أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آدم دانيال هومه - وادي الخابور وسهل نينوى














المزيد.....

وادي الخابور وسهل نينوى


آدم دانيال هومه

الحوار المتمدن-العدد: 6055 - 2018 / 11 / 16 - 10:34
المحور: الادب والفن
    


قلبي أترع بالآلام والأحزان
وأنا أقف على رابية في وادي الخابور المفجوع بأهله
فأرى تلك القرى الحافلة بالحب والجمال والبهاء
العابقة بالأفراح والأعراس والمسرّات
قد استحالت خرائب وأطلال
وتشتت أهلها في كل بقاع الأرض
كزنابق تتماوج على شطآن الرياح
وتلك الجنائن الغنّاء الزاهرة
ملاعب الطفولة والصّبا والشباب
قد تحولت إلى قفار موحشة
والكنائس التي كانت تعبق ببخور الآلهة
وترانيم الملائكة
قد أصبحت حطاما... وأنقاضاً مبعثرة
والصلبان التي كانت تتلألأ كالنجوم فوق القباب
تهشمّت إلى قطع مثناثرة
حتى الأموات قد نُبشت قبورهم
وانتُهكت حرماتهم
والطيور الكاسرة ترفرف فوق الجثث المتناثرة في العراء.

أين اليد السحرية التي ستوقظ الله من رقاده
لينقذنا من متاهات التشرّد والضياع؟
ولكن....

يبدو أن الله قد دخل في مرحلة الموت السريري
بدليل تصرفات أنبيائه الإجرامية.

النزوح القسري من ضفاف الخابور
وسهل نينوى
فتيل أعاد تفجير الذاكرة الآشورية.

عندما رأيت ما آل إليه وادي الخابور... وأهله
بعد رحيل المجاهدين في سبيل الله
الذين كانوا يلتهمون الولائم الهابطة من السماء
في أطباق من الأوهام المخضّبة بالدماء
يحملها إليهم ملائكة الرحمن الرحيم
تأوهت من أعماق قلبي
ورفعت بصري إلى السماء
لأكيل أقذع السباب والشتائم واللعنات
على ذلك الإله السادي... المتعطش للدماء
وعلى جميع ملائكته ورسله ... وأنبيائه.

أنا...
وأقول: بكل صراحة ووقاحة وسفاهة حضارية
لا أحب الله
وأمقت جميع رسله وأنبيائه
والناطقين باسمه على هذه الأرض المضرجة بالدماء.

أنتِ الأجمل والأبهى من كل جمال وبهاء ممالك الأرض
مقدسة أنتِ كالقوس المجنح في السماء
وكالرمح المغروس في المحراب
يبجّله كل الذين رأوا وعرفوا كل شيء
قبل أن يخلق نبي على وجه الأرض
أو ينزلق ملاك من حافة السماء.

صورتك على الجدار
تفككك أزرار الذاكرة
تزغرد على أفنان القلب
يفوح عبيرها في أرجاء الروح
وتعيدني إلى مرابع الطفولة.

الآشوري المثخن بالآلام في وادي الذئاب
الجرح الأبدي النازف على حافة النار والجليد
أعتادت عيناه اللون القرمزي على مر الأزمان والدهور
بمداد قلبه
يكتب ملحمة البقاء على قرطاس الأبدية
لقد ذوى نصفه الإلهي البرّاق
ولكنه لم يظل يحتفظ بذاكرته المتوهجة
لأنه اقتات عشبة الخلود
لذلك هو عصي عن الموت والفناء
قبل أن يرحل عن المكان والزمان
ينقش النجمة الرباعية على قبره الخاوي
لتدفئ أوصاله المفكّكة
وتنير قلبه في صقيع الظلام
يعيد قراءة التاريخ على ضوء ذكرياته
سيظل حاملا خارطة الوطن في قلبه وفكره ووجدانه
في حلّه وترحاله
وسيبقى ساهراً على ميراث أبيه حتى يتثاءب الله... وينام
وسيجر عربة الحياة على طريق الموت
لتزهر آثار قدميه على دروب التيه
وليفوح عبير الشمس على عتبات الأبواب المغلقة
وتنبت السنابل على قبور الأموات.

بلاد آشور
ليست هي الأرض التي يمور في أعماقها الذهب الأصفر والأسود
وليست تلك المروج الخضراء الزاهية
وليست تلك الجبال الشاهقة الشمّاء
ولا تلك الحضارة الإنسانية العريقة
ولا تلك المعالم الأثرية النفيسة
إنها تلك الدماء الزكية المراقة والمشعشة بتراب الرافدين
والمتلألئة على صخور الهضاب والجبال
وتلك الأجسام الطاهرة المتراكمة فوق بعضها على مر الأزمنة والعصور
إنها الذات النابضة بالحياة والوجود
إنها هوية الآشوري الأصيلة والأصلية
يحملها في قلبه وكيانه أينما حلّ وارتحل.

ما بين اليأس والأمل
يطل من شرنقة ذاته من بقايا الحريق
لتورق أغصان قلبه في الأقاصي عند منابع الأنهار
وتظلل التائهين على دروب الاغتراب والضياع.

في كل إشراقة شمس
يأتي ليتلو مزاميره على المقابر
وينثر عليها مفاتيح البيوت الموصدة
ويعود مزهواً كأنه في موكب ملكي
ترفرف حوله الأطيار
وظلال الأشجار اليابسة
وهسيس نهود الرياحين الذابلة.

أبي خطا الخطوة الخاطئة
وأنا الذي تحملتُ أوزار تلك الخطوة
وأبنائي وأحفادي سيرهنون حياتهم ومستقبلهم
لتصحيح تلك الخطوة الخاطئة
ليعيشوا حياة حرة كريمة
كباقي أبناء البشر الأحرار والسعداء.

ليس الدفاع عن الوطن
محاربة الأعداء على جبهات القتال
وإنما ببناء الإنسان داخل الوطن.

كل الأزاهير تذبل في الخريف
وتموت في الشتاء
ولكنها ما تلبث أن تتبرعم
وتورق
وتزهر في أوائل الربيع.

أمضيت عمري كله ألهث وراء السراب
فمتى سأعود إلى وطني الذي شرّدت منه
لأجد فيه ما افتقدته في متاهات الاغتراب
ولأنصرف إلى السكينة... والتأمّل
ومداعبة الذكريات
في قدس أقداسي ذاتي المقدّسة.

أيها الوطن الجريح
الملقى على قارعة طريق الزوال
المستثنى من المكان والزمان
أنا الأولى والأجدر بك
لأنني الوريث الحقيقي الوحيد
المؤتمن على إرث أول من أوقد الشمس في سمائك
ونسج خيوط المطر على أنوال الغمائم في ربوعك
الكل انتضوا سيوفهم ليقطعوا شرايينك
ويسفحون دماءك
ويدمرون أحلام أطفالك
ويعبثون بمقدساتك بكل ضراوة وغباء
وأنا الوحيد الذي يلملم أشلاءك المبعثرة
ويقيم القداديس في محرابك
ويتبارك بذرّات ترابك
وأنا الناطق الرسمي
باسم المعذبين والمشردين والتائهين
وباسم كل الجماهير المنكوبة من أقصاك إلى أقصاك
وأنا الوحيد الذي يحمل شلالات الغيم
ليطفئ الحرائق التي أشعلتها
الشياطين التي تقيم الصلاة خلف أستار الكعبة
وليفتح لك الأبواب الموصودة
لتنطلق نحو البوابة التي تنهمر عليها أنوار الخلاص.



#آدم_دانيال_هومه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعب الطبل والمزمار
- كالرياح بلا استقرار
- سيرة شخصية
- روزي مالك يونان
- انتعلت خفاف الرياح
- مرتكبو مذابح الآشوريين في العراق
- ملحمة السنونو
- قصيدة شعر (أغنية... وخبز محمّر)
- سورة صطوف
- هل أتت داعش بجديد؟
- وحوش الجحيم
- اللبوة الجريحة
- قصيدة شعر


المزيد.....




- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آدم دانيال هومه - وادي الخابور وسهل نينوى