أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - نص سردي : الصرخة














المزيد.....

نص سردي : الصرخة


محمد محضار
كاتب وأديب

(Mhammed Mahdar)


الحوار المتمدن-العدد: 7292 - 2022 / 6 / 27 - 07:47
المحور: الادب والفن
    


ثوبها الضيق يلتصق بجسدها، يبرز مفاتنها، كعبها الفضي اللامع يحدث إيقاعا حالما هي تمشي على إفريز الشارع شعرها الكستنائي يتهدل على كتفيها العاريين. عيناها الخضراوان تعلنان عن ثورة غضب تعتمل في أعماقها:
أمام عمارة من ثلاثة طوابق تتوقف. تنظر إلى ساعة يدها، ثم تتخطى بوابة العمارة، صاعدة السلم في رشاقة.



تدير المفتاح في قفل الشقة رقم ستة، بالطابق الثالث، تدفع الباب، تدلف داخلة. ردهة الشقة مصباحها مضاء. تخطو نحو قاعة الجلوس، كان قد سبقها في الحضور، المنفضة أمامه على المنضدة الصغيرة، مكتظة بأعقاب السجائر، وهو مستلق على كنبة "جلدية"، النافذة مفتوحة على مصرعيها، ونسيم عليل يتسرب منها، تلقي إليه بتحية باردة، يستيقظ من شروده، يستوي في جلسته، تجلس هي على الكنبة المجاورة، تفتح حقيبة يدها، تخرج علبة سجائرها، تمسك بلفافة تبغ، تودعها شفتيها، يتصاعد لهب أصفر من ولاعتها الفضية، وهي تشعل اللفافة، تنفث الدخان بعصبية، يتبادلان النظرات يغمر وجهه براحتيه، يمر بهما على رأسه الذي بدأ يغزوه الشيب، يحرك فكيه ببطء، تخرج الكلمات من فمه مضطربة:
- هل تراك فكرت جيدا فيما عرضته عليك البارحة؟
تحدجه بنظرة ثاقبة، وترد:
- لقد وعدتني بالزواج قبل الآن، ولن أتنازل عن هذا.
- لكنني رجل متزوج.. وأشغل منصبا اجتماعيا هاما، ماذا سيقول الناس عني؟
- وماذا تراهم سيقولون عني أنا أيضا، وبين أحشائي جنين لا ذنب جناه أو ارتكبه.
- سأمنحك عشرين ألف درهما نظير الإجهاض، والتخلي عن مطلبك بالزواج.
- لا تهمني دراهمك في شيء، أريد لجنيني الحياة وأريدك له أبا.
- لا، لا أستطيع.
- إذن تفضل الفضيحة وردهات المحاكم.


يرمقها بنظرة غامضة، وهو يميل إلى الأمام، يقول بصوت ناري:
- لن أسمح لك بتحطيم حياتي أيتها المومس.
- مليون لعنة عليك عليك يا كهل السوء، يا من يسترخص أعراض بنات الناس.
- لم أجبرك على الارتباط بي.
- لكن إغراءاتك، ومكانك الاجتماعي، أجبرني على ذلك، ألم تضغط علي بوسائلك الخسيسة، .
- هذه مجرد تبريرات.
فورة الغضب تشتعل بين ثنايا الصدرين، الصمت الزافر يحتل المكان، والنظرات الشزراء تتهاوى من كلا الجانبين، ربما كانا يشعران بالندم على ما ورطا نفسيهما فيه.
من مكانها تقوم، يشخص ببصره نحوها، صوته مشوب برنة قلق ينساب إلى أسماعها.
- اسمعي يا سميرة أنا لا أريد بك إلا خيرا، حَكّمي عقلك زواجنا شيء مستحيل.
- لن اسمع منك مثل هذا الكلام، وموعدنا بالمحكمة.
- لا، لا لن تفعلي هذا.
- بل سأفعله وأتعداه.
يد تمسك بساعدها، وأخرى تهوى على خذها، وصرخة تنبعث من عمق حلقها، يداها تمتدان إلى عنقه، أظافرها الطويلة تنغرس في لحم رقبته، الأحمر القاني يطفر.. يدفعها بكل قوة.. النافذة مفتوحة على مصرعيها، صرخة تحطم السكون، والجسم اللدن الجميل يتهاوى كريشة على الرصيف، يسبح في بركة دم.




محمد محضار خريبكة : 5يونيو 198



#محمد_محضار (هاشتاغ)       Mhammed_Mahdar#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاعر يحكي
- مراكش تبتسم
- لقاء جديد
- قصة للأطفال : خروف العيد
- ابتسامة عابرة
- سقوط نجمة
- قصة قصيرة : غربان الجزيرة
- همسة الحب
- كل هذا الحب
- سنوات العمر الضائعة
- الغاية تبرر الوسيلة
- يقظة ضمير
- استيهامات صباحية
- رحلة ضياع
- ابنة النور
- الكتابة فعل وممارسة
- عشاء ليلة
- ثمن الكرامة
- دموعك حبات جمان
- جزيرة الموت


المزيد.....




- أعظم فنان نفايات في العالم أعطى للقمامة قيمتها وحوّلها إلى م ...
- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور ظهورها عبر nateg ...
- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - نص سردي : الصرخة