أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - واثق الجابري - تصحر العقول وغبار المسؤول














المزيد.....

تصحر العقول وغبار المسؤول


واثق الجابري

الحوار المتمدن-العدد: 7248 - 2022 / 5 / 14 - 11:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقول المثل الشعبي ( ناس تأكل دجاج وناس تتلكَّه العجاج)، ويضرب للاختلاف بين الناس، ومنهم من يعيش الرفاهية على حساب شقاء الآخر، وأحيانًا يُقال عن إختلاف الحظوظ، إلاّ أنها ليست عاملًا أساسيًّا في مقياس الفرص، التي يعرقلها ظلم الإنسان للإنسان، أو كفران بالنعم الموجدة بعدم إستثمارها، وحديث المسؤول يختلف عن عمله حتى يُقالَ شعبيًّا عن من يكذب كثيرًا ( ترابه يعمي)، ولكن شعر شعبي آخر يقول ( ترابه يعمي العين .. بس يبقى بيتي)، وهذه المرة قد يكون الإنسان مُكرهًاعلى عيش في بيت لا يلائم.

المثل يتحدث عن التوزيع الطبقي بين أفراد المجتمع، ويقسمهم الى فقراء وأغنياء، منهم من يأكل الدجاج عندما كان غالي الثمن، وأخر بين أجير ،جهوده تذهب لغيره، كالإقطاع الذي يأخذ الفلاح بالسخرة أو أقل من ربع أجره، أو من لا يجد حتى هذه الفرصة والمعادلة الظالمة، ودائما ما تذكرنا التاريخ بالامبراطور والقائد والملك الذي يجلس في قصور تخلد بأسمه، وهي مبنية على أكتاف فقراء، ولم يتوقف الترف بالدجاج، في وقت تنفق الملايين لعمليات التجميل، وسفر للخارج لقلع سن، وهناك من يتضور جوعًا ولا يملك مبلغ دواء منقذ لحياته.

تعرض العراق الى موجات متتالية من العواصف الترابية، نتيجة طبيعته شبه الصحراوية، وأتربته يستنشقها الفقير في منزل لا يقيه من الأتربة والأمطار وحرارة الصيف، في وقت تزاحمت بيوت المدن واكتضت بالسكان، وتحولت الى مساكن صغيرة لا تناسب العيش، بين حاجة السكن وغلاء العقارات والبحث عن فرص عمل وخدمات أفضل، في حين 80% من الأراضي مملوكة للدولة، وصحارى تمتد بين المدن تحتاج الى استثمار زراعي، ومن الممكن توزيعها كمقاطعات زراعية، مع توفير مستلزمات القروض وتنظيم المياه، وخطط لتنويع المنتج المحلي وتكافؤ الفرص.

تزايدت الأتربة في السنوات الأخيرة، نتيجة الزحف على المناطق الخضراء في المدن، وتحويل آلاف البساتين الى أحياء سكنية، دون وجود حلول واقعية بتوزيع أراضٍ بعيدة عن التأثير على البيئة، أو التفكير بإحاطة المدن بالتشجير، إضافة الى شحة الأمطار التي لم يقابلها خطط لخزن المياه، والأراضي الواسعة المتصحرة، قابلتها عقول سياسية متصحرة، كان من الممكن تجاوز التصحر بخطط استراتيجية ودراسة الإمكانيات، التي من خلالها تجاوز شحة الأمطار، أو موجات الغبار بالأحزمة الخضراء التي تحيط المدن، أو الاستثمار الزراعي للصحارى الواسعة.

إن آكلي الدجاج كثر عددهم، وتنوعوا بين الطوائف والقوميات وبين سياسيين وجشعين ومقاولين وفحّاش الأثرياء، الذين فتحوا أبوابهم للفاسدين وفتح الفاسدون أبوابًا لهم، ويتركون أبناء جلدتهم من متلقي العجاج بين الفقر والعوز والهجرة، والتخلف وتوقف التعليم وإنتهاك الأعراض، وهم يجوبون العالم بالهبات والعطايا، وأبناؤهم يُرسلون الى أرقى المدارس والجامعات العالمية، وعوائلهم تعالج في أفضل المستشفيات الأجنبية، فازداوا رفاهية، وتزايد عدد مَنْ يتلقّون العجاج، وخنق المواطنَ غبارُ كذبِ المسؤول بالوعود، أكثر من غبار التصحر.

لا يمكن علاج التصحر وموجات الغبار، دون معالجة تصحر عقول بعض السياسيين، الذين خلت عقولهم سوى بالتفكير بالمصالح الفئوية والشخصية، ولا يمكن التخلص من غبار ما قالوا ولا يفعلون، إلاّ بوجود من لا يفكر أن يأكل الدجاج وشعبه يتلقى العجاج، ومن أجل استمرار الحياة والحفاظ على النظام قبل الانهيار، لابد للطبقة السياسية من إشراك مواطنيها كي ترفع من قدرهم ويكونوا عوناً للدولة، والاستفادة من خبراتهم وحاجتهم، والشعب يملك الامكانات والطاقات والأفكار، ويستطيعون زراعة وصناعة غذائهم ودوائهم ويعمرون مدنهم، وكل الدول التي انهارت، فانها بنت نفسها بالاعتماد على الكفاءات والتكنوقراط وإبعاد الفاسدين، ومتلقي العجاج لا يمكن أن يصبر طويلاً، ويقول برنادشو:( إن السلطة لاتفسد الرجال إنما الأغبياء إن وضعوا في السلطة فإنهم يفسدونها)، والإغبياء من تصحرت عقولهم، وما كلامهم سوى غبارٍ وعجاجٍ ما عاد يطاق.



#واثق_الجابري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأعياد والإنسداد
- حلول تؤسس للأغلبية
- الأغلبية تفسيرات وتطبيقات
- امانة العاصمة أمانة
- الكتلة التي تشكل الحكومة العراقية
- شعبية الأغلبية
- المجرب الأجرب
- رفيع المستوى وفارغ المحتوى
- مَنْ يحمي المواطن مِنْ القانون؟
- الحصة قصة
- عودة ميسي الى برشلونة
- قمة بغداد بَرِيق الأمل
- الصفقة والصفعة
- عندما تقتلك الحمايات
- الإنتخاب والإنسحاب
- من جاسم أبو اللبن الى الشعب العراقي
- إرادة الإنتخابات أقوى من السلاح والتهديدات
- هيبة الدولمة
- المراجعة من الشباك
- صوت الإنتخابات خير من ألف في التظاهرات


المزيد.....




- ناصيف زيتون ودانييلا رحمة يحتفلان بذكرى زواجهما الأولى
- فرنسا: قضية -المجوهرات المخفية- للوزيرة رشيدة داتي تعود إلى ...
- قضية اختطاف وقتل الطفلة الجزائرية مروة تثير تساؤلات عن ظاهرة ...
- تقارير: قرار واحد لترامب قد يُفضي إلى أكثر من 14 مليون وفاة ...
- من العزلة إلى الإعمار... هل ستفتح واشنطن أبواب سوريا للعالم ...
- قتيلان على الأقل في موجة حر شديدة وفيضانات تجتاح إيطاليا
- دعم خليجي متجدد للبنان.. تأكيد على الأمن والاستقرار والتنمية ...
- شبهة تجسس ـ برلين تستدعي السفير الايراني وطهران تنفي ضلوعها ...
- ماكرون يبحث مع بوتين الملف النووي الإيراني وحرب أوكرانيا في ...
- عاجل| ترامب: رفعت العقوبات عن سوريا من أجل منح البلاد فرصة


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - واثق الجابري - تصحر العقول وغبار المسؤول