أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد سيف المفتي - طريق العراق.. بالچلفي














المزيد.....

طريق العراق.. بالچلفي


محمد سيف المفتي

الحوار المتمدن-العدد: 7327 - 2022 / 8 / 1 - 23:05
المحور: كتابات ساخرة
    


رمى الجندي عبدالرحمن اخيرا جسده على مقعد اصطاده بسرعة في الصف الرابع خلف سائق في الباص المتجه من بغداد الى الموصل بعد سباق وتدافع لا رحمة فيه بين الركاب للحصول على مقعد في هذا الباص الذي توقف في كراج الباصات بعد طول انتظار.
امتلأ الباص بالركاب بسرعة كبيرة ونهض رجل يرتدي دشداشة مع غترة بيضاء وعقال فخورا باعلانه " قبَّط الباص" وموضحا أنه صاحب الباص، واشار الى شخصين واقفين، طالبا منهم الخروج من الباص. نزل الراكبين شاعرين بالخسارة الفادحة في جولة لعبة الكراسي.
وصاح الاعرابي - يا الله يا أحمد حرِّك.
اعتدل السائق الشاب الاسمر ذو الشعر المجعد واجابه - ده انت تأمر يا ابو فيصل.
ادرك الجميع من لهجته انه مصري الجنسية.
انتفض الباص وقفز قفزتين متلاحقتين هزت اجساد الركاب الذين انفتحت عيونهم متخوفين من هذه الانطلاقة المربكة.
صاح ابو فيصل الذي كاد ان يسقط - يا ول احمد على مهلك شبيك؟
- ما فيش يا باشا، متألأش.
انطلق احمد متوكلا على الله ورافعا صوته " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له…" صوت الصدمة اخرسه ، صدم سيارة لادا عند باب الكراج..
صاح ابو فيصل " لا يا حمار على هل طرگاعة." ونزل معتذرا من السائق ودفع له مبلغا لإرضائه وعاد الى الباص ليواجه ثورة الركاب الصارخين " عمي راجعين من الجبهة، ما متنا بالحرب تريدنا نموت بالباص" بعد نقاش طويل اعلن ابو فيصل للجميع مطمئناً انه هو شخصيا سيسوق الباص. رفع غترة رأسه من الجانبين ووضعها فوق رأسه وكأنه يفسح المجال لأذنيه ليسمعا بشكل أفضل، نهض احمد ووقف مطأطأ رأسه وجلس في مقعد ابو فيصل الذي كان بجانب عبدالرحمن..
ما ان جلس حتى قال له عبدالرحمن " احسن لك ، الطريق طويل "
قاطعه احمد قائلا: " والله يا اخي انا سائق محترف" اقترب من عبدالرحمن وقال هامسا " يا افندم ابو فيصل لا يملك اجازة سوق ولا يجيد القيادة" صمت عبدالرحمن وانتبه ان ابو فيصل يسوق ببطأ في الشوارع الداخلية ، بطأ مبالغ فيه، فكانت مزامير السيارات حول الباص لا تتوقف وكأن الباص سيارة العرس.
بعد ان اجتاز ابو فيصل بوابة بغداد ركب الخط الوسطي فكلما جاءت سيارة مواجهة يغمض الركاب عيونهم حتى تنزل السيارة على الترابي مع زمور لا يتوقف فيباركون لبعضهم على السلامة، بينما أبو فيصل مستمتع بسياقته وهو يسمع سعد الحلي يغني " ليلة ويوم"
صرخ شاب جالس في الصف الثاني قائلا " يا عمي خليني انا اسوق، شنو هل اليوم ، انا سائق تريلة وسائق في الجيش"
كلماته اغضبت ابو فيصل فأجابه " زرع البارحة حوش اليوم، تعلمني السياقة"
علق البعض" يمكن تعبان انت اليوم.". صاح بهم " لا! ما تعبان.. واحد مثلكم تعبان"
شعر احمد بالقلق فقال لعبدالرحمن "والله راح يعمل مصيبة"
يقول عبدالرحمن تأزم الوضع عندما تحول الطريق الى خط واحد، فكلما جاءت سيارة كبيرة او شاحنة امامنا ينتفض الركاب من المقاعد الامامية راكضين الى الخلف صارخين " يا يابا " " يا ستار" وبعد ان تكرر الركض ذهابا وإيابا وكأنهم في بين الصفا والمروة جلس بعضهم على ارضية الباص وبدأ احدهم بغناء الفراگيات، وبكى بعض الركاب مدعين انهم تذكروا من رحلوا ولم يعترفوا ان سبب بكاءهم هو الخوف على حياتهم.
يقول عبدالرحمن فجأة سمعنا صوت منبه سيارة لم ينقطع وابو فيصل متمسك بموقعه في منتصف الشارع لا يفسح المجال لأحد ، فجأة اجتازتنا سيارة ماليبو كانت تمنح في ذلك الزمان للضباط وبقي على الترابي لمسافة وقذفت عجلاته الكثير من الحجارة علينا، أمر اغضب ابو فيصل فعزف بمنبه الباص سباب متعارف عليه، بدأها " بگواد سرسري" وغيرها ولم يتوقف عن التقسيم.
توقفت السيارة الماليبو في منتصف الشارع أمام الباص مما أضطر أبو فيصل للتوقف ونزل ضابط وبيده رشاشة.. يقول عبدالرحمن كنت من اول من نزل للحديث معه قائلا " صلي على النبي! اخي لا تستعجل، بالله انت البطل الوحيد الذي تمكن من اجتيازنا" أجابه الضابط وللآخرين " اريد السائق، ما عندي شيء معاكم .. أريد السائق " بينما ابو فيصل صار واحد من الركاب وجلس في نهاية الباص.
يقول عبدالرحمن بعد شرحت وضع الركاب الراكضين في الممرات ضحك وتركنا في حيرة كيف سنكمل الطريق.
يقول عبدالرحمن عندما عدنا طلب الركاب من الشاب العسكري ان يسوق وصمت ابو فيصل امام اصرارهم فانطلق انطلاقة رائعة حتى وصلنا مدخل الموصل.
كنا نجتاز شاحنة ولا نعرف ماذا حدث الا انه فجأة احتضنت مرآة الباص الجانبية مرآة الشاحنة.. فضرب ابو فيصل على رأسه، والتصق الباص بالشاحنة كتوأم سيامي، صرخ أبو فيصل وهو يلطم رأسه " هجمت بيتي .. گامت صفحة الباص" وارتطمنا ببعضنا عدة مرات، والركاب يصرخون والله راح نموت وفجأة انفصلنا عن بعضنا فجلس الركاب منهكين في اماكنهم. فصرخ ابو فيصل بالشاب " مو انت سائق وهالله هالله. " فاجابه " انت ما قلت لي انها تشمر على اليمين"
رباط سالفتنا! لا القادة يعرفون يقودون ولا أجهزة العراق ولا فرامله تشتغل صحيح بس ربك يعرف وين تشمر، ولا المتعاملين مع القيادات العراقية يتوقعون أنهم بهذا السوء.. لا يعرف الوضع إلا الشعب والشعب راكب الباص ومكمل الطريق... وكل يوم يگول الشعب ما اكو خَيِّر غير خضير وخضير طلع بيــــــــــپ.... الى أين يا شعباً ترك مصيره يحدده الآخرين.. شعليه؟



#محمد_سيف_المفتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة للتاريخ احكيها!
- من يقتل الوعي في بلادي؟
- ما لم اتعلمه في المدرسة
- لماذا لا يستقطب العراق المستثمرين؟
- لقاء الحقيقة
- عودة قضية بريفيك
- شكرا كوفيد16!
- حكموا على امامنا بالسجن!
- تبرعات في النرويج
- اصبحت اترجم هندي!
- هل هو دين ام تين؟
- نبوءة العم خليل المفتي
- الحشد يغتصب والشرطة تصور
- نعم! جيراننا مجانين
- قال الملك في زمن الكورونا
- العراق وكورونا
- عندما يوثق لواء الشرطة
- في المقهى
- مظاهرة أوسلو مع اكبر علم عراقي
- احتضار الطائفية في العراق


المزيد.....




- السحر والإغراء..أجمل الأزياء في مهرجان كان السينمائي
- موسكو تشهد العرض الأول للنسخة السينمائية من أوبرا -عايدة- لج ...
- المخرج الأمريكي كوبولا على البساط الأحمر في مهرجان كان
- تحديات المسرح العربي في زمن الذكاء الصناعي
- بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
- -الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع ...
- الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
- -موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد سيف المفتي - طريق العراق.. بالچلفي