أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - ثمن الكرامة














المزيد.....

ثمن الكرامة


محمد محضار
كاتب وأديب

(Mhammed Mahdar)


الحوار المتمدن-العدد: 7270 - 2022 / 6 / 5 - 13:40
المحور: الادب والفن
    


الشمس قرص أحمريحتضنه الأفق, وأشعتها المحتضرة تسربل خطا ك الوانية , وأنت تسير على الكورنيش، البحرثائر، أمواجه العاتية تزأر بوحشية , قدماك تنوءان بحملك تودان لو تخلتا عنك .
استند الى حا ئط الكورنيش , القصير بمرفقيه. ألقى ببصره جهة البحر، الخمول ينشر قلاعه ملء جسده الواهن ،الصبر ما الصبر ؟ انه لعنة تحل بالمرء تحطمه تقوده الى الهاوية.
تتحسس قسمات وجهك الشاحب بأنامل يدك النحيفة. الشعور بالهزيمة المرة يزحف في وجدانك, وقلبك المعذب يخفق باضطراب .
عاود المسير كانت تدور برأسه أفكار من نوع غريب, هلوسة وشبه هذيان ...أنت منبوذ وضعيف أمثالك من ذا الذي يحس بهم، من ذا الذي ينتبه إليهم ..
الطريق يمتد ويطول تحت قدميك..والعمارة التي تحتوي شقتك الصغيرة تلوح..السخام يلوث أعلاها ،والرطوبة تمد اخاديد متعددة على جدرانها .
صعد السلم في تخاذل فتح باب شقته , دلف داخلا، ضغط على زر الكهرباء فتبد د الظلام المدلهم الذي كان يملأ المكان, تعثر في خطاه قبل ان يرمي بجسده الواهن على الاريكة الجلدية الوحيدة الموجودة بشقته, مدد قدميه الى الامام واستند الى متكأي الاريكة .
كم يصعب التأقلم مع ظروف هذه الحياة التي تبدو عسيرة ومعقدة.
تشعل سيجارة تنفث مع دخانها كل كوابت كيانك الجريح، تكبر كآبتك, وتنداح في كل مكان حولك .يفلت من يدك عقالها لا تدري لماذا يحدث هذا ؟؟؟ المهم انه يحدث وكفى , أنت تتعذب والإنفصام اللعين يفرض نفسه ضيفا ثقيلا علي شخصيتك , فتصبح شخصين في شخص واحد , تتملق في النهار وتثور في الليل, تبش وتظهر الاحترام المتكلف لرؤسائك اثناء العمل , وتلعنهم عندما تعود الى شقتك , لك وجهان اذن ومن يدري قد يصبحان ثلاثة اوحتى اربعة حسب الظروف والاحوال.
طرقات خفيفة على الباب تهادت الى أسماعه، مرت هنيهة قبل أن ينهض ..فتح الباب..دوت ضحكة نسائية رخيمة , نظر إلى الواقفة أمامه..نعيمة بكل سحرها وشقاوتها.
شم رائحة الخمر في فمها عندما طبعت على خده قبلة..
-تفضلي ..ادخلي , عاش من شافك, أطلت الغيبة هذه المرة ..أنسيتِ أنك وعدتني بالزيارة عند مطلع كل شهر , وها أنت تغيبين ثلاثة شهور .
ابتسمت , رنت اليه بعينيها النجلاويين ’, ثم اندفعت داخلة , تبعها من الخلف بعد ان أغلق الباب, خلعت ثيابها دون ان تنبس بكلمة , ثم دخلت الفراش ونظرت نحوه تدعوه الى الاقتداء بها , فلم يتوان عن تلبية ندائها الصامت, وبعد حين أصبح بالقرب منها يسري في جسده دفء من الشهوة الحمراء , التحما لحظة , ثم تركا بعضهما بعد الوصال, استندت برأسها الى صدره الكثيف الشعر وغرزت اناملها الرقيقة بين خصلات شعره الطويل تداعبها بحنان تشعر بفرح طاغ يزخر به قلبك , الحياة تحولت فجأة الى ابتسامة على شفتي نعيمة , والوجود صار لمسة حنان توقعها أناملها الرقيقة على جسدك الواهن , وجهها الساجي حطم صخرة الروتين التي ظللت تنوء بها طيلة هذه الشهور التي باعدت خلالها الأيام بينكما, حقا هي مومس لكنها مثقفة ومتعلمة ’ ولعل هذا ما يجعلك تحترمها الى حد كبير.
سألها ضاحكا
- لم تقولي اين كنت خلال هذه المدة ؟؟؟
- هل تصر على معرفة الحقيقة ؟
- اذا كان ممكنا
- الحقيقة كنت خارج ارض الوطن
- خارج أرض الوطن..
- نعم ..فقبل شهور تعرفت على ثري خليجي بأحد الملاهي الليلية...دعاني للسفر الى إشبيلية , فوافقت وهناك عشت أياما باذخة ..تصور أن صاحبنا كان يشعل لي احيانا سجائري بورقة بنكية.
- شئ مثير حقا
- وعندما عدنا الى الوطن منذ اسبوعين, أصر على ان نعقد قراننا فوافقت تحت طائل إلحاحه.
- إذن أنت سيدة متزوجة الآن ..
ضحكت وقالت:
- تقريبا.
- ماذا تعنين بهذه التقريبا ؟؟؟
- الحقيقة أن زوجي إتفق معي على ان يأتي للمكوث معي شهرا واحدا كل سنة , وقد اشترى لي بيتا وفتح لي حسابا بنكيا جاريا , وابتاع لي سيارة فاخرة..
- اذن اصبحت غنية
- كل هذه الاموال لا تساوي شيئا امام ضمة واحدة منك
- حقا
- ألا تزال ترفض أن تصدق أنني أعبدك ...إنك قدري الذي لا أستطيع الفرار منه.
ران الصمت عليهما لحظة , لكنها سرعان ماكسرته وشفتاها تونقان بابتسامة عريضة ..
- يمكنك أن تختار شقة مناسبة لمقامك وسأدفع إيجارها ....ستكون عشنا الذي نأوي اليه..
حدجها بنظرة ثائرة وقال:
- لا أستطيع ان ألبي طلبك .
زوت ما بين حاجبيها وتمتمت بنبرة حزينة
- هكذا تكسر خاطري
- لم أقصد ولكن....
قاطعته مبتسمة
- لا تقل شيئا ..لقد أويتني من قبل وخيرك سابق..أريد أن تتمتع معي بأموال الخليجي ..
- لكنها متعة ثمنها كرامتنا معا..
- أرجوك لا تتحدث عن الكرامة وشطب عليها من قاموسك اللغوي ..فهي لم تعد الا لفظا أجوفا لا خير يُرتجى منه ..
لم يقل شيئا اكتفى بضمها الى صدره وطبع على شفتيها قبلة حارة....


1986



#محمد_محضار (هاشتاغ)       Mhammed_Mahdar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دموعك حبات جمان
- جزيرة الموت
- خرافة
- لحظة امتعاض
- وهج التحدي
- بحر عينيك
- قصة مدينتي
- حكاية صمت فريدة
- سرابيل أحلامي
- الزبون الأخير
- موسم الرحيق
- ماذا تبقى من أحلامنا ؟؟؟
- رحلة العمر
- الابتسامة الصفراء
- الملك لله
- شذرات من حياتي لبوشعيب المسعودي نصوص بنكهة مختلفة
- متى يعود أبي ؟؟
- همسة طفلة
- رحلة أوجين دولاكروى للمغرب: إصدار جديد للكاتب الباحث والمترج ...
- بلا عنوان


المزيد.....




- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - ثمن الكرامة