أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد السعيدي - دولة الريع النفطي















المزيد.....

دولة الريع النفطي


سعد السعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 7254 - 2022 / 5 / 20 - 12:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دولة الريع النفطي هي تلك الدولة التي تعتمد بشكل اساسي على موارد بيع النفط حيث يشكل معظم واردات الخزينة. ولكي تكون الدولة ريعية جرى تحديد نسبة الاخير من الناتج القومي الاجمالي بحيث يشكل 50 بالمئة او اكثر من موارد الخزينة.

تهبط موارد هائلة للنفط بيد الدولة في بلدنا لتشكل كامل دخلها تقريبا. بما ان الدولة هي المسيطرة الوحيدة على هذا الدخل او الريع مع سيطرتها على الآبار النفطية، تكون هي جهة السيطرة الوحيدة على مجريات الامور في بلدها. فهذه الاموال تشكل اساس صرفيات الدولة على نفسها والمجتمع. بالنتيجة ستتحقق مع هذا الاحتكار للموارد سيطرة الدولة على المجتمع كونها هي من يصرف عليه. بينما تكون مساهمة المجتمع نفسه ضئيلة للغاية مع انتفاء حاجة الدولة لتحصيل الضرائب منه. ومع تركز كل هذه الاموال بيد الدولة وضعف المجتمع سيظهر الاغراء الهائل لتحول الدولة او تتشجع للتحول الى دولة استبداد.

لماذا نشير الى تحصل الدولة للاموال من النفط وصرفها هي لوحدها منه على الجميع ؟ نورد الشكل الاخر لتحصّل الدولة على الموارد وهو ذلك المنتشر في الدول غير الريعية وغير النفطية. تعتمد حكومات هذه الدول على الضرائب المتحصلة من النشاط الاقتصادي في بلدانها. وهو النشاط الذي يقوم به الافراد والشركات. بالنتيجة تكون الدولة هي من يعتمد على المجتمع في تحصيل مواردها. وهذا الشكل الشائع من الاقتصاد هو ما يشجع ظهور الديمقراطيات ويمنع ربما من ظهور الاستبداد والدكتاتوريات. ولا يحصل تحول بعض الدول نحو الاستبداد مع توافرها على موارد الريع وذلك ربما بسبب عدم تحقق النسبة المئوية الآنفة لديها او ربما لكونها ديمقراطيات عريقة ومستقرة. والامر كله يتعلق بتوازن القوى الاقتصادية وبالتالي السياسية داخل البلد، ووعي الشعب بحقوقه. إن الدولة الريعية هي دولة تعتاش على دخل غير مكتسب بالعمل او التي تمول ماليا بأقل جهد سياسي وتنظيمي في علاقتها مع الأفراد.

ومع نظام الريع يكون دور الدولة في صرفها للاموال توزيعياً. اي انها تقوم بإعادة توزيع ذلك الريع او انفاقه بالشكل الذي تراه يتناسب ومصلحتها السياسية ويضمن ديمومتها ونظامها. فلن تكون هنا بحاجة الى تطوير اي نظام إنتاجي او مؤسسي داخلي أو تنويع مصادر الدخل الأخرى مثل الضرائب. فالدخل يتراكم عندها من مصادر طبيعية دون بذل اي جهد وما على الدولة إلا جمعه والتصرف به. وهو ما نرى عكسه في الدول غير الريعية التي تسعى تحت ضغط الحاجة إلى توسيع مصادر الدخل من خلال تطوير المؤسسات والأنظمة الإنتاجية فيها وتنويعها وفرض ضرائب متنوعة. بهذا لن تقوم دكتاتورية الريع النفطي بانشاء اي بناء او تطوير إلا ربما تحت الضغط الشعبي مثلما نشهده في بلدنا.

إن الدولة التي تتلقى مواردا كبيرة من الريع الخارجي بشكل منتظم تقوم بدورها بإنفاقه على مواطنيها من خلال توفير الخدمات الأمنية والإدارية وتأمين الوظائف من انشطتها الاقتصادية المختلفة. وهي بهذا تقوم بالدفع لمواطنيها بدلا من استحصال الضرائب منهم مقابل كسب ولائهم لتضمن بالتالي استمرارها بالسلطة دون منازع. وهو ما يسمى بشراء الشرعية، مما اكده بعض الاقتصاديين. من الامثلة على هذا الدفع والعطاءات المالية بمختلف أنواعها كتقديم مبالغ مالية بصورة مباشرة أو غير مباشرة. من هذه الاخيرة إقدام الدولة على شراء الأراضي من الأفراد بأسعار عالية، وتوفير القروض المالية والدعم والتسهيلات لإنجاح الأنشطة الاقتصادية الشخصية. هذا الشكل هو ما كان سائدا في فترة النظام البعثي السابق. اما في الفترة الحالية وبعد انكشاف البلد امام التدخل الاجنبي وسيادة الميليشيات اختفى تقريبا هذا الشكل من شراء وتأمين الشرعية. فمع ارتباط الاحزاب السياسية بقوى الخارج وحيازة معظمها على ميليشيات قد قضي على هذا الشكل من دولة الرفاه. إذ ليس من اهداف هذه الاحزاب الجديدة الاعتماد على هذا الشكل من شراء الشرعية. فشراء وتأمين الاخيرة لدى هذه الاحزاب قد صار يجري بطريق ادوات اخرى كالغيبيات والطقوس الدينية.

كذلك فمن النتائج الاخرى للدولة الريعية هو اعتمادها بصورة مطلقة على الاستيراد. وهو امر منطقي مع غياب او تغييب الانتاج المحلي كون دخل الدولة المالي يتراكم عندها من جمعه من مصادر طبيعية. وهذا الدخل هو نشاط غالبا ما يكون خارج العملية الإنتاجية الحقيقية.

إن الاحزاب الاسلامية في كل مكان تدعم التجار كونها ليست إلا التجمع السياسي لهؤلاء. فالدين الاسلامي هو دين يعكس في بعض اوجهه مصالح التجار ويحميها. ومن المؤكد انه مع الريع النفطي اصبحت الاحزاب الاسلامية هي الضامن لعدم عودة الصناعة والانتاج المحلي لصالح التجارة.

إن امتلاك الدولة لمورد طبيعي ذي عوائد كبيره سيشجعها الى التحول نحو الاستبداد والدكتاتورية. واعتمادا على كيفية إدارة الدولة لهذه العوائد، يؤدي ذلك الى قيام اقتصاد بمستوى انتاجي متدن مبني على الإسراف بالاستهلاك بسبب اعتمادها على هذه الموارد الطبيعية. ويسودها كذلك غياب الشفافية فيما يتعلق بالإيرادات الخارجية، وليس بها مقياس للكفاءة. ولما لا تضمن الدولة الريعية بقاءها واستمرارها إلا عن طريق جمع الريع ومن ثم اعادة توزيعه، فلا بد من توافرها على جهاز امني وقوة عسكرية لحماية مصادر الريع والسلطة الحاكمة من جهة وإعادة توزيع ذلك الريع من جهة أخرى. ولا بد لهذا الولاء أن يخلق بيئة ينتشر فيها الفساد بشتى أنواعه المالي والإداري والاقتصادي. إن سهولة الحصول على الإيرادات يؤدي إلى إنفاقها بعيدا عن تحقيق بناء اقتصادي حقيقي مبني على المشاريع الإنتاجية للبلد. وهو ما يدل على تخلف السلطة الحاكمة التي تسعى لتحقيق تفضيلاتها السياسية على حساب النمو الاقتصادي الحقيقي. وهذا هو حال كل دول الريع النفطي التي تعمل على توسيع الإنفاق العام دون فرض ضرائب على مواطنيها. ولما يكون للدولة الريعية الدور الأكبر في إدارة تلك العوائد النفطية وإعادة توزيعها ستكون بذلك متحكمة إلى حد بعيد بالحياة الاجتماعية والسياسية للبلد.

ولا بد ان كل دول العالم تحلم بان تكون دولة ريعية شبيهة بالدول الحالية لما لهذا النظام من فوائد السيطرة على المجتمع. ويجري الضغط على العراق لبيع قطاعه العام لحشره في زاوية الريع النفطي والممارسات الآنفة، واجباره على تبديد امواله بالاستيراد. ونتساءل من جهتنا إن كان قصف منشآت ومصانع العراق المدنية كان يهدف من بين امور اخرى الى تسهيل تحوله التام للاعتماد على الريع النفطي حصرا.

بالتوازي مع ما عرضناه اعلاه، يعتمد الكثيرون على تجهيل الشعب بالحقائق حول اوضاع بيئته الاقتصادية والسياسية. إذ ان انعدام الشفافية وغياب المساءلة يؤديان الى انتشار الفساد باشكاله، ومعهما الاغراء الهائل للتحول نحو الاستبداد والطغيان. لهذا يجب التفكير في كيفية معالجة امر الريع النفطي وتأثيراته إن كان بالاستمرار به او بايجاد حلول للخروج من آثاره السلبية. وحيث يرى بان ثمة اوضاع لا يمكن التوفيق بينها. نكرر ونقول بان النفط يعود للعراقيين وهو ما اكده الدستور. والحكومات هي من تدير امر استغلاله بتفويض من الشعب مالك هذه الثروة. لذلك لا يجوز استخدامه للاغراض الخاصة وضد مصالح مالكيه.



#سعد_السعيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برنامج عمل نواب تشرين
- مرة اخرى مع حكومة تصريف الاعمال
- حول تشريع قانون العلم العراقي
- ما يتوجب حذفه عند تعديل الدستور
- الركابي وتكتله النيابي على خطى رائد فهمي
- الضغوط على العراق للتخلي عن الدعم الحكومي..
- فشل وفساد مشاريع الخصخصة والاستثمار
- شركات التمويل الذاتي
- المؤامرة على الزراعة في العراق
- الفوضى والتخبط وانعدام التخطيط للحاضر والمستقبل
- بشأن الموقف من الارهابي خميس الخنجر وما نريد رؤية تحققه..
- بضعة ملاحظات حول جلسة رئيس السن
- نطالب باحالة مفوضية الانتخابات الى القضاء
- قانون الاستثمار في تصفية النفط الخام.. يخالف الدستور
- ازمات الكهرباء مفتعلة
- نظام الاستثمار بعقود البوت او البووت
- اوقفوا تنفيذ الربط السككي... اوقفوا هذا التفريط بمصالح العرا ...
- حماية الآثار التي ستغمرها مياه سد مكحول
- اتفاقية الربط السككي مع ايران خيانة لمصالح العراق العليا
- مصير مشاريع البتروكيماويات العراقية


المزيد.....




- رد فعل المارة كان صادما.. شاهد لص يهاجم طالبة في وضح النهار ...
- شاهد.. عراك بين فيلة ضخمة أمام فريق CNN في غابات سيريلانكا
- وزارة الصحة في غزة: 37 شخصا قتلوا خلال الـ 24 ساعة الماضية.. ...
- الضربة الإسرائيلية على إيران.. صور أقمار صناعية حصرية تظهر ا ...
- الحرب على غزة في يومها الـ 197: قصف على رفح رغم التحذيرات ال ...
- غرسة -نيورالينك- الدماغية: هل تستولي الآلة على ما بقي لنا من ...
- وزارة الدفاع الروسية: أوكرانيا هاجمت أراضينا بـ 50 طائرة مسي ...
- العراق.. قتلى في قصف على قاعدة للجيش والحشد الشعبي
- فرقاطة ألمانية تنهي مهمتها ضد الحوثيين في البحر الأحمر
- وفاة رجل أضرم النار في نفسه وسط نيويورك.. ماذا قال في بيان م ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد السعيدي - دولة الريع النفطي