أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أسامة هوادف - حزب الأردن الجديد















المزيد.....

حزب الأردن الجديد


أسامة هوادف

الحوار المتمدن-العدد: 7311 - 2022 / 7 / 16 - 10:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تقرير حول الحياة الحزبية في الأردن، وحول "حزب الأردن الجديد" الخارج عن المألوف شكلا ومضمونا، في تلك الرقعة الحساسة من الجغرافيا العربية المحاذية لإسرائيل بمسافة لا تقل عن 400 كيلومتر من التضاريس الأسطورية.

يبدو أن المتغيرات التي يشهدها شرق أوروبا ليست فقط منتجةً لما بعدها، بل هي أيضا نتيجة لما قبلها، إقليميا وعالميا. فالذين يمرون مرور الكرام على الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، ويصفونه شكلا ومضمونا بالفوضوي، يبدو أنهم مخطئون جدا. فقد راحت الأيام تثبت أن الولايات المتحدة تؤكد يوما بعد آخر، أن الشرق الأوسط هو مركز ثقل كل سياساتها المستقبلية، على الأقل على مدى مساحة جغرافية لا تقل عن 35 مليون كيلومتر مربع من اليابس في القارات الثلاث أوروبا وآسيا وإفريقيا.

إن اتفاقية التعاون العسكري بين الأردن والولايات المتحدة بكل ما انطوت عليه من دلالات ما يمكن اعتباره شبه احتلال لهذا البلد الصغير بمساحته وسكانه وإمكاناته، بالغ الحساسية بموقعه و جغرافيته السياسية، تعتبر هي المؤشر الواضح على أن الأردن سيكون في المستقبل القريب والقريب جدا، بالمعايير الجيوسياسية "بيضة القبان" في السياسة الأمريكية الإقليمية على الأقل.

ولأن الولايات المتحدة راحت تتمركز عسكريا بموجب اتفاقية التعاون المشار إليها بين البلدين، في داخل الجغرافيا الأردنية بشكل كثيف، قد يجعل من الأردن مركز الثقل في التمركز الأمريكي الإقليمي، فإنها لا تستطيع إلا أن تطلب وبإلحاح من النظام الأردني إجراء تعديلات ذات دلالة في بُنيته، وعلى رأس ذلك، التخفيف من حِدَّة الفساد والاستبداد، وهما الأمران اللذان يجب على أي إدارة أمريكية أن تملك بخصوصهما إجابات مُرضِيَة ومُقنِعَة للكونغرس الأمريكي وللنخب الأمريكية، إذا تم السؤال عن علاقة النظام بشعبه في الدولة التي تحظى بهذا القدر من الحماية العسكرية الأمريكية.

ولأن الحزبية خاصة والديموقراطية عامة ليست لها جذور يُعتد بها في الأردن على مدى الخمسين سنة الأخيرة، حيث قامت معظم علاقات النظام ومؤسساته الأمنية مع نخبه وشعبه على مدى تلك العشرات السنين على البُنى القبلية والعشائرية من جهة، وعلى التوازن القائم في قلب نزاع الهويتين الأردنية والفلسطينية من جهة أخرى، فإن دهاء النظام وأجهزته الأمنية جعله يتمكن من صياغة قانون للأحزاب لا يمت إلى معنى الحزبية بأي صلة، إذا نُظر إلى الحزبية على النحو الذي هي فيه في معظم دول العالم التي تؤمن بالحزبية.

لقد بدا واضحا من قراءة قانون الأحزاب الأردني الجديد لعام 2022 والذي تم نشره في الجريدة الرسمية مؤخرا، وكأن النظام الأردني عَمَدَ إلى تحويل الصراع الهوياتي الذي كان يدور رحاه على مستوى القواعد الشعبية ونخب الطبقة الدنيا في المجتمع، ليصبح صراعا وتجاذبا هوياتيا يدور رحاه على مستوى الأحزاب والقوى السياسية هذه المرة. إذ أن هذا القانون صيغ على نحو لا يمكن معه تشكيل أحزاب إلا من خلال تجميع مجموعة من العشائر والقبائل الشرق أردنية، والعائلات والمخيمات الفلسطينية.. إلخ، لتشكِّلَ كل مجموعة منها حزبا سياسيا، لتغدو العملية السياسية مجرد نزاع بين نفس أولئك الذين كانوا يتنازعون في الأسفل عندما كانت العملية السياسية غائبة عن البلاد، قبل الضغوطات الأمريكية الأخيرة.

ولكن قراءة المشهد الأردني إذا كانت قد كشفت عن أن هناك أحزابا قائمة سوف تغيب عن المشهد، لأنها لن تستطيع تسوية أوضاعها بما يتناسب مع متطلبات القانون الجديد، وعن أن عددا محدودا من الأحزاب ذات البناء العشائري والمخيماتي سوف تنشأ، فإن حزبا وحيدا هو الآن تحت التأسيس، أطلق عليه مؤسسوه اسما مؤقتا هو "حزب الأردن الجديد"، يرفض فكرة بناء حزب سياسي على أساس عشائري وعائلي ومخيماتي، فلسطيني أو أردني، وليس على أساس أيديولوجي طبقي فكري، يحمل مشروعا وطنيا يمثل مصالح أوسع الطبقات الاجتماعية، ألا وهي طبقة الفقراء والعاطلين والمهمشين بصرف النظر عن انتماءاتهم الهوياتية الذي أرادهم النظام بقانونه هذا أن يشكلوا أحزابهم على أساسها.

"حزب الأردن الجديد" الذي ما يزال في طور التأسيس، هو حزب كما يقول مؤسسه الأول وصاحب فكرته وصائغ مشروعه أستاذ العلوم السياسية الدكتور "أسامة عكنان"، هو حزب سيجد صعوبة بسبب قوى الشد العكسي التي يمثلها بالدرجة الأولى قانون الأحزاب الجديد. لكنه يؤكد على أن بالإمكان اختراق كل العقد المفصلية في قانون الأحزاب الجديد للوصول إلى تشكيل حزب برامجي يقوم برنامجه على مشروع له فلسفته وأيديولوجته التي أطلق عليها الدكتور أسامة عكنان مصطلح "النظرية الرابعة" أو "الفلسفة الرابعة". وهو لهذا السبب يؤكد على أن كل النخب الأردنية المُحبطة مما يجري في البلاد ستجد في هذا الحزب ملاذا لها، وفرصة تاريخية لا تعوَّض لتعود إلى انتزاع المبادرة من النظام ومن مخابراته المتغَوِّلَين على الشعب وعلى نخبه، وعلى شبابه، لتشكيل حكومة برلمانية برامجية تطرح مشروعها الخاص لحل كل مشكلات البلاد السياسية والاقتصادية والثقافية.

وبسؤالنا للدكتور أسامة عكنان مؤسس الحزب عن فحوى مصطلح النظرية أو الفلسفة الرابعة أجاب بقوله أن هذه النظرية هي الخيار الآخر البديل لكل من الخيارات الثلاثة التي خرَّبت الأمة العربية على مدى المائة عام المنصرمة، وهي الخيار "الشيوعي الاشتراكي"، والخيار "الليبرالي الرأسمالي"، وخيار "الإسلام السياسي"، فهذه الخيارات، أو النظريات الثلاث يعتبرها الدكتور أسامة عكنان ومعه العشرات من مؤسسي هذا الحزب الجديد، تحتضر وتستعد لتنتقل بشكل نهائي إلى عالم البرزخ، متيحة الفرصة التاريخية الكبرى للنظرية أو للفلسفة الرابعة، التي ليس بالضرورة أن تكون نقيضا في كل شيء مع تلك الخيارات البائدة، وإنما هي تختلف عنها، في أنها لا تعتمد على القوالب الأيديولوجية الجاهزة والثابتة المسبقة التي تفرض فرضا على المجتمع كنماذج ثابتة ومقدسة، وإنما هي تبني أيديولوجيتها من خلال استحلابها من متطلبات الواقع كما هو، حيث تتغير عندها المعادلات فتنقلب رأسا على عقب، فلن تعود الملكيات والحريات الاقتصادية هي الثوابت التي يجب البحث عن الصيغ الاقتصادية التي تخضع لها مهما كان مردودها على المكونات الثلاث الأخرى التي هي الفقر والبطالة والطبقية، بل العكس هو ما يجب أن يحدث، فالثوابت والأهداف والغايات هي "القضاء على الفقر كليا"، و"إلغاء البطالة كليا"، و"الهبوط بالفوارق الطبقية إلى أدنى الحدود"، أيا كان مردود ذلك على الملكيات والحريات الاقتصادية بعد ذلك. مع أن الأصول الفكرية والأيديولوجية التي يقيم عليها الحزب نظريته الرابعة هذه كثيرة وعميقة وأصيلة ولا تقف عند هذه التوصيفات البسيطة للعلاقة بين الملكيات والحريات الاقتصادية من جهة، وبين الفقر والبطالة والطبقية من جهة أخرى كما يقول الدكتور عكنان.

وإذن فنحن أمام حزب جديد خارج عن المألوف في تأسيساته وتأصيلاته، وسيجد نفسه في الأردن تحديدا يعاند كل التيارات السائدة، وعلى رأسها تيار العشيرة والقبيلة المهيمن، فهل ينجح هذا الحزب ومؤسسوه الذين يعتبرون أنفسهم ما يزالون في بداية الطريق، في التغلب على كل هذه العقبات؟!

لا نستطيع الجزم، ولكن الغريب أن الثقة الكبيرة بأن مشروع الحزب الجاهز والمُعَد، ورؤيته الفلسفية المتكاملة والشاملة التي يمكن قراءتها في مؤلفات المؤسس الدكتور أسامة عكنان المنشورة في أكثر من دولة عربية، وامتلاك هذا المشروع لكل الحلول المطلوبة لمشاكل البلد بالغة الحساسية، يجعلنا نتريث في الحكم، فكأننا أمام ظاهرة جديدة تشهدها الأمة العربية للمرة الأولى..

فلنترقب ما الذي سيجري في الأردن الذي سوف تركز عليه الأعين في الأشهر والسنوات القليلة القادمة، لا بسبب ما سيحدث فيه من منظور الاستراتيجية الأمريكية، بل أيضا بالدرجة الأولى من خلال ما سيحدث فيه على صعيد الحياة الحزبية التي سيعطيها "حزب الأردن الجديد" وبكل تأكيد مذاقا مختلفا، لأنه سيكون هو وتجاذباته مع السلطات الأردنية، ومع باقي الأحزاب العاملة في البلاد، بمثابة بؤرة المشهد الأردني برمته.



#أسامة_هوادف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرة الشيخ عبد الله جنان
- حوار مع رئيس المجلس الشعبي البلدي بنقاوس السيد محمد الصالح ج ...
- سيرة الشيخ ڨوارير النوي
- الذكرى 55 لتأسيس أول جمعية لمسجد سيدي قاسم بن جنان
- لغز كتاب أسد الجزائر
- كتاب أسد الجزائر
- سعدان جنان
- الشهيد لكحل الطيب بن سالم
- الشهيد مشري الصالح
- محمد الصالح جنان هل ستتحقق على يديه نهضة نڨاوس الموعودة
- سيرة الشهيد امحمد درياس
- سيرة الشيخ محمد معامير
- سيرة شيخ المقرئين الهاشمي رحمون
- المجاهد محمد بن ڨزمير هوادف
- بصمات الخالدين من شهداء الثورة التحريرية في مدينة نڨاو ...
- حوار مع المصور الفوتوغرافي زكرياء بلي
- حوار مع الناشط الاجتماعي جوالله صلاح الدين
- رسالة مفتوحة إلى وزيرة البيئة الجزائرية
- حوار مع الخبير الزراعي محمد جدي
- حوار مع الصحفية المقدسية شروق طلب


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أسامة هوادف - حزب الأردن الجديد