أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هفال عارف برواري - إمبراطور مجانين العشق و سلطان العارفين يلتقيان















المزيد.....

إمبراطور مجانين العشق و سلطان العارفين يلتقيان


هفال عارف برواري
مهندس وكاتب وباحث

(Havalberwari)


الحوار المتمدن-العدد: 7245 - 2022 / 5 / 11 - 00:05
المحور: الادب والفن
    


شمس التبريزي
خرج من مدينته تبريز وجاب أرجاء العالم الإسلامي لعله يجد رفيقاً ومصاحباً تواقاً إلى المعرفة فينقل إليه ما يفيض به من معارف وأسرار
حتى وصل إلى قونية والتقى بـ
( جلال الدين الرومي)
سموه العارفون بالتقاء( مرج البحرين)!
التقى الرومي شمساً
فأصبح شمس صاحبه ومرشده
واعتزل الرومي مدرسته وتلاميذه وألقى كتبه التي كان يطالعها جانباً واعتزل العالم واكتفى بمجالسة مرشده الروحي.
وكانت هذه الجلسات هي التي شكلت الفكر الصوفي للرومي وهي التي غرست بذرة المحبة والتسامح التي نبتت
وأصبحت شجرة يستفيد من ثمارها ويستظل بظلالها
كل باحث عن الحب والتسامح والسلام في العالم.

يقول مولانا الرومي عن شمس في إحدى الغزليات:

أنت سمائي وأنا أرضك
إني مذهول: ماذا قررت لي أن ألد؟
ماذا تعرف الغرض عن البذرة التي زرعتها أنت؟

أنت من خصبها أنت الوحيد الذي يعرف ما تحمل بداخلها.....

لقد كان شمس التبريزي بالنسبة إلى الرومي بمثابة الشمس التي لولاها ما سطع ضوء القمر!
ثم كانت فاجعة الفراق بينهما
وكما قيل
إن فراق التبريزي لجلال الدين الرومي هو تَجلٍّ من تجليات الجلال
كما كان لقاؤهما تجلياً من تجليات الجمال!

فكما كان للقاء التبريزي ومولانا أثر بالغ في رحلة تحوله الفكري
كان لفراقهما أيضاً أثر أكبر في إنتاجه الأدبي.

فلولا اللقاء ما تَحوَّل الرومي من العالم الفقيه والمشرع !
إلى الصوفي العارف بالله!
ولولا الفراق ما احترق مولانا بنار الشوق التي أنضجته وما نظم أشعاره التي جابت العالم كله!

لذلك بدأ ديوانه الشهير (المثنوي)
بهذا المقطع بدأ مثنويته
والتي كان من أشهر أعمال الأدب الصوفي وأكثرها تأثيراً وانتشاراً في العالم.
والذي قال عنه أدباء الغرب
(إنه من أعظم أشعار العالم، في عُمْقَ الفكرِ، وابتكار الصور)
ويطلق عليه في فارس بقرآن فارس!!

[ استمع إلى صوت الناي كيف يقصّ حكايته..
إنه يشكو آلام الفراق
يقول منذ قطعت من منبت الغاب والناس رجالاً ونساءً يبكون لبكائي

إنني أنشد صدراً مزّقه الفراق، حتى أشرح له ألم الاشتياق

فكل إنسان أقام بعيداً عن أصله، يظل يبحث عن زمان وصله]

[فالناي] هو تشبيه بالروح فكما [الناي] قد أخذت من الغابة وتمت تقطيعها وحبست لذلك هي تبعث أنغاماً حزينة تعبر فيها عن اشتياقها لأصلها
كذلك الروح تأن الى أصلها العلوي بحبسها في أجسادنا المادية لذلك نَحِنُّ الى يوم الميثاق الأزلي المذكور في القرآن

فرغم أن آثار الرومي هي أعمال أدبية لفقيه ومتصوف مسلم، كُتبت بلغة فارسية، فإنها تجاوزت حواجز اللغة والدين والثقافة لتصل إلى شعوب مختلفة ينتمون إلى حضارات وثقافات متباينة.
بدأ اهتمام الغرب بدراسة شخصية جلال الدين الرومي وأشعاره في وقت مبكر منذ القرن الثامن عشر عبر الدبلوماسيين والرحالة الذين زاروا الإمبراطورية العثمانية

وكان للمستشرقين الغربيين أثر كبير في تعريف العالم الغربي بجلال الدين الرومي
ومن أهمهم

1- المستشرق الإنكليزي( رينولد نيكلسون)
حينما ترجم مختارات من ديوان (شمس تبريز) عام 1898 كما نشر ترجمة للمثنوي في ثمانية مجلدات خلال 15 عاماً

ثم ازداد الاهتمام بأدب الرومي في أوائل القرن العشرين وقام عدد كبير من المستشرقين بدراسة وترجمة أعمال الرومي، أبرزهم

2- المستشرق الإنكليزي (آرثر جون آربري) (1905-1969)

3- والمستشرقة الألمانية القديرة (آنا ماري شيميل) (1922-2003) التي ألفت كتاباً بعنوان (الشمس المنتصرة) يحوي دراسة وتحليلاً لأشعار الرومي
والتي يعده المختصون من أروع ماكتب عن الرومي
وهي من هي
التي كتبت عن حضارتنا الاسلامية أكثر من المسلمين حيث كتبت 90كتاباً ....!
وكانت تجيد أكثر من 8 لغات شرقية باتقان وكانت تقرأ الشعر بالفارسية والاوردية بإتقان كامل
وتقول أنها عند إخراجها من المانيا بعد الحرب العالمية كانت من الأغراض التي أخذت معها هي كتب المثنوية وقد عايشت كتبه أربعين عاماً
لانها قالت أنها تعلمت من الصوفية أن السالكين لايصلون والعارفون لايولدون إلا بعد أربعين!
والعرب لم يتعرفوا بعد على هذه الشخصية العالمية وما عرفوا عنه كانت من قبل الكتب الغربية !
4- كما كان للمفكرة الفرنسية (إيفا دوفيتري ميروفيتش) (1909-1999) التي عرفت الإسلام وأعلنت إسلامها من خلال معرفتها ودراستها للرومي وأشعاره، مساهمات كبيرة في نقل أشعار الرومي إلى الفرنسية بل وحتى العربية
وأوصت بدفنها إلى جوار ضريح الرومي في قونية
وبعد وفاتها بعدة سنوات وبالتحديد عام 2008 نُقل جثمانها من فرنسا إلى تركيا ودفنت بمقبرة (أوجلر) المقابلة لضريح مولانا الرومي في قونيا.

والتأثير الحقيقي لأشعار مولانا في الثقافة الغربية بدأ مع الشاعر والأديب الأمريكي

5- (كولمان باركس )الذي أخرج الاهتمام بالرومي وأشعاره من النطاق الأكاديمي إلى المستوى الشعبي حين ألف أشعاراً مستوحاة من ترجمة المثنوي ونشرها عام 1976، وبعدها استمر اهتمام (باركس) بأشعار مولانا وأصدر ثمانية مجلدات عن الرومي وشعره.

6- وفي عام 1995، نشر الشاعر الأمريكي (من أصل إيراني) (شهرام شيفا) كتاب (إزاحة الحجاب: تراجم الرومي)قام فيه بترجمة عدد من القصائد مباشرة من الفارسية وأخرجها في قالب شعري مبسّط

7- في عام 1998اختار الطبيب والكاتب الروحاني الأمريكي (ديباك شوبرا) قصائد كتبها الرومي ونشرها بعنوان (قصائد العشق)

حتى أن العديد من مغني ومغنيات البوب في الولايات المتحدة في التسعينيات قاموا بغناء أشعار الرومي في حفلاتهم أشهرهم مادونا وجون بون جوفي وغولدي هاون وديمي مور.
وقد ساهم ذلك أكثر في زيادة التعريف بمولانا لدى قطاعات الشعب كافة وازداد تأثيره في الثقافة الغربية
وكان تنامي تأثير الرومي في الثقافة الغربية وحصول أعماله على لقب الأعلى مبيعاً في الولايات المتحدة خلال أعوام 2004 و2005 و2006 سبباً في احتفاء منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بجلال الدين الرومي عام 2007 بمناسبة مرور 800 عام على ميلاده
فلسفة الرومي لم نتشر في الدول العربية كثيراً بسبب الثقافة والاجواءالعربية التي جعلت من هذا النمط انحرافاً وكفراً وتختلف تماماً من الروحانيات الفارسية والتركيةكما قاله
البروفيسور الفرنسي (أريك جوفروي) أستاذ الفلسفة والتصوف بجامعة ستراسبورغ وبعض الجامعات في دمشق سابقاً، إضافة إلى أن تعاليم الرومي سهلة المنال في ظاهرها مقارنة بأعلام التصوف العربي أمثال ابن عربي وابن الفارض مِما يجعل دراسة الرومي وأشعاره أكثر جاذبية للغرب.

والرومي لم يكن منحرفاً عقائدياً بل كان داعياً الى الاسلام العالمي السمح الذي يستوعب كل الأديان العالمية وكل الانماط البشرية فهو كان
يقول عن نفسه
(أنا خادم القرآن وذرة تراب المصطفى)
وقال عن كتابه المثنوي
[ أنه فقه الله الأكبر
وشرع الله الأزهر
وبرهان الله الأظهر] !

ليدلّل على أن المثنوي ليس فقط أشعاراً صوفية وحكماً، بل منهج كامل لفهم الدين....

لكنه ركز فلسفته على تهذيب النفس وتجاوز العالم المادي والارتقاء عن الشهوات
وكان يقول:
[لست حزيناً ولا مسروراً، إنني مع الله]
ويعني الوصول إلى حال (المعيّة)
فمع الله عنده:
التخلص من الحقد والكراهية والغضب والحسد....

ورأى في الموسيقى سبيلاً للوصول إلى الله فالإنصات إلى الموسيقى عنده
يأخذ الإنسان في رحلة روحية تصاعدية إلى الكمال
يعود بعدها إلى واقع ممتلئٍ بالمحبة والمعنى..

وأخيراً
جلال الدين الرومي
الذي أنقلبت حياته رأساً على عقب بعد أن رأى شمس التبريزي
فهو العالم الديني الذي اخذ العلم والفقه منذ صغره على يد. أبيه العالم وتدرس على أيدي علماء كبار منهم محقق الترمذي
لكن في لحظة زمنية
استطاع التبريزي أن يوصل له رسالة مفادها
أن ما وصل اليه من مستوى عالم بدين الله يُبَلّغُ علم الله لكنه محجوب عن الله !
فهو ما زال لا يعرف حقيقة من هو الله!
وهنا أنقلبت حياته رأساً على عقب
وصار مولانا الرومي.....

بالطبع يتواجد في كلماته كطبيعة الصوفية مصطلحات وافكار الحلول والمجون لكن كلها تعابير توحي الى العشق الإلهي والى الهذيان الروحي لكي تنطلق نحو معشوقها
والانسان هو في حقيقته
النفخة الروحية التي لها حواس باطنة مع
حواسها الظاهرة الصماء العمياء...!

وستبقى كلماته ورواياته واشعاره الأكثر تأثيراً على العالم بكافة اطيافهم واجناسهم ومعتقداتهم من بين كل المدارس الصوفية واللاهوتية العالمية



#هفال_عارف_برواري (هاشتاغ)       Havalberwari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب السيبرانية في ظل التطور التكنلوجي
- حقيقة الإسراء والمعراج قرآنياً
- مصطلح الصحابة بين الإفراط والتفريط
- أسطورة عودة المسيح وعقيدة المخلص والمهدي المنتظر
- عاشوراء بين السنة والشيعة
- فلسفة الأُضحية والقربان في القرآن
- فضل10 ذي الحجة هي في الحقيقة13يوم وليلة
- الشيخ_سعيدالنورسي_الكردي ,,, الملقب ب (بديع الزمان )[1877-19 ...
- المناضل الكوردي الشجاع الفدائي الشهم ( سمكو شكاك )
- التدرج سنة قرآنية دون نسخ الآيات ( الصيام - الخمر ) نموذجاً
- مشروع_إخصاءالشعوب
- لماذا لم يذكر أسم فرعون والانبياء على النقوش والمخطوطات الأث ...
- هل يريدون تغييرالنظام الاقتصادالعالمي بمبرر فايروس الكورونا
- مدينة حلبجة ،، مأساةالعصر
- الوحدانية لله أم للحكام!
- حجاب المرأة
- إشكالية الحركات الإسلامية
- سقوط ترامب وظهور الترامبينزم !
- إطلالة على البلدان والأمم قبل البعثة النبوية في القرن السادس ...
- فكر مالك بن نبي الذي مازال حبيس رفوف المكتبات!


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هفال عارف برواري - إمبراطور مجانين العشق و سلطان العارفين يلتقيان