أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آدم دانيال هومه - النسور المهجّّرة














المزيد.....

النسور المهجّّرة


آدم دانيال هومه

الحوار المتمدن-العدد: 7296 - 2022 / 7 / 1 - 04:34
المحور: الادب والفن
    


النسور المهجّرة
بقلم: آدم دانيال هومه.
خرج جدّي وكل رفاقه يتامى من مجازر الأفعوان بدرخان الكردي المسموم
الذي لازال يتسلق جدار الجحيم على امتداد ثلاثة قرون من الزمان بلا طائل
وخرج أبي وكل أقربائه
وشعبي الآشوري برمّته من بركة الدم في سيميل
جرحى القلوب والمعنويات بعد تعرضهم للمجازر والمذايح الجماعية
على يد المجرم الكردي بكر صدقي سليل العقارب والأفاعي
والعشائر الكردية، شذّاذ الآفاق، المتعطشة للدماء
يمّموا وجوههم صوب المنافي حفاة عراة
بين قطعان الذئاب المنتشرة ما بين هكاري
وأورميا ومعسكر بعقوبة
وحلّوا في حوض وادي الخابور المفعم بالأفاعي
والذئاب
والعقارب
وبنات آوى.

وكان نتيجة كل ذلك
أنني عشتُ ثلاثين عاماً في قرية نائية
في أقصى أقاصي شمال سوريا
أتحوّل من صلصال إلى دميةٍ فخّارية
في قرية الوحول والغبار والقيظ والصقيع
الأمطار الغزيرة والعواصف الهوجاء في الشتاء
وفي الصيف تشتدّ الهاجرة في منتصف النهار
والبراغيث والبعوض في منتصف الليل
أعمل وظائفي المدرسية على ضوء فانوس باهت شحيح
وعلى الرغم من كل ذلك
كنتُ أرى أبي أمام عينيّ المجردتين
يعمل بكل ما أوتي من قوة وعنفوان
يعاضده جيراننا في السرّاء والضرّاء
يحرثون الأرض ويحرسون الشمس معاً
ويتقيّلون تحت ظلال الماء
لا مبالين بكل الفصول
وبكل متغيّرات الطبيعة
وفي غضون أقل من خمسة أعوام
تحوّلت الصحراء على أيديهم إلى واحات فيحاء
أصبحت الحدائق الآشورية على ضفاف الخابور جنّات الله على الأرض
يجري فيها نهر ماء زلال
وجداول من حليب معقّم لا يتغير لونه أو طعمه
وغدران من لبن رائب
وقناني عَرَقٍ مثلّث
ودنانٍ من الخمر على مدّ البصر لذّة للشاربين
وخلايا النحل في كل قرية آشورية تجود بأنهر من عسل مصفّى
ولهم فيها من كل الفوا كه والأثمار
وفتيات عذروات أجمل ألف مرة من حور عين في ملاهي السماء.

وفي غفلة من الزمان
ومن تقاطر الأبالسة الملتحون المتدينون جداً جداً جداً
يريدون تطهير العالم من الرجس
والإثم
والمعصية
وكل المعالم الحضارية
وكانت الضحية الوحيدة الشعب الآشوري المتأصّل
والإيزيدي الأصيل
شقيق الآشوري بالدم والروح
والعرق والتراث.

أحبّاء الإله آشور
أيها المختارون المميزون منذ الأزل
أنسال أوتونابشتم
وگلگامش
وسرگون
وآشور
وسنحاريب
ونبوخذنصّر
ستظلون، كما كنتم، نبراس هداية للبشرية جمعاء
لايهم إن كنتم فوق التراب
أو تحت أديم اليابسة
فجذوركم تتفتق براعمها في أعماق الأرض
وفوق سقوف السماء
اليوم...
أنتم مشردون في كل بقاع العالم
وغداً...
ستنمو لكم أجنحة نسور مهاجرة نحو الشرق
حيث يكون الله في انتظاركم واستقبالكم بعد اشتياق آلاف السنين
سيعانقكم بشوق عارم
ويقول لكم: هؤلاء هم أبنائي الأحبّاء الذين بهم سُررت
وسيمنحكم الخلاص الأبدي
وستدخلون ملكوت الأرض بدون منازع.

ليتني كنت أعلم من قال:
(أنا شمعة بانتظار من يوقدني لأنير له درب الخلاص).
قال لي: هل نسيت؟
أنت الذي قلته لي بالأمس.

وأخيراً...
طوى حلمه في نعشه... وارتحل
على أمل (العودة) يتلألأ في مخيلة الأجيال الآشورية القادمة
لابد أن يتحقق يوماً ما... مهما طال الزمان.

Adam [email protected]



#آدم_دانيال_هومه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأول من نيسان
- بولص بيداري
- الشهيد والأمة والتاريخ
- أكيتو
- أزاهير الملكوت، قصيدة شعر
- رجل الأعمال الآشوري الياس حنا
- الباحث عن أسرار آشور وبابل
- استراليا
- رأس السنة الآشورية
- ليس للحما أنياب ومخالب
- صوت من الغيب 1
- وادي الخابور وسهل نينوى
- شعب الطبل والمزمار
- كالرياح بلا استقرار
- سيرة شخصية
- روزي مالك يونان
- انتعلت خفاف الرياح
- مرتكبو مذابح الآشوريين في العراق
- ملحمة السنونو
- قصيدة شعر (أغنية... وخبز محمّر)


المزيد.....




- جينيفر لوبيز وجوليا روبرتس وكيانو ريفز.. أبطال أفلام منتظرة ...
- قراءة في ليالٍ حبلى بالأرقام
- -الموارنة والشيعة في لبنان: التلاقي والتصادم-
- -حادث بسيط- لجعفر بناهي في صالات السينما الفرنسية
- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آدم دانيال هومه - النسور المهجّّرة