أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آدم دانيال هومه - الأول من نيسان














المزيد.....

الأول من نيسان


آدم دانيال هومه

الحوار المتمدن-العدد: 7207 - 2022 / 3 / 31 - 09:45
المحور: الادب والفن
    


الأول من نيسان هو رأس السنة الآشورية، يحتفل به الآشوريون المشتّتون والمشردون في كل بقاع الأرض. وهو الإيذان ببدء حياةٍ جديدة على الأرض طافحة بشتى أصناف وألوان الأزهار والورود والرياحين والفراشات المزوّقة. وهو رمز الحياة والتجدّد، ورمز الخضرة اليانعة. ففيه تتزيّن الأرض، وترتدي أجمل حلّةٍ لها وكأنها عروسٌ تحتفي بليلة عرسها. وما من عطرٍ أروع من عطر ورود نيسان وهي تنثر أريجها في الآفاق، وتُخرج بتلاتها لتزيّن الطبيعة، وتُرسل أوراقها لتحطّ عليها الفرشات الزاهية اليانعة، وتغري العصافير كي تُؤدي رقصات الفرح والجمال. فنيسان ليس مجرد شهر عابر من شهور السنة، بل هو سيد الشهور وأجملها. تتجدّد فيه الأحلام، وتمتلئ النفس بالطاقة والحيوية والنشاط والإبداع. أزهارٌ متفتحة، وأشجارٌ مزدانة بخضرتها وثمارها، وشمسٌ مشرقة، ورائحة فوّاحة تملأ المكان، تملأ الروح بهجة وسعادة، وتردّ للوجه رونقه وتورّده. ويبدأ الأول من نيسان في يوم الاعتدال الربيعي، المتمثل في الواحد والعشرين من شهر آذار بالتقويم الشرقي (اليولياني) المصادف الأول من نيسان بالتقويم الغربي (الغريغوري). وفي هذا اليوم يُصادف عيد الأم، فكأنما هذا اليوم خصّص للعطاء والجمال. ونيسان فيه تزهر الأشجار والورود، وتزدان الأشجار بخضرتها، ويبدأ النوّار بالتّفتّح على الأشجار، لتبدو حلّة قشيبة كعروس تزدان بإكليل عرسها. أما بالنسبة للطيور فإنّها تحلّق في هذا الفصل راقصة في جوّ السماء، وكأنها لاعبة تداعب بعضها بعضاً في انتظام يأسرُ اللّبّ والفؤاد، مكوّنة أشكالاً هندسية كأنها منقوشة بيدِ فنّان مبدع في فنّه واختيار ألوانه المتناسقة، وتلك تتراقص فوق أغصان الأشجار تغنّي أجمل الألحان، وكأنّها تعزف سيمفونيةً جميلة رائعة تخلب الألباب.
لقد كرّس الآشوريون هذا الشهر لتمجيد الإله (أنليل) وبعث الإله (تموز)، أي قيامته من بين الأموات. حيث تذكر الأسطورة الآشورية بأن الإلهة عشتار، التي كانت تحب زوجها وحبيبها تموز حباً جمّا، تعمد في لحظة غضب، إلى قتله وإرساله إلى عالم الأموات وذلك في الخامس عشر من الشهر المعروف باسمه، أي شهر تموز. وباختفائه يعمّ الجفاف على الأرض، ويبدأ البكاء والنحيب عليه. وتبدأ الجماهير تنفجر في نوبة هستيرية للتعبير عن الحزن والأسى وذلك برش المياه، وهذا ما نسميه اليوم نوسرديل (نوسرديل) أي عيد الله. وتعرفه العامة باسم عيد الرشاش. "ويعتقد معظم الآشوريين بأن ذلك تقليداً مسيحياً، ولا يعرفون بأنه دخل المسيحية عن طريق الآشوريين إبّان اعتناقهم الديانة المسيحية". ولكن عشتار ما تلبث أن تندم كثيراً على فعلتها المتهوّرة فتضظر على القيام بتضحية اختيارية، وتنزل إلى عالم الأموات لتحرّر حبيبها تموز. وتتمكن إلهة الحياة عشتار أن تقهر إلهة الموت (أرشكيكال) وتحقق لحبيبها العودة المستحيلة لينبعث في عودة متجدّدة شابة. وهكذا الطبيعة المتجددة التي تموت وتجف، ولكنها ما تلبث أن تنبعث بشكل مذهل عجيب.
وقد كان الآشوريون، في سالف الأزمان والعصور، يعمدون إلى جلب آنية يملؤنها بالتراب، ويزرعون فيها بذور الحنطة والشعير والعدس وغيرها، ويرشونها بالماء، ويضعونها في مكان مشمس ليكون تحت متناول أيديهم في بداية رأس السنة نباتات خضراء يضعونها أمام تمثال الإله تموز لاعتقادهم بأن رائحة الخضار ستجعله ينبعث بأسرع وقت ممكن. وقد ظلت هذه العادة موروثة لدى الآشوريين حتى يومنا هذا، بدون أن يعرف الكثيرون سبب ذلك، وذلك بأن يدعوا أبواب ونوافذ البيوت مفتوحة على مصاريعها حتى الصباح، وعند انبلاج الفجر يعلقون رزمة عشب خضراء فوق الباب يسمونها (ܕܩܢܐ ܕܢܝܣܢ) أي (لحية نيسان). وكذلك كانوا، ولا زالوا يفطرون على عشبة خضراء من أي نوع كانت. إذن، الأول من نيسان هو عيد الخصب والنماء والحياة الجديدة فيه تبدأ الطبيعة بارتداء حلّتها القشيبة، وتتفتق أكمام البراعم، وتكتسي الخضرة والجمال وجه الأرض.
هذا، ويتَميّز شهر نيسان بأن الطيور المهاجرة تعود فيه إلى أوطانها، فهل يا تُرى سيعود أطفال، وأطفال أطفال الآشوريين المهجّرين إلى وطنهم في يوم من الأيام؟ هذا ما ستجيب عليه الأجيال الآشورية القادمة.



#آدم_دانيال_هومه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بولص بيداري
- الشهيد والأمة والتاريخ
- أكيتو
- أزاهير الملكوت، قصيدة شعر
- رجل الأعمال الآشوري الياس حنا
- الباحث عن أسرار آشور وبابل
- استراليا
- رأس السنة الآشورية
- ليس للحما أنياب ومخالب
- صوت من الغيب 1
- وادي الخابور وسهل نينوى
- شعب الطبل والمزمار
- كالرياح بلا استقرار
- سيرة شخصية
- روزي مالك يونان
- انتعلت خفاف الرياح
- مرتكبو مذابح الآشوريين في العراق
- ملحمة السنونو
- قصيدة شعر (أغنية... وخبز محمّر)
- سورة صطوف


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آدم دانيال هومه - الأول من نيسان