
- منصة مصرية لإدارة الأمراض المزمنة والسمنة
- لماذا يستخدم الكثير من الأطفال السجائر الإلكترونية، وما مدى ...
- إسرائيل تستشيط غضبًا بعد إغلاق أربعة أجنحة تابعة لها في معرض ...
- إيران تهدد بالانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية وسط التصعيد م ...
- مفوض أممي يحث على إنهاء الأزمة الإنسانية في غزة
- اكتشاف دور للسكر في حماية الدماغ من الشيخوخة
- طبيب يفند خرافات شائعة عن ورم البروستاتا الحميد
- ما الذي يسبب العدوانية غير المنضبطة؟


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وهيب أيوب - باب العامود ، طريق الآلام ، والشاعر -الصعلوك-.