أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم المحبشي - الجزء المختفي من جبل الجليد















المزيد.....

الجزء المختفي من جبل الجليد


قاسم المحبشي
كاتب

(Qasem Abed)


الحوار المتمدن-العدد: 7267 - 2022 / 6 / 2 - 15:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نقصد بالاعتراف هنا التقبل والموافقة، والتقدير والاحترام والإحساس بالآخر بوصفه كائنا جديرا بالتقدير والقيمة والأهمية والاعتبار بعكس الاستبعاد والتهميش والازدراء والإنكار والإقصاء والقمع والاحتقار..إلخ من الصفات السلبية النمطية التي يتم إلصاقها بالآخر المختلف أو المعايير أو المغاير. والاعتراف يرتبط بقيم إنسانية أخرى أهمها التسامح الذي يعني احترام وقبول وتقدير التنوع والانفتاح تجاه الآخرين المختلفين، والإقرار بحق الاختلاف والتفاهم والفهم، بعكس اللاتسامح الذي يقوم على الجهل والتعصب والانغلاق والاستعلاء والتكبر والتطرف والعنف والإكراه، فالتسامح لا يعني بالضرورة أن نحب الجار بقدر ما يجب علينا أن نجتهد لاحترامه حتى ولو بالقدر الضئيل) وهو يقوم على أساس رسوخ الفكرة الجوهرية لكرامة كل بني الإنسان حتى أقلهم موهبة وشأنا، بالتالي فكرة حق كل منا في أن تكون له أفكاره الخاصة به حتى وإن كانت أكثر الأفكار منافية للعقل، ومخالفة للرأي العام، وهذا هو المعنى من قول فولتير: إنني مستعد أن أقدم حياتي ثمناً في سبيل حقك في التفكير والتعبير بحرية فيما نعتقده وإن كنت على خلاف كامل مع رأيك. وقد حظي مفهوم الاعتراف باهتمام عدد من الفلاسفة والمفكرين منذ أقدم العصور، ففي اليونان كان المثل الأعلى للحرية (هو عليك أن لا تغضب من شبيهك إذا تصرف على هواه في ظل القانون) وفي الحكمة الصينية (لا يمكننا الاستغناء عن الآخر وأنت الآخر بالنسبة له) وفي ديننا الإسلامي الحنيف (عامل الناس كما تحب أن يعاملوك) ورغبة الإنسان بالاعتراف كما قال آدم سميث هي الرغبة الأكثر التهابا في الطبيعة الإنسانية لا يوجد شخص يستطيع أن يبقى غير مبال بسمة اعتراف الآخرين به ولا يوجد ثمن نحن مستعدون لدفعه لكي نحظى بهذا الاعتراف وقد تخلى البشر بإرادتهم غالباً عن الحياة، وذلك لكي يحظوا بعد موتهم بسمعة لم يستطيعوا الحصول عليها والتمتع بها في الحياة). والحرية هي صراع من أجل الاعتراف حسب هيجل إذ يمكن للمرء أن يتحمل كل مصائب الدنيا مقابل أن ينجوَ من الاحتقار والإهمال والازدراء. وهذا هو ما دفع الفيلسوف الألماني المعاصر إكسل هونيت إلى تاليف كتابة المهم (النضال من أجل الاعتراف) 1992م إذ أكد أن كثيرا من النزاعات الاجتماعية والسياسية التي وجدت في الماضي أو الموجودة اليوم ربما تجد أسبابها في مسألة الاعتراف، التي من دونها يستحيل فهم الدوافع العميقة لمساعي وكفاح الناس وغاياتهم.ولسنا بحاجة إلى التذكير بتلك المعاني الإنسانية السامية التي أوصى بها القرآن الكريم في تعامل الناس بعضهم مع بعض ومنها: العفو والصفح واللين واللطف والرفق والرحمة والشفقة والتواضع، والإنصاف ومنع التنابز بالألقاب، والمودة والمحبة والحوار والتصالح التسامح والتعارف والاعتراف والعدل والبشر وإفشاء السلام. ..قال تعالى (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات) والأمر كذلك يعد الاعتراف من أسمى الفضائل الإنسانية وأكثرها أهمية للتعايش والسلام والاستقرار والعدل والخير والجمال والنماء والازدهار. إنه الرغبة الثاوية التي تعبر عن الحاجة الفطرية عن كل كائن إنساني إلى أن يعترف به كذات وقيمة عاليتين جديرتين بالتقدير والاحترام لذاتهما وفي ذاتهما ومن أجل ذاتهما، بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى، وهي حاجة تأتي مباشرة تماما بعد الحاجات الفيسولوجية، وحاجات السلامة والأمان في هرم عالم النفس الشهير أبراهام ماسلوا. وباعتبارنا كائنات اجتماعية في غاية الحساسية لا نستطيع تنمية هويتنا وبناء علاقة إيجابية مع أنفسنا ومع غيرنا من الناس من دون الاعتراف الإيجابي بذواتنا الإنسانية كقيم عليا يجب أن نحترم. إذ دون الاعتراف المتبادل يستحيل الاندماج الاجتماعي للناس في مجتمع منظم ومنسجم ومستقر ومتعاف ومزدهر. ويعد عالم الاجتماع الفيلسوف الألماني اكسل هونيث( 1949 ) ابرز من درس هذا الموضوع في كتابه صراع من اجل الاعتراف. وهونيت الذي يعد من اهم ممثلي الجيل الثالث لمدرسة فراتكفورت , والذي يعد من اهم المنظرين لمفهوم الاعتراف بالفلسفة الغربية المعاصرة والكتاب هو في الأصل رسالة أعدها صاحبها لنيل درجة التأهيل العلمي بجامعة فرانكفورت تحت إشراف هابرماس، فمنذ صدوره بلغة صاحبه الأصلية (الألمانية) سنة1992 والجدل حوله قائم وازدادت دائرته اتساعا مع صدور الترجمتان الإنغليزية (1995) ثم الفرنسية (2000) اللتان امتازتا بترجمة دقيقة وثرية لمحتوياته.ولأن عصرنا الراهن هو عصر الصراع والنقد من أجل البحث عن فضاء للعيش المشترك بعيدا عن التوترات والنزاعات فإن ذلك ما زاد من راهنية هذا الكتاب الذي يعد بنظر الباحثين في الشأن الفلسفي من أهم الكتب التي صدرت لتأسيس نظرية الاعتراف.إذ يعتقد اكسل هونيث ان الاعتراف المتبادل كفيل بوضع حد للصراعات الاجتماعية القائمة على السيطرة والهيمنة, ومن ثم يستطيع الافراد تحقيق ذواتهم وهوياتهم ضمن علاقات ذواتية مرهونة بتحقيق ثلاث نماذج معيارية متميزة للاعتراف وهي:
1-الحب :إذ أن المحبة شرطاً اساسياً و جوهرياً لحياة كل شخص ليتمكن من المشاركة في الحياة الاجتماعية المتعافية
فمن المهم إلى أقصى حد ممكن أن يشعر الأفراد في المجتمع بان هناك من يبادلهم مشاعر المحبة في العائلة والمدرسة والمجتمع والدولة .فالحب هو جوهر بناء الحياة الأخلاقية والعاطفية السديدة والصحية ففي داخل كل ذات فردية إنسانية حاجة فطرية للمشاعر الحب وتبادلها.
2- الحق:يمثل الحق جوهر الاعتراف على المستوى القانوني .لان الفرد يكتسب حق الاعتراف القانوني والاحساس بوجوده واحترامه من قبل الجميع فتمكين الناس من حقوقهم الفردية الأساسية : الحق في الحياة والحرية والعمل والخدمات العامة والعيش الكريم يجعل الذات قادرة على التعبير عن حاجاتها وتحقيق ذاتها في المجتمع والعالم بوصف الانسان هو فردا عالميا له حقوق وواجبات وتمكين الأفراد من حقهم القانوني يعزز لديهم حاجة احترام الذات وتقديرها وتحقيقها وتطويرها ومن ثم تحقيق الاندماج الاجتماعي المتعافي وبدون ذلك لن يتحقق المجتمع الذي يتضامن كل افراده لأجل بناءه والارتقاء به وازدهاره.
3- التسامح الإيجابي الذي يرتكز على الاعتراف المتبادل بين الفاعلين الاجتماعيين بالأهلية والقيمة والندية وتكافؤ الفرص بالقدرة والسلطة والنفوذ بما يكفل لكل طرف من الاطراف قول رأيه والتعبير عما يعتقده صوابا بحرية كاملة وظروف متكافئة , فالتسامح هو الشرط الضروري للتعايش والعيش بسلام والتفاهم بشأن المشكلات والأزمات والنزاعات الاجتماعية التي تنشأ في سياق الحياة الاجتماعية للناس الساعيين وراء اشباع حاجاتهم وتامين شروط حياتهم. ويمكن تلخيص أهم شرط من شروط التسامح الفعّال بانه الاعتراف بقيمة الآخر وجدارته ونديته وحقوقه المتساوية مع الجميع اعضاء المجتمع المعني وهو نمط من أنماط العلاقة بين الذات والآخر يعني التقدير والاحترام وتكافؤ الفرص والعدالة والإنصاف والاعتراف إذ أن أكبر التي يمكن أن تصيب الإنسان هو غياب التقدير والانصاف والاعتراف و يمكن أن يتحمل المرء كل المصائب الخارجية مقارنة بالظلم والإهمال والاحتقار. وكل تلك القيم والعناصر والعلاقات والكلمات هي ما يمكن تحققه أو غيابه في عالم الممارسة الواقعية الحية لحياة الفاعلين الاجتماعيين الساعيين إلى تحقيق ذواتهم وتنمية مجتمعاتهم. فالممارسة هي الجزء المختفي من جبل الجليد.



#قاسم_المحبشي (هاشتاغ)       Qasem_Abed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة والوظيفة المزدوجة
- الفلسفة والدراسات الثقافية؛ علاقة تكاملية
- تجديد الفلسفة وفلسفة التجديد
- في التاريخ والذاكرة ووظيفة العقل
- في معنى الحضارة والتحضر
- بريطانيا ظاهرة تستحق الدراسة
- ملاحظات عابرة في الدراسات الثقافية
- في تأمل الزمن والتغيير والمستقبل
- أولفين توفلر في الجمعية الفلسفية المصرية
- العلم والإنسان على مدى خمسين عام
- دوائر التحريم حينما تهسهس اللغة
- تأملات في فلسفة الاحتفال والموتى لا يحتفلون
- دوائر الهوية ومداراتها الثقافية
- فلسفة المستقبل في مؤتمر وكتاب
- المرأة هي رهان المستقبل لانسنة العالم
- موقفان متناقضان من التاريخ أنجبا فكرة المستقبل
- العرب ؛ استئناف الدهشة والشغف الجديد
- محمود السالمي الفنان المؤرخ
- السياسية هي الزمن الذي لا يمر!
- الفلسفة؛ سؤال الكينونة الدائم الحضور


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم المحبشي - الجزء المختفي من جبل الجليد