أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - شاعر يحكي














المزيد.....

شاعر يحكي


محمد محضار
كاتب وأديب

(Mhammed Mahdar)


الحوار المتمدن-العدد: 7291 - 2022 / 6 / 26 - 22:43
المحور: الادب والفن
    



شاردا أمشي على الرصيف ، تقبض أصابع يدي اليسرى على جريدة يومية ، شبق غريب يلهث في أحشائي ،أحلام من نوع سوف أفعل، تترامى على ذهني . الخطوة تلد ثانية واتجاهي غير معروف.
صامتا أتوقف قرب محطة المسافرين، أحك مؤخرة رأسي بأنامل يدي اليمنى, ألعق شفتي بلساني حتى أبدد جفافهما.
الضجة تنتقل عبر جوانب المحطة ، منبهات الحافلات تحطم السكون .
الحمالون يعرضون خدماتهم على أصحاب الأمتعة . المتشردون والمتسولون يعترضون سبيل المسافرين مادين أيديهم.
نظراتي الفضولية تطارد الحسناوات المسافرات ، تغازل بصمت هذه وتلك . كثيرون من عشاق النساء يتخذون من المحطة مقرا لسد حاجياتهم ، كهلة ثخينة الجسم تحمل كيسا بلاستيكيا ضخما ، تقترب مني ، صوتها ذو الرنة الأطلسية يطرق اذني:
-هل أستطيع ان أسألك يا ولدي الله "يرضي عليك "؟؟
-تفضلي
-في أي ساعة تتحرك الحافلة المتجهة نحو دمنات؟؟
-لا أعلم يمكنك أن تسألي قاطع التذاكر أو أحد الحمالين.
تسأل الكهلة حمّالا ثم تعود من جديد إلى الاقتراب مني وهي تقول:
-قال أنها لن تتحرك قبل الساعة الواحدة.
لم أعلّق على كلامها، تتابع الحديث:
-لقد جئت لزيارة ابني.. يعمل مهندسا وقد تزوج منذ بضعة أيام بمعلمة, وددتُ أن أبارك له لكنه غيّر عنوانه ومقر عمله فلم أجده، إنه يتهرب منّي رغم أنني أمه..
دون أن أنبس بكلمة، أبتعد عن الكهلة ، وأتابع المسير. مشاكل من هذا النوع مللت سماعها.
أدخل مقصفا لبيع العصير، فتيات بميداعات المدرسة ،يضعن أحمر الشفاه , والبودرة ،وطلاء الجُفون، يجلسن إلى طاولات المقصف ، شبان يرتدون سراويل فضفاضة وأقمصة ملونة يحاذونهن في الجلوس. بعضهم وبعضهن كان يدخن، أجلس بمواجهة فتاة المقصف العاملة خلف الحاجز الخشبي , نظراتها تلتهم وجهي الشاحب , تتسلل إلى ياقة قميصي ثم السلسلة الذهبية التي تحيط بعنقي تسألني بصوت ناعم :
-ماذا تشرب ؟
-عصير موز من فضلك.
تمر دقائق، تقدم لي عاملة المقصف كأس العصير. فتاة في حدود العشرين تقترب من مكاني تجلس بمواجهتي، شعرها الأشقر المعقوص يبدو ساحرا , بشرتها الناعمة تبعث الدفء, تخرج من محفظتها علبة سجائر ، تمسك لفافة تبغ , تودعها بين شفتيها المطليتين بالروج ..تسألني عود ثقاب ، أعتذر بخجل فانا لا أدخن، تسأل فتاة تجلس على يمينها، تلبي طلبها . تنفث ذات الشعر الأشقر دخان سيجارتها بانتشاء، تضحك في وجهي كلما التقت نظراتنا . تمر دقائق على هذا الحال. أخرج صحبتها ، نستقل سيارة أجرة إلى شقتي ، تسألني الفتاة أثناء الطريق :
-هل تعيش وحدك؟
- نعم منذ خمس سنوات والدايّ يعيشان بدكالة
-أنا طالبة جامعية أسرتي تقيم بسطات.
التاكسي يتوقف ، بمعية الفتاة أنزل، أنقـد السائق أجره ، صحبتها أسير على الرصيف . نتخطى باب العمارة حيث توجد شقتي . نتسلق الدرج بخفة , أخيرا نصل , ندلف إلى الشقة , تطوف الفتاة بين غرفها الضيقة . تجلس إلى مكتبي، تعبث ببعض الأوراق المتناثرة عليه، لا أعارض،تقرأ إحداها بصوت مرتفع ،أبتسم في وجهها ، صوتها يتسرب دافئا إلى مسامعي:
-هل تكتب شعرا؟
-منذ زمن بعيد
- أنا أحب الشعر كثيرا ، أقرأ لنزار قباني والبياتي وأدونيس والمجاطي
أبحث لحظة في أحد الرفوف، أمسك بكتيب صغير أقدمه لها ضاحكا :
-هذا ديواني الأول طبعته مُؤخرا ،أقدمه هدية لك.
تنفرج شفتاها عن ابتسامة ثم تقول :
-إنها المرة الأولى التي أرافق فيها شاعرا إلى بيته...

26 غشت 1986

نشرت بجريدة العلم غشت 1986



#محمد_محضار (هاشتاغ)       Mhammed_Mahdar#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراكش تبتسم
- لقاء جديد
- قصة للأطفال : خروف العيد
- ابتسامة عابرة
- سقوط نجمة
- قصة قصيرة : غربان الجزيرة
- همسة الحب
- كل هذا الحب
- سنوات العمر الضائعة
- الغاية تبرر الوسيلة
- يقظة ضمير
- استيهامات صباحية
- رحلة ضياع
- ابنة النور
- الكتابة فعل وممارسة
- عشاء ليلة
- ثمن الكرامة
- دموعك حبات جمان
- جزيرة الموت
- خرافة


المزيد.....




- -دليل الهجرة-.. رحلة جاكلين سلام لاستكشاف الذات بين وطنين ول ...
- القُرْنة… مدينة الأموات وبلد السحر والغموض والخبايا والأسرار ...
- ندوة في اصيلة تسائل علاقة الفن المعاصر بالمؤسسة الفنية
- كلاكيت: معنى أن يوثق المخرج سيرته الذاتية
- استبدال بوستر مهرجان -القاهرة السينمائي-.. ما علاقة قمة شرم ...
- سماع الأطفال الخدج أصوات أمهاتهم يسهم في تعزيز تطور المسارات ...
- -الريشة السوداء- لمحمد فتح الله.. عن فيليس ويتلي القصيدة الت ...
- العراق يستعيد 185 لوحا أثريا من بريطانيا
- ملتقى السرد العربي في الكويت يناقش تحديات القصة القصيرة
- الخلافات تهدد -شمس الزناتي 2-.. سلامة يلوّح بالقضاء وطاقم ال ...


المزيد.....

- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - شاعر يحكي