أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - أُمّي وأنجيلا ميركل وأنديرا غاندي














المزيد.....

أُمّي وأنجيلا ميركل وأنديرا غاندي


عماد عبد اللطيف سالم

الحوار المتمدن-العدد: 7319 - 2022 / 7 / 24 - 22:23
المحور: كتابات ساخرة
    


قرّرت أُمّي أن تقضي الشطر الأكبر من شهر"شوّال" في بيتي، لأسباب"لوجستيّة" حسّاسة .
لم تكن هناك مشكلة "لجوء" سياسي ، أو"نزوح" إنساني ، أو"انقسام مُجتمَعي" قبلَ، وأثناءَ، مدّة "الإقامة".. المشكلة كانت"سياسيّة" بامتياز.. كيف ؟ سأروي لكم الآن تفاصيل ذلك .
التصقَت أمّي بالتلفزيون فور وصولها إلى البيت. كانت تلك هي متعتها الوحيدة. طلبَت منّي إيضاحات حول كيفية البحث عن قنواتها المفضّلة، فأخبرتُها بذلك.
كلّ العائلة كانت بعيدةً عنها.. لكلٍّ" أنترنيتَهُ"، و"لابتوبهُ" و"موبايلَهُ"، وعالمهُ الخاص .
أمّا أنا، فلم أَعُد أُطيقُ سماعَ أو رؤية الكثير مما يُعرَضُ على شاشات"الفضائيّات"، لأسبابٍ عديدة .
ومن غُرفتي، كنتُ أنتبِهُ أحياناً لأمّي، وهي تُصدِرُ أحكامها "الفوريّة"، على كلّ وجهٍ أو مشْهَدٍ يظهَرُ أمامها على الشاشة .
كانت تُطلِقُ تقييمات على شكل مقاطع و نصوص لُغَويّة، حادّة وسريعة، تعتقد أنّها تتناسب مع انطباعاتها التلقائيّة عن الشخص الماثل أمامها، مثل:[ يبو شالَكْ الله. بالله هذا شيكَول لروحَه؟ هَمْ عاجِبْتَه نَفْسَه. عابَتْلَك هالحَلِك. إنْجَبْ. ليش إتْسِبّه، موعيب عليك؟ .. موتْ الكرَفَك. إسكُتْ كَلْب..].. وهكذا.. في كلّ بضعة ثوان كان هناك تقييمٌ جديد، ولَقَبٌ جديد، و شتيمة جديدة، بصياغة مختلفة، ومحتوىً مختلف:[ يبو ساعة السودة. هاي اللِمايِمْ منين الله جابهه علينه؟] .
لم يكن هناك طبعاً أيُّ مجالٌ للتدخّل"الإنساني" بين أمّي، وبين أولئكَ الذين يظهرون أمامها على الشاشة. تدخّلْتُ مرّة واحدة فقط، وقلتُ لها:[ كُلّه صوج ذاك الرجّال].. فصاحت بي:[ إنتوا اشجَلّبِتوا بذاك الرجّال؟.. لا أشو مو صوجَه.. هُمّه ذوله الناس مو خوش أوادِم .. هيّه كَوّة] .
طبعا أنا وكالعادة" إنْجَبّيت".. بينما واصَلَت أُمّي الضغط على الريموت كونترول، وإطلاق "تقييماتها" دون هوادةٍ، أو"هُدنَةٍ" أو"مُصالَحةٍ وطنيّة".
كنتُ في غرفتي.. لا أرى ما تراه.. ولكنّني كنتُ أستمعُ إلى" تحليلها الاستراتيجي" للوجوه والمشاهِد المختلفة. كانت أعلى درجة" تقييم" سمعتها هي: تفووو. تفووو على من؟ لا أدري. كان استخدامها لـمفردة "التفووو" قليلاً، ولكنّهُ كان يتكرّر باستمرار، ويستهدفُ كبار"الزعماء" تحديداً. تفووو على بعض "الزعماء"العراقيين.. وتفووو على بعض"الزعماء"العرب.. وتفووو على قادة بعض الدول المتخلّفة.. وتفووو على قادة بعض الدول الكبرى. أمّا الرئيس "جو بايدن"، الذي كنتُ استمعُ إلى صوتهِ غير الواثق، في مؤتمره الصحفيّ الأخير، فقد نال تقييماً من نوع:[ فاهي .. و نايِم .. وكُلْشي ميُعرُف].. ثم نالَ لاحِقاً تقييماً أقسى، هو: قَشْمَر .
خِفتُ عليها من الحماسة السياسية الزائدة عن اللزوم.. تركتُ غرفتي، وجلستُ بالقرب منها، وقلتُ لها:
يام اتركي السياسة رحمة لمُحمّد.. هاي السياسة مو خوش شغلة، وإنتِ مَرَه جبيرة ومريضة.. حاركَة روحج على شنو؟ قابل إنتي(أنجيلا ميركل)؟ بعدين أنتِ تتذكرين (أنديرا غاندي) شصار بيهه من وره السياسة هيَ و"وليداتها"؟.. وديري بالج "يام"على نفسِج وصحتِج.. تره يُمّه اذا"انجلطتي" من ورة هاي السوالف.. آني أوّل واحد، لا أعرفج، ولا تعرفيني.. استهدي بالله يُمّه، وخلّي انروح اندوّر أفلام هندية، ومسلسلات تركيّة، وأغاني لبنانيّة(غير فيروزيّة طبعاً، لأنّ أُمي لاتحبّ فيروز، وتقول أنّ صوتها يشبه صوت"زنبور" محصور بـ "الُبُطُل")!!!
قبلتْ أمّي بهذا الاقتراح على مضض(ربّما خوفاً من الجَلطة).. وأعطتني الريموت كونترول.. وشاء حظّي العاثر أن تكون أولّ لقطة، في أوّل فلم، في أوّل قناة أخترتُها، هي لقطة لـ قُبْلِة "ثخينة حيل"، بين بطل الفلم، وحوريّة من حوريّات الجنّة.. وإذا بأمّي تصيحُ بي:[ أوي يابه..هاي شنو؟ عوذه.. شنو هذا لِعبان النَفِس.. ترة ذوله صدُكْ ميستحون.. ماعِدْهُم حلال وحرام.. الله يلَعِّبْ نفِسْهُم].. ديره يابه.
و.. دِرْتَه .. ورِحِتُ لقناة كانت تعرض مسلسلاً لممثل مشهور.. وجاء " التقييم" بعد ثوانٍ قليلة: [هذا إشبي؟.. مخبّل ؟.. هذا يمكِن عباله بعده اصغيّر].. ديره يابه .. و .. دِرْتَه .. وهكذا.
عادت أمّي إلى بيتها قبل عيد الأضحى.. وطيلة أيام العيد المُباركَة، قمتُ بأخضاع" تقييماتها "الشَوّاليّة"، للفرز والتحليل والتمحيص والدراسة.. وبعد الاستقراء والاستنباط تبيّن لي أنّ من حصلوا على تقييم بدرجة "تفووو" من الزعماء والقادة جميعاً (دون استثناء)، بدءاً من العراق، ومروراً ببقيّة دول العالم، وصولاً إلى (زمبابوي).. هم أولئك الذين تتضاءلُ أمامهم فرص الاحتفاظ بمناصبهم خلال العامين القادمين.. وستكون نهايتهم شبيهة بالنهاية المأساوية للزعيم"الأخضر" (مAمّر الkذّافي)، و بالصوت والصورة .
و ((مAمّر الkذّافي))هذا، هو الذي قالت لهُ أمّي عند ظهوره في لقطة أرشيفيّة على إحدى القنوات، وكأنّهُ واحدٌ من ابناءها المغدورين:
[عاد إمنين أجيبك هِسّه.. يا بو( Sيف الإSلام)؟ الله ينتقم من الكِتْلوك.. و حُرْمَوْا ليبيا مِنّكْ] !!!.



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تلكَ الرائحة.. تلكَ الرائحة
- متلازمة جلب الاهتمام (حالة العراق 2003- 2022)
- تمّوزيّات عراقيات واخِزات
- دجّالون في السَخامِ الطَلِق
- أقفاصُ القهرِ في البلادِ المقهورة
- الإقتصاد والأمن المائي في مؤتمر جدّة للأمن والتنمية
- دونَ نهرٍ ونخلة.. نحنُ لاشيء.. العراقُ لاشيء
- العراق فيلم.. العراق سينما
- المدنُ كالريح.. يأتي الرملُ.. ويجعلها تعوي
- يومٌ إضافيّ في حنينِ رجلٍ وحيد
- أنا أكرهُ الحزنَ جدّاً
- الشعبُ يَسبَحُ والرئيسُ يستقيل
- من أفلامِ أعيادنا البائدة
- جاسميّة أم الكَيمر وقانون تناقص الغِلّة
- و بعدَ عامينِ يا هِشامُ.. انتَصَرَ القَتَلَة
- أُمّي وأنا والموت و خِرفانِ العيدِ المَرِحَة
- قبلَ أن تنتَبِهَ العصافير
- لا شيءَ.. ولا شيءَ.. ولا أنتَ حتّى
- أنا صديقُ الأشياء والأشياءُ أصدقائي
- غسيلُ الأموالِ والأنفُسِ والوجوهِ المُريبة


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - أُمّي وأنجيلا ميركل وأنديرا غاندي