أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - عشاء ليلة














المزيد.....

عشاء ليلة


محمد محضار
كاتب وأديب

(Mhammed Mahdar)


الحوار المتمدن-العدد: 7271 - 2022 / 6 / 6 - 19:28
المحور: الادب والفن
    


عشاء الليلة
البنت تنظر حولها بفرح طفولي ، خيوط المخاط تنساح من أنفها ،ملامسة شاربيها ، تمسحها بين الحين والحين بظهر كفها ، تمسك بتلابيب أمها ، الأم متأففة تسير ، تلعن البشر والحيوان ،وتشتم الجدران والشوارع ، وكل ما ترى أمامها ،سرا وعلانية ،عيناها تشيان بحقد دفين ، وقلبها يفيض بِغلّ لا حدود له ،
تمرق فجأة بمحاذاتها سيارة رباعية الدفع ، تقودها سيدة شقراء، تكاد تدهسها ، لولا انفلاتها بسرعة ، وهي تجر ابنتها ، ترفع صوتها صارخة :" الله يلعن جد بوك ألخانزة شوية وتقتليني أنا وبنتي "
السيارة تبتعد ، والغضب ينفجر داخل صدرها ، تزيد من اللعنات ،والسباب ، تصادف عند إشارة المرور- حيث ، اعتادت أن تتسول من أصحاب السيارات ، المتوقفة كلما اشتعل الضوء الأحمرما تعيل به أسرتها ، وتدفع ثمن كراء غرفتها بسيدي الخدير - عائلات سورية يرفع أطفالها يفطات مكتوبة ، أطفال "قافزون " علمتهم الحياة والحرب أن لقمة العيش تؤخد من فم الأسد، ابنتها "مرخية" ومتواكلة لم تعلمها الحياة شيئا .
تهتف بابنتها : " تحركي ، إفعلي شيئا ، السوريون والأفارقة أصبحوا يزاحموننا ،وعلينا أن نأخد حقنا بالدم والنار ، لعن الله الحرب والجوع ، وداعش "
الابنة ، تطيع أمها ،تهرول نحو السيّارات ، تمد يدها النحيفة ، تردد اللازمة التي علمتها إياها والدتها :" صدقة على الله ، الله يرحم ليك اميمتك ، ". تفتح سيدة زجاج سيارتها ، تنفحها درهما ،تندفع إفريقية كانت قربها نحو صاحبة السيارة وهي توجه نظرة شزراء للطفلة ،تطلب ايضا حقها الذي افتقدته في بلدها ، تغلق السيدة زجاج سيارتها ، تسرع الأم نحو ابنتها ، تلوح بيدها مهددة الافريقية التي تنسحب بسرعة ،تردد بصوت غاضب :" ولّيتوا باغين تقسموا معنا اللقمة والجغمة ، وفين بغيتونا نمشيوا ..للجايحة الكحلة ، لتدّينا وتَدّيكُمْ ".
تتبادل البنت الابتسامات مع الأطفال السوريين ، تشاركهم اللعب والتسول، تحس الأم أن البراءة لا وطن لها ، هي هبة ربانية ، يقذفها الله في قلوب الأطفال ، أينما كانوا ووجدوا ،الوقت يمر،ملحمة الاستجداء تتواصل ، بكل الوسائل ،بكل اللغات ،ترافقها الاشارات ،والحركات ،الأم والإبنة تشاركان بحماس ونشاط لا يفتر في الملحمة ، تتداخل الخيوط وتتشعب الفصول .سيارات تتوقف ، ثم تتحرك لتعوضها أخرى ،نفس الكلام يتكرر، مع بعض الرتوشات .
تنتبه الأم إلى الوقت المنسل ، السماء تلبس ثوباً أحمراً بدأ يميل إلى السواد ، تمسك يدَ ابنتها ، ثم تنسحبان بهدوء ، يبدو أن " عشاء الليلة طلع ، الله يجعل البركة".
يوليوز 2016



#محمد_محضار (هاشتاغ)       Mhammed_Mahdar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثمن الكرامة
- دموعك حبات جمان
- جزيرة الموت
- خرافة
- لحظة امتعاض
- وهج التحدي
- بحر عينيك
- قصة مدينتي
- حكاية صمت فريدة
- سرابيل أحلامي
- الزبون الأخير
- موسم الرحيق
- ماذا تبقى من أحلامنا ؟؟؟
- رحلة العمر
- الابتسامة الصفراء
- الملك لله
- شذرات من حياتي لبوشعيب المسعودي نصوص بنكهة مختلفة
- متى يعود أبي ؟؟
- همسة طفلة
- رحلة أوجين دولاكروى للمغرب: إصدار جديد للكاتب الباحث والمترج ...


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - عشاء ليلة