أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي الحسيني - عقيل علي وشتاء النقود















المزيد.....

عقيل علي وشتاء النقود


هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)


الحوار المتمدن-العدد: 1674 - 2006 / 9 / 15 - 08:16
المحور: الادب والفن
    



الشاعر الراحل عقيل علي حينما كان يكتب قصيدة جديدة وتنشر في احدى الصحف او المجلات العراقية ، كان يتخذ ركناً من اركان مقهى حسن عجمي في ساعات الظهيرة البغدادية وهو في استراحته القصيرة من عمله الشاق في احد افران الخبز الواقع بزقاق من ازقة الرصافة داخل العاصمة العراقية بغداد ، فكلما اشتدت حرارة الصيف أزدادت حرارة تنور الخبز الذي يعمل فيه عقيل . واتذكر صيف عام 1990 حين نشر الراحل قصيدته ( شتاء النقود ) في صحيفة الجمهورية احدثت تلك القصيدة في حينها تحولا جديداً في مسار الشعر العراقي الحديث ، الامر الذي جعل النقاد والشعراء والمتذوقين للشعر ان يكتبوا عن تلك القصيدة العشرات من الدراسات النقدية الجادة في محاولة لمعرفة اسرار العمق المعرفي والمضمون في جوهر قصيدة عقيل التي ظلت ومازالت عصية على النقاد انفسهم ، ولان عقيل علي شاعرا اقضى حياته عاملاً بسيطاً في افران الخبز الذي كان يقدم للناس الفقراء خبزاً حاراً ، كان في ذات الوقت يقدم قصيدته الحارة للشعر العراقي والعربي ، والمعروف عن عقيل علي انه لا يحب الشهرة ولا اضواءها كونه يكتب القصيدة ويمضي الى معالمه الخاصة ، واذا كان ثمة شعراء استطاعوا ان يلعبوا في اللغة داخل قصيدتهم بطريقة فنية عالية فاحد هؤلاء هو شاعرنا عقيل علي ..
لقد كتب قصيدة شتاء النقود ، واستطاع في حينها ان يجعل من الصحافة الثقافية العراقية في ذلك الوقت ان تتفرغ للكتابة عن تلك القصيدة ، إذ لم يمّر يوم وعلى مدى شهور الا وقد كتب عن شتاء النقود هنا وهناك ، ..
يقول الشاعر الراحل عقيل علي في احدى شهاداته عن الشعر بمجلة ( الكلمة ) في العدد الخامس عام 1974 :
لا أتوق إلى محاولة تفسير الشعر.. ولا أمنهج القصيدة..
ولا أمنحها الحدود.. ثمة مخاوف عديدة وأحزان لها أن تنفجر لتكون قصيدة أو دموعاً.. هذه هي الحكاية..
زمن القصيدة، حجمها.. يلدان بتلقائية ولا موعد مسبق..
لا أتعاطف مع الكثير مما يخرج هذه الأيام، ثمة محاولات عديدة تجري لتجعل الشعر عقيماً.. أكثر الشعر لدينا جسد زنخ بثياب نظيفة.
وقصيدة النثر خصوصاً حوصرت بمرارة ونجاحها رهين بإخلاص شعرائها لها.. لا أرى أن محمد الماغوط منحها الكثير..
كان لي في فترة قصيرة أن أطلع على نماذج من كتابات متباينة لعلها هي الأساس المتواضع في أدبي.. بعدها بدأتُ أنسج دروبي بصبر وأحياناً بعبثية...
سُحرتُ أولاً بنداء رجل (الانتحار تتويج لكل الملذّات) ، لم أسعَ إلى محاكاته لكنني أجده يثيرني.. وأنتظر...
في ذي قار صلبتُ عشرين عاماً ويزيد على عتبة الألم..
من هنا تولدت رغبة عميقة في الهرب.. مم؟.. وإلى أين؟
لعل في القصيدة عوالم وألواناً شفيفة أو براقة.. ولهذا أكتب..
هل قلتُ شيئاً مهماً ؟ لا أدري. ولا أطمح في ذلك..
وأخيراً.. من أول النهار عبرت شتيمة الأيام.. مكتظاً بالخوف.. وأنا يحتسيني ضيوف العائلة.. وفوانيس شبابي.. وأنا العنق..
أغتصبُ بودّ في سجن النبي.. أسحبُ رأسي من مياه القبيلة..
متوهجاً كالغضب..
وزنخاً كالنذالة..

(مجلة الكلمة، العدد 5، 1974، بغداد) ..
لقد اصدر شاعرنا الراحل ديوانان هما :
جنائن آدم 1990 ، وطائر آخر يتوارى عام 1992 ، ولديه العديد من القصائد التي نشرها في صحف ومجلات عراقية وعربية عديدة ، وله اكثر من ديوان شعري جاهز للطبع قبل وفاته لكن للاسف الشديد لم يتحرك احد من وزراء الثقافة للاحتفاء بهذا الشاعر الذي رحل عنا بطريقة مؤلمة قبل اكثر من عام !!..
وهنا وبعد هذه المقدمة البسيطة اود ان اقدم للقارىء العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص قصيدة ( شتاء النقود ) للشاعر عقيل علي والتي تعتبر من وجهة نظري الشخصية واحدة من اهم القصائد التي كتبت بتاريخ الشعر العربي المعاصر ..
اترككم الان للاستمتاع بقراءة شتاء النقود للشاعر الذي رحل منذ فترة قصيرة عن عالمنا الا ان الزمن لم ينصفه قطاً ، انه عقيل علي الذي توازي قصيدته شتاء النقود اكثر من نصف ما كتب من شعر باللغة العربية منذ اكثر من نصف قرن من الزمان ...

شتــــــــــــاء النقود

عقيل علي

لقد جاءوا.
أعرفك أيها الأكثر انخفاضا من المراقد، والأكثر
انخفاضا من النظرة المتخفية بالوصايا
.. أيها المقشعر من أنين الرمال
ومن الهبوب الذي يلاحق النورس المرابط.
على مداخل صحراء
هي سوق للغجر، تقرأ فيه الأحلام ما قد رأته
كنا نصنع حصنا للوردة المرحبة بأناشيدنا،
وبأعيادها التي تشهد على المرارة الحية
.. كانت احشاؤنا أكثر رحابة، والنار على أرصفتها
تغازل جنون الحدقات التي تحدث عن نعمة القلب
المصغي
ثم فرشنا خواصر الحجر
حين ترك الغروب مفاتيحه لنا
ومنح الصرخة الصديقة
للذكرى التي لن تذبل .
في هجرة الملح
احترقت أجمل الأوراق
وأمحيت مدن كانت أكثر علوا من الحراب
ثم أقبل شتاء ممسكا برنين القشة
كنت أنقش البحر على الركب الطرية
واصنع غارا من تلاواتي للأصابع الأكثر طراوة من الرحم
ثم فجأة جاء
من أنت ؟
قل ما تريد قوله
اني أقطر من لفحك نصيب الوردة ودلالها
وتلك هي الاكاذيب تطلب المشورة
قل ما تريد قوله
عندي لك هذا السر:
العاشقة أكملت عدتها
والنهر أهدى لنا مباهجه
تولهه
خلجاته
وأخرج لنا لسان نقائه
أنا الذي يصفعكم بهذا السناء
قل ما تريد قوله
لك وحدك امتنان النشيد، لك وحدك يا أمين
صفحاتنا
ولك ينحني الليل المليء بالحمى
المجد ، كل المجد لك يا من نلت ضربات الشمس.
لكن آه
كان وجعنا مقذوفا صوب البعيد. كان مجيئنا من
أجل عقاب العقاب
ومر على أهوائنا أنين رضاب مفخورة
ما قد رسم يمازح المذاري ، ويمسح أجفانهن بالقبل
المدماة.
أكنا بعيدين ، ومن بعدنا ذلك كنا نبتهل ،
ونحلق ،
متنعمين تحت ظل أشرعتنا بوصايا ملحك
لكن دعك
دعك بعيدا عن الأوراق
الأوراق مرايا تتهجى وجهها
ودع يديك بعيدة عن جرح النائم
دعك بعيدا
التساؤل لوعة تغوي
كانت الظهيرة حلما، وكان الحلم صحوة التراب
كان جوعي عاشقة تأكل ما محوته -جوعي ندم
الأبرياء - جوعي حوضي ،
لم تستقر فيه ، بل كتبت على جدرانه فاتحتك ،
وتأملت في مراياه حلمك النازح الأخير.
سأصرخ بكم ،
وأطعنكم بحراب الضوء
- بهذه اللهفة كنت أتكلم فيما مضى-
سأصرخ بكم ،
وآخرون سيتحدثون عما تحدثنا به
انك تتحدث كما يليق بك يا بحر النعم ، هذا هو
امتيازك.
الصامتون يوقدون المشاعل لمدن أكثر من الحراب
ثم جاء الظل.
ظل امرأة ، ليروي لنا شيئا آخر
عالية صرخة أيتها المرأة، . . عالية صرختك ، يا حواء
كنا نبكي تحت ابطيه
"لا أحد قد سمع بهذه المكاشفة، حين كنا نرسم
أفواها ، فيما مضى كان البحر قد طعمها بزعفران
الحذر.،
كنا نبلل ظمأها بماء الجهات كلها،
ونلوح لها بمناديل نقعها حليب أثداء يافعة"
وفجأة لاح من بعيد صليل سيوف الغياب، وبان
وجهه
أيها الغياب ، يا من يعطينا ظهره ، ليترك لنا كلامه
أيها الغياب . .
على أجمل الأوراق التي أمحيت
كتبنا وصايا الصمت
وحنطنا الجنون الأكثر حياء
بلسانه الطاهر
مر الضاحك ، المتجهم ، عطس على تخاريم العظماء،
وقلم اظافرهم الحيوانية
الرمال العارية ، تنهب ثمرة الاعتراف المستحمة في
الظل الذي يتقدم ذكراهم
هو ذا عصركم.
لشبيهي
آه شبيهي ، من يستطيع أن يدوزن قرارات قلبك
تشبيهي الحر
سأعطي قوتي
لنناديهم بأسمائهم
وننسج منذ الآن خواء خوائهم
هو ذا سرهم.
لقد جاءوا
ها هي ذكرى مديح الوردة تستيقظ
ها هو يدنو ليطعن الدموع الحبيبة
ها هو يدنو ليحظي بلسانه
الموجة الفانية تطعن ، لاهثة ، صراخها
هوذا شتاء النقود .....



#هادي_الحسيني (هاشتاغ)       Hadi_-_Alhussaini#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كمال سبتي والبلاد
- وهج الشعر
- فوبيا
- كمال سبتي ، فجعتنا برحيلك
- مصفحات / 5
- في يوم الشعر العالمي ،الشعر يقلق مضاجع الطغاة
- عواءات العراق
- تجاوز الموت / قراءة في مجموعة حياة ثالثة للشاعر محمد النصار
- تريث يا صائغ القباب الذهبية
- في ذكرى السياب
- الدهشة
- سعدي يوسف الشاعر الذي ابحر بالغربة دهرا
- من المسؤول يا وطني
- - الحياة في الحامية الرومانية - الفصل الثاني
- الحياة في الحامية الرومانية - الفصل الاول - الجزء الثاني
- - الحياة في الحامية الرومانية - الفصل الاول
- طقوس
- شبح الموت
- عام 2003 الافراح والاحزان العراقية
- الفجر الاحمر


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي الحسيني - عقيل علي وشتاء النقود