أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - هادي الحسيني - تجاوز الموت / قراءة في مجموعة حياة ثالثة للشاعر محمد النصار














المزيد.....

تجاوز الموت / قراءة في مجموعة حياة ثالثة للشاعر محمد النصار


هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)


الحوار المتمدن-العدد: 1469 - 2006 / 2 / 22 - 09:35
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الجسد يتسامى مغرقاً في العلو ، يتوهج ضوءه أنيناً في الاعالي ، ولكن كيف يحقق هذا التجلي تحرره حين يكتشف الجسد تحجبه ؟ وهل يقدر هذا المتمرس الذي وحّده السر من حيث انه لا يمكن ان يضيء الا عبر حسية الكتابة المليئة بالندوب ان ينزع عنه جسديته !
ثمة حضور يكاشفنا ويزداد توغلا في الغيب داخل حياة النصار الثالثة ..
دواخل تجربته الشعرية عاشها بجدل العنف بين لغة الجسد الظاهر ولغته الباطنة وهي اذ تتفجر – تنفجر وتمخر في كون الادغال ، وكما تتلاقى تموجات الرغبة عبر جسد الليل تتلاقى اعضاء الجسم الحية باعضاء الكتابة العصبية الباقية وتسري بين تضاريس الموت والميلاد والغربة عن الوطن الام ..
السديم يفوح من ( حياة ثالثة ) ويا للمفارقة فهي المجموعة الشعرية الثالثة لمحمد النصار بعد مجموعتين ، الاولى التي كانت بعنوان ( السائر من الايام ) الصادرة في بغداد عام 1992 والمجموعة الثانية ( تنافسني على الصحراء ) والتي صدرت في بغداد ايضاً عام 1993 ..
تتمتع لغة الشاعر محمد النصار في جميع نصوصه الشعرية بلغة رصينة ، متميزة عن اقرانه من الشعراء .
لقد عانى هذا الشاعر المعاناة الكبيرة في غربته عن وطنه حتى وهو داخله ، اذ منذ بداية شبابه وانتفاله من مدينته الناصرية الى بغداد للدراسة في احدى جامعاتها اصبح يعيش الوحدة والعزلة بقوة العنفوان ، وبعد ان اكتشف ان الحياة مستحيلة له داخل العراق انتقل عام 1994 الى عاصمة الاردن عمّان . فالبلاد التي تركها هذا الشاعر بدأت تئن من اوجاعها المستمرة في ظل النظام البائد الذي حكم العراق لعقود اودت بالبلاد الى الهاوية وقد كان نظاما متمرسا بالقتل ونشر الالام والاضطهاد على ابناء هذا الوطن ، وكما تئن البلاد منذ سنوات طويلة على ابنائها الذين غادروها مكرهين نلاحظ هنا في هذه الحياة الثالثة ، ان الجملة الشعرية التي يطلقها محمد النصار تمتاز بصعوبة الكشف عما يحدث داخل القصيدة كما في قصيدة ( سهواً على مصطبة الظلام ) :ص84

في النظرة تتحاشى مرآتها
في الرماد
يتلمظ
داخل جمجمة الضحية
في الفراغ ينخر ثعبانين أسوديين
مثل سيفين من الذهب ... يبكيان
في البلاد البعيدة . ؟

يتزايد الولوج في العتمة وسرية اللحظة ، ونلاحظ ان الموت يرتعش ويضطرب داخل القصيدة وكما يكون الحال رهيباً حين تكون الجثة مبسمرة ويمرر الضيوف فوقها !
فقد تجاوز الشاعر النصار حياة الموت الثانية مبتسماً ليس بجسده البشري بل بجسده الشعري والذي هو الاقوى لدى الشاعر ..
ففي قصيدة ( ترتيل المتاهة ) . ص77 يقول :

نشاز هذا العالم
لم يعد لزوجاتهم قوس قزح الكبرياء
قشعريرة ، قبور ، هذا العالم
ثعالب مبتورة الايدي ، مقصوصة العيون
أرجلها ، قلوب مطحونة
بينما الهواء ، يمرر الضيوف على
جثة المأساة والمسامير ...

هنا تنهدم القلوب وتتلاشى الذكريات التي عاشاها الشاعر في العراق ، وفوق المنازل تنفلق الدماء بسبب الحروب والويلات المستمرة ويتراءى أمامه الموت الحقيقي وبياض الكفن ، كل هذا يتجسد في قصيدته ( محطة الموت ) ص50 :

في قنينة ناصعة كالكفن ، بومة
تحدق متأملة بهاء العالم
محطة الموت
أناس مختلفون ، أباطرة ، وباعة سوس

نحالون ، رماديون ، ونورانيون
تآكلهم الرغبات
وتنهشهم السطوح
ينفجر الدم على منازلهم
فتتهدم قلوب
وتأسى ذكريات ..

الشعر مكان من مكانات الجسد اللانهائية لا ينكشف عبر اللغة الا لينأى ، هو ذا ما يريده الشاعر محمد النصار من اجل الكتابة الشعرية ، إضاءة عتمة الموت بالحب ، بدم الكتابة نفسها ويسري بينهما ينصهر فيه إستيحاشه .
إمكاناته اللانهائية تتحول في القصيدة !

الشعر كاللهب في العتمة اتصورها ، وأتصور الفراغ شبيها باللهب ، كما يقول جورج باتاي ..

وفي قصيدة ( اشجار ) ص9 يقول الشاعر محمد النصار :

تمدح بعضها هذه الاشجار
وتخفي سعادتها ، عن سكان هذا الريف
تخفيها بالسواد الساحر
وتطمئن
تنام مطمئنة ، وتأكل !
تسللت وحوش بيض
من كوكب اخر
وحوش لا ترى ، ولا يسمع لها
زئير
وسرقت الاشجار ، واحدة واحدة
من هذا الريف
فما الذي يمكن ان نفعل
لنجدة هؤلاء ، السكان الريفيين !

( حياة ثالثة ) إذا يمكن الا أن تحقق جوهرها الشعري المكثف في الصور الشعرية تارة وصراع الشاعر مع غربته والدماء التي سالت في بلده العراق الذي تعرض الى نكبات ومأساة لم تمر على بلد منذ نهاية الحرب العالمية الاولى والثانية ..
لذلك ترى الدماء والموت المخيم على اغلب قصائد المجموعة في اللحظة المتحركة المتسكنة بالرحيل لا بما يقبره الموت ..
هذه اللحظة ينبغي النظر اليها من حيث أنها تحّول أول للنار ! والموت يسري كالماء في النهر ولكن في اللحظة المناسبة تجاوز الشاعر الموت وانتقل مسرعاً الى حياته الثاثلة ...



#هادي_الحسيني (هاشتاغ)       Hadi_-_Alhussaini#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تريث يا صائغ القباب الذهبية
- في ذكرى السياب
- الدهشة
- سعدي يوسف الشاعر الذي ابحر بالغربة دهرا
- من المسؤول يا وطني
- - الحياة في الحامية الرومانية - الفصل الثاني
- الحياة في الحامية الرومانية - الفصل الاول - الجزء الثاني
- - الحياة في الحامية الرومانية - الفصل الاول
- طقوس
- شبح الموت
- عام 2003 الافراح والاحزان العراقية
- الفجر الاحمر
- سركون بولص
- الحوار المتمدن موقع متميز عن المواقع الاخرى
- مقصلة الحروب
- سعدي يوسف الشاعر الذي ابحر في الغربة دهرا
- مبروك حسب الشيخ جعفر , محمد خضير جائزة العويس الثقافية
- سيارات مفخخة
- الرعب في أوسلو
- حسب ا لشيخ جعفرسياب آخر يجوب الفضاءات بدون رتوش


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - هادي الحسيني - تجاوز الموت / قراءة في مجموعة حياة ثالثة للشاعر محمد النصار